أخبار وفيديوهات مزيفة في حرب روسيا وأوكرانيا.. ما أهدافها ومن وراءها؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة بوبليكو الإسبانية الضوء على تداول العديد من مقاطع الفيديو المفبركة والأخبار المزيفة بشأن حرب روسيا على أوكرانيا دون أي رقابة على مدى صحتها. 

في هذا المعنى، يحذر الخبراء من الدور الذي يكتسبه هذا النوع من الحملات في سياقات النزاعات الخطيرة. 

وقالت إن الحرب لا تُشن فقط في شوارع مهجورة في أوكرانيا. في الواقع، يدار الصراع الخطير، الذي بدأ يوم في 24 فبراير/شباط 2022 مع التفجيرات الأولى، على صعيد آخر. 

وتحديدا، رافق هذه التطورات تدفق مستمر من المعلومات الكاذبة، التي جرى تضخيمها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بل وحتى نشرها عبر وسائل الإعلام. 

عموما، تلعب الأكاذيب أيضا دورها في الحرب الحالية، وفق تقدير الصحيفة. وأضافت أن حملات التضليل اليوم نشطة بالفعل على جانبي هذا الصراع. 

مواقف غامضة

في هذا المعنى، أكد فريق بيلنجكات المستقل أنه "من المهم ملاحظة أنه ليس من الواضح دائما من المسؤول بالضبط عن نشر ادعاءات مشكوك فيها أو ربما لا أساس لها، مما يضيف عاملا آخر من التضليل على المواقف الغامضة بالفعل".  

وهذا الفريق مستقل ومكون من العديد من الباحثين والصحفيين من عدد كبير من البلدان، ويدير موقع صحافة استقصائية متخصصة في تدقيق الحقائق.

ونقلت الصحيفة أن هذه الفترة صعبة للغاية بالنسبة لأولئك الذين يكرسون أنفسهم للتحقق من هذه المحتويات. 

قبل ساعات قليلة من بدء الحرب رسميا، فتحت بيلنجكات قاعدة بيانات لمحاولة تحديد الحوادث "التي جرى التحقق منها أو إبطال مصداقيتها".

وأوردت الصحيفة أن هذه المجموعة الدولية من الباحثين تؤكد في أحد تقاريرها الحديثة أنه "يبدو أن العديد من المزاعم الأكثر دراماتيكية التي قدمتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية أو القنوات المؤيدة لانفصال المدن الأوكرانية، حول الصراع الأوكراني في الأيام الأخيرة لا تحمل سوى القليل من الحقيقة". 

علاوة على ذلك، يبدو أن بعض مقاطع الفيديو هي محاولات فاضحة للتضليل. وتوضح هذه المجموعة بالتفصيل حالات تلاعب من قبل وسائل الإعلام الحكومية التي تتخذ من موسكو مقرا لها.



الصحفي وعالم الأنثروبولوجيا ميكيل بيليسر، مدير الاتصالات الرقمية في جامعة كتالونيا المفتوحة، يبين في مقال نُشر على مدونته، أن "المعلومات المضللة حول النزاع في أوكرانيا لها منصات متعددة".

وتتنوع بين التصريحات السياسية، ووسائل الإعلام الحكومية وقادة الرأي الذين لهم متابعة واسعة عبر الإنترنت؛ وصولا إلى الحملات الفيروسية على الشبكات الاجتماعية.  

من جانب آخر، يؤكد الخبير أن المعلومات المضللة "ناتجة عن عوامل متعددة"؛ من بينها "القضية المرتبطة بالدعاية السياسية التي طورها كل بلد". 

وترتبط أيضا بـ"المراقبة والتغطية الهائلة لهذا الصراع على الشبكات الاجتماعية"؛ ما يتسبب في "نشر المعلومات التي جرى التلاعب بها دون التحقق منها".  

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد بيليسر أن "المعلومات المضللة أيضا عمل تشترك فيه الشركات والمستخدمين وشركات التكنولوجيا الكبرى".  

وأوضحت الصحيفة أن التحليلات التي أجرتها حتى الآن المنظمات المكرسة للتحقق من المعلومات المضللة، تؤكد نشر مقاطع فيديو كاذبة، نُسبت فيها إلى قصف مزعوم للطائرات لمدينة ماريوبول الأوكرانية. 

