بعد إيران والسعودية.. هل تنجح الصين في المصالحة بين أفغانستان وباكستان؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

قال مركز تركي إن "الصين، ببعديها الأفغاني والباكستاني، تتحوّل إلى الدولة المستثمرة الرئيسة في المنطقة، بالإضافة إلى أنها تصبح اللاعب الرئيس الذي يعزز الأمن ويدعم السلام بين الحكومات الإقليمية".

ورأى مركز "أنكاسام" في مقال للكاتب التركي، إيمره كايا، أن "أفغانستان التي ظلت مسرحا لعملية صراع لمدة نصف قرن، لا تزال تؤثر على السياسة الإقليمية والعالمية في مختلف الجوانب". 

وأضاف كايا أن "موقع أفغانستان الجغرافي والسياسي، وثرواتها السرية المختلفة، وتأثيرها المباشر على أمن آسيا وحتى أوراسيا، والشكوك بشأن مستقبلها السياسي، والمشاكل المستمرة ووجود منظمات إرهابية مختلفة".

الهشاشة الجيوسياسية

واستدرك الكاتب التركي قائلا: "لقد زُعِمَ أن أفغانستان ستتحول إلى مركز للفوضى والأزمات بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2021".  

واستطرد "إلا أنه ورغم أن شرعيتها الداخلية والخارجية مثيرة للجدل اليوم، من الواضح أنه تم إحراز تقدم كبير فيما يتعلق بمسألة الأمن في أفغانستان". 

وتابع كايا: "مع ذلك، فإن استمرار المشاكل الاقتصادية والسياسية في البلاد، قد يتسبب في استمرار التهديدات وبالتالي استمرار التساؤلات حولها". 

ولفت إلى أنه "في مثل هذه البيئة، من الواضح أن مختلف المشاكل التاريخية والأمنية قد زادت من حدة التوتر في المنطقة". 

على سبيل المثال، فإنّ قضية "خط دوراند" (الحدودي) بين كابول وإسلام أباد تضرّ بالعلاقات بين طالبان وباكستان. 

ومن العوامل التي أدت إلى تصعيد التوتر بين الطرفين، اللذين كانت لهما علاقات قوية ذات يوم، الهجمات التي شنتها المنظمة الإرهابية "طالبان باكستان" في باكستان. 

في المقابل، حاولت قيادة طالبان خلق توازن من خلال الاقتراب من الهند ردا على العلاقات المتوترة مع باكستان، بحسب كايا.

وأشار الكاتب التركي إلى أن "هذه التطورات، بدلا من حل المشاكل الإقليمية، أدت إلى زيادة الهشاشة الجيوسياسية وزيادة احتمال نشوب الصراع". 

ومع ذلك، من المهم أن يتم حل المشاكل بتوافق الآراء بين دول المنطقة، وفي هذه المرحلة، يرى أن الصين تحاول أن تكون "لاعبا فعالا". 

وأردف كايا: "شجعت الصين التقارب بين إيران والسعودية، وحاولت تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، ومن الواضح أن بكين نجحت في ذلك".

وتابع: "يمكن القول إن الصين تحاول بناء سياسة مماثلة في العلاقات بين طالبان وباكستان".

تعزيز الأمن

وآخر مؤشر على ذلك هو اجتماع حوار وزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان الذي عقد في 6 مايو/أيار 2023.

وقامت الأمم المتحدة بمنح إعفاء لوزير خارجية "طالبان"، أمير خان متقي، وإزالة قيود السفر عنه لحضور الاجتماع.

وأشار الكاتب التركي إلى أن "الهدف من الاجتماع الذي عقد في إسلام أباد، كان تعزيز الأمن الإقليمي والتجارة والخدمات اللوجستية والتعاون في مكافحة الإرهاب". 

ويعد هذا الاجتماع الخامس حول آلية الحوار الإستراتيجي عام 2017 والذي يعقد لأول مرة بعد تجميده لمدة عامين في مواجهة سيطرة "طالبان" على كابول.

وأردف كايا: "كان أحد المواضيع الرئيسة للاجتماع هو مصادر التهديدات المتزايدة في أفغانستان". 

وبسبب الهجمات التي حدثت على الاستثمارات الصينية في أفغانستان والهجمات على باكستان، تم تصوير أفغانستان كملجأ للمنظمات الإرهابية، ومع ذلك، نفى وزير خارجية طالبان هذه المزاعم وقال إنه لا يسمح لأي منظمة إرهابية بدخول بلاده.

