نيويورك تايمز: "علاقة سرية" بين السعودية وشركات تجسس إسرائيلية

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن إسرائيل شجعت "سرا" شركاتها، ومن بينها شركات التجسس على توثيق علاقاتها مع المملكة العربية السعودية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين ومصادر لها دراية بالعقود (لم تسمهم) قولهم إن "إسرائيل سمحت سرا لمجموعة من شركات المراقبة الإلكترونية بالعمل لصالح الحكومة السعودية، رغم الإدانة الدولية لإساءة استخدام المملكة لبرامج المراقبة لسحق المعارضة، حتى بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018".

وبعد مقتل خاشقجي عام 2018، ألغت مجموعة "NSO" الإسرائيلية (عاملة بمجال الاستخبارات الإلكترونية)، عقودها مع السعودية، وسط اتهامات بإساءة استخدام أدوات القرصنة الخاصة بها للتحريض على الجرائم البشعة.

لكن الحكومة الإسرائيلية شجعت "NSO" وشركتين أخريين على مواصلة العمل مع السعودية، وأصدرت ترخيصا جديدا لشركة رابعة للقيام بعمل مماثل، متجاهلة أي مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، وفقا لمسؤول إسرائيلي كبير وثلاثة أشخاص يعملون في شركات بالسعودية.

ومنذ ذلك الحين، استمرت السعودية في استخدام برامج التجسس لمراقبة النشطاء والمعارضين السياسيين.

وأشار التقرير إلى أن حقيقة أن حكومة إسرائيل شجعت شركاتها الخاصة على القيام بأعمال أمنية لفائدة المملكة - أحد خصومها التاريخيين والبلد الذي لم يعترف رسميا بإسرائيل - دليل آخر على إعادة ترتيب التحالفات التقليدية والإستراتيجية في المنطقة، من قبل إسرائيل والعديد من دول الخليج العربي لتوحيد الجهود لعزل إيران.

قتل خاشقجي

وتعد "NSO" أشهر الشركات الإسرائيلية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ما تم الكشف عنه في السنوات القليلة الماضية من استخدام برنامج "Pegasus" الخاص بها، من قبل العديد من الحكومات للتجسس على نشطاء حقوق الإنسان وسجنهم في نهاية المطاف.

وباعت "NSO" برنامج "Pegasus" إلى السعودية عام 2017، واستخدمت المملكة برامج التجسس كجزء من حملة قاسية لسحق المعارضة داخل المملكة ومطاردة المعارضين في الخارج.

ومن غير المعروف ما إذا كانت الرياض قد استخدمت "Pegasus" أو غيرها من برامج التجسس الإسرائيلية الصنع في مؤامرة قتل خاشقجي، في الوقت الذي نفت فيه "NSO" أن تكون برمجياتها قد استخدمت في هذه الجريمة.

وفي سياق متصل، أكد التقرير أن وزارة الدفاع الإسرائيلية منحت رخصة لشركة تدعى "كانديرو"، اتهمتها مايكروسوفت في 13 يوليو/تموز 2021، بمساعدة عملاء الحكومات في التجسس على أكثر من 100 صحفي وسياسي ومعارض ومدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، على العمل مع الحكومة السعودية.

وقالت مايكروسوفت، التي أجرت تحقيقاتها جنبا إلى جنب مع Citizen Lab، وهو معهد أبحاث في جامعة تورنتو، إن "كانديرو استخدمت البرمجيات الخبيثة لاستغلال ثغرة في منتجات مايكروسوفت، مما مكن العملاء الحكوميين من التجسس على النشطاء والمعارضين".

وكان لدى "كانديرو" عقد واحد على الأقل مع السعودية منذ عام 2018.

ومنحت إسرائيل أيضا تراخيص لشركتين أخريين على الأقل، من بينها شركة Verint، التي حصلت على الترخيص قبل مقتل خاشقجي، وشركة Quadream، التي وقعت عقدا مع السعودية بعد هذه الجريمة.

وبحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، قامت شركة خامسة، وهي Cellebrite، التي تصنع أنظمة القرصنة المادية للهواتف المحمولة، ببيع خدماتها للحكومة السعودية، ولكن دون موافقة الوزارة.

وزعمت إسرائيل أنه إذا تم استخدام أي برامج تجسس إسرائيلية لانتهاك الحقوق المدنية فإنها ستلغي ترخيص الشركة.

وإذا اكتشفت وزارة الدفاع أن العنصر الذي تم شراؤه يتم استخدامه بما يخالف شروط الترخيص، خاصة بعد أي انتهاك لحقوق الإنسان، يتم بدء إجراء لإلغاء رخصة التصدير الدفاعية أو إنفاذ شروطها، وفق ما أفادت به الوزارة في بيان ردا على أسئلة صحيفة "نيويورك تايمز".

ورفضت الوزارة الرد على أسئلة محددة حول التراخيص التي منحتها للشركات الإسرائيلية، لكنها قالت إن "مجموعة واسعة من الاعتبارات الأمنية والدبلوماسية والإستراتيجية تؤخذ في الاعتبار" عند النظر في منح ترخيص لتصدير التكنولوجيا السيبرانية الهجومية.

اختراقات خطيرة

وأدى الكشف عن انتهاكات منتجات "NSO" إلى قيام الشركة بتوظيف مجموعة من الاستشاريين الخارجيين عام 2018 لتقديم المشورة حول العملاء الجدد الذين يجب أن تتعامل معهم "NSO" والعملاء الذين يجب أن تتجنب التعامل معهم.

