3 مرشحين غير مقنعين للانتخابات الرئاسية.. إلى أين تتجه أزمة الأرجنتين؟

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في الانتخابات الرئاسية التمهيدية بالأرجنتين، التي عقدت في 13 أغسطس/ آب 2023، فاجأ الشعبوي التحرري المثير للجدل خافيير ميلي الجميع، بحلوله في المركز الأول وحصوله على أكثر من 30 بالمئة من الأصوات، وانتصاره في 16 من أصل 24 مقاطعة في البلاد. 

ووفقا لموقع "دويتشه فيله" الألماني، يصف ميلي نفسه بأنه "رأسمالي أناركي"، يعارض القوى السياسية التقليدية القائمة في البلاد، ويسعى إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية.

وفي حال بات ميلي رئيسا للأرجنتين، يتوقع الموقع أن تحدث تغييرات كبيرة في المشهد السياسي بالبلاد.

والانتخابات التمهيدية في الأرجنتين يُنظر إليها تقليديا على أنها اختبار مهم للانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس المقرر عقدهما في الخريف القادم.

قال جيرونيمو بينيدو، أستاذ العلوم الاجتماعية والمحاضر في جامعة لا بلاتا الوطنية: "لقد خلقت الانتخابات التمهيدية مسارا اقتصاديا وسياسيا جديدا".

ويعلق الموقع: "تمر الأرجنتين بأزمة عميقة منذ سنوات، كما أنها اتسمت بانقسامات أيديولوجية عميقة بين الجهات السياسية الفاعلة، واقتصاد يعاني من ارتفاع معدلات التضخم والدين الخارجي والركود المستدام".

وأتبع: "وبعد الانتخابات التمهيدية، استجابت الأسواق على الفور لفوز ميلي المفاجئ، حيث ارتفع سعر الصرف الرسمي للدولار بنسبة 20 بالمئة، ورفع البنك المركزي الأرجنتيني أسعار الفائدة".

وحسب قوله، فإن التحدي الرئيس أمام الحكومة القادمة هو استعادة الثقة السياسية والاستقرار الاقتصادي لإخراج البلاد من الأزمة.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، سيقرر الأرجنتينيون من ستوكل إليه هذه المهمة؛ هل سيكون الليبرالي الشعبوي خافيير ميلي، أم سيرجيو ماسا من معسكر اليسار الحكومي، أم المعارضة باتريشيا بولريتش؟ ويتساءل الموقع: "ما الذي يمثله كل من هؤلاء المرشحين الثلاثة؟".

خافيير ميلي

بالنسبة لخافيير ميلي، فإن انتصاره المدوي في الانتخابات التمهيدية يمثل نقطة تحول في المشهد السياسي الأرجنتيني.

قال الموقع الألماني إن ميلي "لا يثير الجدل ليس فقط بسبب سلوكه الاستفزازي، ولكن أيضًا لمواقفه المناهضة للمؤسسات".

وأوضحت: "يلقي الاقتصادي البالغ من العمر 52 عاما باللوم على من يسميهم الطبقة السياسية في الأزمة التي تشهدها البلاد".

وتأكيدا على مواقفه، صرح ميلي في كلمة له بعد فوزه في الانتخابات: "سنضع حدا للطبقة السياسية الطفيلية وعديمة الجدوى في هذا البلد".

وحول سياساته الاقتصادية، يشير الموقع إلى أن ميلي يدعو إلى إصلاحات اقتصادية نيوليبرالية عميقة.

إذ يريد استخدام الدولار الأميركي كعملة رسمية في البلاد، وإلغاء البنك المركزي، وخصخصة الشركات في قطاعي التعليم العام والرعاية الصحية. ويعقب الموقع: "لكن أفكاره مثيرة للجدل".

وحسب وجهة نظر بينيدو، إذا فاز ميلي في الانتخابات الرئاسية، من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الفقر والإقصاء وانعدام المساواة.

أما فيما يتعلق بقدراته، تعتقد سوزان كاس، رئيس المكتب الدولي لمؤسسة كونراد أديناور في الأرجنتين، أنه "لم يتضح بعد ما إذا كان سيتمكن في النهاية من تنفيذ خططه".

