جبريل الرجوب.. مسؤول فلسطيني خائن يصف عباس بـ"الشحاذ" ويسعى لسرقة تركته

حسن عبود | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

عاد إلى الأضواء مجددا رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب بعد أن وصف رئيس السلطة محمود عباس علنا وخلال مؤتمر صحفي بـ "الشحاذ".

وقال الرجوب في 8 مايو/ أيار 2023: "حاول البعض إعطاءنا أموال للرياضة في فلسطين مباشرة، لكن قلنا إنه عنا واحد شحاد في الشعب الفلسطيني اسمه محمود عباس، أعطوه المال وقولوا له إنها للرياضة".

وخلال مؤتمر صحفي عقده الرجوب برفقة محافظ محافظة بيت لحم كامل حميد للإعلان عن تفاصيل المباراة الودية بين المنتخبين الأولمبيين الفلسطيني والأردني، وزيارة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو لفلسطين، تابع الرجوب: "نحن نتعامل مع كل العالم بندية، والرياضة الفلسطينية مستقلة، ولسنا مدينين لأحد".

فمن هو جبريل الرجوب؟ وما موقعه في السلطة الفلسطينية؟ وكيف يمكن له التصريح علنا بأحاديث تقلل من رئيس السلطة ويُقصي كل معارضيه والمسيئين له دون أن يحظى بمساءلة؟

النشأة والسجن والنفي

ولد جبريل رمضان الرجوب (70 عاما) في بلدة دورا التابعة لمحافظة الخليل في مايو/ أيار 1953، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء.

ودرس المرحلتين الأساسية والثانوية في مدارس دورا، ويحمل درجة الماجستير في الدراسات الشرق أوسطية من جامعة القدس عام 2009.

ونال درجة الدبلوم العالي في الدراسات الأمنية من كلية الأمن والدفاع الروسية عام 2004

وعمل مديرا إداريا في جمعية الدراسات العربية في القدس بين عامي 1985-1986.

وعن نشاطه ضد الاحتلال الإسرائيلي، اعتقل لأول مرة من قبل المخابرات الإسرائيلية في 1968 لمدة أربعة شهور بتهمة مساعدته ضباطا مصريين على التخفي بعدما تقطعت بهم السبل في حرب يونيو/ حزيران 1967، وكان حينها عمره 15 عاما.

وشكل هذا الاعتقال دافعا لانتماء الرجوب إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح عام 1969، فنشط في جناحها المسلح، وعمل على مساعدة مطارديها.

وشارك الرجوب في تنفيذ عمليات ضد مواقع تابعة للاحتلال الإسرائيلي، وأصبح أحد كوادرها الرئيسين في سجونه.

وفي عام 1970، جرى اعتقاله مجددا ومحاكمته بالمؤبد بتهمة إلقاء قنبلة يدوية على سيارة عسكرية إسرائيلية، حتى الإفراج عنه في 1985.

وخلال المدة التي قضاها في السجن، درس العبرية والإنجليزية وترجم إلى العربية كتاب "الثورة" لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن، وكان يرى أن الحل الوحيد للصراع العربي الإسرائيلي يكمن في إقامة دولتين منفصلتين.

وإلى جانب ذلك، صدرت له ثلاثة كتب هي: جبريل الرجوب بلا مواربة (2004)، والزنزانة 704 (2009)، ومعركة الأمعاء الخاوية في سجن نفحة 1980 (2012).

أطلق سراحه من السجن عام 1985 ضمن عملية لتبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وبعد خروجه، زاد نشاطه العسكري والسياسي مما أدى لاعتقاله مرة أخرى في ذات العام لفترة قصيرة.

ثم اعتقل للمرة الرابعة لمشاركته في الانتفاضة الأولى التي انطلقت عام 1978 قبل أن يجرى الإفراج عنه مع إصدار قرار في يناير/ كانون الثاني 1988 بإبعاده إلى لبنان.

