"أكشن فلسطين".. حركة شبابية تعرقل صناعات عسكرية إسرائيلية في بريطانيا

على طريقة مسلسل "لاكاسا دي بابيل" الإسباني الشهير، يواصل ناشطون من حركة "العمل الفلسطيني" تحقيق نجاحات غير متوقعة ضد مواقع إسرائيلية حيوية في المملكة المتحدة.
هذه الحركة المعروفة باسم "أكشن فلسطين palestine action" تمكنت أخيرا من إغلاق وعرقلة عمل عدة مقرات تابعة لشركة الأسلحة الإسرائيلية "إلبيت سيستمز" (Elbit Systems) في بريطانيا.
وتستهدف الحركة الشبابية جميع الشركات المتواطئة بشكل مباشر مع الاحتلال العسكري الإسرائيلي المستمر وما تلاه من استعمار لفلسطين والتطهير العرقي لشعبها.
ويرتدي ناشطوها ذات الرداء الذي ظهر فيه أبطال مسلسل "لاكاسا دي بابيل"، والذي حظي بمتابعة عربية واسعة ويقوم على فكرة التحرر من الظلم.
آخر النجاحات
بطلاء ورداء حمراوين يحارب ناشطو الحركة أفرع ثاني أكبر شركة أسلحة في إسرائيل داخل المملكة المتحدة لمساهمتها في قتل الفلسطينيين خاصة خلال الحروب الأخيرة على غزة.
ووفق ما أعلنت الحركة منتصف أبريل/نيسان 2022، تمكن ناشطوها من إغلاق موقعين من مواقع "إلبيت سيستمز" المتخصصة في إنتاج الطائرات المسيرة في ذات الفترة، أحدهما في لندن والآخر في ليستر وهو عبارة عن مصنع للطائرات بدون طيار.
وكان هذا الإغلاق مؤقتا، وانتهى بتعطيل عمل الموظفين في الفرعين المذكورين ومنع وصولهم إلى أماكن عملهم داخل المصنعين العسكريين.
3 x @Pal_action activists targeted Israeli weapons company #Elbit Systems HQ this morning at 8am.
— Real Media (@RealMediaGB) April 12, 2022
Elbit make weapon components in the UK, that are used in the illegally occupied territories in #Palestine #IsraeliArtheid #ShutElbitDown
➡️ https://t.co/AuEFxy0fXm pic.twitter.com/I8m2uL3yH3
وهو ما حصل أيضا عندما أقفل الناشطون فرعا آخر في قرية شينستون البريطانية في فبراير/شباط 2021.
وتمتلك الشركة تسعة مواقع الآن في جميع أنحاء بريطانيا، وهم يصنعون هذه الأسلحة ويصدرونها إلى أنظمة قمعية أخرى في جميع أنحاء العالم، وفق ما تقول هدى عموري أحد مؤسسي الحركة.
وأغلق الموقع العاشر بشكل نهائي في مقاطعة أولدهام البريطانية مطلع عام 2022 بعد حملة ضغط ومظاهرات ناجحة.
وتقول عموري لـ"الاستقلال": "تكبد مصنع أولدهام خسارة كبيرة، حيث اشترته الشركة بـ 15 مليون جنيه إسترليني وباعته بعد أكثر من 10 سنوات مقابل 9 ملايين جنيه إسترليني".
وتوضح أن الحملة لم تتوقف بعد إغلاق المصنع الأول ولكنها بدأت منذ ذلك الحين، "ونحن نتخذ جميع الإجراءات ونواصل الفعاليات ضد المواقع المتبقية".
وكان 2021 عاما ملحميا بالنسبة للحركة التي انطلقت في أغسطس/آب 2020، وجرى تبني مهمتها ضد "إلبيت سيستمز" على مستوى العالم، مع دعوتها لإنهاء "التواطؤ البريطاني مع إسرائيل".
