هوية غامضة.. صحيفة تركية: لهذا يخشى الشعب من السياسة الاقتصادية للمعارضة

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة تركية الضوء على السياسة الاقتصادية لكل من قوى المعارضة وحزب العدالة والتنمية الحاكم، قبل أيام من انطلاق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع عقدها في 14 مايو/ أيار 2023.

وأوضحت صحيفة "صباح" أنه رغم الانتقادات الموجهة إليها ببعدها عن الليبرالية إلا أن سياسة "العدالة والتنمية" الاقتصادية تحرص على التدخل الحكومي للحفاظ على التوازن الاجتماعي، بينما سياسة المعارضة ما تزال غامضة وهو ما يثير قلق الناخبين.

صفحة جديدة

وقالت الصحيفة إن حكومات حزب العدالة والتنمية بدأت في عام 2002 وما بعده قصة تطور وتحول جديدة مع الدعم والخبرة التي تلقتها من أزمة عام 2001 والاقتصاد الذي كان في الحضيض آنذاك.

وبدأت على صفحة جديدة ومختلفة تمامًا عن سابقاتها مع استثمارات البنية التحتية الجادة والتي يدعمها الجمهور، والتطورات إلى الأفضل في مجالات الدفاع والصحة والتعليم وحتى النظام الصناعي.

وجرى تحويل برنامج التعافي بعد أزمة عام 2001، والذي بدأ كبرنامج الاقتصاد الليبرالي الجديد المدعوم من صندوق النقد الدولي، إلى برنامج تنمية وطني وأصلي بدرجة أكبر جنبًا إلى جنب مع حكومة حزب العدالة والتنمية.

ومن ناحية أخرى، بالإضافة إلى الاستخدام الفعال لأدوات السياسة، والحركات السياسية التي ستستخدمها؛ فإن نظرة الدولة إلى هيكلها التدخلي وعقليتها الاقتصادية لا تقل أهمية بالطبع.

وحقيقة أن البرامج التدخلية النشطة لحزب العدالة والتنمية الحاكم من يمين الوسط في تركيا تُعارَض من قبل حزب المعارضة الرئيسية الحالية (يسار الوسط)، وتربك العديد من الناخبين؛ إلا أنها تحظى بقبولٍ من قبل وجهة نظر العوام المحافظة.

ومع ذلك، فإن موقف "يسار الوسط" يتعارض مع المقترحات الأخرى للعامة من الجمهور، مما يخلق بعض الالتباس.

وتوضح الصحيفة أن التحليل الجيد والنقد الذاتي لنظامنا السياسي وسياساته مطلوب.

فهناك أمر يتم مقارنته دائما بين النظام السياسي في تركيا والولايات المتحدة؛ وهو أن حزب العدالة والتنمية الديمقراطي والاجتماعي في تركيا يتبنى سياسات الحزب الجمهوري المحافظ في أميركا. 

ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر إثارة للفضول في هذه المرحلة، إن وجد، هو السياسات الاقتصادية ووجهات نظر الأحزاب الأخرى في يمين الوسط أو اليسار.

لكن، نظرا لأن المعارضة في تركيا تعاني من مشاكل جوهرية أكثر، يبدو أن الوقت لم يحن بعد لصنعها سياسات اقتصادية.

لذلك، يبدو أنه من الضروري الانتظار لفترة أطول لفهم نهج المعارضة السياسي بشكل أفضل.

لكن في الولايات المتحدة، فإن الوضع أكثر وضوحًا. حيث إن الديمقراطيين كانوا في السلطة في الولايات المتحدة في فترة النهج التدخلي الحالي للرئيس جو بايدن، وفترة أزمة 2008 (باراك أوباما).

كما عارض الجمهوريون والعامة بطبيعة الحال وجهة النظر التدخلية هذه.

ولا تزال مقاربات معظم الحركات السياسية في تركيا فيما يتعلق بتنفيذ السياسات، ومقترحات السياسة الاجتماعية، والاستخدام النشط للسياسات المالية والنقدية، وخططها لتغير المناخ والاقتصاد وريادة الأعمال، وبرامجها للتحولات الهيكلية طويلة الأجل تنتظر إجابات.

وفي هذا الاتجاه، فإن موقف السياسة الاقتصادية لليسار الوسط أو الأحزاب اليسارية الأخرى في الاقتصادات الناشئة مثل تركيا هو بطبيعة الحال أكثر إثارة للفضول. 

