السعودية تفرج عن ممثل حماس بالرياض بعد سنوات من التنكيل.. لماذا الآن؟

12

طباعة

مشاركة

بعد ثلاث سنوات ونصف السنة في سجون النظام السعودي، أفرجت السلطات عن الممثل السابق لحركة المقاومة الإسلامية حماس في المملكة محمد الخضري، في 19 أكتوبر/تشرين الثاني 2022، ونقلته إلى الأردن.

الخضري الذي كان يبلغ من العمر حينما جرى اعتقاله 81 عاما، اعتقل في أبريل/نيسان 2019 من مقر إقامته في جدة، ضمن حملة اعتقالات نالت أكثر من 60 أردنيا وفلسطينيا من المقيمين بالمملكة، بتهمة ينفون صحتها، وهي تقديم الدعم المالي للمقاومة الفلسطينية.

وحكمت المملكة على الخضري (أبو هاني) بالحبس لمدة 15 عاما، وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، خفّضت محكمة الاستئناف في السعودية، الحكم إلى ستة أعوام مع وقف تنفيذ ثلاثة منها، وفق رئيس لجنة المعتقلين الأردنيين بالسعودية خضر المشايخ.

وطوال فترة الاعتقال مرت العلاقات السعودية مع "حماس" بمراحل عدة، إذ التزمت الأخيرة الصمت في بداية الأمر لمدة خمسة أشهر، محاولة التوصل لحلول دون جدوى، حتى لجأت لإصدار بيان في سبتمبر/أيلول 2019، طالبت فيه المملكة بإطلاق سراح المعتقلين لديها.

وفي أعقاب تفشي وباء كورونا دعا مسؤولون بحركة حماس الملك سلمان بن عبد العزيز، في مارس/آذار 2020 لإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، كاشفين عن وجود مفاوضات جارية مع الرياض بشكل مباشر وعبر وسطاء لحل الأزمة.

وفي 4 يوليو/تموز 2021، ظهر رئيس حماس بالخارج خالد مشعل، على قناة "العربية" المحسوبة على النظام السعودي، في خطوة عدها مراقبون محاولة لتطبيع العلاقات بهدف إخراج الأسرى، وانفتاح من جانب المملكة على الحركة الإسلامية.

لكن سرعان ما تبددت هذه القراءات للأحداث بعدما أصدرت محكمة سعودية في 8 أغسطس/آب 2021، أحكاما قاسية بالسجن لمدد تتراوح بين 3 سنوات و22 عاما بحق 69 معتقلا فلسطينيا وأردنيا لديها بدعوى اتهامهم بدعم المقاومة في فلسطين.

وبعد مرور سنة، عرضت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، إبرام صفقة تبادل أسرى مع المملكة يُسلمون فيها عسكريين سعوديين، مقابل تسليم الرياض معتقلي حماس؛ وهي الصفقة التي لم يؤكد أي من الطرفين إبرامها.

إلى جانب ذلك، احتفى ناشطون على تويتر بخطوة الإفراج عن الخضري ونجله، وتمنوا أن تكون بمثابة انفراجة في العلاقات السعودية مع حركة حماس والانفتاح عليها، وبداية لدعمها ومساندتها في ظل قيادتها لعمليات نوعية ضد الاحتلال.

وأعربوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم يحمل اسم ممثل حماس لدى المملكة #محمد_الخضري، عن تمنياتهم بالإفراج عن باقي المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين الأسرى في سجون النظام السعودي، وطي هذا الملف بشكل كامل.

وركز ناشطون تغريداتهم على رصد معاناة الخضري طوال فترة اعتقاله ومعاناته داخل سجون النظام السعودي وما تعرض له من تنكيل ومنع العلاج رغم إصابته بمرض السرطان وتجاهل مناشدات الحركة وذويه لإدخال الدواء وعرضه على مختصين.

انفراجة بالعلاقات؟

بدوره، قال عضو المكتب السياسي لحماس عزت الرشق، إن "السلطات السعودية أفرجت عن الخضري، وهو الآن على متن الطائرة متجها إلى عمّان وقد تحدثت معه، ومعنوياته عالية، وكل أمله ودعائه أن يتم الإفراج عن باقي إخوانه المعتقلين".

وأضاف في تغريدات على حسابه بتويتر، نثمن عاليا قرار المملكة الإفراج عن الخضري، سائلا المولى أن تكون الخطوة مقدمة لفتح صفحة جديدة واستكمال الإفراج عن بقية المعتقلين.

وأشار الرشق إلى أن الأردن بمؤسساته الرسمية تابع معه كل التفاصيل، وقدم مسؤولوه الوقت والجهد الحثيث، وبادروا بكل ما يلزم من تسهيلات لدخول د. الخضري إلى الأردن التي خصها بالشكر على موافقتها استقباله وعلاجه.

وتفاعلا مع خبر الإفراج عن الخضري، قال الكاتب إبراهيم المدهون، إن الإفراج عنه يذكرنا بعدد من الإخوة ما زالوا معتقلين ونتمنى الإفراج العاجل عنهم، ونأمل من المملكة الإفراج عن المعتقلين، وأن يوجهوا رسالة لقيادة حماس ويجتمعوا بها، وينسقوا معها ويدعموها ويساندوها، فحماس اليوم من أهم قوى المنطقة التي تواجه العدو الصهيوني.