في هذا الصدد، بينت وكالة الأنباء الإسبانية، آيفي، من خلال خدمة "أيفيريفيكا" الخاصة بها، وهي إحدى وسائل الإعلام المتخصصة في "تدقيق الحقائق"، أن "هذه المشاهد المزعومة كانت مقطعا لعاصفة كهربائية".

وأوضحت الصحيفة أنه وسط حالة الرعب وعدم اليقين، جرى الكشف عن معلومات خاطئة أخرى. في 26 فبراير، أكدت الحكومة الأوكرانية أن صاروخا روسيا أصاب مبنى في كييف. 

ومع ذلك، تشير بيانات تحديد الموقع الجغرافي التي جرى التحقق منها من قبل خبراء مختلفين إلى أنه "في الحقيقة صاروخ دفاع جوي أوكراني من طراز إس 300". 

وعلق إليوت هاينز، مدير شركة بيلنجكات أنه "لذلك لا يزال الأمر يستحق أن نتحلى بذهن متفتح بشأن الذخيرة المسؤولة عن الهجمات". 

الدفاعات النفسية

ونقلت الصحيفة أن تدفق المعلومات الكاذبة يترافق مع مجرى الحرب. ويؤكد بيليسر: "مع مهاجمة القوات الروسية لأوكرانيا، تأخذ المعلومات المضللة بعدا جديدا، مع التركيز على تبرير الغزو، بحجة أنه حرب ضد دولة نازية، ومحاولة تحطيم الدفاعات النفسية للأوكرانيين". 

وأشارت الصحيفة إلى أن الباحث يسلط الضوء على موضوع آخر كان حاضرا خلال الساعات الماضية. 

في الحقيقة، أصبح خبر "احتمال هروب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي أو وفاته"، من "المعلومات الثابتة التي تجوب شبكات التواصل الاجتماعي". 

وبلغ الأمر إلى درجة أن وسيلة إعلامية روسية نشرت رسالة كاذبة، تؤكد وجود أنباء عن "الرحيل المفترض لرئيس الدولة". 

وأوردت صحيفة إلباييس الإسبانية أن الصراع الروسي الأوكراني ليس عسكريا فحسب، بل أيضا حرب إعلامية يجرى لعبها على شاشات التلفزيون والشبكات الاجتماعية. 

أما الهدف من ذلك، فيتمثل ببساطة في كسب المعركة لتحديد ما يحدث في أوكرانيا ولماذا. 

كما تدمج هذه الحرب الوسائل الضرورية، ليس فقط التصريحات والدعاية الصريحة، ولكن أيضا الخدع والتضليل وزرع البلبلة.

ونقلت الصحيفة أن الشبكات الاجتماعية، مع عدم الكشف عن هوية الملايين من المستخدمين، تعد منصة ممتازة لتنفيذ هذه التكتيكات. 

على سبيل المثال، ظهر مقطع فيديو على تويتر لدبابة دهست سيارة مدنية ودمرتها. تقول إحدى القنوات العديدة التي تزعم أنها تنقل الأحداث من كييف أن "الدبابة روسية". 

لكن قناة شعبية أخرى، تعتبر على الجانب الروسي، تقول إن "الدبابة ليست روسية". ومن المثير للشكوك أنه بعد بضع ساعات، ظهرت صورة أخرى تظهر نجاة سائق السيارة المسن. 

عموما، ومنذ سنوات عديدة حتى الآن، كان هناك حديث عن تكتيكات التضليل للحكومة الروسية، مع تربع الرئيس فلاديمير بوتين على العرش. 

منذ عام 2008، ضخ بوتين الكثير من الموارد في جهاز الدعاية، سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتقول الصحيفة إنه "نظام معقد ذو منصات مختلفة وله هدف مشترك؛ ألا وهو فرض إطار اتصال ملائم للحكومة الروسية".

تتمثل المنصة الأولى من هذا النظام الدعائي المتكامل في وسائل الإعلام الرسمية، مثل وكالة أنباء تاس وشبكة التلفزيون العالمية روسيا اليوم آر تي.

 من خلال هذه القنوات، تقترح الحكومة الروسية رؤيتها للحقيقة، في نفس الوقت الذي تحاول فيه إنكار نسخ الحكومات الأخرى. 

وفي جميع الأحوال، ستظل معركة المعلومات مستمرة حتى بعد أن تصمت المدافع، وفق بوبليكو.