تراكم الحاويات بالموانئ الصينية.. هل أسهم في ارتفاع أسعار البضائع عالميا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تطرقت صحيفة إيطالية إلى أسباب أزمة تراكم الحاويات بالموانئ العالمية، خاصة الصينية، مشيرة إلى أن نقصها شكل أحد أسباب أزمة التجارة العالمية في السنوات الثلاث الماضية منذ تفشي جائحة "كورونا" وتأثيرها على حركة التجارة العالمية.

وبينت صحيفة "إيل بوست" أن ما يحدث اليوم مشكل معاكس إذ منذ أشهر تتراكم الحاويات غير المستخدمة في الموانئ الصينية. 

وقالت إن المسؤولين على الموانئ يواجهون صعوبات في توفير أماكن لوضع هذه الصناديق الكبيرة ذات الأحجام القياسية التي تستخدم لشحن جميع المواد والبضائع، خاصة عن طريق السفن.

تعطل الشحنات

ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الوضع الجديد "يتسم بالتناقض"، موضحة أن نقص الحاويات كان على وجه التحديد أحد أبرز المشاكل خلال أزمة التجارة العالمية، كما أنه شكل إحدى  العواقب الاقتصادية الأكثر جدية التي تسبب فيها وباء "كوفيد 19".

وذلك نتيجة ما تسبب به نقصها في اضطراب على مستوى حركة نقل البضائع عبر البحر وسلاسل الإمداد الدولية في فترة ذروة تفشي الجائحة.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن الأزمة أدت إلى سلسلة من التأخيرات الكبيرة وتعطل في الشحنات، ما أدى بدوره إلى نقص كبير في العديد من السلع والمواد الخام، ونتيجة لذلك ارتفعت أسعارها بشكل كبير. 

وأشارت إلى أن مشكلة نقص الحاويات "ظهر في البداية في موانئ الصين والتي أصبح الشحن منها مكلفا للغاية".

وأردفت الصحيفة، أن "الأمور تغيرت كثيرا بعد أن انتهت أزمة الوباء وانخفض نسق التجارة الدولية بشكل كبير، بينما عادت تكاليف الشحن إلى طبيعتها واتجهت أزمة التجارة العالمية تقريبا نحو الانفراج".

نتيجة مباشرة لهذا الوضع المتغير، تشرح "إيل بوست"، أنه "لم تعد هناك حاجة في استخدام نسبة كبيرة من الحاويات المنتجة خلال فترة الجائحة".

وذكرت أن "أكثر من 80 بالمئة من حجم البضائع المنقولة حول العالم يسافر على متن سفن الشحن المخصصة لنقل الحاويات". 

هذا يعني، بحسب الصحيفة، أن جميع البضائع التي يتم توريدها تقريبا أو المواد التي جرى إنتاجها منها، نُقلت في مرحلة ما من رحلة الاستيراد في حاوية على متن سفينة شحن. 

ونوهت "إيل بوست" إلى أن النقل عن طريق البحر "يعد الوسيلة المناسبة أكثر لنقل كميات كبيرة من البضائع غير القابلة للتلف لمسافات طويلة".

قيود المساحة

في المقابل، من المفضل نقل السلع القابلة للتلف في كثير من الأحيان بواسطة النقل الجوي الأسرع. 

على إثر ذلك، يجرى تحميل الحاويات على شاحنات أو قطارات فور وصولها إلى الموانئ لإيصالها إلى الوجهات المحددة.

وشرحت الصحيفة أن "هذه العملية اللوجستية تسمى النقل متعدد الوسائط، وتعتمد على استخدام حاويات ذات أبعاد قياسية على المستوى الدولي، مما يسمح بنقلها بسهولة من وسيلة نقل إلى أخرى؛ بهدف تسريع العملية وإنجازها في أقل وقت ممكن".

ويعد النقل متعدد الوسائط ابتكارا حديثا نسبيا ويعود ظهوره إلى أقل من 70 عاما، وكان أحد العوامل التي سمحت بظاهرة العولمة، أي دمج الاقتصادات الإقليمية المختلفة في اقتصاد عالمي واحد، تشير الصحيفة.

وأضافت أن "التعطل المفاجئ لهذا النظام  كان له عواقب على طول سلسلة الإنتاج بأكملها، وقد بدأ مع عمليات الإغلاق الأولى بعد تفشي جائحة كورونا" في الأشهر الأخيرة لعام 2019.

ولفتت إلى "إلغاء شركات النقل مئات عمليات الشحن عبر السفن، نظرا للانهيار العالمي في إنتاج وتصدير البضائع خلال الموجة الأولى من الوباء". 

واسترسلت أن هذا "أدى إلى تعطيل التدفق الطبيعي للحاويات الفارغة التي لم تعد إلى الوجهات التي تحتاجها أكثر".

وأشارت إلى أنه "على وجه الخصوص، ظلت الحاويات التي نقلت داخلها البضائع من الصين إلى الولايات المتحدة في مستودعات الأخيرة، وغالبا ما تم وضعها في أماكن بعيدة عن الموانئ بسبب قيود المساحة".

وتستورد الولايات المتحدة من الصين سلعا أكثر بكثير مما تصدر، وبالتالي يحدث تدفق للحاويات المحملة بالبضائع من البلد الآسيوي نحو الموانئ الأميركية، فيما تتدفق تلك الفارغة في الاتجاه المعاكس.

حجم قياسي

لذلك، تشرح الصحيفة الإيطالية بأنه "عندما استؤنفت أنشطة الإنتاج الصيني على إثر الإغلاق الشامل وبدأ الطلب على نقل البضائع في الانتعاش، وقد حدث ذلك بسرعة، افتقرت العديد من الموانئ الصينية إلى الحاويات الكافية".

نتيجة لحالة الطوارئ، قامت الموانئ وشركات الشحن باستثمارات ضخمة وتوفير مخزون من الحاويات في محاولة لزيادة قدرتها على الشحن. 

وفي السياق نفسه، أفادت الصحيفة الإيطالية بأن الإنتاج العالمي من الحاويات بلغ في عام 2021، سبعة ملايين حاوية ذات حجم قياسي، أي أكثر من ضعف الإنتاج عام 2020. 

ولاحظت أن إنتاج الحاويات نما بسرعة، استجابة للزيادة التي سببها الوباء في الطلب على السلع المادية.

وأوضحت أن "جزءا كبيرا من الاستهلاك جرى توجيهه نحو المنتجات، فيما تراجع الطلب على الخدمات المغلقة بسبب القيود المفروضة مثل تلك التي تقدمها المطاعم والفنادق".

على إثر ذلك، بعد أن تقرر تخفيف القيود المفروضة، عاد جزء من الاستهلاك إلى الخدمات التي أعيد فتحها تدريجيا، مما قلل من الطلب على السلع المادية. 

لذلك واجهت صناعة الشحن مشكلا معاكسا، أي فائضا في الحاويات الذي يخلق مشاكل في الموانئ في الصين حيث يتم إنتاج جميع حاويات العالم تقريبا.

وفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، انخفض إنتاج الحاويات الأكثر استخداما والقياسية (تلك التي يبلغ طولها 12 مترا) بنسبة 71 بالمئة، من أكثر من مليون في الربع الأول من عام 2022 إلى ما يزيد قليلا على 300 ألف في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. 

كما أثر انخفاض الطلب على منتجي الحاويات بشدة وانخفضت كذلك أرباح "شركة الصين الدولية للحاويات البحرية"، أحد أكبر المنتجين في البلاد، بنسبة 91 بالمئة على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.