"تخلص من إمام أوغلو".. صحيفة تركية تكشف خطة أوزغور أوزيل للترشح للرئاسة

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

تحولات سياسية مهمة شهدها حزب "الشعب الجمهوري" في تركيا بعد منتصف مارس/ آذار 2025، كان أبرزها توقيف وسجن رئيس بلدية إسطنبول، إكرام إمام أوغلو، وهو ما شكل نقطة فارقة في الحياة السياسية للحزب.

ونشرت صحيفة "حرييت" التركية مقالا للكاتب عبد القادر سيلفي قال فيه: "عندما نتحدث عن المستفيدين من التطورات الأخيرة في حزب الشعب الجمهوري، يتصدر اسم (رئيس الحزب) أوزغور أوزيل القائمة".

وأضاف "ففي الوقت الذي واجه فيه إمام أوغلو السجن بتهم عديدة، وقف أوزيل إلى جانبه بشكل قوي، لكنه أيضا استفاد شخصيا من هذه الأزمة، حيث تمكن من التخلص من سيطرة إمام أوغلو، ما أتاح له تعزيز موقعه داخل الحزب". 

واستطرد سيلفي: “بفضل أدائه، أصبح أوزيل في موقع أقوى مقارنة بزعيم الحزب السابق كمال كليتشدار أوغلو الذي تراجع دوره بشكل ملحوظ”.

استفادة سياسية

وقال الكاتب التركي: إن "أوزغور أوزيل يمتلك رؤية واضحة لمستقبله السياسي، ففي الوقت الذي كانت فيه الأوضاع الداخلية للحزب مضطربة، وكان الحديث عن تعيين وصي على الحزب في أوجه قرر أوزيل الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي".

ورأى أن "هذا القرار كان بمثابة خطوة جريئة لتغيير مسار الأحداث داخل الحزب”.

ويرى سيلفي أن “التوقيت كان في صالح أوزيل؛ حيث كان إمام أوغلو في السجن مما قلل من تأثيره على المؤتمر، وهذا الوضع أعطى أوزيل فرصة مثالية للسيطرة على زمام الأمور والتقدم بخطوات ثابتة نحو تعزيز موقفه في رئاسة الحزب".

ولفت إلى أنه “عندما أعلن كليتشدار أوغلو عن ترشحه للرئاسة في وقت سابق، كان أوزيل قد بكى من الفرح، فسرعان ما أطاح به وحل محله”. 

وتابع: “اليوم، يرى البعض أن أوزيل يتعامل مع إمام أوغلو بنفس الطريقة، بل ويعتقد البعض في حزب الشعب الجمهوري أنه يستغل مشاعر الحزن ويستخدمها لتحقيق أهدافه السياسية، خاصة فيما يتعلق بالترشح لرئاسة الجمهورية”.

واستدرك: “لكن ورغم أن الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة، فإن إمام أوغلو يواجه العديد من العقبات القانونية التي قد تعرقل ترشحه، مثل إلغاء شهادته الدراسية واعتقاله بسبب قضايا فساد”. 

وشدد سيلفي على أن “هذه القضايا قد تؤثر بشكل كبير على فرصه في الترشح للرئاسة”.

وذكر الكاتب أنه "إذا تمت إدانة إمام أوغلو في قضايا فساد، مثل الرشوة والابتزاز، فسيكون من المستحيل عليه الترشح للرئاسة، مما يفتح المجال أمام أوزيل لتحقيق طموحاته السياسية والاقتراب أكثر من أن يكون مرشحا لرئاسة الجمهورية".

خطط أوزيل

وقال سيلفي: إن "أوزغور أوزيل، بلا شك ماهر في التوقيتات السياسية؛ حيث أثبت براعته في قراءة المشهد السياسي وتحقيق أهدافه في اللحظات المناسبة".

وأشار إلى أنه “مع تزايد المؤشرات بأن إمام أوغلو لن يتمكن من الترشح لرئاسة الجمهورية بسبب القضايا القانونية التي يواجهها، أصبح من الواضح أن أوزيل سيأخذ مكانه في هذا السباق”.

ففي مقابلة مع صحيفة "سوزجو" المحلية، أكد أوزيل خطته قائلا: "سنواصل الضغط حتى آخر يوم على ترشيح إمام أوغلو.. ليس لدينا أي اسم آخر في جدول أعمالنا". 

غير أن الخطوة الحاسمة التي كشف عنها كانت في الجملة التالية: "إذا أصبح ترشيح إمام أوغلو رسميا غير ممكن، فسيظهر شخص آخر ليكون مرشحا، لا يهم من سيحل محله، الأكثر أهمية أن هذا الشخص سيفوز بالانتخابات نيابة عن إمام أوغلو". 