انتقل من لبنان بعدها ليستقر في تونس، حيث مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح"، التي انضم إليها بعد اعتقاله أول مرة.

وفي تونس، عمل الرجوب تحت قيادة خليل الوزير (أبو جهاد)  نائب القائد العام لقوات الثورة ومهندس الانتفاضة الأولى وأحد مؤسسي حركة فتح.

وكان الرجوب يتابع تحت إمرة أبو جهاد، شؤون الانتفاضة في الضفة الغربية، وبعد اغتيال الوزير من قبل المخابرات الإسرائيلية، تقرّب أكثر من الزعيم الراحل ياسر عرفات.

بعد تأسيس السلطة

شارك الرجوب في المفاوضات الأمنية بين منظمة التحرير (الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطينية دوليا) والاحتلال قبيل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 وما بعدها.

وبعد توقيع اتفاقيات أوسلو، وتأسيس السلطة الفلسطينية بعدها بعام، عاد الرجوب إلى الضفة الغربية ليمارس أنشطة ومهام رسمية.

تقلد وقتها رئاسة جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية (1993-2003) وأصبح يحمل رتبة عقيد ثم لواء في السلطة.

وعن تلك الفترة يقول الكاتب الفلسطيني المقيم في بيروت صقر أبو فخر: "لم يكن مسموحا للسلطة تأسيس جيش وطني، فبادر عرفات إلى إنشاء عدة أجهزة أمنية، وعَيّن جبريل الرجوب رئيسا لجهاز الأمن الوقائي في الضفة برتبة عقيد".

ومنذ ذلك التاريخ، صار واحدا من أصحاب الرؤوس الحامية، فرفض أن ينصّ أي تفاهم أمني مع إسرائيل على إلزامه بتسليم المطلوبين إلى سلطاتها، وفق ما قال أبو فخر في مقال نشره موقع العربي الجديد في يونيو/ حزيران 2021.

لكن بعد هذا السطوع الكبير، تعرض الرجوب لتعليق عضويته في المجلس الثوري لحركة فتح لمدة ثمانية أشهر سنة 1997 عندما سرت شائعات قوية بأنه كان يخطط للسيطرة على الضفة الغربية إذا تدهورت الحالة الصحية لعرفات.

وأخذت تلك الشائعات على محمل الجد بسبب معارضة الرجوب آنذاك أي دور أردني في مستقبل الضفة الغربية.

ووقتها، اتهمه عرفات بالعصيان أثناء مشادة حادة على إثر إخفاقه في منع بعض الناشطين الفلسطينيين من اقتحام سجن الخليل المركزي لإطلاق سراح بعض المعتقلين من قبل السلطة الفلسطينية.

وقد اتهمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الرجوب بتسليم المعتقلين في سجن مقر الأمن الوقائي الذي حوصر وقتها في بيتونيا للإسرائيليين مطلع أبريل/نيسان 2002.

كما كانت تتهمه أثناء قيادته لجهاز الأمن الوقائي بتعذيب المقاومين الفلسطينيين وتسليمهم لإسرائيل.

وردا على هذه الإخفاقات ولتحجيم أي دور غير مرغوب فيه، أقاله عرفات من جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية وعينه محافظا لجنين عام 2003.

وبعد ضغط من الإدارة الأميركية، بحسب ما قالت تقارير محلية وقتها، بدأ الرجوب يعود لأداء أدوار أمنية، فأصبح مستشارا للأمن القومي الفلسطيني بين عامي (2003- 2006).

وشارك في الانتخابات التشريعية عام 2006 لكنه فشل في الفوز بعد أن اكتسحت حركة حماس هذه المعركة بأغلبية ساحقة، ومن بينها مقاعد دائرة الخليل التي ترشح الرجوب عنها.

وعلى إثر هزيمته، قدم الرجوب استقالته للرئيس الحالي محمود عباس من منصبه كمستشار مجلس الأمن القومي.

