حزب الله أم فتور سياسي.. ماذا وراء وقف الإمارات تأشيرة دخول اللبنانيين؟

يوسف العلي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في خطوة لم يكشف أسبابها رسميا، حجبت الإمارات منح تأشيرة الدخول إلى المواطنين اللبنانيين، رغم حديث وسائل إعلام إماراتية أن قرار الحجب يعود سببه إلى تلقي تهديدات من "حزب الله" اللبناني، والتي لم تكشف سببها.

لكن إيقاف تأشيرات الدخول، جاء بعد وفاة المعتقل اللبناني غازي عز الدين جراء تعذيبه في السجون الإماراتية، ثم إعلان السلطات الإفراج عن 9 لبنانيين كانت قد اعتقلتهم معه، وكلهم من الشيعة بتهمة تشكيل "خلية إرهابية".

"تهديدات" حزب الله

توقف منح تأشيرة دخول الإمارات إلى اللبنانيين بدأ منذ 29 مايو/ أيار 2023، بعدما كان الحصول عليها عليها عبر منصّة مخصصة لذلك، إذ تظهر حاليا رسالة عند طلبها من أي لبناني، مفادها: "لا يمكن تقديم هذا الطلب لأنه لا يفي بشروط التقديم".

ونقلت قناة "الغد" الإماراتية في 29 مايو 2023 عن مصادر (لم تسمها) قولها إن "الإمارات توقف تأشيرات دخول اللبنانيين بسبب تلقي تهديدات من حزب الله"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

وعلى الصعيد ذاته، أفادت صحيفة "القدس العربي" في 30 مايو 2023 بأن "معلومات ذكرت أن أسباب وقف التأشيرات يعود إلى مخاوف من عمل أمني، بعد مراقبة تحركات وتحويلات مالية مشبوهة وتحريض إعلامي ضد الدولة الإماراتية نتيجة التطبيع مع إسرائيل".

لكن وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، نفى خلال تصريح لصحيفة "النهار" المحلية في 30 مايو 2023 تلقيه معلومات بهذا الشأن، بالقول: "لم نتلق أي معلومة رسمية عن تعديل السلطات الإماراتية شروط منح تأشيرات للبنانيين".

الصحيفة ذاتها، نقلت عن سفير بيروت لدى أبوظبي، فؤاد شهاب دندن، قوله أيضا: "لم نتبلغ قرارا حول ما أشيع عن حظر دخول اللبنانيين من أي جهة رسمية".

ونقل موقع "لبنانيون ديبايت" عن مصدر يعمل بالخارجية الإماراتية (لم يسمه) في 30 مايو 2023 قوله إنه "لم يتلقَ حتى الساعة أي كتاب بهذا الخصوص، ويُشير إلى أن عدم منح التأشيرات تُبلّغ الخارجية الاماراتية به نظيرتها اللبنانية، والتي لم تتبلّغ حتّى الساعة بأمر مماثل".

وفي عام 2020، راجت الأخبار ذاتها عن وجود قرار من السلطات الإماراتية يقضي بإيقاف منح المواطنين اللبنانيين تأشيرات دخول سياحية، وكان ذلك بالتزامن مع تفشي جائحة كورونا.

وعلى ضوء ذلك، أبلغ وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي خالد عبد الله بالهول السفير اللبناني في أبو ظبي، أن "الإمارات تمرّ حاليا بمرحلة التعافي من وباء كورونا تمهيدا للعودة التدريجية للحياة الطبيعية للأنشطة كافة".

وأكد بالهول أن "الإمارات تتخذ إجراءات وقائية واحترازية وفقا لتقييم الوضع الصحي لبلدان العالم الذي من شأنه تعديل في سياسة الدخول للدولة بين الحين والآخر"، مؤكدا أن "هذه الإجراءات تشمل الجنسيات كافة، ولا قرار يطال المواطنين اللبنانيين على وجه الخصوص".

تداعيات محتملة

وبخصوص انعكاس وقف تأشيرة الدخول للبنانيين بين أبو ظبي وبيروت، قال الكاتب نادر حجاز إن "العلاقات اللبنانية الخليجية تمر في السنوات الأخيرة بفتور ينعكس في أكثر من مجال، إن كان على مستوى التمثيل الدبلوماسي أو العلاقات السياسية، ولا سيما في المجال الاقتصادي والتبادل التجاري بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي تحديدا".

وأضاف حجاز في مقال نشره موقع "إم تي في" المحلي في 30 مايو 2023 "بعدما كانت تحدثت معلومات عن عودة قريبة لسفيري الإمارات والكويت إلى لبنان، ظهرت تسريبات إعلامية في الساعات الماضية تتحدث عن توقف الإمارات عن منح تأشيرات دخول للبنانيين لأراضيها، وتعديل الشروط المفروضة، وذلك بسبب تلقي تهديدات من حزب الله".

وأشار الكاتب إلى أن "هذه البلبلة تأتي على خط العلاقة مع الإمارات بالتزامن مع عملية اختطاف مواطن سعودي، نجحت الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني من تحريره خلال أقل من 48 ساعة، مع ما تحمله هذه الأحداث كما التسريبات والإشاعات من تداعيات سلبية على العلاقة بين لبنان والدول العربية".

