إستراتيجية المراوغة.. هل تكسر بولندا "فيتو" الناتو وترسل مقاتلات لأوكرانيا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الدور الذي تلعبه بولندا في الحرب بأوكرانيا، حيث أنها كانت البلد الذي يجسد أي تصعيد لقدرة الغرب على تسليح كييف من المركبات القتالية إلى الصواريخ.

ورأت صحيفة "الكونفدنسيال" أن "بولندا في حال إرسالها طائرات قتالية، تكون قد تخطت أحد آخر الخطوط الحمراء بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

وأشارت الصحيفة إلى أن "التطورات على ساحة الحرب الروسية الأوكرانية تتخذ بعد الذكرى الأولى للحرب التي اندلعت منذ 24 فبراير/ شباط 2023، طريقا غير مسبوق".

ملامح رقصة

ورأت الكونفدنسيال أنه "بدأت تتجلى ملامح رقصة سياسية عسكرية تتخذ فيها وارسو دائما الخطوة الأولى، وتجسد الإيقاع، وينتهي بها الأمر إلى تحديد مسار الحرب".

وفي هذا السياق تحديدا، أعلنت بولندا في 16 مارس 2023 أنها سترسل أربع طائرات حربية من طراز ميغ -29، حيث إنها تملك حوالي 23 طائرة من هذا الطراز. 

وشددت على أن "هذه الخطوة سيتبعها بالتأكيد عينات أخرى مماثلة من بلدان، مثل سلوفاكيا-التي تملك 14 وحدة على وشك سحبها بسبب نقص الصيانة، وعاجلا أم آجلا، ستصل من الدول الغربية معدات مثل إف 16 التي طلبتها كييف منذ أشهر".

ونوهت الصحيفة بأن "هذه الإستراتيجية تكررت عدة مرات وبأشكال مختلفة".

وفي 15 مارس 2022، بعد ثلاثة أسابيع فقط من اختراق روسيا حدود أوكرانيا، أجرى رئيس الوزراء البولندي، ماتيوس مورافيسكي، ونظراؤه من التشيك وسلوفينيا، زيارات إلى كييف.

وعلى خطاهم، زار رؤساء ووزراء الدول المتحالفة العاصمة الأوكرانية، بمثابة لفتة لتحدي "العدوان الروسي".

وذكرت "الكونفدنسيال" أن "حكومة ماتيوز مورافيسكي البولندية واصلت الضغط والإصرار لعدة أشهر لإرسال أحدث دبابة ليوبارد 2، ذات التصميم الألماني، الذي عارضته برلين".

وفي يناير/ كانون الثاني 2023، طلبت بولندا علنا ترخيص ألمانيا لإرسال مركباتها، مما أدى إلى مزيد من الضغط على المستشار أولاف شولتز. 

في نهاية المطاف، تمكنت بولندا من حشد ائتلاف يدعم إرسال الدبابات إلى أوكرانيا.

وبحسب أحدث الأرقام، تمكنت وارسو من الحصول على وعود بتسليم أكثر من 250 مركبة غربية من 11 دولة متحالفة.

ويتدرب العشرات من الجنود الأوكرانيين في العديد من الدول الأوروبية للتعامل مع هذه المركبات العملاقة التي يصل وزنها إلى 60 طنا وذات قوة مدمرة عالية.

وفي الذكرى السنوية للحرب، أظهر البولنديون مرة أخرى إصرارهم على نفس النهج ليقدموا أول أربعة دبابات ليوبارد 2 إلى الأراضي الأوكرانية.

وفي يونيو/حزيران 2022 أيضا، كانت بولندا واحدة من أوائل الدول التي أرسلت 20 مدفعية بعيدة المدى (30-40 كم)، مثل "إيه إتش إس كراب" طراز 155 ملم، كما سهلت لكييف شراء 50 وحدة من هذه الدبابات.

وبعد شهر، وصلت راجمات الصواريخ هيمارس الأميركية الشهيرة، وهي المدفعية المتنقلة عالية الدقة التي ساعدت أوكرانيا على تدمير الجبهة الخلفية الروسية.

خطوط العبور

ونقلت الصحيفة أن "الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلب منذ بداية الهجوم الروسي الدعم الجوي من الحلفاء وحتى إقامة منطقة حظر جوي، بهدف تحييد التفوق الجوي الروسي".

وتابعت: "مع ذلك، فقد كان هذا الطلب خطا أحمر لم يجرؤ الحلفاء حتى الآن على تخطيه".

وأوضحت الصحيفة أن "الكثير من الحلفاء، خاصة بعد تسليح أوكرانيا بالمقاتلات الحديثة، يخشون من أن توسع كييف أهدافها العسكرية داخل الأراضي الروسية وتمدد نطاق الصراع، مع الخطر الدائم المتمثل في تورط الناتو بشكل مباشر في الحرب ومع التهديد الكامن للموارد النووية التي يلجأ إليها الكرملين عادة في اللحظات الأكثر توترا".

وذكرت أن "وارسو وضعت بعد أسابيع قليلة من بدء الغزو الروسي، على الطاولة خطة تزويد كييف بمقاتلات؛ وهو أمر تم رفضه بحدة من قبل واشنطن. ولكن، منذ ذلك الحين، كان الحلفاء يعبرون بالفعل مرارا وتكرارا الخطوط الحمراء التي لم يتبق منها الكثير". 

ونوهت الصحيفة بأن "إرسال طائرات مقاتلة سوفيتية التصميم من طراز ميغ-29 يتّبع المنطق المستخدم حتى الآن من قبل الحلفاء، ويعد أول التزام متواضع ومع تكنولوجيا عفا عليها الزمن، يمهّد لالتزام أكبر".

وفي هذه الإستراتيجية، اعتمد "الناتو" أولا، أسلوب المراوغة وقال الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ "إنه ليس الوقت المناسب"، أو الالتزام بموقف سلبي، في حالة الحلفاء الأكثر ترددا، مثل ألمانيا.

وعلقت الكونفدنسيال: "عموما هي مواقف استمرت لفترة طويلة، في وقت لاحق، احتفظ الحلفاء بهذه المواقف في كل مرة مع قناعة أقل وإقدام أكبر؛ حتى تحطم بولندا الجليد ويبدأ الحلفاء في التنسيق للتسليم المشترك".

ولفتت إلى أن "العديد من دول الناتو أصرت علنا على أن تسليم المقاتلات ليس حلا سحريا لمشاكل زيلينسكي على جبهة المعركة".

وشددت على أن "كييف تحتاج إلى كسر الخطوط الأمامية واستعادة الأرض التي يسيطر عليها الروس، قبل أن يبدأ الدعم الغربي في التخلي والتراجع".

في هذا المعنى، أوضح الناطق السابق باسم الناتو وعضو المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن، خايمي شيا، لصحيفة الكونفدنسيال، أن "الأوكرانيين يعلمون أنه دون التفوق الجوي سيكون من الصعب للغاية استخدام الدبابات والمدفعيات بشكل فعال، وبالطبع، يعانون من مشاكل أخرى، أكثر أهمية، مثل نقص الذخيرة".