لا تستهدف إيران فقط.. هؤلاء معرضون للتجسس بتقنيات إسرائيلية لصالح الإمارات

أحمد يحيى | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

"جهد كبير" تبذله الإمارات، لامتلاك تقنيات وأدوات تجسس فائقة، إمعانا في السيطرة وتوسيع النفوذ الإقليمي، ومحاولة حسم الصراعات المتوغلة فيها، خاصة في اليمن وليبيا، وغيرها من مناطق النزاع. 

واستعانت أبوظبي مؤخرا بشركة أميركية تمدها بتكنولوجيا مسيرات متطورة، تساعدها في المراقبة عبر السماء داخليا وخارجيا، وهو أمر تسعى إليه الدولة الخليجية منذ فترة كبيرة، وذهبت إلى قوى متعددة أهمها إسرائيل التي عقدت معها صفقة "درونز" استخباراتية بمليارات الدولارات.

أسطول مجهز 

وكشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، خلال تقريرها المنشور في 3 مارس/آذار 2022، أن "الإمارات وقعت اتفاقية مع مجموعة الدفاع الأميركية (L3 Harris Technologies)  في معرض (يومكس 2022) التجاري، حيث ستؤدي إلى بدء الإنتاج المحلي لقرون الاستشعار الإلكترونية البصرية".

وأوضحت أن "الاتفاقية الجديدة مع مجموعة الدفاع الأميركية ستمكن وكالة شراء الأسلحة الإماراتية (توازن) من تأمين قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) لطائراتها المسيرة، وفي الوقت نفسه تستعد مجموعة (إيدج) الدفاعية المملوكة للدولة للكشف عن طائرتها التجسسية التي طال انتظارها". 

وأشارت المجلة إلى أنه "من خلال العقد الذي وقعته مع مجموعة L3 Harris Technologies، تأمل الإمارات في زيادة طاقتها الإنتاجية المحلية، من المسيرات وتقنيات المراقبة عبر السماء". 

ونصت الاتفاقية التي وقعت في 22 فبراير/شباط 2022، على جزأين، فبموجب شروط الجزء الأول، وافقت (L3 Harris) على العمل مع شركة (أطلس تيليكوم) الإماراتية في برنامج (Intelligence Software Center) الجديد متعدد المصادر لتحليل البيانات وإنتاج المعلومات.

فيما يتعلق الجزء الثاني من الاتفاق، بإنشاء مركز تجميع واستهداف للصور الكهروضوئية وتحت الحمراء، عبر شركة كندية تسمى "ويسكام" تابعة لمجموعة الدفاع الأميركية، وسيتم تشغيل المركز عبر موظفين محليين وستتحكم فيه القوات المسلحة الإماراتية.

وفي سبيل الهوس بامتلاك تقنيات تجسس عالية عبر السماء، وتطوير وحداتها الاستخباراتية، أعلن موقع "الإمارات 71" في 4 مارس/آذار 2022 أن شركة "أكويلا" التابعة لشركة صناعة الطائرات المسيرة الإماراتية "أداسي"، تخطط لإعادة تشكيل مشروع طائرات التجسس برمته.

وأورد أن مجموعة "إيدج" الدفاعية، تستعد بالفعل لعرض طائرتها المجهزة خصيصا "Bombardier Challenger 650"، في القمة العالمية للفضاء المقرر انعقادها بأبو ظبي في مايو/أيار 2022، وقد تم تكييف الطائرة كجزء من برنامج إنتاج طائرة لاستخدام "ISR".

ويأتي ذلك في محاولة لتجاوز الضربة التي تعرضت لها صناعة المسيرات الإماراتية عام 2019، عقب إلغاء شركة (Calidus) التابعة لوزارة الدفاع الإماراتية لإنتاج طائرة لمكافحة التمرد مزودة بأقراص بصرية، بعد أن فشلت الطائرة في اختبارات الأداء.

ويبدو أن هذا تحديدا ما دفع الإماراتيين للاستعانة بشركات أميركية أكثر تطورا.

يذكر أنه في 23 فبراير/شباط 2022، أطلق مركز الصناعة الدفاعية، ضمن مجموعة (توازن) الإماراتية، دعوة لمشاريع طائرات التجسس المسيرة، وذلك بهدف تدريب مهندسين حتى يتمكنوا من متابعة الإنتاج المحلي، ومجابهة الأخطار الخارجية على رأسها تركيا التي قطعت شوطا كبيرا في امتلاك هذه التقنيات، وحسمت بها ملفات عديدة، وفق مراقبين.

صفقة إسرائيلية 

هوس الإمارات المستمر بامتلاك المسيرات للتجسس وصل إلى عقدها صفقة كبرى مع الاحتلال الإسرائيلي، ففي 20 أغسطس/آب 2019، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن "أبوظبي أبرمت صفقة سرية مع تل أبيب للحصول على طائرات تجسس متطورة".