وفي عام 2020، وسعت الحركة نشاطاتها لاستهداف سلسلة التوريد الخاصة بشركة إلبيت سيستمز، ومواصلة الحملة ضد أصحاب العقارات الذين يؤيدون الشركة الإسرائيلية مثل "Jones Lang LaSalle (JLL)".
كما استهدف الناشطون أخيرا شركات مثل JC Bamford Excavators Ltd التي تزود إسرائيل بالجرافات لهدم منازل الفلسطينيين.
وفي بيان مطول نشرته الحركة عبر موقعها الإلكتروني، سردت فيه حصادها خلال 2021، قالت إنها فخورة بعملها ضد شركة Arconic في برمنغهام التي "توفر المواد اللازمة لطائرات بوينغ ولوكهيد مارتين العسكري التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي".
وأردف البيان: "تحطمت قلوبنا في مايو (أيار 2021)، بينما كنا نشاهد المواد المتعفنة لشركة إلبيت وهي تنفجر في جميع أنحاء غزة، حيث شنت إسرائيل هجوما استمر 11 يوما على القطاع المحاصر".
وتابع: "زاد القتل والدمار الذي شهدناه من وقود النار في بطوننا، ورأينا المزيد من الناشطين والمانحين ينضمون ويدعمون معركتنا هنا على الأراضي البريطانية. لا يمكننا أن نستمر هنا دون القوة الشعبية التي خرجت لدعم عملنا ضد الطائرات الإسرائيلية".
البداية والأساليب
الحركة هي مجموعة من الأشخاص من مختلف الخلفيات والطبقات والأجناس والأعراق قرروا القول "إن هذا يكفي" ويرفضون الوقوف مكتوفي الأيدي بينما تستمر بريطانيا في الاستفادة من اضطهاد الشعب الفلسطيني، وفق ما تعلن على موقعها الإلكتروني.
وبينما تستخدم الحركة وسائل التواصل الاجتماعي وورش العمل كمساحات للتعليم والتوعية، فإن العمل المباشر هو أولويتها الأولى والأخيرة، ويتمثل ذلك في المواجهة الميدانية للشركات الإسرائيلية أو الداعمة لها داخل بريطانيا.
وتوضح هدى عموري لـ"الاستقلال" أن إطلاق الحركة جاء بسبب الحصول على نفس الانطباعات تجاه قضية الشعب الفلسطيني ومواصلة التفرج أمام مشاهد المذبحة والتطهير العرقي المستمر.
وبينت أن "بريطانيا متواطئة مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي منذ صدور وعد بلفور عام 1917، الذي دعا بشكل أساسي إلى التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين الأصليين من منازلهم، وحتى اليوم".
ولفتت إلى أن الحملة بدأت ضد شركة "إلبيت سيستمز" بسبب استفزازاتها المتكررة أثناء التسويق لأسلحتها على أنها مختبرة ومجربة في قطاع غزة.
وتقول الحركة إن هناك ما يكفي من التعليم في بريطانيا لفهم الوضع في فلسطين، "والآن حان الوقت لاستخدام هذه المعرفة لاتخاذ إجراءات".
وتستخدم الحركة مجموعة متنوعة من التكتيكات من العمل المباشر إلى العصيان المدني للضغط على الشركات إما لإنهاء تواطؤها في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، أو المغادرة.
تختلف التكتيكات المستخدمة ولكنها تتكون إلى حد كبير من احتجاجات كبيرة، وقطع الطرق، ورمي الطلاء، والكتابة على الجدران، وتخريب الممتلكات العسكرية الإسرائيلية.
وبعد ذلك، تشارك الحركة فعالياتها على وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز الوعي بوجود تواطؤ بريطاني والنضال ضده.
وتوضح الحركة على موقعها: "لم يكن العمل المباشر هو الخيار الأول لمعظم الأشخاص المشاركين، ولكن بعد سنوات من التجاهل واستمرار التواطؤ والاستفادة من جرائم الحرب في فلسطين، من الواضح أن الإجراء المباشر وحده هو الذي يمكن أن يؤدي إلى التغيير".