الأدوار الحالية

بعد فشله في الأدوار السياسية والأمنية، عاد اللواء جبريل الرجوب إلى دائرة الضوء مجددا، ولكن هذه المرة من بوابة الرياضة.

فقد ترأس منصب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم واللجنة الأولمبية الفلسطينية منذ عام 2008.

وما زال رئيسا للمجلس الأعلى للشباب والرياضة منذ تشكيله عام 2011، كما يترأس جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية.

ومع ذلك، لم يكتف الرجوب بالرياضة، فعاد سريعا لأداء دور سياسي جديد عبر فوزه في عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها السادس عام 2009.

وفاز الرجوب خلال سنوات متتالية بذات العضوية، حتى أصبح يشغل منصب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح منذ عام 2017 وحتى اليوم.

وفي نهاية مارس/ آذار 2021، أصدر عباس مرسوما بترقية اللواء جبريل الرجوب إلى رتبة فريق، وإحالته على التقاعد من وظائفه الأمنية برتبة فريق.

وجاء ذلك في الوقت الذي رشحت فيه معلومات بأن الرجوب سيكون هو ومحمود العالول على رأس قائمة فتح لخوض الانتخابات التشريعية التي ألغاها عباس لاحقا وكانت مقررة في 22 مايو من نفس العام.

وترأس الرجوب خلال السنوات القليلة السابقة وفد حركة فتح المشارك في لقاءات المصالحة مع حركة حماس في إسطنبول والقاهرة وأحيانا عبر الفيديو كونفرس.

ومع إسرائيل، لا يخفي الرجوب مشاركته في اللقاءات والمؤتمرات التطبيعية مع الاحتلال، حيث شارك في العديد منها علنا بحجة "الوصول إلى حل الدولتين".

وكان آخرها في 28 مايو 2023، بلقائه عضو "الكنيست" (البرلمان الإسرائيلي) من المعارضة جلعاد كاريب، وفق ما نقلت القناة “14” العبرية.

واليوم، يحذر الرجوب من محاولة تدخل "الخارج" (في إشارة إلى إسرائيل وأميركا) بتشكيل النظام الفلسطيني ويقول إن رئيس السلطة القادم لن يجرى تحديده إلا من خلال عملية انتخابات ديمقراطية.

وقال موقع "زمن إسرائيل" في يوليو/ تموز 2022، إن الرجوب أحد خصوم حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمرشح الأول لخلافة محمود عباس.

وأوضح الموقع أن "الرجوب لا يعتزم الجلوس بهدوء والقبول بتعيين الشيخ ويشعر بخيبة أمل وغضب من التعيينات الجديدة في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية"، والتي جرى فيها استبعاده، فيما يرى نفسه أحق منه بهذا المنصب.

وفي مقابلة مع قناة الشرق التلفزيونية السعودية في 7 يوليو 2022، انتقد الرجوب عباس للمرة الأولى لإلغائه الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية.

ويوضح الموقع العبري أن الرجوب الذي كان قائدا لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، لديه نفوذ أكبر على الأرض (مقارنة بحسين الشيخ) ولديه ناشطون مسلحون موالون له.

ويقول إن عباس ينظر إلى الرجوب على أنه مخرب لا يكل ولا يمكن الوثوق به، والأكثر أهمية لأبو مازن في النهاية حياته ومن سيحميه ويحمي الإمبراطورية الاقتصادية التي أسسها لابنيه بمجرد أن يتنحى عن المسرح السياسي.

مواقف مشبوهة

أبرز وصمات العار في تاريخ الرجوب، كما تصفها فصائل فلسطينية، هي تورطه بتسليم "خلية صوريف" التابعة لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، للقوات الإسرائيلية الخاصة.

