الحرب السودانية.. هل تعد نقطة تحول لانهيار التحالف بين حفتر والسيسي؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

حذر موقع إيطالي من تداعيات ما عدها "حربا داخلية جديدة" في القارة الإفريقية والمندلعة منذ 15 أبريل/ نيسان 2023 في السودان، خاصة على البلدان المجاورة، وفي مقدمتها ليبيا وتشاد وأيضا مصر، وذلك رغم تقليل الأطراف الدولية من مخاطر ما يحدث. 

وقال موقع "إنسايد أوفر" إن "هناك طرفين متعارضين تشتبك قواتهما ولديهما أسلحة وجنود تحت تصرفهما"، وذلك في إشارة إلى المعارك الضارية بين قوات الجيش و"الدعم السريع" بغاية السيطرة على العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى من البلاد.

ومثل أي حرب، يضيف الموقع، تخاطر الحرب السودانية أيضا بأن يكون لها تداعيات دولية مهمة، خاصة وأن البلد يتوسط العالم العربي ومنطقة جنوب الصحراء، وكذلك بين المغرب العربي والقرن الإفريقي، إلى جانب وجوده بين منطقة الصحراء والبحر الأحمر. 

وحذر من "سيناريو انفجار في جميع المناطق المحيطة كأثر مباشر لانهيار السودان، وهو ما عده عنصرا مقلقا لأوروبا وإيطاليا على وجه الخصوص".

عواقب وخيمة

ورأى الموقع ليبيا المنطقة الأولى التي قد تعاني من "عواقب وخيمة محتملة" من الصراع في السودان، ويعود السبب في ذلك إلى مصلحة كل من نظام مصر والجنرال الليبي الانقلابي خليفة حفتر في الحرب. 

وتسيطر قوات حفتر على إقليم برقة بدعم منذ ما يقرب من عقد من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي. 

وقال الموقع إن "ما يجمع الإثنين تحالف يُنظر إليه على أنه قوي تمليه حاجة مصر لوضع مستقر إلى حد كبير على طول حدودها الغربية".

وأضاف أن حفتر مدعوم أيضا من قبل المرتزقة السودانيين الذين تعد "مساهمتهم ضرورية في مساعدته في السيطرة على الصحراء الليبية". 

ولفت إلى أن معظم المرتزقة السودانيين ينتمون إلى قوات  محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الجنجويد سابقا المتهمين بارتكاب تجاوزات خطيرة خلال الحرب في دارفور. 

وتسلّم حميدتي عام 2013 قيادة هذه المليشيا شبه العسكرية المستقلة تماما عن الجيش السوداني، وعلى أثر ذلك دخل في اتفاقيات مع الإماراتيين والروس وعرض دعمه لحفتر، يشير الموقع. 

وتحاول قواته منذ بداية أبريل 2023، السيطرة على الحكم والإطاحة بالمجلس العسكري إلا أن محاولة الانقلاب تحولت إلى نزاع مسلح ضد جنود نظاميين.

من جانبه، أفاد الموقع بأن "مصر تحركت لدعم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ويتجلى ذلك من خلال وجود جنود مصريين في السودان تم اعتقالهم ثم إطلاق سراحهم من قبل قوات حميدتي في بداية الاشتباكات"، فيما تؤكد القاهرة والخرطوم أن الجنود كانوا يوجدون بهدف تدريبي فقط.

وبالتالي، يستنتج أن "حفتر والسيسي يصطفان على جانبين متعارضين، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك"، وفق قوله.

في سياق متصل، ينقل الموقع عن دبلوماسي مصري صرح لتلفزيون "العربي الجديد"، أن "وفدا أمنيا مصريا رفيع المستوى زار شرق ليبيا خلال الأيام الماضية".

والتقى بقائد قوات شرق ليبيا حفتر، لنقل "رسالة تحذير من المسؤولين في القاهرة بشأن انخراطه في دعم قوات حميدتي، في ظل العلاقات الوثيقة بينهما".

وأوضح الدبلوماسي أن حفتر "أبلغ الوفد الأمني المصري، الذي التقاه بمقره في الرجمة شرقي ليبيا، أنه غير مسؤول عن أي دعم تقدمه مجموعة فاغنر الروسية لحميدتي، وأنه ليست له أي ولاية على مجموعة المقاتلين التابعين للشركة في ليبيا".

