حماس تجبر نتنياهو على التبادل.. ورسالتها لترامب: هجرتنا لن تكون إلا للقدس

"يوم جديد من العز والانتصار.. لم تذهب تضحيات المقاومين الأبطال سدى"
ضمن الدفعة السادسة من عملية تبادل الأسرى، سلمت حركتا المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي، 3 إسرائيليين لمنظمة الصليب الأحمر الدولية، في مشاهد مهيبة حملت رسائل ودلالات واسعة.
جرى تسليم الأسرى الثلاثة "ساشا ألكسندر تروبنوف، وساغي ديكل حن، ويائير هورن"، في مدينة خان يونس، جنوب القطاع، في 15 فبراير/شباط 2025، مقابل إفراج قوات الاحتلال الإسرائيلي عن 369 أسيرا فلسطينيا.
واحتشد العشرات من مقاتلي كتائب القسام وسرايا القدس الجناحين العسكريين للحركتين، حاملين أسلحة إسرائيلية اغتنموها خلال الحرب، إلى جانب جمع غفير من أنصار المقاومة على مقربة من منزل رئيس المكتب السياسي السابق لحماس الشهيد يحيي السنوار، في مخيم خانيونس غرب المدينة.
مشاهد المنصة
وأحضر اثنان من الأسرى في سيارة سوداء تابعة لجيش الاحتلال، كانت "القسام" قد اغتنمتها خلال عملية طوفان الأقصى، فيما أحضرت سرايا القدس الأسير الثالث لديها بمركبة أخرى.
وحملت المنصة التي جرى فوقها التوقيع على محاضر التسليم وإذن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، رسائل عدة، حيث جاء على الجزء الرئيس منها عبارة "نحن الجنود يا قدس فاشهدي" باللغات العربية والعبرية والإنجليزية.
وتضمنت اللوحة الرئيسة الكبيرة تحت هذا الشعار صورة لمدينة القدس والمسجد الأقصى، وأسفله بعض الأشخاص الذين يحملون أعلام الأردن واليمن وفلسطين ولبنان ومصر والجزائر والسعودية.
وفي هذه الصورة جرى الجمع بين الشعب الفلسطيني وعناصر المقاومة، في إشارة من كتائب القسام إلى الحاضنة الشعبية التي تحظى بها الأخيرة والتي تظهر دائما خلال عمليات التسليم.
وعلى الجهة اليسرى جرى الرد على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي هدد بفتح الجحيم على قطاع غزة ما لم يجر تسليم جميع الأسرى الإسرائيليين، وقال إنه سيعمل على السيطرة على الجيب المحاصر وتهجير أهله إلى أماكن أخرى.
وجاء رد كتائب القسام بعبارة "لا هجرة إلا إلى القدس" وذلك أيضا باللغات الثلاث، وأسفل هذه العبارة يجلس شخص ملثم على مقعد داخل بيت مدمر ويظهر من خلفه مسجد قبة الصخرة.
ووضعت القسام أيضا لوحة إضافية عرضت فيها صورا من انطلاق عملية طوفان الأقصى، مع عبارة "عبرنا مثل خيط الشمس".
ونشرت القسام عشية عملية التسليم، مشاهد مصورة توثق اللحظات الأخيرة للأسرى الإسرائيليين الثلاثة، تضمنت رسالة للمفرج عنه هورن، قال فيها: “بشروني بأنني سأعود إلى المنزل، ومن المفترض أن أكون سعيدا، لكنني لست كذلك، لأنني سأترك خلفي أخي إيتان وأيضا كل المختطفين”.
كما عرضت "القسام" رسالة للأسير ساغي ديكل قال فيها: "قبل عدة أيام جلسنا معا أنا وخمسة أصدقاء، موجودين هنا لأكثر من سنة، وفجأة دخلوا علينا وأبلغونا أن اثنين منا سيعودون إلى الديار وثلاثة لا".
فيما عرضت سرايا القدس مقطعا مصورا للأسير الإسرائيلي الذي كان محتجزا لديها ساشا ألسكندر تروبنوف، ووثق لحظات الإفراج عنه ضمن صفقة التبادل.
وفي مقطع آخر، نشرت السرايا فيديو له خلال احتجازه في أحد أنفاق المقاومة، وتسلمه قرار الإفراج، إلى جانب مقطع ثالث له خلال إحدى الجولات على شاطئ بحر قطاع غزة.
في المقابل، أجبر الاحتلال الإسرائيلي الأسرى الفلسطينيين المحررين على ارتداء قمصان تحمل شعار نجمة داود ومكتوبا عليها "لا ننسى لا نغفر".
