حسين الشيخ.. رجل إسرائيل الأول في سلطة أبو مازن يتقلد منصب نائب الرئيس

خالد كريزم | منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

في حله وترحاله وأثناء لقاءاته الداخلية والخارجية، يصطحب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، شخصية برزت أخيرا على الساحة بقوة وتسببت في انطفاء قيادات كانت تطمح بالخلافة.

حسين الشيخ (65 عاما) هو الاسم المقصود، الذي أصبح خلال السنوات الأخيرة، الرجل الأول لدى عباس، يليه رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج.

وفي آخر خطواته، اختار عباس الرجل المقرب منه حسين الشيخ نائبا له، في خطوة قد تشعل توترات كبيرة بين المنافسين حال رحيل الرئيس الحالي.

واجتمعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة عباس في 26 أبريل/نيسان 2025، “وبناء على الصلاحيات المخولة به فقد رشح السيد حسين شحادة محمد الشيخ لمنصب نائب الرئيس”.

وجاء ذلك بعد يومين من استحداث المجلس المركزي الفلسطيني (برلمان منظمة التحرير) لهذا المنصب. وقد صادقت اللجنة التنفيذية في جلستها على الترشيح، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية “وفا”.

 وبموجب هذا القرار، أصبح حسين الشيخ، الذي شغل منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير منذ عام 2020، أول نائب لرئيس السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في تاريخها.

ووفق الوكالة، سينعقد اجتماع آخر للجنة التنفيذية، في 3 مايو/أيار 2025 لاختيار أمين سر اللجنة التنفيذية من بين أعضائها.

تاريخ ومناصب 

ولد حسين الشيخ عام 1960 بمدينة رام الله، ويعرف نفسه على موقع الإلكتروني بأنه "صانع قرار فلسطيني وقائد معروف بانتمائه للحزب السياسي الأكبر، حركة التحرير الوطني فتح".

عضو اللجنة المركزية لـ"فتح" حاليا، ترأس أيضا اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السابع للحركة عام 2016، وهو عضو في لجنة الحوار الوطني الفلسطيني في محادثات المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

والشيخ أيضا عضو في المجلس الوطني الفلسطيني، وكذلك عضو في المجلس المركزي لمنظمة التحرير.

شغل منذ عام 2007 وحتى فبراير/شباط 2025، منصب رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، ورئيس لجنة التنسيق المدنية العليا التي تعد صلة الوصل الرسمية مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

ولذلك، يطلق عليه الفلسطينيون لقب "مايسترو التنسيق الأمني" مع الاحتلال، رغم اعتقاله في السجون الإسرائيلية لمدة 11 عاما (1978-1989).

كان عضوا في القيادة الوطنية الموحدة خلال الانتفاضة الأولى، وعضوا في اللجنة الحركية العليا لـ"فتح" بالضفة الغربية.

ويقول عن نفسه في موقعه الإلكتروني إنه "كان مطاردا ومطلوبا لقوات الاحتلال خلال الانتفاضة الثانية من العام 2000 وحتى 2005".

وبعد التوقيع على اتفاقية أوسلو للسلام 1993، أصبح من مؤسسي اللجان السياسية بالضفة الغربية وقطاع غزة، وبين عامي 1994-1997 عمل في قوات الأمن الفلسطيني برتبة عقيد. 

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2003، ذكرت مصادر صحفية أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تلاحق حسين الشيخ الذي كان وقتها "أمين سر مرجعية حركة فتح في الضفة الغربية (انتخب عام 1999)" بناء على أوامر مباشرة من الرئيس الراحل ياسر عرفات. 

وقالت صحيفة "القدس العربي" التي أوردت الخبر وقتها، إنه لم تعرف حقيقة أسباب تدهور العلاقة بين الطرفين، لكن الملاحقة جاءت بعد توزيع بيانات في الضفة موقعة باسم الشيخ وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح تهاجم قيادات في السلطة.

ووقتها، أضافت المصادر أن اللجنة المركزية لحركة فتح قررت تنحية الشيخ من منصبه كأمين سر مرجعية فتح ودعت إلى اعتقاله وتقديمه للمحاكمة بتهمة التورط في قضايا فساد، وهو ما نفاه الأخير وبين أنه على رأس عمله. 

وقبل أسبوع واحد فقط من اختياره في منصب نائب الرئيس، عيّنه عباس أيضا رئيسا للجنة السفارات الفلسطينية التي تتولى مهمة الإشراف على سير العمل الدبلوماسي، وتُساعدها لجان مختصة تشمل جميع الجهات ذات العلاقة.

نشاطات وتطورات

في 18 يناير/كانون الثاني 2022، رفعت اللجنة المركزية لحركة فتح، توصياتها للمجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير لترشيح الشيخ ليتولى منصب أمانة سر اللجنة التنفيذية للمنظمة خلفا للراحل صائب عريقات، الذي توفي في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

وفي 8 فبراير من ذات العام، عين المجلس المركزي المؤلف من 141 عضوا، حسين الشيخ في اللجنة التنفيذية للمنظمة، ليتولى لاحقا منصب عريقات في مايو/أيار 2022.