وذكرت الصحيفة العبرية، نقلا عن تقرير لمكتب المحاماة "Appleby"، أن "هذه الصفقة بدأ العمل عليها منذ 10 سنوات، ووصلت قيمتها إلى 3 مليارات دولار".

وأوضحت أن رجل الأعمال الإسرائيلي، ماتي كوتشافي، الذي يمتلك علاقات مميزة للغاية مع ولي العهد محمد بن زايد، هو من مثل إسرائيل في تلك الصفقة. 

وكشفت الصحيفة أن الإمارات تسلمت بالفعل وحدة كاملة من تلك الطائرات.

وقالت "هآرتس" إن جزءا من ثمن هذه الصفقة تم دفعه نقدا"، وأشارت إلى "ارتباط أسماء مسؤولين كبار في الإمارات بهذه الصفقة".

وأوضحت أنه بعد تركيب المنظومات في الطائرات، بدأت القيام برحلات جوية استعدادا لتسليمها النهائي للجيش الإماراتي، وهو الذي تم بالفعل قبل نهاية عام 2019.

وبعد إعلان "هآرتس" بأيام، وتحديدا في 25 أغسطس/آب 2019، نشر الاتحاد الدولي للصحافة وصحيفة "سوديتش تسايتونغ" الألمانية، تحقيقا يؤكد أن تلك الطائرات الإسرائيلية الذاهبة للإمارات ستكون قادرة على اعتراض الاتصالات وتحديد الأنظمة الإلكترونية التي تديرها إيران وتحديد موقعها ورسم خريطة لها في الوقت الفعلي.

الصادم في التحقيق ذكره أن طائرات التجسس الإماراتية لن تستهدف إيران فحسب، وإنما كل دول المنطقة، بما فيها السعودية حليفة أبوظبي، التي ستكون هدفا لهذه الطائرات التي تشكل ثمرة من ثمار التعاون المتواصل والعلاقات المتقدمة بين إسرائيل والإمارات.

 

انتهاكات خطيرة

فضلا عن ذلك، تستهدف الإمارات أيضا "الخصوم الإقليميين" لنظامها على رأسهم تركيا، ففي 25 مايو/أيار 2021، كشفت صحيفة "خبر ترك" التركية، أن منظمة حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" الإرهابية، قد حصلت على طائرات نموذجية مسيرة، عبر الإمارات، ودول أخرى.

ولفتت إلى أن المنظمة المسلحة "تسعى لتنشيط نفسها بالمنطقة بعد الضربات التي تلقتها من أنقرة".

وذكرت الصحيفة التركية، أن منظمة العمال الكردستاني تمتلك 41 نوعا من "الطائرات النموذجية" الإماراتية، وتنتظر طلبيات قدمتها باستلام 120 طائرة نموذجية أخرى.

وأوضحت أن "بي كا كا" حصل من الإمارات على "الطائرات النموذجية" وهي طائرات تستخدم للتجسس والاشتباك، وتم نقلها إلى محافظة السليمانية وأرسلت لاحقا إلى منطقة مخمور شمال العراق، وبقيت هناك فترة من الوقت، ليتم جمعها جميعها في منطقتي مخمور، والرقة شمال شرق سوريا.

وفي 27 أغسطس/آب 2020، كشفت قناة "بي بي سي" البريطانية، أن "الإمارات نشرت طائرات مسيرة وطائرات عسكرية أخرى لدعم حلفائها الليبيين، وأن مصر تسمح للإمارات باستخدام قواعد جوية قريبة من الحدود الليبية".

وأوردت القناة أن "الإمارات استخدمت قاعدة الخادم الجوية الليبية، وزودت وشغلت الطائرات المسيرة التي كانت متمركزة هناك للقتال وجمع المعلومات".

وانتهكت الإمارات أنظمة دول على أسس استخباراتية سواء بالمسيرات التي تسعى لامتلاك أعلى تقنية منها، أو برامج التجسس التي تؤدي نفس الغرض.

وكان من أبرز قضايا التجسس وانتهاك أمن الدول المعلوماتي التي تورطت فيها الإمارات، حين ‏كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عام 2018 عن تنسيق ‏أمني إماراتي إسرائيلي عالي المستوى، يمكن أبوظبي من التجسس على المعارضين ‏السياسيين والصحفيين والمثقفين، إضافة إلى قادة دول.

وكان أبرز القادة الذين سعت الإمارات للتجسس عليهم، أمير قطر ‏تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء اللبناني (آنذاك) سعد الحريري، وقائد الحرس الوطني السعودي ‏السابق متعب بن عبدالله، والمفكر العربي عزمي بشارة، وغيرهم من كبار السياسيين والإعلاميين.