محمد الخليفي.. كبير وسطاء قطر وذراع الأمير تميم لإدارة الملفات الحساسة

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، برز اسم وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، كشخصية محورية في المفاوضات التي تجريها الدوحة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.

وتمكنت قطر من صياغة هدنة بين الاحتلال والمقاومة حصل فيهما تبادل للسجناء وإدخال المعونات للقطاع، قبل أن تستأنف إسرائيل هجماتها على غزة وترتكب مزيدا من المجازر بحق السكان المحاصرين، الذين تجاوز عدد شهدائهم 32 ألفا، وأكثر من مئة ألف جريح.

ذراع الأمير

يلعب الوزير محمد الخليفي دورا مركزيا في القضايا الأكثر حساسية في البلاد، ويعتمد عليه أمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني للعب أدوار استخبارية ووساطات في عدة ساحات سياسية وأمنية.

بعد تعيينه وزيرا للدولة بوزارة الخارجية القطرية في 23 مارس/آذار 2023، تحول محمد بن عبد العزيز الخليفي في غضون أشهر من دبلوماسي كبير ليصبح كبير الوسطاء في المفاوضات الدائرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”. 

الخليفي، يلعب حاليا دورا مركزيا في المفاوضات الدائرة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من جهة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة من جهة أخرى، وبات حلقة الوصل الرئيسة بالنسبة لرؤساء الدول والوزراء والدبلوماسيين وأجهزة المخابرات فيما يتعلق بالعدوان على غزة.

وخلال مقابلة مع جريدة "المدن" اللبنانية في 7 يناير/ كانون الثاني 2024، أكد الخليفي أن "موقف قطر ثابت تجاه القضية الفلسطينية والأحداث الأخيرة في غزة، إذ تشدد على ضرورة وقف العدوان على قطاع غزة فورا".

وتابع: "كما نرفض سياسة التهجير القسري التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد سكان غزة، ونحذر من تداعيات حرمان الفلسطينيين من الغذاء والماء والدواء وانتهاك حقوقهم المشروعة".

وأردف: "نكرر في هذا الصدد إدانتنا بأشد العبارات للقصف الإسرائيلي، مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال والنساء. ولا يمكن عد ذلك التصرف دفاعا عن النفس، إذ لم يسلم من القصف العنيف لا البشر ولا الحجر".

قبل وقت طويل من بدء معركة "طوفان الأقصى" التي اندلعت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كلف الأمير تميم، الخليفي، بمتابعة شؤون القضية الفلسطينية، تزامنا مع إبعاد رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة محمد العمادي تدريجيا عن المشهد. 

ويعمل الخليفي تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي يشرف أيضا على سير إستراتيجية قطر الاستخباراتية. 

وفي 23 فبراير/ شباط 2024، زار رئيس الوزاري باريس لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار في غزة، وذلك مع كل من رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ومديري الموساد والشاباك ديفيد بارنيا ورونين بار ورئيس المخابرات المصري عباس كامل.

وعمل الخليفي على إنجاح زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس مخابراته ماجد فرج إلى قطر في فبراير 2023، واستقبلهما شخصيا في مطار الدوحة، وفقا لتقرير نشرته مجلة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية، في 22 مارس 2024.

كما أنه بات حلقة الوصل مع كل من رئيس حماس في الخارج خالد مشعل، ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، المقيمين في الدوحة، حسبما ذكرت المجلة الفرنسية المعنية بشؤون الاستخبارات.

رجل الوساطة

يتولى وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد الخليفي، الإشراف على تنفيذ الملفات السياسية والإقليمية والدولية المتعلقة بالوساطة وتسوية المنازعات، وفقا لما ورد في الموقع الإلكتروني للخارجية القطرية.

وتعطي السياسة الخارجية القطرية أهمية خاصة للملفات الإقليمية؛ حيث قادت، خلال السنوات القليلة الأخيرة، وساطات ناجحة في قضايا وملفات إقليمية ودولية، سواء بين دول أو جماعات سياسية أو حركات مسلحة أو حتى قوى معارضة.

لا يجد الخليفي صعوبة في إدارة العلاقات الخارجية لقطر، فقد اكتسب خبرته في هذا الشأن حين كان نائبا لرئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري آل ثاني في الشؤون الإقليمية، مما مكنه من إقامة علاقات مع الجهات الفاعلة الرئيسة في المنطقة. 

