حميد نوري.. مسؤول إيراني سابق يحاكم بالسويد على قتل الآلاف بعهد الخميني

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لم يكن بخلد "السيد القاتل" أن زيارة قريبه في السويد ستكون أولى خطوات محاكمته على قتل الآلاف من الإيرانيين خلال ثمانينيات القرن الـ20، وفتح ملف جرائم حرب شارك بها الإيراني حميد نوري.

يخضع المسؤول الإيراني السابق حميد نوري، لمحاكمة نادرة بالعاصمة السويدية ستوكهولم، لدوره المفترض في عمليات إعدام جماعية طالت عشرات آلاف المعارضين، وأمر بها المرشد الإيراني السابق "روح الله" الخميني صيف عام 1988.

السلطات السويدية، أعلنت في 27 يوليو/ تموز 2021، أن محاكمة الإيراني حميد نوري ستبدأ 10 أغسطس/ آب 2021، ويفترض أن تنتهي في منتصف أبريل/ نيسان 2022.

مجرم حرب

حميد نوري، (60 عاما)، شغل آنذاك منصب نائب المدعي العام في سجن "كوهردشت" بمدينة كرج الإيرانية، ويواجه اتهامات بارتكاب "جرائم حرب" و"جرائم قتل"، بموجب الاختصاص العالمي للقضاء السويدي بهذه التهم.

نوري، مستهدف حاليا بـ30 شكوى من مدنيين ضحايا وشهود وأقرباء ضحايا، وذلك إثر توقيفه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بمطار ستوكهولم أرلاندا الدولي أثناء زيارة للسويد، ووضع قيد الحجز المؤقت.

وبحسب نيابة السويد، فإن حملة التطهير تلك طالت ناشطي منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة بأمر إعدام أصدره آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد هجمات نفذتها الحركة ضد النظام.

المدعية العامة كريستينا كارلسون قالت في قرار الاتهام: إن "نوري قام بين 30 يوليو/ تموز و16 أغسطس/ آب 1988 بسجن كوهردشت بصفته نائب المدعي العام بقتل متعمد لكثير من سجناء "مجاهدي خلق".

كارلسون أوضحت أن "مجاهدي خلق كانوا يتعاونون مع الجيش العراقي، الذي كان في حالة حرب مع إيران في ذلك الوقت".

وأضافت أن "الصلة بالصراع الإيراني العراقي هي السبب في أن عمليات إعدام أعضاء الجماعة تعد جرائم حرب تنتهك القانون الدولي، موضحة أن قتل معارضين سياسيين يعد جريمة حرب".

خلال المدة نفسها، يشتبه بأن نوري شارك في إعدام سجناء آخرين بناء على إيديولوجيتهم أو معتقدهم، واعتبروا معارضين "للدولة الثيوقراطية الإيرانية"، بحسب النيابة السويدية.

في قرار اتخذ في ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعطت الحكومة السويدية موافقتها على إحالة نوري على القضاء في هذا الملف الحساس.

"المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية"، الجناح السياسي لمنظمة "مجاهدي خلق"، قال: إن الإعدامات طالت 30 ألف شخص، لكن لم يتم التحقق من هذا العدد من مصدر مستقل.

غالبية المنظمات الحقوقية ومؤرخون، أشاروا إلى أن العدد كان ما بين 4 إلى خمسة آلاف شخص.

جلاد السجناء

لم تكن المرة الأولى التي يخرج فيها حميد نوري من إيران، لكنه اعتقل عام 2019 في السويد أثناء زيارة أحد أقربائه، وهو الآن سجين في زنزانة منفردة، وفقا لموقع "إيران وير" المعارض في 17 يوليو/ تموز 2021.

الموقع نقل ما دار في أول اجتماع لغرف "المطالبة بالعدالة" على "كلوب هاوس" شارك فيه عدد من السجناء السياسيين في الثمانينيات.

هم: "إيرج مصداقي، رضا معيني، مهدي أصلاني، تقي رحماني، مهناز قزللو" إضافة إلى رؤيا برومند، المديرة التنفيذية لمؤسسة "عبد الرحمن برومند".

السجين السابق مصداقي قال: إنه "في سجن جوهر دشت عام 1988، انهال شخص يدعى حميد عباسي على سجين بالضرب والركل بقوة ويشتمه بأقذع السباب، والعصابة موضوعة على عين السجين.

وأوضح أن حميد عباسي لم يكن يظن أن بإمكانه رؤية أفعاله، ثم ألقى بالسجين في المنفردة لعدة أشهر".

بانتهاء تلك الأشهر دخل السجين السياسي في زنزانة إيرج مصداقي وأخبر الأخير بأن معذبه حميد عباسي هو حميد نوري نفسه.

