التوافق حول رئاسة فرنجية.. هل الحل الأمثل لخروج لبنان من أزماته؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

مرت سبعة أشهر في لبنان منذ شغور منصب رئيس الجمهورية وخمسة منذ آخر محاولة لانتخاب رئيس جديد واثنا عشر شهرا دون حكومة فعلية. 

وأشار موقع إنسايد أوفر الإيطالي في هذا الصدد إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 200 بالمئة مقارنة ببداية الأزمة المالية في 2019، فيما خسرت الليرة 98 من قيمتها أمام الدولار خلال الفترة نفسها.

في الأثناء، يستعد صندوق النقد الدولي للإفراج عن ثلاثة مليارات دولار مقابل تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية.

وأضاف الموقع أن المأزق اللبناني "يمتص آمال السكان المحكوم عليهم بالمعاناة من الجمود والفقر الناجمين عن هذا الفراغ المؤسسي المزدوج في مرحلة تتسم بالحاجة الملحة لاتخاذ قرارات سريعة وتنفيذها بشكل فعال". 

وذكر بأن انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أنهت أي فرصة لتشكيل حكومة في ظل غياب التوافق حول ترشيح شخصية لرئاسة البلاد.

لكن في الأشهر الأخيرة، اكتسب ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الاسم المدعوم من قبل حزب الله، شعبية ويمكن أن يسحب سياسة بلاد الأرز نحو الخروج من المأزق، على حد تعبير الموقع الإيطالي.

حلول عاجلة

وأعربت جامعة الدول العربية في بيانها الختامي لقمة جدة عن تضامنها مع لبنان وحثها الأطراف كافة للتحاور لانتخاب رئيس جمهورية يرضي طموحات اللبنانيين وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الإصلاحات المطلوبة لإخراج البلد من أزمته.

في سياق الأزمة نفسها، بيّن الموقع الإيطالي أن البلاد تمر بإحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في العصر الحديث لا سيما أن الدين العام والتضخم المفرط للعملة تسببا في أزمة اجتماعية غير مسبوقة.

وعلى الرغم من المحاولات المتعددة لانتخاب رئيس جديد (إجمالي 11 محاولة فاشلة آخرها كان في يناير/كانون الثاني 2023)، لم يتمكن أي مرشح من تحصيل أغلبية الثلثين في البرلمان الضرورية لتولي منصب الرئاسة. 

وبحسب الموقع الإيطالي، يعقد تأثير الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية هذه العملية نحو تحصيل الأغلبية، مشيرا إلى أنها غالبًا ما تلعب دورًا حاسمًا في سياسات بيروت. 

في غضون ذلك، عُهد بقيادة الحكومة المؤقتة الحالية إلى نجيب ميقاتي، وهو سياسي ذو تاريخ طويل.

إلا أنه الآن يتمتع بسلطات محدودة للغاية وغير كافية لاتخاذ القرارات اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها لبنان، يقول الموقع.

يشرح إنسايد أوفر أن النظام شبه الرئاسي اللبناني منظم على أساس طائفي، وفي حين ينص من الناحية النظرية على الانسجام بين المكونات الأساسية للبلد (الشيعة والسنة والمسيحيون الموارنة)، فإنه في الواقع يضخم الانقسامات الطائفية ويؤدي إلى حالة من الاستقطاب.

ولاحظ أن "تأسيس الأحزاب في لبنان وحلها سهل، كما أنها تعمل كأداة سياسية لقادة المجتمعات أكثر من كونها  تمثيل لفصيل مختلف أيديولوجيًا".

واستنتج أن "هذا النظام المرن يجعل من الصعب للغاية حشد أغلبية الثلثين لدعم مرشح".

وذكر بأن رئيس الجمهورية يجب أن يكون مسيحيا مارونيا منتخبا بثلثي أعضاء البرلمان، وهي أغلبية لم ينجح أي حزب في تحقيقها بانتخابات مايو/أيار 2022 التي فاز خلالها التحالف بقيادة حزب الله بـ62 مقعدا من إجمالي 128 في البرلمان. 

في أشهر المفاوضات التي أعقبت صدور نتائج الانتخابات، يشير الموقع إلى أن الحزب الموالي لإيران حصل أيضًا على تأييد دروز الحزب التقدمي الاشتراكي وبعض الأحزاب الصغيرة والمستقلة متجاوزًا بذلك الأغلبية. 

إلا أن انتهاء ولاية الرئيس وقف أمام إمكانية تشكيل حكومة جديدة تتولى السلطة.

وجدير بالذكر أنه منذ إعلان التحالف الذي يقوده حزب الله عن دعمه لترشح رئيس حركة المردة سليمان فرنجية في بداية مارس/آذار، انخرط اللاعبون المحليون الرئيسون وكذلك داعمون إقليميون ودوليون في مفاوضات مكثفة.

ترشيح فرنجية

لفت إنسايد أوفر إلى أن العملية الانتخابية اللبنانية تأثرت كثيرا بالتأثيرات الأجنبية على الصعيدين الإقليمي والعالمي. 

ويوضح أن العملية الطويلة لانتخاب رئيس للبلاد ساءت أكثر في أعقاب ضعف النفوذ السوري (نتيجة عدم الاستقرار الذي تسببت فيه الصراع طيلة عشر سنوات)، وذلك بسبب الحاجة إلى "توافق إقليمي".

ويذكر أن السعودية والأحزاب التي تدعمها الرياض في السياسة اللبنانية عارضت ترشيح فرنجية نظرا لقربه السياسي من نظام دمشق. 

وعموما، عارض معظم الفاعلين الإقليميين والدوليين ما أسموه "النفوذ السوري في لبنان".

لكن منذ التقارب في مارس/آذار بين السعودية وإيران من جهة، وتطبيع العلاقات بين سوريا والمملكة، ازدادت فرص بروز فرنجية كمرشح يحظى بالتوافق بين مختلف الأطراف، يشير الموقع.

من جانبها، فإن باريس، القوة الاستعمارية السابقة تعارض بشكل عام نفوذ سوريا وحزب الله في لبنان.

وقد طرحت فرنسا أخيرا على جبران باسيل (صهر الرئيس السابق عون ورئيس التيار الوطني الحر) دعم ترشيح فرنجية ووعدته في المقابل بتولي اختيار محافظ مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية رياض سلامة الذي يخضع للتحقيق الدولي في قضايا فساد.

وبحسب وكالة نهارنت اللبنانية، تدخل الاتحاد الأوروبي في العملية مهددًا بفرض عقوبات على أعضاء البرلمان الذين يقاطعون الإجراءات البرلمانية لانتخاب الرئيس. 

ووفق الموقع الإيطالي، لجأت الأحزاب الصغيرة والبرلمانيون المستقلون في لبنان خلال مناسبات عديدة إلى المساومة التي تزيد من إطالة أمد العملية الانتخابية.

ويفسر الموقع حماس فرنسا والاتحاد الأوروبي لترشيح فرنجية بالقلق بشأن المصالح السياسية والمالية لكليهما في لبنان المعرض للخطر بسبب الأزمة السياسية التي طال أمدها.

وكذلك إلى السمعة التي بناها فرنجية كفاعل موثوق به على الرغم من قربه من حزب الله. 

وعلى الرغم من ذلك، لم تحسم الانتخابات بعد، يلاحظ الموقع، كما لم يجر حل البعض من المعارضة على المستوى المحلي.

لهذا السبب، ناشد رئيس الوزراء ميقاتي الدول العربية "مساعدة لبنان على إقامة حوار داخلي" لتشكيل حكومة وإنقاذ البلاد.