وأردفت: "عندما تكون حكومتك متواطئة في الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، لا يمكن إلا إحداث تغيير جماعي من خلال العمل السياسي والميداني المباشر".
أمل رغم العقبات
بالنسبة لناشطي "فلسطين أكشن"، بدأ العام 2022 بعدد كبير من المحاكمات التي تتواصل كل فترة ضد مستهدفي مصنع الأسلحة الإسرائيلي.
لكن تقول عموري: "لا أحد مازال معتقلا في الوقت الحالي. أجريت محاكمتين فقط لناشطين اتخذا إجراءات ضد شركة إلبيت في محاكم الصلح".
Activists handcuffed and arrested against the backdrop of resistance art on the doors of Israeli arms firm HQ in London. They #ShutElbitDown pic.twitter.com/ct61myCok5
— Palestine Action (@Pal_action) April 20, 2022
"خلال المحاكمة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2021، برأ القاضي جميع الناشطين بعد تقديم الأدلة ضد إلبيت، وجرى التخلص من الحالة الثانية في منتصف الطريق"، وفق قولها.
وبينت أنه جرى إسقاط تهم وجهت لآخرين قبل المحاكمة، ووجد قاض بريطاني أن كل المتهمين غير مذنبين، "ولم يجر إدانة أي ناشط اتخذ إجراءات مباشرة ضد شركة إلبيت".
ويقول الموقع: "يستضيف نظام العدالة المشوه لدينا ناشطين بسبب اتخاذهم إجراءات ضد الأسلحة الإسرائيلية والصفقات العسكرية التي تعقدها الحكومة البريطانية".
وأضاف: "كما هو الحال دائما، نحن نقف بقوة في اقتناعنا بأن إلبيت سيستمز وحكومة المملكة المتحدة هم المجرمون الحقيقيون، حيث يتواطأ كل منهما مع الآخر للحفاظ على تدفق صفقات الأسلحة".
ويوضح مقال نشره الموقع في مارس/آذار 2022، أن "العدالة التي لا يمكن العثور عليها داخل محاكم قانون الإمبراطورية الاستعمارية، أو من خلال الضغط على أولئك الذين يرفضون الاستماع، سيتم إيجادها من خلال تصرفات الفاعلين الملتزمين، ما يؤدي إلى عالم أفضل".
وبين أن "حركة فلسطين ليست مذنبة. أنظمة إلبيت سيستمز وجرائم الحرب الخاصة بهم هي من يجب إلقاء اللوم عليها".
وعلى موقعها الإلكتروني وصفحتها في موقع تويتر، تواصل الحركة الدعوة إلى المشاركة في اتخاذ إجراءات ضد مصنع الأسلحة الإسرائيلي.
وتقول في أحد منشوراتها التي تلقى تفاعلا كبيرا: "ارفضوا الشعور بالشلل والعجز مع تصاعد العنف في جميع أنحاء فلسطين. اتخذوا إجراءات هادفة اليوم؛ تضامنوا مع الفلسطينيين، نفسوا عن غضبكم وأوقفوا أعمال إراقة الدماء في بريطانيا".
Refuse to feel paralysed with helplessness as violence escalates across Palestine. Take meaningful action today; stand in solidarity with Palestinians, vent your rage and stop the business of bloodshed operating in Britain. Join and #ShutElbitDown: https://t.co/1q0pkJxH5I pic.twitter.com/ILA8mx3XH6
— Palestine Action (@Pal_action) April 20, 2022
وهنا تقول عموري: "يجب أن تكون التحركات مجتمعية، عبر اتخاذ موقف. تتصاعد هذه الحملة، وينضم المزيد من الأشخاص في جميع أنحاء بريطانيا إلى الدعوة لاتخاذ إجراءات مباشرة ضد مواقع إلبيت سيستمز".