وضمت المجموعة سفير إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في إسرائيل، دانيال شابيرو، وشركة "بيكون غلوبال ستراتيغيز"، وهي شركة استشارات إستراتيجية في واشنطن.

وبينما كان تفويض المجموعة هو فحص العملاء الجدد المحتملين، دفع الغضب الدولي بشأن مقتل خاشقجي، المجموعة إلى تقديم المشورة لـ"NSO" لإلغاء عقودها السعودية وإغلاق أنظمة "NSO" في المملكة.

وبشكل منفصل، أجرت "NSO" تحقيقا داخليا حول ما إذا كان المسؤولون السعوديون قد استخدموا أيًا من أدواتها في عملية خاشقجي، وخلصت إلى أنه "لم يتم استخدام برامجها في هذه الجريمة".

ومع ذلك، فإن دعوى قضائية ضد "NSO" من قبل صديق  خاشقجي تزعم أن هاتفه قد اخترق من قبل السعودية باستخدام برنامج "Pegasus"، وأن الاختراق منح المسؤولين السعوديين الوصول إلى محادثاته مع  خاشقجي، بما في ذلك الاتصالات حول مشاريع المعارضة.

وعلى مدار عدة أيام أواخر عام 2018، التقى مسؤولون تنفيذيون في "NSO" وشركة الأسهم الخاصة التي كانت تملكها في ذلك الوقت، فرانسيسكو بارتنرز، في واشنطن بالمجموعة الاستشارية.

ووفقا للعديد من الأشخاص المطلعين على الاجتماعات، جادل المسؤولون التنفيذيون في "NSO" بأن الحكومة الإسرائيلية كانت تشجع الشركة بقوة على الصمود في وجه العاصفة ومواصلة عملها في السعودية.

وقالوا أيضا إن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوهم أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تريد أيضا استمرار عمل "NSO" مع السعودية.

وفي النهاية، استجابت إدارة "NSO" لنصائح المجموعة الخارجية وألغت عقودها مع السعودية أواخر عام 2018. وأنهى السفير السابق في إسرائيل، شابيرو، عمله في الشركة بعد ذلك بوقت قصير.

ولكن بعد أشهر، بعد أن اشترت شركة أسهم خاصة "NSO"، عادت الشركة للتعامل مرة أخرى مع السعودية.

ورفض المالك الجديد لـ"NSO"، نوفالبينا، نصيحة المجموعة الاستشارية الخارجية واستأنفت الشركة عملها في السعودية منتصف عام 2019. وفي ذلك الوقت تقريبا، أنهت شركة Beacon عملها مع "NSO".

وتم توقيع العقد الجديد مع السعوديين مع بعض القيود. وعلى سبيل المثال، أنشأت "NSO" نظامها لمنع أي محاولات من قبل المسؤولين السعوديين لاختراق أرقام الهواتف الأوروبية، وفقا لشخص مطلع على البرمجة.

وراء الكواليس

لكن من الواضح أن السعودية استمرت في استخدام برنامج "NSO" للتجسس على المعارضين في الخارج.

وفي إحدى الحالات التي تم الكشف عنها، تم اختراق عشرات الهواتف الخاصة بصحفيين في قناة الجزيرة القطرية، والتي تعتبرها السعودية تهديدا، باستخدام برنامج "Pegasus" التابع لشركة "NSO" العام الماضي، وفقا لمختبر Citizen. وتتبع مختبر سيتيزن لاب 18 من الهجمات التي قادتها المخابرات السعودية.

وبعد الكشف عن الهجوم على صحفيي الجزيرة، أغلقت "NSO" النظام مؤخرا، وفي اجتماع أوائل يوليو/تموز 2021، قرر مجلس إدارة الشركة الإعلان عن صفقات جديدة مع السعودية، وفقا لشخص مطلع على القرار.

وتكافح وزارة الدفاع الإسرائيلية حاليا دعاوى قضائية رفعها نشطاء حقوقيون إسرائيليون تطالبها بالكشف عن تفاصيل حول إجراءات منح التراخيص.

وتفرض الحكومة الإسرائيلية "سرية تامة" على الشركات التي تحصل على التراخيص، وتهدد بإبطالها إذا تحدثت الشركات علنا عن هوية عملائها.

وقال بيان "NSO" إن الشركة لا يمكنها مناقشة هوية عملائها الحكوميين، لكنه أضاف: "كما ذكرت NSO سابقا، لم تكن تقنيتنا مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالقتل الشنيع خاشقجي، وهذا يشمل الاستماع أو المراقبة أو التتبع أو جمع المعلومات".

كما رفض المسؤولون في كانديرو وفيرينت والحكومة السعودية التعليق على المسألة.

وتأتي هذه العلاقات التجارية المتنامية بينما تحاول إسرائيل بهدوء بناء علاقات مباشرة مع الحكومة السعودية.

والتقى رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، بنيامين نتنياهو، عدة مرات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كما التقى القادة العسكريون والاستخباراتيون في البلدين بشكل متكرر.

وفي حين أن السعودية لم تكن طرفا رسميا في اتفاقيات أبراهام - المبادرات الدبلوماسية خلال نهاية إدارة ترامب لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية - عمل القادة السعوديون وراء الكواليس للمساعدة في التوسط في الصفقات، وفق التقرير.