عودة البرلمان اليمني إلى عدن.. انفراجة قريبة أم تنفيذ لأوامر خارجية؟

عدن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور ثلاث سنوات على آخر جلساته، استأنف مجلس النواب اليمني أعماله بالعاصمة المؤقتة عدن في 19 أبريل/ نيسان 2022، بجلسة وصفت بالتاريخية.

وفي الجلسة، أدى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي والأعضاء السبعة الآخرون اليمين الدستورية بحضور عدد من السفراء الأوروبيين والخليجيين وكذلك مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ.

وكان رئيس وأعضاء مجلسي النواب والشورى، قد وصلوا إلى مدينة عدن على متن طائرات سعودية ويمنية، لأول مرة منذ تحريرها من قبضة الحوثيين عام 2015، قبل يوم من انعقاد الجلسة.

جلسة غامضة

وللمرة الأولى منذ بدء الحرب، عقد مجلسا النواب والشورى أولى جلساتهما من داخل عدن، إذ كان المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا يرفض ذلك في السابق.

وقال مراقبون إن الجلسات جاءت بعد ضغوط مارسها التحالف السعودي الإماراتي على المجلس الانتقالي الذي انخرط رئيسه عيدروس الزبيدي في تشكيلة مجلس القيادة الرئاسي، بدرجة نائب رئيس.

وفي 30 مارس/ آذار 2022 انطلقت في العاصمة الرياض، مشاورات يمنية برعاية مجلس التعاون الخليجي، بهدف التوصل إلى حلول لإنهاء الصراع الدامي المستمر منذ أكثر من 7 سنوات في البلاد، ضمن مساع سعودية للخروج من الحرب.

وأسفرت المشاورات عن توافق الحكومة وباقي المكونات السياسية باستثناء الحوثيين، على عودة العمل من داخل البلاد، إضافة إلى تكثيف الجهود من أجل تحرير العاصمة صنعاء من قبضة الحوثيين بالسلم أو الحرب.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أفادت بأن السعودية دفعت الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي إلى التنحي عن منصبه وبأن مسؤولين احتجزوه في منزله بالرياض وقيدوا اتصالاته.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين ويمنيين أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أعطى هادي مرسوما كتابيا بتفويض صلاحياته إلى المجلس.

وهدد بعض المسؤولين السعوديين بنشر ما قالوا إنه دليل على فساد هادي وذلك في إطار جهودهم لإقناعه بالتنحي.

وعقد مجلس النواب اليمني، برئاسة رئيسه سلطان البركاني جلسته للفترة الأولى من دور الانعقاد الثاني بالعاصمة المؤقتة عدن، بحسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التابعة للحكومة.

وجاء ذلك بحضور أعضاء مجلس القيادة الرئاسي ورئيس وأعضاء الحكومة ورئيس وأعضاء مجلس الشورى ورؤساء وأعضاء السلطات وهيئات التشاور والتصالح والهيئات المختلفة، وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي والمبعوثين الدولي والسويدي.

وهي الجلسة الثانية للمجلس منذ بداية الحرب عام 2015، حيث عقد الأولى في 13 أبريل/ نيسان 2019، بمدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت، والخاضعة لسيطرة قوات الحكومة اليمنية.

وانتخب أعضاء مجلس النواب اليمني البالغ عددهم 301 في عام 2003، ولم تجر انتخابات برلمانية في اليمن منذ ذلك الحين.

وفيما أن 143 من هؤلاء يؤيدون الحكومة الشرعية، فإن 90 يدعمون الحوثيين ويشاركون في جلسات في صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.

كما أن هناك 23 لا يؤيدون أي طرف، فيما توفي 45 من مجموع الأعضاء الذين انتخبوا قبل 19 عاما.

ولم يُعرف عدد النواب الذين حضروا الجلسة الأخيرة في عدن، وما إذا كان قد اكتمل النصاب اللازم لإجرائها من عدمه.

وتعليقا على هذا الموضوع قال الكاتب اليمني مصطفى ناجي، "لم يثر أحد قضية اكتمال النصاب في جلسة البرلمان التي عقدت لأداء القسم الدستوري لأعضاء المجلس القيادي الرئاسي".

وأضاف في تغريدة على حسابه بتويتر، "إذا كان القسم بمن حضر فإن تراجع هادي عن تسليم السلطة بعد هذا الإجراء هو سلوك ليس له قيمة قانونية". 

وأوضح الكاتب اليمني، أنه بموجب هذا الإجراء لا مجال لتكرار ما حدث في صنعاء في العام 2015.