وأكد له أنه حين كان منشغلا بضرب السجين السياسي وقعت بطاقته الشخصية على الأرض فتعرف إلى هويته.

لذا بعد الإفراج عن السجين مصداقي قام بكشف الهوية الحقيقية لنوري ونشرها في كتابه.

من المقرر أن يتقدم السجين السياسي المشار إليه أعلاه بالشهادة ضد حميد نوري، لكنه ليس السجين السياسي الوحيد الذي لقي العذاب على يده.

هناك سجناء كثيرون منهم من لقي حتفه ومنهم من حالفه الحظ بالنجاة بروحه، سيميطون اللثام عما وقع لهم قبل أكثر من ثلاثة عقود في سجون النظام الإيراني.

الركلة الأخيرة

مصداقي جزم خلال اجتماع "كلوب هاوس" بأن حميد نوري "مساعد المشرف على سجن جوهر دشت، كان يقرأ أسماء السجناء المقرر إعدامهم، يقوم بصفهم، يحضر مراسم الإعدام وبعدها يوزع الحلويات ويحتفل بالمناسبة".

وأضاف أنه "كان يستهزئ بالسجناء الـملقى بهم في ممرات الموت وأعينهم معصوبة وأجسادهم مدماة من التعذيب بعد إعدام زملائهم، ويقدم لهم الحلويات لإذلالهم أكثر فأكثر".

وأكد السجين السياسي السابق أن نوري كان له دور في إطلاق سراح السجناء، والحيلولة دون الإفراج عنهم بوصفه ممثل المدعي العام ومسؤولا عن توبيخ وتأديب السجناء، ويتمتع بصلاحيات كثيرة".

"إذ كان وقتها مساعدا للقاضي محمد مقيسة، وكلاهما كانا يستدعيان السجناء في أبريل/ نيسان 1988 إلى مكتبهما ثم يسألانهم هل سيشاركون في الانتخابات البرلمانية أم لا؟ ثم يسجلان الإجابات"، وفق مصداقي.

الذي تابع: "أحيانا ينهالان على السجين ضربا وشتما في المكتب، وكان نوري المسؤول عن ضرب السجناء بـ(الكبل الرباعي)، العقاب الذي يذكره السجناء الآن بأسوأ وأقسى أنواع العقاب".

وأضاف: "نوري شارك برفقة أعضاء لجنة الموت في مراسم الإعدام، ويركلون بطون السجناء كي يعلقوا من مشانقهم".

"كانت حبال المشانق معلقة في حسينية جوهر دشت أو قاعة المدرج، فيوقفون السجين على الكرسي، ثم يركلونه كي يقع من فوق الكرسي ويعدم خنقا"، وفق مصداقي.

وشدد على أنه "في يومي 12 و13 سبتمبر/ أيلول 1988 كانت الإعدامات علنية وأزيحت الستائر، كانوا يهددوننا في قاعة الموت بأنهم سيركلوننا الركلة الأخيرة بأنفسهم"

ساعي بريد الموت

شهادة أخرى ضد نوري، قال السجين الإيراني السابق، مهدي أصلاني: "نوري كان يعمل في ذلك الصيف كساعي بريد الموت، لا أعلم كيف كان شعور سجناء ممرات الموت عندما رأوا صورة نوري".

وأضاف: كان يجلس البهائيين على كرسي الإعدام في ممر الموت حتى يأتي دورهم في الإعدام، لقد حفر أخاديد على ظهور كثير من الشباب".

أصلاني أكد أنه "في يومي 28 و31 أغسطس/ آب 1988 تقابل مع حميد نوري، عندما كان الأخير يجبر السجناء للمثول بين يدي لجنة الموت".

"لا أنسى وجهه، وأكثر من ذلك يستحيل أن أنسى صوته، كان يأخذ السجناء لممرات الموت في القبو إذ كانت لجنة الموت بانتظارهم، جميعنا نرجو أن ينال (السيد القاتل) جزاءه بمحاكمة عادلة"، وفق أصلاني.

معارضون إيرانيون أطلقوا لقب "السيد القاتل" على أعضاء لجنة الموت والمتسببين بتلك المجزرة الدموية في 1988، وأحدهم هو الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي، ويعتبر حميد نوري عاملا منفذا لديه.

السجين الإيراني السابق سعيد ملك بور، نشر في يونيو/حزيران 2021 تسجيلا صوتيا منسوبا لنوري، يعلن فيه ولاءه للنظام، منهيا كلامه بآية قرآنية تتحدث عن المنافقين والعزة للمؤمنين، والتي طالما كررها أثناء المحاكمة في السويد.

وحسب بور، فإن نوري أرسل تسجيلا صوتيا للنظام يطمئنه فيه أنه لم يفصح عن شيء.