واعتقل الرجوب أعضاء الخلية ووضعهم في سجن الأمن الوقائي بالخليل طالبا منهم ضرورة تسليم خريطة حول مكان جثة جندي إسرائيلي كانت حركة حماس قد أسرته من أجل مبادلته بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وعند رفض أعضاء الخلية طلبه، نقلهم جهاز الأن الوقائي بقيادة الرجوب في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1997، من سجن الخليل، إلى سجن جنيد في مدينة نابلس، وفي الطريق جرى التنسيق مع قوات الاحتلال لمداهمة المركبة واعتقالهم منها، حيث جرى الحكم عليهم لمدة 520 عاما.

وقال المدعي العام الإسرائيلي آنذاك جاي إيندرج، إن لائحة الاتهام التي قدمت ضد عضوي الخلية عبد الرحمن غنيمات وجمال الهور هي الأخطر على مستوى المحاكم العسكرية حينها,

فقد نجحت الخلية التي سميت باسم قرية صوريف لأن أفرادها ينحدرون منها، في تنفيذ عدة عمليات على مدار أربع سنوات، أدت إلى مقتل 11 اسرائيليا، كما أسرت الخلية الجندي شارون أدري وقتلته، واستطاعت إخفاء جثته لمدة سبعة أشهر.

وكثيرا ما اتهم جهاز الأمن الوقائي بتعذيب ناشطي حماس والجهاد الإسلامي خلال عهد الرجوب، ولذلك فهذا الشخص ينظر إليه الفلسطينيون على أنه نسخة أخرى من محمد دحلان الذي كان يقود ذات الجهاز ولكن من قطاع غزة.

ومن المواقف التي عدها ناشطون خيانة للقضية الفلسطينية، سحب الرجوب في 29 مايو 2015 الطلب الذي كان قد تقدم به لتعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، مما خلق حالة من الاستياء بين فصائل وقطاعات الشعب الفلسطيني.

وجاء إعلان الرجوب خلال اجتماع الجمعية العمومية لـ “فيفا” في مدينة زيوريخ السويسرية، وبرر سحب الطلب بـ"ضغوط واتصالات من عدة دول".

وفي المقابل، صوتت اللجنة العمومية للفيفا آنذاك لصالح قرار بتأسيس لجنة لمراقبة حرية حركة اللاعبين والمسؤولين الرياضيين الفلسطينيين داخل وخارج الأراضي الفلسطينية.

ومن التصريحات الشهيرة له التي حاول بها مزج السياسة والرياضة، قال الرجوب للتلفزيون الإسرائيلي في يناير/كانون الثاني 2012 إنه يفضل أن يرى العالم الشباب والصبايا الفلسطينيين بـ”الشورتات” وليس وهم ملثمون أو بالحجاب، في إشارة إلى إدانته المقاومة الإسلامية المسلحة.

وفي تسجيل مسرب، وصف عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" توفيق الطيراوي زميله الرجوب بأنه "شخص كاذب"، وأنه يتهم كل من يعارضه بأنه "عميل" (للاحتلال الإسرائيلي).

وفضلا عن انتقاده قيادات في "فتح" وفق ما ظهر في تسريبات سابقة، لا يتوقف الرجوب عن مهاجمة حركة حماس واتهامها بتعطيل المصالحة.

وكان الرجوب أطلق عدة تصريحات مطلع عام 2022، ضد "حماس" وقياداتها، وقال إنه لم يسمع يوماً من خالد مشعل (رئيس حركة حماس في إقليم الخارج الرئيس السابق للحركة) كلمة تدعو للحوار (الوطني الفلسطيني) أو تدعمه.

وقال الرجوب أيضا: "الأخوة في حماس لا يوجد لديهم نضج كامل ووحدة موقف في مفهومهم لبناء الشراكة"، وفق تعبيره، وهو ما استنكرته الحركة الإسلامية على لسان قاداتها.

وفي فبراير/شباط 2019، اتهم الرجوب، حماس باختطاف قطاع غزة منذ عام 2007، موضحا أن الحركة تتعامل مع دول بعينها فى المنطقة تعارض قيام دولة فلسطينية، وفق زعمه.