وفد تركي يشمل الخارجية والجيش والمخابرات والداخلية في بغداد.. ما الدلالات؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

بعد حراك ولقاءات تمهيدية، تمخضت القمة الأمنية التركية العراقية التي عُقِدت بالعاصمة بغداد، عن إنشاء لجان دائمة مشتركة تعمل في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.

واحتضنت بغداد اجتماعا في 14 مارس/ آذار 2024، ضم من الجانب التركي وزيري الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، ونائب وزير الداخلية منير قرال أوغلو.

فيما ضم من الجانب العراقي وزيري الخارجية والدفاع، فؤاد حسين وثابت محمد العباسي، ووكيل وزارة الأمن الوطني، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، ونائب مدير وكالة المخابرات، ووزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان. 

ما قبل اللقاء

وفيما يتعلق بأجندة الزيارة، تحدثت وسائل الإعلام أن مسألة تطوير تفاهمات مشتركة فيما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب مطروحة على الطاولة في الاجتماع المشترك، هذا إلى جانب بحث قضايا التعاون في مجال الطاقة.

من جانبها، أجابت مصادر وزارة الدفاع التركية على أسئلة الصحفيين قبل الزيارة.

وجاء في التصريحات: "كما تعلمون، عُقدت قمة أمنية مع المسؤولين العراقيين بالعاصمة أنقرة في ديسمبر/ كانون الأول 2023".

وفي هذه الاجتماعات، جرت مناقشة "تطوير تفاهمات مشتركة في مجالات التعاون الأمني والعسكري، مع إعطاء الأولوية لمسألة مكافحة الإرهاب". 

كما أشارت التصريحات إلى أنه "في اجتماع أنقرة، كان قد أُكد على كون حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) يمثل (تهديدا مشتركا) لكل من البلدين"، لافتة بذلك إلى أن "قمة بغداد فرصة تبادل وجهات النظر حول مكافحة الإرهاب وأمن الحدود، إضافة إلى قضايا مختلفة مثل الطاقة".

وأوضحت المصادر أنه "خلال اللقاء مع المسؤولين العراقيين، نُوقش أمن الخط الحدودي العراقي التركي، كما نُوقشت إجراءات تعزيز أمن المواطنين العراقيين".

كذلك أكدت على أن "مثل هذه الاجتماعات للتعاون والتنسيق ستستمر خلال الفترة المقبلة".

ورحب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بالوفد التركي، حيث تم اللقاء المنتظر في 14 مارس 2024.

وفي القمة الأمنية الثانية ببغداد، نوقش ملف التعاون بين تركيا والعراق في مجالات الإرهاب وأمن الحدود والشؤون العسكرية والطاقة.

وجرى خلال اللقاء مناقشة قضايا مثل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود والتعاون العسكري وتنمية موارد الغاز الطبيعي في العراق وشحنها إلى الأسواق العالمية واستئناف شحن خط النفط العراقي التركي.

زيارة مرتقبة

وفي البيان المشترك الذي نُشر في ختام الاجتماع، أكد الطرفان أن "حزب العمال الكردستاني يشكل تهديدا أمنيا لتركيا والعراق".

وأشار البيان إلى أن "وجود التنظيم المعني في الأراضي العراقية يعني انتهاك الدستور العراقي، إلى جانب استهدافه الأطراف التركية من خلال وجوده في الأراضي العراقية".

وأضاف أن الطرفين "تشاورا حول الإجراءات الواجب اتخاذها ضد التنظيمات وتحركاتها الميدانية".

وقبيل انعقاد القمة الأمنية بين البلدين، عقد الوزيران فيدان وفؤاد حسين، اجتماعا ثنائيا.

وفي إطار زيارته للعراق، عقد فيدان أيضا اجتماعا مع رئيس الجبهة التركمانية العراقية حسن توران ونائبه كركوك الصالحي في سفارة تركيا ببغداد.

كما عقد الوزير فيدان لقاء ثنائيا مع رئيس حزب التقدم، محمد الحلبوسي.

وبينما تستمر هزائم منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية في العراق، تخطط تركيا أيضا لتعزيز علاقاتها مع بغداد من خلال مشروع "طريق التنمية".

وبتنفيذ هذا المشروع، سيُنشأ طريق تجاري يمتد مباشرة من الخليج العربي إلى تركيا، كما سيُنقل من خلاله الغاز الطبيعي من العراق إلى الأسواق العالمية، فضلا عن استئناف خط النفط العراقي التركي.

وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين الدولتين، صرح مسؤولون بوزارة الخارجية التركية أنه "من المتوقع أن يزور الرئيس رجب طيب أردوغان العراق في أبريل/ نيسان 2024".