والتقطت مصلحة السجون صورا لهم بشكل مهين من ظهورهم بعدما أُجبروا على الجثو على ركبهم وإنزال رؤوسهم للأسفل.
بينما جرى تصوير لقطات أخرى من داخل ساحة أحد السجون الإسرائيلية حيث كان الأسرى يصطفون في طوابير وهم محاطون بالأسلاك الشائكة.
وخلع الأسرى الفلسطينيون ملابسهم فور تحريرهم، وأحرقوها في ساحة المستشفى الأوروبي بمدينة خان يونس جنوبي غزة.
وبدورها، أدنت حماس جريمة الاحتلال بوضع شعارات عنصرية على ظهور الأسرى ومعاملتهم بقسوة وعنف، في انتهاك فاضح للقوانين والأعراف الإنسانية، في مقابل التزام المقاومة الثابت بالقيم الأخلاقية في معاملة أسرى العدو.
وتعقيبا على إطلاق حماس 3 أسرى، أعلن ترامب أن إدارته ستلتزم بقرار حكومة بنيامين نتنياهو، بشأن استمرار اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.
وقال في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" إنه سيتعين على إسرائيل الآن أن تقرر ما ستفعله بشأن الموعد النهائي المحدد في الساعة 12:00 من ظهر السبت، للإفراج عن جميع الأسرى.
وفي جلسة حوارية نظمها منتدى "الجزيرة" في الدوحة، قال عضو المكتب السياسي في حركة "حماس"، أسامة حمدان: إن المقاومة ستعامل أي قوة تسعى لأن تحلّ مكان إسرائيل في قطاع غزة، على أنها قوة احتلال يجب قتالها.
وأضاف أن "المقاومة التي قدمت قاداتها وعائلاتهم، لن تسمح لأحد أن يقول لها صف على جنب (تنحى)"، مضيفا: "هذا غير مقبول وغير ممكن".
وتابع حمدان: "اللي بده يجي يحل محل إسرائيل، سنتعامل معه كإسرائيل. ببساطة، أي حد يشتغل بالوكالة عنها، لازم يتحمل تبعات كونه وكيلا لها".
وحذر حمدان من أن "موضوع سلاح المقاومة، وقادتها وشعبها، وعلاقتنا بالداعمين للمقاومة، كله خارج أي نقاش. مستحيل نقبل حد يتكلم معانا فيه ولا نسمح إنه يكون مطروحا أصلاً".
تلك الأحداث وغيرها تعاطى معها ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_تنتصر، #أسامة_حمدان، #دونالد_ترامب، #نتنياهو، وغيرها.
وتحدثوا عن الرسائل والدلالات التي استهدفت المقاومة الفلسطينية إيصالها خلال عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة وما تبعه من نشر لمقاطع فيديو توثق حسن معاملتهم خلال فترة الأسر.
واستنكروا محاولة الاحتلال الفاشلة لإذلال الأسرى الفلسطينيين بإجبارهم على ارتداء قمصان تحمل تهديدا للفلسطينيين والتي ردوا عليها بإحراقها وأنهم هم من "لن ينسوا ولن يغفروا".
وسخر ناشطون من الرئيس الأميركي الذي دأب خلال الأيام الماضية على تقديم المقترحات لتهجير الفلسطينيين ومهاجمة المقاومة والتهديد بالجحيم لغزة إذا لم يطلق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، بإحالته الأمر للاحتلال، مشيدين بتصريحات حمدان الحاسمة.
رسائل المقاومة
وتعليقا على رفع حماس أعلام دول عربية على منصة التسلم، قال الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، إن في كل مرة ترسل غزة رسالة أن المعركة كانت أممية ويجب أن تعود أممية.
وأضاف أن أعلام ورايات الدول العربية والإسلامية التي زينت منصة التسليم لا تذكّر الأشقاء بواجبهم العروبي والديني والإنساني فحسب، بل تذكرهم أن إسرائيل لكم عدو، فاحذروه، كما كانت لكم على الدوام.
وأكد أبو رزق، أن الرسالة الأكثر أهمية، المحاولات الإسرائيلية للتطبيع هي بدافع الهيمنة والتسيّد على المنطقة والتحكم بثرواتها وترويض شعوبها وليست بدافع الدبلوماسية ونسج العلاقات.
وتابع: "أن محاولة إسرائيل لإظهار الفلسطيني وحيدًا ومعزولا عن عمقه فشلت، وجهد مخابراتها لدقّ أسافين الفتنة بين غزة وجوارها وشعوب أمتها فشلت وستفشل الآن وغدا وعلى الدوام".