وتقليديا، فإن من يحوز هذا المنصب، يمهد طريقه نحو رئاسة منظمة التحرير، في خطوة مشابهة سبق أن سار عليها الرئيس الحالي محمود عباس.

فبعد وفاة عرفات عام 2004، شغل عباس أمين سر اللجنة التنفيذية، ثم بات رئيسا لمنظمة التحرير وانتهى به المطاف كرئيس للسلطة.

وعن نشاطاته، شارك حسين الشيخ في عدة مؤتمرات إقليمية ودولية، وجولات رسمية مع عباس كان أكثرها إثارة للجدل زيارتهما وزير جيش الاحتلال الأسبق بيني غانتس في منزله بضواحي تل أبيب.

وفي اللقاء الذي جرى في 29 ديسمبر/كانون الأول 2021، قال غانتس إنه بحث "قضايا أمنية لضبط الاستقرار بالضفة الغربية"، في إشارة للتنسيق ضد خطط حماس، في تناقض واختلاف مع تصريحات الشيخ التي تحدثت عن مناقشة "فتح مسار سياسي".

وسافر الشيخ إلى قطر في سبتمبر/أيلول 2021 لطلب تجديد قرض مالي قدّمته الدوحة (بقيمة 300 مليون دولار) أخيرا إلى السلطة وشارف على الانتهاء، منها 50 مليون كمنحة.

كما حضر في يناير 2022، لقاء جمع عباس ورئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ ضمن زيارة رسمية، على هامش مشاركتهما في أعمال منتدى شباب العالم في نسخته الرابعة (يعقد سنويا).

تمكن أواخر عام 2021 من التوصل إلى اتفاق مع سلطات الاحتلال، للم شمل العائلات الفلسطينية (5 آلاف فرد كدفعة أولى) ومنح الهويات لهؤلاء الذين هجروا أو آباؤهم خلال سنوات النكبة والنكسة إلى الخارج ولم تسجلهم إسرائيل ضمن السجل السكاني.

وفي 23 يناير 2022، التقى الشيخ وزير الخارجية الإسرائيلي وقتها يائير لابيد وقال إنهما تباحثا عدة قضايا سياسية ومسائل ثنائية.

في حين أكدت وسائل إعلام عبرية من بينها صحيفة "هآرتس"، أن الاجتماع الذي جرى في منزل لابيد بتل أبيب، تناول الوضع الاقتصادي الصعب للسلطة الفلسطينية، وسبل التطوير والدفع بمشاريع اقتصادية مشتركة لتحسين الظروف.

جدل متواصل

وبعد عملية طوفان الأقصى، قال الشيخ في مقابلة مع وكالة "رويترز" إن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب وستكون مستعدة لتولي إدارة غزة بعد انتهاء الحرب.

وفي إشارة إلى حماس، أضاف أنه: “ما في حد يعتقد أنه فوق المحاسبة والمساءلة، ولا يجوز للبعض أن يعتقد أن طريقتها وأسلوبها (الحركة الإسلامية) في إدارة الصراع مع إسرائيل كانت الأمثل والأفضل".

وبشأن الخلاف مع حركة حماس، قال الشيخ إن “صندوق الانتخابات هو الفيصل بين مشروعي التسوية والمقاومة”، في إشارة منه إلى برنامجي السلطة وحماس.

ويعد حسين الشيخ حالة نادرة في وجوده على موقع التواصل الاجتماعي بين أقرانه وزملائه في حركة فتح والمسؤولين داخل السلطة الفلسطينية، إذ يثير جدلا متواصلا عبر حسابه في "إكس".

ويُعرف بحظره كل من يخالف رأيه أو ينتقد تعاونه مع إسرائيل، كما يهاجم بين الحين والآخر من يطلق عليهم “أبواق التيار الظلامي” في إشارة إلى مناصري حركة حماس.

ويدافع الشيخ عن التعاون الأمني مع إسرائيل بوصفه مصلحة وطنية فلسطينية لخدمة القضية والمواطنين، بغضِّ النظر عن جرائم الاحتلال.

كما أكد خلال مقابلة له في أغسطس/آب 2021 أنه يقف "بقوة" إلى جانب الأجهزة الأمنية ويؤيد أداءها وسلوكها، في إشارة إلى قمع المظاهرات التي تصاعدت وقتها في الضفة الغربية.

وفي يونيو/حزيران 2020، أعلن الشيخ تمسك السلطة بالمحافظة على أمن الإسرائيليين، حتى لو توقف التنسيق الأمني، مبينا أن “هذا القرار إستراتيجي”.