وفي 30 مايو 2023، أعلنت السلطات اللبنانية، عن عملية نوعية نفذتها المخابرات اللبنانية، تلخصت في تحرير مختطف سعودي موظف في الخطوط الجوية السعودية في بيروت، بالقرب من الحدود السورية - اللبنانية.

ونقل موقع "بلدي نيوز" عن مصادر لبنانية (لم يكشف هويتها)، أن وحدة من مخابرات الجيش اللبناني حررت المختطف السعودي "مشاري المطيري" وأوقفت 7 من الخاطفين، أقلوه من منطقة بيروت وفروا به إلى منطقة حدودية بين لبنان وسوريا عبر منطقة الهرمل في البقاع الشمالي.

واختطف المواطن السعودي في 29 مايو 2023، من وسط المنطقة التجارية في بيروت، وفقا لوسائل إعلام سعودية رسمية.

وأفادت قناة "الإخبارية" السعودية وقتها، بأن الخاطفين طلبوا فدية قدرها 400 ألف دولار مقابل الإفراج عن السعودي المختطف، إذ جاء طلب الفدية عبر رسالة هاتفية صدرت من الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث مقر "حزب الله"، حسبما ذكرت.

قضية المعتقلين

لكن مراقبين ربطوا بين وقف التأشيرات وقضية المعتقلين اللبنانيين في الإمارات، والتي تكشفت بعد إعلان وفاة اللبناني غازي فضل عز الدين بالسجون الإماراتية في 11 مايو 2023، بعد توقيفه مع 10 آخرين كلهم من الشيعة ببلدة باريش في قضاء صور جنوب لبنان.

ونقل موقع "جنوبية" اللبناني في 11 مايو 2023 عن مصادر من عائلة عز الدين (لم يكشف أسماءها) في باريش أنها "تبلغت نبأ الوفاة قبل يومين ودفنه في الإمارات، بمشاركة نجله واثنين من أشقائه اللذين كانا موقوفين معه، وجرى إطلاق سراحهما وهما عباس وبسام".

وبعد الحديث عن إطلاق سراح 9 معتقلين كانوا مع عز الدين، قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله في 2 يونيو/ حزيران 2023 إن الإمارات أطلقت "شكليا" في 27 مايو 2023 تسعة لبنانيين بعد وفاة غازي عز الدين، تحت التعذيب.

وأضافت الصحفية أنه "عمليا لم يستعد المطلق سراحهم حريتهم، بل وُضعوا في إقامة جبرية".

وأوضحت أن "المعتقلين التسعة الذين أُطلقوا من سجون جهاز أمن الدولة الإماراتي تحت ضغط الإحراج الذي تسبب به تعذيب عز الدين حتى الموت واحتجاز جثته ورفض تسليمها إلى عائلته، لم يتبلّغوا حتى اليوم الإذن بمغادرة الإمارات والعودة إلى لبنان، علما أن بينهم من لا يقيم في الإمارات أساسا".

ونقلت الصحيفة عن مصادر (لم تسمها) قالت إنها معنية بالملف أن "الموقوف السابق عادل حمادة، مثلا، كان في زيارة للإمارات لقضاء شهر رمضان عندما اعتُقل، ولا يحمل إقامة تخوّله البقاء في الإمارات. كما أن اثنين من التسعة يقصدان الإمارات في زيارات عمل، وليسا من المقيمين".

وخلال مارس/ آذار 2023 وحده، أوقفت السلطات الإماراتية عشرة لبنانيين ينتمون إلى "الشيعة" بتهمة التعامل مع حزب الله الذي تصنّفه أبوظبي منظمة "إرهابية"، حسبما أكّد الناطق باسم أقارب اللبنانيين الموقوفين في الإمارات، عفيف شومان.

ونقل موقع قناة "الحرة" الأميركية في 27 مايو 2023، عن شومان قوله: "أُطلق سراحهم كلهم من السجن لكنهم ما زالوا بالإمارات".

وأوضح أن "الإمارات أفرجت عنهم بعد الضغط الإعلامي والحملات إثر وفاة غازي عز الدين، وأن جثمانه لم يرسل بعد إلى عائلته".

وخلال السنوات الماضية، أوقفت الإمارات لبنانيين عدة غالبيتهم الساحقة من الشيعة، واتهمتهم بالتعامل مع "حزب الله".

وفي مايو/ أيار 2019، أصدرت محكمة إماراتية حكما بالسجن مدى الحياة في حق لبناني، وبالسجن 10 سنوات في حق آخرين، بعدما أدانتهم بتهمة التخطيط لشن هجمات لصالح "حزب الله".

وأثمرت مفاوضات قادها لبنان مع الإمارات عام 2021 إطلاق سراح 10 موقوفين لبنانيين على الأقل في الإمارات، لكن لا يزال سبعة آخرون قيد الاعتقال بينهم محكومون بالمؤبد أو السجن لسنوات طويلة.