وردا على ذلك، دعا وزير الخارجية الصيني، تشين قانغ، "طالبان" والوفد الباكستاني إلى التعاون في مكافحة الإرهاب، وحماية مصالح بكين، ومعارضة "المعايير المزدوجة" ضد الهجمات الإرهابية على الدول الثلاث، وزيادة التعاون في مجال الأمن فيما بينهم.

وفي هذا السياق، اتفق الطرفان على الحفاظ على حسن الجوار، وتعميق الثقة المتبادلة، واحترام سيادة بعضهما البعض وسلامة أراضيهما، ومعالجة النزاعات والخلافات من خلال التشاور، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان، ورفض العقوبات الأحادية غير القانونية ضد أفغانستان، ومعارضة الإجراءات التي تقوض الاستقرار الإقليمي.

بالمقابل، يبدو أن باكستان والصين سيقدّمان الدعم لطالبان، وذلك من أجل زيادة قدرتها في مكافحة الإرهاب.

ويُعد هذا مؤشرا على أن الصين وباكستان تسعيان للحصول على ضمانات أمنية. 

كما ستؤدي البيئة الآمنة إلى ربط أفغانستان بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، حيث تم نقاش هذه المسألة أيضا في الاجتماع. 

كما أن توسيع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني ليشمل أفغانستان سيؤسس أيضا لتعاون اقتصادي ثلاثي، يوضح الكاتب كايا.

ربح للجميع

في حين يرى الطرفان، التعاون الثلاثي كعامل مهم في نطاق المنفعة المتبادلة والتفاهم المربح للجانبين، يمكن القول إن العقوبات الغربية المطبقة على أفغانستان توفر ميزة للصين أيضا.

لأن الصين، التي تقوم بالتنقيب عن النفط في أفغانستان، ستكون قادرة أيضا على الوصول إلى الثروات الجوفية، مثل النحاس والليثيوم.

وأضاف كايا: "من الواضح أن الصين، التي تحاول تعزيز الاستقرار الإقليمي، ستكسب مكاسب كبيرة من هذا التقارب، وفي مقدمة هذه المكاسب توفير الأمن". 

ومن المعروف أن الهجمات على استثمارات مبادرة الحزام والطريق والمواطنين الصينيين قد خلقت اضطرابا كبيرا في المنطقة. 

وفي الوقت الذي تستخدم فيه الولايات المتحدة حجة مكافحة الإرهاب في عملية التدخل في أفغانستان، يمكن القول إن الصين تحاول حل المشاكل في المنطقة وخلق نفوذ من خلال الحديث عن الأمن والاستقرار الإقليميين. 

ثانيا، تخطط الصين لتوسيع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وهو ركيزة أساسية لمبادرة الحزام والطريق، ليشمل أفغانستان.

ولا بد من ضمان الأمن لهذا التطور والاستثمارات التي يتعين القيام بها، فإن قضية الأمن في أفغانستان تؤثر بشكل مباشر على هذه الاستثمارات. 

لذلك تستخدم الصين الأمن والاستثمار كأدوات مهمة للتأثير في التقارب بين طالبان وباكستان.

ومع ذلك، يمكن القول إن الاجتماع يهدف إلى تطوير شكل من أشكال العلاقة التي تصب في مصلحة جميع الأطراف.

واستدرك الكاتب: "ومع تعاونها مع باكستان وأفغانستان، تتحول الصين إلى الدولة المستثمرة الرئيسة في المنطقة، وتساهم في تعزيز الأمن وتدعم السلام بين الحكومات الإقليمية".

بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الصين أدواتها الأمنية والاقتصادية لممارسة نفوذها على طالبان، بينما تحاول في الوقت نفسه الحد من نفوذ الهند المتزايد.

 من ناحية أخرى، تحظى طالبان بدعم جهة فاعلة مثل بكين ضد العقوبات المفروضة عليها من الغرب. 

وبينما تعطي باكستان رسالة مفادها أنها تحاول أن تكون دولة آمنة للاستثمارات في نطاق الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني في هذه العملية، فإنها تريد أيضا تلقي الدعم ضد التهديدات الإقليمية وتريد تحويل ذلك إلى ميزة في حربها ضد المنظمة الإرهابية (طالبان باكستان).