وكتبت الأكاديمية الفلسطينية أميرة فؤاد: "نُقدر قرار السعودية الإفراج عن الدكتور محمد الخضري "ممثل حماس السابق في المملكة"، وهي خطوة مُباركة ومشكورة في توطيد العلاقات، ونُوجه شكرنا الكبير للأردن الشقيق لاستعداده لاستقبال الخضري وتقديم العلاج له نسأل الله أن يجزيهم عنا خير الجزاء."

ووصفت المغردة هولي، الإفراج عن الخضري بأنه خطوة جميلة ورائعة من القيادة السعودية، متمنية أن تكون انفراجه وبداية لعلاقات مثمرة.

وتداول ناشطون صورا للخضري وهو على متن الطائرة المتجه به إلى الأردن ويبدو على ملامحه السعادة والارتياح، وأخرى له فور وصوله جالسا على كرسي متحرك ويحيط به المستقبلون استعدادا لنقله إلى أحد مستشفيات عمان. 

تقدير وامتنان

وأعرب ناشطون عن امتنانهم وتقديرهم لخطوة الإفراج عن الخضري، وتمنوا أن تطبق على باقي المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين وباقي معتقلي الرأي السعوديين المعتقلين في سجون النظام السعودي الذين تضاعفت أعدادهم منذ وصول محمد بن سلمان لولاية العهد.

وعدّ الكاتب الفلسطيني ماجد الزبدة، إفراج المملكة عن الخضري المعتقل منذ 2019 والذي يعاني من وضع صحي سيئ وإبعاده ونجله إلى عمان خطوة في الاتجاه الصحيح، داعيا باستكمال الإفراج عن جميع الفلسطينيين المعتقلين في المملكة بتهمة دعم القدس وفلسطين.

ورأى الناشط أدهم أبو سلمية، أن إطلاق السعودية سراح الخضري خطوة مقدرة جدا، معربا عن أمله أن تُفرج المملكة عن نجل الدكتور وباقي المعتقلين الفلسطينيين في سجونها.

وقالت المغردة تالة: "العقبى لباقي أسرى فلسطين عند المنشار مبس (في إشارة إلى ولي العهد) ومعتقلي الرأي".

ونشرت الناشطة والكاتبة السعودية المعارضة علياء أبوتايه الحويطي، صورة الخضري، داعية له بالقول: "اللهم أقر عيون أهله ومحبيه من شعبة الصامد بفلسطين وقلوب ملايين العرب والمسلمين". 

لماذا الآن؟

وتباينت ردود فعل بعض الناشطين بشأن أسباب الإفراج عن الخضري وغرابة التوقيت، إذ يتزامن مع انتفاضة واسعة بالداخل السعودي، في حين ألمح آخرون إلى دور مليشيا الحوثي بينما رفض البعض إعطاءها "شرفا لا تستحقه".

وتساءلت الأكاديمية الأردنية فاطمة الوحش: "لماذا أفرجت السعودية عن الخضري؟!، وهل لهذا الإفراج علاقة بتصاعد الانتفاضة في فلسطين في محاولة لامتصاص جزء من عنفوان عرين الأسود (مجموعة عسكرية في نابلس تشن عمليات ضد الاحتلال) واستمالة القادة الميدانيين؟!".

وقال رئيس منظمة سند الحقوقية سعيد بن ناصر الغامدي، إن ابن سلمان أفرج عن الخضري بمساعٍ حوثية بعد 3 سنوات من الاعتقال رغم مكانته وشيخوخته ومرضه.

وأشار إلى أن الخضري كان ممثلا رسميا لدى الرياض لحركة حماس بين عامي 1992 و2009 ولكن هذا لم يحل دون اعتقاله تعسفيا إرضاء لقريظة.

وأكد المغرد أبو خالد، أن إطلاق سراح الشيخ محمد الخضري بالتزامن مع زيارة وفد الحوثي للمفاوضة على الأسرى، يعطي الأخير رصيدا سياسيا لا يستحقه، قائلا: "أما إذا كان الأمران منفصلين، فيا لبؤس التوقيت!".

تعريف بالخضري

وخصص ناشطون تغريداتهم للتعريف بالخضري وذكر مآثره، وتسليط الضوء على معاناته داخل السجون السعودية واستعراض حالته الصحية وتاريخه المرضي الذي لم يشفع له طوال فترة اعتقاله.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى وصول الخضري إلى عمان بعد إطلاق سراحه وترحيله، موضحا أنه اعتقل في 2019، مع نحو 60 من عناصر الحركة كانوا ينشطون بعلم السلطات، وعمره (84 عاما) ويعاني من السرطان، وستتم متابعة علاجه.

وأعرب عن أمله أن يكون الإفراج عنه مقدمة لإطلاق سراح بقية إخوانه.

وأجاب صاحب حساب سهم غزة عن سؤال تعريفي بالخضري، قائلا إنه طبيب وقيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، وعمل ممثلًا للحركة بالسعودية بين عامي 1992 و2009، كما عمل في جمع التبرعات للفلسطينيين، بعلم السلطات السعودية، خلال فترة تمثيله لحركة حماس.

وأوضح المغرد سام، أن الخضري هو مبعوث حماس في السعودية، ثمانيني مصاب بالسرطان ويتنقل بكرسي متحرك، مستنكرا أنه مع ذلك اعتقل لمدة عامين بتهمة دعم الإرهاب.

وحمد محمد اليابوسي، الله على الإفراج عن الخضري من زنازين السعودية بعد سنوات اعتقال ظالم لم يراع فيها كبر سنه ولا شرعية مكاتب حماس بترخيص من السعودية منذ 1992.