الممر الأمني

وفي تحليله لوكالة "الأناضول" التركية الرسمية المنشور في 15 مارس، قدم منسق دراسات العراق في مركز "أورسام"، بيلجاي دومان، وجهة نظره حول العلاقات بين البلدين.

وقال دومان إن "الرسائل التي وجهها وزير الدفاع يشار غولر في لقاءاته مع الصحفيين قبيل زيارته لبغداد كشفت في الواقع عن أولويات تركيا قبل الزيارة".

وشدد دومان على أن "تركيا تريد أولا استكمال سلسلة عملية (المخلب) التي أُطلقت عام 2019"، ضد معاقل "بي كي كي" في مناطق متينا والزاب وأفشين ـ باسيان، شمال العراق.

ويتخذ "بي كي كي" من جبال قنديل شمال العراق معقلا له، وينشط في العديد من المدن والمناطق والأودية، ويشن منها هجمات على الداخل التركي.

وتابع دومان: "بدأت عملية (المخلب- القفل) في 17 أبريل 2022، وكما هو معروف، تُنفذ هذه العمليات ضد منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، التي تسيطر على مواقع مختلفة شمال العراق".

وأضاف: "كما يتبين من التطورات الأخيرة، أن تركيا تريد التركيز على هذه المنطقة، لكن هذا ليس كافيا في الحرب ضد الإرهاب".

وتابع: "لذلك، كما ذكر يشار غولر، فإن إنشاء (ممر أمني) في شمال العراق هو أمر محل تساؤل، ولا ينبغي الخلط بين (الممر الأمني) المرغوب فيه ومفهوم (المنطقة الآمنة)، وبعبارة أخرى، سيُنشأ (ممر أمني) في العراق مماثل للذي في سوريا". 

وتوضيحا لهذه النقطة، أكمل دومان حديثه قائلا: "لا ينبغي أن نتوقع أن يُنشأ الممر في الشمال".

وعزا ذلك إلى أن "جغرافية شمال العراق لن تسمح بذلك، فهي مرتفعة ومتشابكة وشديدة الانحدار".

وأردف: "ولذلك، لا يبدو أنه من الممكن تحقيق السيطرة الكاملة من خلال إنشاء منطقة أمنية في هذه البقعة".

وأشار إلى أن "تركيا تخطط لعملية مماثلة لتلك التي نفذتها ضد مراكز الإرهابيين في شمال سوريا ضد مراكز الإرهابيين في العراق".

عملية عسكرية

وتهدف تركيا إلى إطلاق عملية عسكرية تُنفذ على عمق 30-40 كيلومترا لفصل الممرات الإرهابية في سوريا والعراق.

إضافة إلى ذلك، تهدف تركيا، من خلال قطع اتصالات التنظيم الإرهابي مع حوض البحر الأبيض المتوسط، إلى القضاء على أطماعه في العراق.

وفي 12 مارس 2024، عقد قائد الجيش الثاني التركي، متين توكل، والوفد المرافق له، اجتماعا أمنيا حدوديا مع المسؤولين العراقيين.

وأشار بيان وزارة الدفاع التركية إلى أن "العمليات التي نفذتها القوات المسلحة التركية في شمال العراق، تمت بالتنسيق الوثيق مع الوحدات الأمنية العراقية".

وذكر البيان أنه "في الاجتماع الذي عُقد مع المسؤولين العراقيين داخل حدود منطقة عملية (المخلب-القفل)، نُوقش أمن الخط الحدودي العراقي التركي بهدف زيادة أمن المواطنين العراقيين من خلال ضمان أمن حدود البلدين".

وبعد زيارته إلى العراق، توجه وزير الدفاع يشار غولر إلى هكاري يوكسكوفا، المدينة التركية الواقعة على الحدود مع إيران.

وتجدر الإشارة إلى أن غولر -الذي وصل إلى مناطق جغرافية ذات أهمية حيوية فينا يتعلق بمكافحة الإرهاب- أجرى عمليات تفتيش وبحث في مقر قيادة فرقة المشاة الثالثة.

كما التقى بقادة جيشه وتلقى معلومات حول آخر تطورات العمليات الجارية شمال العراق، وأعطى تعليمات بشأن الأنشطة المقرر تنفيذها.

وفي هذا السياق، ذكرت وكالة "رويترز" البريطانية أن الرئيس التركي أردوغان أشار في خطاب ألقاه أخيرا إلى إمكانية تنفيذ عملية جديدة عابرة للحدود.

وبحسب الوكالة، قال أردوغان: "نحن على وشك إكمال الدائرة التي ستؤمن حدودنا مع العراق.. هذا الصيف، سنكون قد حللنا القضية المتعلقة بحدودنا مع العراق بشكل دائم".