وأوضحت: "حتى لو أصبح خافيير ميلي رئيسا، فإنه سيفتقر إلى الدعم اللازم في مجلسي الشيوخ والنواب لتنفيذ الإصلاحات الجذرية التي يرنو إليها".

وعليه، فلا يمكن لميلي تغيير البلاد بشكل جذري دون أي ضوابط، حسب كاس. 

باتريشيا بولريتش

أما بالنسبة لتحالف "معا من أجل التغيير"، فقد حصد ما مجموعه نحو 28 بالمئة من إجمالي الأصوات.

وستكون مرشحته للرئاسة باتريشيا بولريتش، وزيرة الأمن الأرجنتينية السابقة، خلال فترة رئاسة ماوريسيو ماكري.

"وبالرغم من أن أطروحاتها تظهر تقاربا أيديولوجيا نسبيا مع ميلي، حيث إنها تمثل المواقف الليبرالية".

إلا أن بولريتش سياسية تقليدية، تسعى -على العكس من ميلي- إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترامها، وفقا لـ "دويتشه فيله".

وأردف الموقع الألماني: "ومع ذلك، ليس هذا هو الاختلاف الوحيد بينهما"، موضحا أن باتريشيا بولريتش تعارض الدولرة التي يدافع عنها ميلي بشدة.

لكنها في ذات الوقت تريد إلغاء أسعار الصرف المثبتة بشكل مصطنع إذا تمكنت من الفوز بمنصب الرئيس، وفقا لما أعلنته إبان حملتها الانتخابية.

وبالرغم من التوافق الذي يجمع بولريتش وميلي في بعض الأفكار السياسية، الأمر الذي قد يوهم أن الأخير قد يدعمها حال فوزها في الانتخابات، فإن الموقع يرى أن هذه السيدة "لا يمكنها الاعتماد على دعم منافسها للمضي قدما في مشاريعها".

ولذا يعتقد الموقع الألماني أن الأمر لن يكون سهلا على باتريشيا بولريتش كرئيسة.

وفي تعليل موقف ميلي، يقول الخبير اقتصادي والسياسي كارس موسى: "برز ميلي كمعارض للسياسيين، وبمجرد انضمامه إلى الحكومة كشريك أو داعم، فإن روايته ستنهار بالكامل".

سيرجيو ماسا

أما المرشح الثالث، الذي يعده كثيرون الخاسر الأكبر في الانتخابات التمهيدية، فهو وزير الاقتصاد الحالي سيرجيو ماسا.

ويقدم ماسا نفسه كمعارض للجناح الليبرالي في المشهد السياسي، ويأتي في الانتخابات ممثلا عن التحالف الحكومي "الاتحاد من أجل الوطن". 

وحصد مرشحا التحالف معا على حوالي 27 بالمئة من الأصوات، ذهب 21 بالمئة منهم لوزير الاقتصاد ماسا.

جوماسا أوكلت إليه المهمة الصعبة المتمثلة في إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية العميقة عبر تعيينه كوزير في العام 2022.

ووفقا لعالم الاجتماع جيرونيمو بينيدو، "تمكن سيرجيو ماسا من إدارة الأزمة الاقتصادية، لكنه لم يكن قادرا على حلها".

وفي رأي سوزان كاس، لن يكون قادرا على حلها أيضا إذا وصل لمنصب الرئيس.

وقالت: "لن يتغير الكثير عن الوضع الراهن، حيث إن ما يقترحه ماسا من سياسات هي ما تمارس بالفعل في ظل الحكومة الحالية".

لكن من وجهة نظرها، فحتى لو لم يجر ماسا إصلاحات اقتصادية جذرية، فإن لديه ميزة كبيرة، تتمثل في قدرته على تشكيل تحالف أكبر وأكثر استقرارا، لأنه ليس لديه التزام أيديولوجي مثل خصومه.

ففي رأيه، مشكلة الأرجنتين ليست اقتصادية، لكنها سياسية في المقام الأول.

ويختتم الموقع: "ما تحتاجه الأرجنتين هو حكومة لديها قاعدة مستقرة، وهو الشيء الذي لا يبدو أن أيا من المرشحين الثلاثة يقدمه حتى الآن".