لكن المشاكل الرئيسة كالجدل السياسي الداخلي الشرس في تركيا، يجعل من النادر للقضايا الأكثر جوهرية كالنقاشات الاقتصادية والسياسية في الصدارة.

معضلة الليبرالية

ولذلك، تعتقد الصحيفة التركية أنه قد يضطر الجمهور إلى الانتظار لفترة طويلة حتى يفهم بشكل أفضل على الأقل موقف أحزاب المعارضة الحالية في تركيا بشأن هذه النقطة.

بالإضافة إلى استخدام مثل هذه السياسات المالية النشطة، في ظل المجتمع الكينزي، تحاول البنوك المركزية أيضًا أن تظل أكثر استقلالية مع هياكلها المستقلة نسبيًا. تمامًا كما يُحاوَل القيام به في تركيا والغرب اليوم.

وتعود الكينزية إلى الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز، وتركز هذه النظرية على دور كلا القطاعين العام والخاص في الاقتصاد أي الاقتصاد المختلط حيث يختلف كينز مع السوق الحر (دون تدخل الدولة)، أي أنه يعتمد على تدخل الدولة في بعض المجالات.

ويظن الكينزيون أن البنوك المركزية يجب أن تستخدم السياسة النقدية بشكل فعال، وتقوم بإدارة دورات الأعمال بشكل فعال، كما طالبوا بدعم البنوك في حالات الأزمات كما هو الحال في الوضع الحالي وأزمة عام 2009. 

باختصار، لقد قدموا مساهمات مهمة في كل من عملية التعافي بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وفي الظروف الاقتصادية والسياسية والمالية العالمية الإشكالية الناجمة عن الوباء والأزمات والحروب منذ عام 2020.

علاوة على ذلك، من الصعب التأكد مما إذا كان يسار الوسط في تركيا لديه بالفعل سياسة كهذه، إلّا أنَّ هناك أمراً واحداً مؤكداً؛ وهو أنَّ العامة قد تتساءل حتى عن وجود البنوك المركزية.

لذلك، قد يكون من المفيد للعاملين في البنوك المركزية اتباع سياسات المرشحين للسلطة بعناية أكبر. فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأميركية، دخل كتاب الجمهوري والليبرالي رون بول "End the Fed" في قوائم الكتب الأكثر مبيعًا مع الاهتمام الذي حظي به بعد أزمة عام 2008.

ولا تزال الدعوة الشهيرة للاقتصادي الشهير ورائد النهج النقدي الكلي ومؤسس مجتمع شيكاغو، ميلتون فريدمان، لحظر "End the Fed" تتردد في الآذان. بل وذهب فريدمان إلى أبعد من ذلك وقدم أطروحة مفادها أنه لا توجد حاجة للبنوك المركزية. 

وكان التبرير العملي الذي قدمه لذلك هو أن الوظيفة الوحيدة الواضحة للبنوك المركزية كانت "سرقة" الأموال من جيوب المواطنين عن طريق توليد التضخم.

كما أن هذه النظرة النقدية، التي ألهمت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، ترى أن فائض المعروض النقدي هو سبب التضخم والشكوك في الاقتصاد. ويعتقد متبعو هذا النهج النقدي أن عرض النقود الثابتة حتى كاف لخلق التضخم.

ونجد أن أحد الأسئلة المهمة في هذه المرحلة هي: "ما هي بدائل البنوك المركزية؟".

فعلى سبيل المثال، ووفقا لفريدمان، قد تترك البنوك المركزية مكانها لبرنامج حاسوب يستجيب تلقائيًا للتغيرات في المعروض النقدي على المدى الطويل.

أما تركيا، فيبدو أنها تتبنى سياسة تنمية اقتصادية ووطنية أكثر استقلالية مع سياساتها الخاصة.

ويستمر الجميع في متابعة السياسات الاقتصادية الحالية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عن كثب. كما يبدو أننا بحاجة إلى الانتظار فترة طويلة لفهم موقف المعارضة بشكل أفضل من هذه النقطة.

وختمت الصحيفة قائلة: "ستستمر نتائج السياسات الاقتصادية الأصلية لتركيا، التي تمزج بين السياسات الليبرالية والسياسات الاجتماعية والتدخلية، في الظهور بمرور الوقت".