وسلط بلال البخاري، الضوء على العلم المصري، قائلا: "لن أبالغ إذا قلت إن وجود المقاومة في غزة وبقاءها حية هو صمام الأمان للأمن القومي المصري، الله يديمكم يا خير الرجال".
وقال الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، إن شماغ النشامى الأحمر، وعلم مصر في خلفية الصورة، ومجاهد فلسطيني يوقع أمرا بالإفراج عن أسرى العدو، صورة تختزل كل المشهد، نحن من الأمة ولها، نحن درعها وحصنها المنيع، وهي السند والعمق.
وأشار الإعلامي والباحث في الشؤون الإسرائيلية سلطان العجلوني إلى أن المقاومة رفعت علم الأردن على المنصة وارتدى مقاتلوها الشماغ الأحمر وصرحوا أنها لفتة لشكره على موقفه الرافض للتهجير والتوطين.
وتساءل: “هل تم التقاط هذه الرسائل أم مازلنا متمترسين خلف الفرضية القديمة الخاطئة التي تعد المقاومة خصما والعدو حليفا؟”
إشادة وثناء
وإشادة بحماس وإعرابا عن السعادة من إدارتها لمشهد تسليم أسرى الاحتلال، عرضت الصحفية ديما الحلواني، مشاهد من التسليم، قائلة: "أحب السبت والمنصة وشهادات التخرج والرسائل المفخخة".
وأضافت: "أحب التراب الذي يدوسه المقاومون بأحذيتهم الضخمة.. وأكثر ما أحب العقل العبقري الذي يُبدع ويفكّر ويخطط وينفذ كل ذلك".
وقال رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ محمد الصغير: "يوم جديد من العز والانتصار.. لم تذهب تضحيات المقاومين الأبطال سدى".
وأعاد المذيع بقناة الجزيرة مصطفى عاشور، نشر إدانة حماس لجريمة الاحتلال بوضع شعارات عنصرية على ظهور الأسرى المحررين ومعاملتهم بعنف في انتهاك فاضح للقوانين الإنسانية، معلقا بالقول: "نحن العرب من لن ننسى ولم نغفر".
لن نغفر
وحفاوة بالأسرى المحررين من سجون الاحتلال وإشادة بإحراقهم الملابس التي أجبروا على ارتدائها، عرض الناشط محمد النجار، مقطع فيديو يوثق لحظة الإفراج عنهم، وفي استقبالهم قيادة الحركة في خان يونس، وهم يرددون هتافات “الله يعزك يا حماس”.
وقال: "شعبنا يكرم من ينتزع حقوقه انتزاعا من بين أنياب الأسد، ولا يتركه فريسة له، بعضهم اعتقل لشهور، وبعضهم مضى عليه أكثر من عام، لكن المقاومة كانت وفية لهم، وستستكمل المسير حتى تبييض السجون، وستبقى غزة عصية على الانكسار".
فيما عرضت هاجر بن رجب، مقطع فيديو يوثق لحظة إحراق القمصان التي ألبسها الاحتلال للأسرى المفرج عنهم، مشيرة إلى أنهم هم من يقولون: "لن ننسى ولن نغفر".
وعلق حسن رحيمي، على مشهد إحراق الأسرى للملابس التي أجبرهم الاحتلال على ارتدائها وتحمل نجمة داود، قائلا: "عطوهم أعلامهم قالوا لهم احرقوها.. غزة هي التي لن تغفر"، وأكد أن "لولا خذلان العرب لكانت المقاومة في قلب تل أبيب".
ولفت المحلل السياسي ياسين عز الدين، إلى أن الاحتلال حاول إذلال الأسرى بوضع عبارات "لا ننسى ولا نغفر" مع نجمة داود على ملابسهم، فكان مصير الملابس بعد الإفراج هو الحرق.
وقال: إن المهزلة أن عبارة "لن ننسى ولن نغفر" هي عبارة فلسطينية بالأصل من انتفاضة الأقصى، وجاء الاحتلال اليوم ليسرقها منا مثل عادته.
ووصف الخبير في الإدارة الإستراتيجية مراد علي، إجبار الاحتلال الأسرى على ارتداء ملابس كتب عليها "لا ننسى ولا نغفر" بأنها “تصرف طفولي لكنه يؤكد على نيته العدوان وعدم استعداده للسلام الذي تتسوله الحكومات العربية”.
وقال: “بالعكس، نحن نؤكد أننا على استعداد لننسى ونغفر إن عدتم لبلادكم وتركتم فلسطين.. وعلى العموم، ملابسكم وشعاركم في النار”.