وخلال هذه الفترة، توسط الخليفي في سبتمبر 2023 بدعوة من طهران وواشنطن لإطلاق سراح خمس رهائن أميركيين احتُجزوا في إيران، مقابل إفراج كوريا الجنوبية عما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية لديها، والتي حُولت إلى المصرف المركزي الإيراني عبر أحد المصارف في قطر.

وزار الخليفي طهران للقاء مسؤولين إيرانيين عدة مرات، في ديسمبر 2022 ومارس ويوليو 2023، والتقى بالرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، إضافة إلى أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي علي أكبر أحمديان وسلفه علي شمخاني.

رافق الخليفي الأمير تميم في زيارته إلى فرنسا في شهر فبراير 2023، ثم لبنان في أبريل من العام نفسه، إذ عقد لقاءات عدة لإيضاح موقف الدوحة تجاه الأزمة السياسية اللبنانية.

التقى الخليفي في لبنان، بالعديد من قادة الأحزاب، مثل: سمير جعجع وجبران باسيل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حسين خليل، ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.

منذ بدء عمله في وزارة الخارجية بات يسافر كثيرًا وتوسع نطاق اختصاصاته ليشمل معظم الشؤون الإستراتيجية الدولية للأمير تميم بن حمد، إذ أشرف مثلا على تنظيم اجتماع أممي في الدوحة للمبعوثين الأجانب إلى أفغانستان يومي 18 و19 فبراير 2023، قبل أيام قليلة من إطلاق سراح مواطن نمساوي محتجز في أفغانستان في 25 من الشهر ذاته.

 كما قاد جهود الوساطة القطرية -بدرجات متفاوتة من النجاح- في العديد من القضايا الإفريقية، فقد اعتاد الخليفي على التنسيق مع رئيس جهاز أمن الدولة القطري عبد الله بن محمد الخليفي.

قانوني وأكاديمي

لكنه الخليفي بنى سمعته في الأصل في مجال القانون، وليس في المجال الأمني والدبلوماسي، فهو خريج كلية الحقوق، وعمل محاميا أمام محكمة التمييز القطرية ومحكما في هيئة تنظيم مركز قطر للمال.

حصل الخليفي الذي يعيش في عقد الأربعيينات من العمر، على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة قطر وعلى الماجستير عام 2006، ثم الدكتوراه في القانون من جامعة كاليفورنيا، بيركلي عام 2011.

ورأس الخليفي، الذي يشغل منصب عميد كلية القانون والأستاذ المشارك في القانون التجاري بجامعة قطر، الفريق القانوني ووكيل قطر أمام محكمة العدل الدولية، إبان الأزمة الخليجية.

مثّل قطر في 3 قضايا رفعتها أمام محكمة العدل الدولية آنذاك، للطعن في قانونية الحصار الذي فرضته على بلاده كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في يونيو/ حزيران 2017، وما ترتب عنه من خسائر مادية ومعنوية، والذي انتهى بالمصالحة الخليجية في يناير/ كانون الثاني 2021.

وشغل الخليفي عام 2013 منصب أستاذ زائر في جامعة كارنيجي ميلون في قطر، وعضوا في العديد من اللجان الأكاديمية والمهنية في دولة قطر، بما في ذلك اللجنة التشريعية الدائمة لمجلس الوزراء.

ونال الخليفي العديد من الجوائز والزمالات، بما في ذلك، على سبيل المثال، جائزة أمير دولة قطر للتميز التعليمي في سنة 2012، وجائزة الزمالة البحثية من مركز الدراسات الدولية والإقليمية لجامعة جورجتاون في قطر (2013-2014).

ويركز الخليفي في أبحاثه وممارساته على القانون التجاري، وقد كتب العديد من المقالات والكتب حول الإفلاس والاندماج والاستحواذ والقانون التجاري، والمعاملات المصرفية والتحكيم.

وبالموازاة مع نشاطاته الأكاديمية، يعمل الخليفي محاميا منذ سنة 2011 في مكتب عبد العزيز الخليفي للمحاماة، ومحكّما مستقلًا لدى هيئة تنظيم مركز قطر للمال منذ عام 2017، ومستشارا قانونيا لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية لدولة قطر منذ عام 2018. 

وانضم الخليفي إلى عضوية العديد من المجالس واللجان في الدولة، منها مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ومجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية.

كما انضم وزير الدولة إلى المجلس الأعلى لأكاديمية الشرطة، ومجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، وشغل سابقا عضوية اللجنة الدائمة للقانون الدولي للبحار بالوزارة، واللجنة الدائمة للشؤون التشريعية بالأمانة العامة لمجلس الوزراء.