وعلق سيلفي قائلا: “فمن خلال هذه التصريحات، أصبح واضحا أن أوزيل كان يخطط لهذه اللحظة منذ فترة طويلة.. فبعد أن تأكد من أن إمام أوغلو سيغيب عن السباق الرئاسي، قرر أن يكون هو البديل الأنسب في الحزب للترشح باسم إمام أوغلو”. 

وأكد على أن “هذه الخطة ليست جديدة بالنسبة له؛ إذ سبق أن قام بها في وقت سابق حينما أعلن كليتشدار أوغلو ترشحه للرئاسة”. 

وأوضح أنه “في تلك الفترة، استغل أوزيل الموقف لإزاحة كليتشدار أوغلو من الطريق وأصبح هو قائد الحزب.. واليوم، باستخدام نفس الإستراتيجية يبدو أن أوزيل مستعد لتكرار هذه الخطوة، لكن هذه المرة على حساب إمام أوغلو”.

ولفت الكاتب النظر إلى أنه “لا يمكننا تجاهل تأثير رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش في هذه المعادلة”. 

واستدرك" “لكن، ماذا عن يافاش؟ هل سيتراجع أمام هذه التحديات؟ الجواب هو لا”. 

واسترسل: “يافاش قد أعلن سابقا أن هذه هي آخر فترة له كرئيس بلدية، وأنه سيرشح نفسه للرئاسة في هذه الانتخابات.. وإذا شعر بأن الطريق مسدود داخل حزب الشعب الجمهوري، فلن يتردد في جمع مئة ألف توقيع والمضي قدما في ترشيحه من خلال القومية واليمين الوسط”.

وقال سيلفي: “أشك أن أوزيل لن يسمح لأي شخص أن يخطف منه ترشيح الشعب الجمهوري للرئاسة.. المعادلة السياسية التي رسمها بذكاء تُظهر بوضوح أنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على موقعه وتأكيد ترشحه باسم الحزب، مهما كانت التحديات والضغوطات المحيطة”.

فاتورة الشارع

ولفت سيلفي إلى أن “دعوة أوزيل في النزول إلى الشارع تحت شعار (الاحتجاج الديمقراطي) بدأت تلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد التركي؛ حيث جاءت هذه الاحتجاجات في وقت كانت فيه البلاد تحاول جاهدة استعادة توازنها بعد سلسلة من الأزمات العالمية والمحلية”. 

وذكر أن “محافظ البنك المركزي أعلن أن البنك اضطر لضخ 25 مليار دولار في السوق لحماية استقرار الليرة.. وإن هذا الرقم وحده كفيل بأن يثير القلق لدى كل مواطن؛ حيث ارتفع الدولار من 36.60 إلى 38 ليرة”.

واستطرد: “حين حاول أوزيل تهدئة الوضع قوبل بالرفض من بعض المتظاهرين في الشارع، الذين قالوا له: لم نأت هنا للاستماع إليك. وهو مشهد يعيد إلى الأذهان ما جرى في احتجاجات (غيزي بارك)، التي بدأت بذريعة حماية البيئة وانتهت بتداعيات سياسية وأمنية خطيرة”. 

وأوضح الكاتب أن "احتجاجات غيزي بارك عام 2013 تُعدّ مثالا واضحا على خطورة الدعوة إلى الشارع، إذ أدّت إلى اضطرابات سياسية واجتماعية انعكست سلبا على الاقتصاد التركي". 

وأضاف “فقد تراجعت القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصة بنحو 164 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر، وسحب المستثمرون الأجانب 8 مليارات دولار خلال شهر واحد".

وتابع: "كما ارتفع سعر صرف الدولار من 1.70 إلى 2.39 ليرة، وتضاعفت أسعار الفائدة من 4.61 بالمئة إلى 9.25 بالمئة، وارتفع معدل التضخم من 6.14 بالمئة إلى 8.88 بالمئة”. 

وأشار إلى أن “هذه الأرقام تبرز كيف يمكن لمطالب محدودة في الشارع أن تتطوّر سريعا لتُحدث أضرارا جسيمة على الاقتصاد والاستقرار”.

وختم الكاتب مقاله قائلا: إن "ما يحدث ليس مجرد خلاف سياسي، بل تهديد للاستقرار الاقتصادي والأمني، فالنزول إلى الشارع دون تقدير للعواقب يضر أولا وأخيرا بالمواطن والاقتصاد الوطني".