لإعادة الهيمنة.. هل ينقلب حلفاء إيران على نتائج الانتخابات المحلية بالعراق؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تمكنت ثلاث محافظات عراقية ذات غالبية شيعية، من الخروج عن سيطرة قوى الإطار التنسيقي الشيعي الحليف لإيران، وذلك حسب نتائج انتخابات مجالس المحافظات (المحلية) بالعراق.

وجرت الانتخابات المحلية بالعراق في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، بنسبة مشاركة بلغت 41 بالمئة.

وفازت في المحافظات المذكورة (البصرة، كربلاء، واسط)، ثلاث قوائم انتخابية لا تنتمي إلى الإطار التنسيقي.

وهي: "تصميم" برئاسة محافظ البصرة أسعد العيداني، و"إبداع كربلاء" بقيادة محافظها نصيف الخطابي، و"واسط أجل" بزعامة المحافظ محمد المياحي.

النتائج التي حصلت عليها هذه القوائم بشكل مستقل عن الإطار التنسيقي، أثارت تساؤلات عن مدى سماح الأخير بتولي الفائزين منصب المحافظ.

وذلك لأن قوى "الإطار"، تسيطر على البرلمان بامتلاكه الأغلبية العددية، وأن تنصيب المحافظين يتطلب مصادقة السلطة التشريعية عليهم.

رعب إطاري

وعن مدى إمكانية عودة المحافظين الفائزين لتولي مناصبهم مرة أخرى، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، لطيف المهداوي إن "صعود هذه القوائم التي تزعمها محافظو البصرة وكربلاء وواسط، تؤكد الجماهيرية التي يتمتعون بها، والرفض الكبير للقوى التقليدية التي تمثل بقوى الإطار التنسيقي".

وأوضح المهداوي لـ"الاستقلال" أن "أي محاولة للإطار التنسيقي لكسر إرادة هذه الجماهير التي لفظتهم، ستولد عدم استقرار في هذه المحافظات، لأن ذلك يعني عودة الإطاريين لإدارتها وبالتالي الرجوع إلى الفساد المالي والإداري وتردي الخدمات، وتراجع الإعمار".

ولفت الباحث إلى أن "المقاعد التي حصلت عليها قوى الإطار التنسيقي جاءت من أصوات القوات الأمنية والحشد الشعبي وعائلاتهم، والمستفيدين منهم وليس من الأغلبية الصامتة، وبالتالي هم ليسوا إرادة الشارع الحقيقي الذي يريد الخدمات والإعمار".

وتوقع أن "تتقاسم قوى الإطار التنسيقي السلطة مع المحافظين وذلك بإعطائهم منصب المحافظ، وحصولهم على رئيس مجلس المحافظة، وبالتالي تحاول تكبيلهم في المشاريع والإنجازات، لأنهم يخشون أي نجاح يشجع محافظين آخرين على الحذو حذوهم مستقبلا".

وبيّن أن "قوى الإطار التنسيقي مرعوبة من تراجع شعبيتها في هذه المدن التي كانت تعد من أهم معاقلهم، خصوصا البصرة التي تعد عاصمة العراق الاقتصادية كونها غنية بالنفط، إضافة إلى كربلاء التي تشكل أهمية دينية كبيرة للشيعة".

وحققت "تصميم" 12 مقعدا من مجموع 23 في مجلس محافظة البصرة، بينما حازت "إبداع كربلاء" على 6 مقاعد من أصل 13، في حين حقق "واسط أجل" 7 مقاعد من أصل 15، وبالتالي يحتاج منصب المحافظ النصف زائد واحد من مجموع مقاعد مجلس المحافظة.

ولم تتمكن قوى الإطار التنسيقي من الحصول على الأغلبية، فهم دخلوا بثلاث قوائم هي: "ائتلاف دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، وتحالف "نبني" بقيادة هادي العامري، وتحالف "قوى الدولة"، بقيادة عمار الحكيم.

وأعلن الإطار التنسيقي، في 20 ديسمبر، عن إعادة تشكيل كتلة موحدة في جميع المحافظات للإسراع بتشكيل المجالس المحلية، قال إنها "لتقديم الخدمات استمرارا واستكمالا لجهود الحكومة الاتحادية التي تميزت بها طيلة السنة الماضية (2022)".

تغيير الأغلبية

وفي المقابل، قال المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي، حيدر الموسوي، إن "الإطار ذاهب باتجاه تغيير أغلبية المحافظين، لكن هذه العملية تخضع في النهاية للتفاهمات، فالمحافظين الذين فازوا بالأغلبية ويفكرون في تجديد الولاية يجب أن يتفاوضوا مع الإطار التنسيقي".