واستهزاء وسخرية من الرئيس الأميركي الذي يطلق تصريحات عنترية، أشار السياسي فايز أبو شمالة، إلى أن ترامب تراجع عن تهديداته بصب الجحيم على رأس غزة، وألقى بالمسؤولية على ظهر نتنياهو.
ولفت إلى أن نتنياهو وقع في فخ التصعيد، ويفتش عن طريقة للتراجع دون أن يبدو أمام العالم ضعيفا ومنكسرا مهزوما، متوقعا أن يمد الوسطاء له خشبة الخلاص.
واستهزأ الكاتب أحمد عبدالعزيز، بقول ترامب: إن على إسرائيل اتخاذ قرار بشأن ما ستفعله الساعة 12 ظهرا إذا لم يفرج عن جميع الأسرى، قائلا: "إسرائيل اتخذت القرار المناسب كأي طرف خاسر ومهزوم، مستر حنجوري!".
وأضاف أن إسرائيل "جثت على الركب، ورضيت (وهي صاغرة) بإطلاق سراح 3 أسرى فقط، وليس كلهم!".
وسخر الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، من تصريحات الرئيس الأميركي، قائلا: "نزل ترامب عن الشجرة".
ردود استباقية
وعن تصريحات القيادي في حماس أسامة حمدان، قال ياسر المناوهلي: "ده كلام الرجالة المؤمنين بالله الواحد القهار".
وأضاف: ده كلام الرجالة "المؤمنين بعدالة قضيتهم، اللي يستحقوا التحرير والحرية.. الله ينصركم ويثبتكم.. ولا عزاء للقادة الأونطة".
وأعاد الطبيب المصري يحيى غنيم، نشر كلمة حمدان، وعدّه ردا "من الآخر"، متسائلا: “أسمعتم ؟! ترامب والترامبيون والترامبيات والزاحفون على بطنهم خوفا من السيديهات؟”
ودعا الباحث معاذ حمزة، من يريد معرفة خلفيات تصريحات حمدان حول حكم حماس وإرادة المقاومة لمتابعة ما نشره الكاتب عبدالحميد العوني، قبل يومين في تحليله العميق حول هزيمة مشروع التهجير من غزة، وفشل المخطط الأميركي-الصهيوني في اقتلاع الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن تحليل العوني يوضح أن الاحتلال اضطر للتراجع عن تهجير غزة بعد صمود المقاومة، لكنه لا يزال يمارس ضغوطا مكثفة لضمان أن يتم أي ترتيب مستقبلي في القطاع دون وجود حماس في الحكم، في محاولة يائسة لضرب إرادة المقاومة من الداخل.
وأوضح حمزة، أن تصريحات القائد أسامة حمدان في ندوته مع الجزيرة، جاءت في هذا السياق، لتؤكد أن إرادة المقاومة هي التي أفشلت مخططات التهجير، وأن كل المناورات السياسية لن تُغير حقيقة أن حماس والمقاومة هما العائق الأكبر أمام المشاريع التصفوية.
ورد عبدالرحمن محمود، على من يهاجمون حمدان، بالتعريف به والتذكير بتاريخه، قائلا: إن من لا يعرف أسامه حمدان كالذي لا يعرف الصقر فيشويه. موضحا أن هؤلاء الصبيان من الخونة والجواسيس لم يكونوا على وجه الأرض حين نفي حمدان على يد المحتل.
وأضاف أن “حمدان من عائله مجاهدة قدمت المجاهدين والمقاومين والمطاردين الكبار، أمثال الشهيد بكر، ويكفي أن نعرف الشيخ أحمد نمر رحمه الله هو عمه ووالد زوجته، كان شيخا أسدا هصورا في الميدان وعلى المنابر، إذا نادى بصوته حرك الآلاف”.
وذكر محمود، بأن حمدان حُرم من رؤية جميع أهله وأقاربه منذ نفيه ولم يلتقِ بهم، وحُرم حياة طبيعية بين أهله وإخوته ووالديه، وأفنى حياته مجاهدا منفيا عن وطنه بعيدا عن أهله ومحبيه، مؤكدا أنه رجل نزيه وتقي ممن تربوا وترعرعوا في المساجد منذ نعومة أظافرهم.
وعد عزالدين دويدار، تصريحات حمدان، كلاما مهما وفي وقته، كردّ استباقي على الخطة البديلة.
وأشاد عصام حريرة، بتصريحات حمدان، قائلا: "رائع هذا الاستباق لأي محاولة من طرف أصيل أو وكيل في المعركة لفرض أي معادلة".