وبحسب نفس المصادر، قدم الجنرال الليبي تطمينات للمصريين إلا أن القاهرة لا تثق، فيه على حد قول الموقع الإيطالي. 

كما نقل "العربي الجديد" عن دبلوماسي غربي في القاهرة قوله إن الأخيرة "عرضت على مسؤولين غربيين معلومات استخبارية بشأن وصول مجموعة من المقاتلين السوريين التابعين لمرتزقة فاغنر قادمة من أحد المعسكرات التابعة للمجموعة في سوريا".

وبحسب المصدر، تضمنت "المعلومات التي نقلتها القاهرة نقل معدات عسكرية نوعية، كانت بحوزة فاغنر الموجودة في ليبيا، إلى قوات الدعم السريع، وكانت من بين تلك المعدات إحدى منظومات بانتسير للدفاع الجوي".

بحسب "إنسايد أوفر"، قد تؤدي هذه المخاوف إلى نقطة تحول في ليبيا غير مستبعد أن ينهار التحالف بين حفتر ومصر بعد ما يقرب من عقد من الزمان أو على الأقل قد تصبح موضع تساؤل.

منطقة الساحل

وأردف الموقع أن "عواقب الصراع السوداني لن تتوقف عند ليبيا فقط، خصوصا أن الاشتباكات المتواصلة بصدد التسبب في أزمة إنسانية كبيرة في جميع أنحاء السودان الذي يعاني اقتصاده أزمة حادة".

واستنكر أن العديد من المستشفيات في الخرطوم مغلقة أو متضررة، فيما تبدو المساعدات الدولية شحيحة، بينما لا يحصل الآلاف على حاجياتهم من المياه والغذاء، لذلك الأمل الوحيد يكمن في الهروب إلى البلدان المجاورة. 

ودخل  ما لا يقل عن 16 ألف سوداني إلى الأراضي المصرية عبر الحدود منذ بداية الصراع، بينما العديد من الآخرين في طريقهم إليها.

 فيما فرّ ما لا يقل عن 20 ألف شخص إلى تشاد، طبق معطيات رسمية من الأمم المتحدة، لكن ربما عبّر الكثير منهم الحدود دون أن يتم تسجيلهم.

وأشار إنسايد أوفر إلى أن "القاهرة تعاني داخليا من أزمة اقتصادية شديدة، لذلك تحمل وطأة ضغوط الهجرة من السودان قد يؤدي إلى تفاقم الوضع". 

ولفت إلى أن "الأنظار في هذا الصدد مركزة أكثر على تشاد التي استضافت على مدى سنوات 400 ألف لاجئ سوداني وصلوا خلال سنوات الصراع في دارفور، لذلك قد يؤدي التدفق الهائل للمهاجرين حاليا إلى انهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي". 

من جانبه، دق مدير برنامج الغذاء في تشاد، بيير هونورات، ناقوس الخطر، محذرا من "إمكانية عدم توفر الغذاء والدواء في الأسابيع القليلة المقبلة للاجئين وللسكان التشاديين أنفسهم". 

بدوره، حذر الموقع الايطالي بأن "حكومة نجامينا غير قادرة على التعامل مع الوضع، لذلك يكمن الخطر الملموس في انهيار تشاد، وهو ما من شأنه أن يتسبب في زعزعة استقرار منطقة الساحل بأكملها".

وأضاف الموقع أن ما يحدث في هذه المنطقة "قد يكون له آثار خطيرة على أوروبا وعلى إيطاليا". 

وشرح أن تشابك الملفين الليبي والسوداني، جنبا إلى جنب مع ضغوط الهجرة غير النظامية من منطقة الساحل، يشكل بالنسبة لروما هاجسا مزدوجا.

ويتمثل في مخاوف من زعزعة استقرار ليبيا وتدفق أكبر للهجرة غير النظامية قادمة خاصة من السودان مباشرة أو نتيجة الصعوبات التي تواجهها دول الساحل وليبيا في التعامل مع حالة الطوارئ.

لذلك أكد الموقع في ختام تقريره على "ضرورة عدم التقليل من حجم الصراع في السودان، وعده مجرد حرب بين العصابات"، واصفا ما يحدث بـ"حرب أهلية حقيقية لها تأثير سلبي للغاية على منطقة إستراتيجية وحيوية للمصالح الوطنية الإيطالية".