وأردف: "في حال وصلت معلومات عن نية فلسطيني بمهاجمة إسرائيليين، فإننا سنعتقله إذا كان لا يزال في الضفة الغربية".

واستدرك قائلا: "لكن إذا كان المهاجم داخل إسرائيل بالفعل، فإننا سنحذرها من خلال وسيط، أو أننا سنجد طريقة لإيقافه"، مشددا على أنهم سيمنعون ما أسماه “العنف والفوضى”، وأنه "لن يجرى السماح بإراقة الدماء"، على حد وصفه.

وأشار الشيخ إلى أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية ستستمر في الحفاظ على القانون والنظام ومحاربة "الإرهاب"، في إشارة إلى المقاومة العسكرية.

وأكد أن هذه الأجهزة تعمل "من تلقاء نفسها وفق تلك الأهداف"، في إشارة إلى أن قمع المقاومة واحد من أدبيات السلطة ووظائفها ولا يجرى بفعل الضغط الإسرائيلي.

ومن تصريحات الشيخ المثيرة للجدل، وصفه في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي، اجتماع عباس بوزير الجيش الإسرائيلي بـ"لقاء الأبطال".

وأضاف وقتها أن القيادة الفلسطينية تسعى إلى "صنع التاريخ مع بيني غانتس أو أي شخص آخر في حكومة إسرائيل".

وواصل بالقول: "في النهاية، فقط الأبطال هم من يصنعون السلام. الشخص الذي يؤمن به يجب أن يكون شجاعا، وعلينا أن نقاتل من أجل ذلك حتى اللحظة الأخيرة"، لافتا إلى أن زيارة عباس لمنزل غانتس "خطوة شجاعة ومهمة".

رأي إسرائيل

ورأى موقع "زمن إسرائيل" العبري مطلع فبراير 2022، أن حسين الشيخ وإلى جانبه ماجد فرج، يسيطران على قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ويحظيان بثقة عباس.

ومنذ ذلك الحين، بين الموقع أنه بحسب التقسيم على قيادة السلطة فإن الشيخ سيكون رئيس "الحقيبة السياسية" وماجد فرج مسؤول عن "الملف الأمني".

وأكد أن شخصيات سياسية بارزة في إسرائيل تعرب عن ارتياحها لرفع مكانة حسين الشيخ على رأس السلطة.

وبينت أن المسؤول في حركة فتح والسلطة "يدعم تعزيز العلاقات السياسية والأمنية مع إسرائيل والحرب ضد حماس التي تحاول السيطرة على الضفة الغربية".

وتعليقا على اللقاءات الودية المتتالية التي أجراها الشيخ مع مسؤولين إسرائيليين أخيرا، قالت صحيفة معاريف العبرية، إن إسرائيل تحب عقد صفقات معه.

وأردفت في نهاية يناير 2022: "هناك من يحب فكرة تولي حسين الشيخ رئاسة السلطة بناء على علاقاته الوطيدة مع كبار الضباط في الجيش والمسؤولين الإسرائيليين".

وأشارت الصحيفة إلى أن عباس سعى إلى ترقية الشيخ ومنحه صلاحيات للتفاوض مع إسرائيل، بصفته “شخصية معتدلة تؤمن بإمكانية تحقيق نتائج بالطرق السياسية أفضل مما يمكن تحقيقه بالعنف (المقاومة)".

لكنها استبعدت أن يقبل الشارع الفلسطيني فكرة تعيينه رئيسا للسلطة بسبب "تراكم قضايا الفساد بدءا من إلغاء الانتخابات العامة (مايو/أيار 2021) ومرورا بفرض العقوبات على غزة (بسبب سيطرة حماس) وهو قرار شارك حسين الشيخ في اتخاذه، لأنه يعادي الحركة (الإسلامية)".

وأوضحت الصحيفة أن الشيخ يمثل كل ما يدفع الفلسطينيين للنفور من السلطة، مشيرة إلى أن الشارع ينظر إليه وإلى زملائه "كعصابة متعجرفة، كل واحد منها يعنيه فقط تحقيق مصالحه الشخصية وليس مصالح الشعب".

وأردفت أيضا أن الشارع الفلسطيني ينظر للشيخ وزملائه كمن يمثلون "ضعف المستوى الأخلاقي، وغياب الكاريزما وخيانة مصلحة المواطن البسيط".

ولذلك، حذرت معاريف المستويات الرسمية الإسرائيلية من المسارعة إلى تحديد شخص كمرشحها لقيادة السلطة بعد عباس، على اعتبار أن هذا من شأنه أن يستفز الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن مواقف الشيخ المعروفة تجعله مرشحا غير مناسب في نظرهم.

أما صحيفة جيروزاليم بوست، فوصفت الشيخ بـ "الرجل النبيل في رام الله"، ونقلت سابقا عن دبلوماسي غربي قوله إنه "رجل فلسطيني حقيقي، وهو نوع يمكن للإسرائيليين والأميركيين التعامل معه".