وأشار الموسوي خلال حديث لصحيفة "العالم الجديد" العراقية في 23 ديسمبر، إلى عقبة أخرى تقف أمام المحافظين للبقاء في مناصبهم، وهي تصويت البرلمان.

فالعيداني محافظ البصرة مثلا لديه الأغلبية ومن الممكن أن يجدد الولاية بسهولة دون تحالفات، ولكن من سيصوت لصالحه داخل البرلمان؟.

وتابع: "القانون يتحدث عن شرط التصويت في البرلمان على المحافظين، والأغلبية البرلمانية هنا للإطار التنسيقي".

ولذلك يرى أن الكرة في النهاية في ملعب الإطار التنسيقي، أي أن القرار يكمن بيده في كل الحالات، وفق تقديره.

وأكد الخبير العراقي، أن "رؤية الإطار مع تغيير جميع المحافظين، وربما يحتفظ محافظ واحد أو اثنان من هؤلاء بمناصبهم، وقد يكون محافظ كربلاء أو البصرة شريطة أن تتم بعض الاتفاقات في ما يخص إدارة بعض الدوائر والبلديات في المحافظة".

ولا يرى الموسوي "التفافا على الديمقراطية، في عملية تغيير المحافظين الفائزين"، لكنه يتوقع أن "شعبية هؤلاء المحافظين من الممكن أن تسبب بعض المشكلات".

و"لكن في النهاية إن كانت عملية إزاحة المحافظين الموجودين واستبدالهم بآخرين تجري وفق طريقة قانونية، فهذه هي الديمقراطية وعلى الجميع أن يتقبل ذلك".

الموسوي أيّد خيار "الإبقاء على محافظ أو اثنين، حتى لا يقال إن الإطار التنسيقي ذاهب باتجاه تجريف الجميع ويريد السيطرة على جميع الحكومات المحلية.

ورجح أنه سيفعل ذلك، باستثناء محافظ واسط لأن هذا المنصب مطلوب من أغلبية قوى الإطار التنسيقي.

وتشكل الانتخابات المحلية التي تجرى كل أربع سنوات، أهمية بالغة كونها تمتلك صلاحيات واسعة، فهي لا تخضع لسيطرة أو إشراف أي وزارة أو جهة، ولديها صلاحيات إدارية ومالية واسعة النطاق.

وتتولى مجالس المحافظات المنتخبة- التي تعد بمثابة برلمانات مصغرة- مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين.

ويملك هؤلاء صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع وفقا للموازنة المالية المُخصصة للمحافظة من الحكومة الاتحادية في العاصمة بغداد.

تراجع المشاركة

إضافة إلى فوز قوائم خارج الإطار التنسيقي على محافظات ذات غالبية شيعية، اختلفت الانتخابات الأخيرة عن غيرها، بتراجع نسبة المشاركة بها إلى 41 بالمئة.

وبلغت النسبة في آخر انتخابات مشابهة جرت قبل 10 سنوات، أي في عام 2013، نحو 51 بالمئة، وفق البيانات الصادرة عن المفوضية العليا للانتخابات في العراق.

ويعود سبب التراجع في الإقبال على انتخابات 18 ديسمبر، إلى مقاطعتها من قبل العديد من التيارات والأحزاب والحركات بمختلف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية، لكنهم في غالبيتهم من القوى الشيعية في مناطق وسط وجنوب العراق.

على رأس القوى التي غابت عن المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، يأتي التيار الصدري بقيادة رجل الدين، مقتدى الصدر، والذي أمر كتلته بالاستقالة من البرلمان في يونيو/ حزيران 2021، وإعلانه بعد شهرين من ذلك اعتزال العمل السياسي "نهائيا".

وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني، دعا الصدر أنصاره عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) إلى مقاطعة الانتخابات المحلية في البلاد، لافتا إلى أن هذا الخيار "سيقلل من شرعيتها خارجيا وداخليا"، وذلك ردا على سؤال أحد أنصاره في شأن الاشتراك في الانتخابات.

وقال الصدر: "مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيرا ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيظ العدا ويقلل شرعية الانتخابات دوليا وداخليا ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب حماه الله تعالى من كل سوء ومن كل فاسد وظالم".

وكذلك من الكيانات البارزة التي أعلنت المقاطعة، حركة "امتداد" التي تعد نفسها ممثلة للاحتجاجات الشعبية في 2019.

وهذه الأخيرة عزت عدم مشاركتها في انتخابات مجالس المحافظات بموعدها الحالي إلى تأخرها في انعقاد مؤتمرها العام الأول لانتخاب قيادة جديدة.