ويكتنف عودة المجلس الكثير من الغموض، حول ما إذا كان سيواصل جلساته في عدن خلال المرحلة القادمة، والقيام بدوره التشريعي إلى جانب بقية سلطات الدولة أم أنه كلف بمهام محددة لشرعنة مجلس القيادة الرئاسي المدعوم من التحالف.

انقسام وخلافات

وجرت الجلسة في ظل إجراءات أمنية مشددة خوفا من التعرض لهجوم، وسط انتشار لقوات الأمن والحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي المطالب بالانفصال.

كما عزّزت قوات عسكرية من التحالف إجراءاتها حول موقع انعقاد الجلسة وانتشر المئات من الجنود في شوارع المدينة.

وقد أثار أداء رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وعضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي اليمين الدستورية ردود أفعال واسعة.

وحدث ذلك بسبب تعمده تجاهل لفظي "النظام الجمهوري" و"الوحدة" من نص القسم، رغم قسمه باحترام النظام والدستور والقانون، ما جعله يتناقض مع نفسه.

وتعمد الزبيدي تحريف اليمين الدستورية، قائلا: "بسم الله الرحمن الرحيم، أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكا بكتاب الله وسنة رسوله وأن أحافظ مخلصا على النظام وأن أحترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته رعاية كاملة وأن أحافظ على الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه".

 بينما النص بحسب المادة (160) من الدستور اليمني "أحافظ على النظام الجمهوري ووحدة الوطن واستقلاله". 

ورأى مراقبون أن هذه اليمين باطلة وفقا لدستور الجمهورية اليمنية، ووصفوها بأول ثغرة في شرعية مجلس القيادة الرئاسي.

في المقابل احتفى سياسيو وناشطو المجلس الانتقالي المتعصبون لدعواته الانفصالية بالأمر، معتبرين أن نص اليمين الذي أداه الزبيدي مثل محافظة على القضية الجنوبية.

واستغلت السعودية هدنة هشة مع الحوثيين، دخلت حيز التنفيذ بداية شهر رمضان لنقل المسؤولين اليمنيين من الرياض إلى عدن لممارسة مهامهم من الداخل اليمني.

وسبق للحوثيين استهداف مطار عدن بالصواريخ في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أثناء وصول حكومة المناصفة التي شارك فيها المجلس الانتقالي الجنوبي بموجب اتفاق الرياض.

ويشهد اليمن هدنة بين الحوثيين الموالين لإيران والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، أحيت الأمل بأن تؤدي إلى مفاوضات تنهي النزاع بين الطرفين الذي تسبب بحسب الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، رغم الخروقات المتواصلة التي تهدد استمرارها.

وتعاني مدينة عدن وبقية المحافظات اليمنية، من سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار وتردي الخدمات، لاسيما الكهرباء والمياه.

وحول هذا الموضوع، قال الصحفي اليمني منصور الفقيه إن "عودة الدولة إلى عدن بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية معناه وجود الأمن والأمان ووجود الخدمات من كهرباء وماء وغيرها من الخدمات التي يلمسها المواطن"

وأضاف الفقيه لـ"الاستقلال": "وجود الدولة معناه مراقبة الاقتصاد اليمني ومعاقبة المخالفين وفتح المؤسسات أمام الناس لخدماتهم وتسيير عجلة الحياة والتنمية".

ومضى يقول، "بداية تفاؤل صنعها أداء مجلس القيادة الرئاسي لليمين الدستورية في العاصمة المؤقتة عدن، وسيزداد التفاؤل إذا بدأ المجلس والحكومة أعمالهما من الداخل وعقد مجلسي النواب والشورى دورات انعقاد منتظمة".

وتابع الصحفي اليمني: " نحن على أعتاب مرحلة جديدة، العائق الأكبر فيها هي أنفسنا نحن، ممثلة في القوى السياسية والاجتماعية".

وتساءل: هل لدى تلك القوى الاستعداد للتغيير الذاتي والتخلص من الأنانية الضيقة وجعل مصلحة الوطن هي الأساس؟

وختم الفقيه بالقول، "بتحرر الوطن واستقراره ونهضته سيستفيد الجميع بينما لن يستفيد أحد من التشرذم والضياع على الإطلاق".

وتخضع عدن منذ أغسطس/آب 2019، لسيطرة تشكيلات مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بعد مواجهات مع قوات الحكومة اليمنية.

وتمكّنت قوات المجلس من هزيمة القوات الحكومية وإخراجها من المدينة بدعم وإسناد من الإمارات.

وبحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، جرى الاستماع لبرنامج الحكومة من قبل رئيس الوزراء معين عبدالملك، وتشكيل لجنة برئاسة محمد علي الشدادي نائب رئيس مجلس النواب للاستماع للملاحظات الجوهرية التي ستتضمنها مداخلات أعضاء المجلس أثناء مناقشة البرنامج.