"نحن معكم".. كيف تحاول أذرع إيران القفز على منجزات المقاومة الفلسطينية؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعدما فاجأ سلاح المقاومة الفلسطينية الجميع بتطوره وفاعليته، ولا سيما الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى التي أمطرت تل أبيب وما حولها، تحاول مليشيات تابعة لإيران في العالم العربي القفز على منجزات الشعب الفلسطيني لتلميع صورتها في المنطقة.

على خلفية محاولة إسرائيل تهجير أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة ومحاصرة المسجد الأقصى والمرابطين فيه، اشتعلت مواجهة بين المقاومة الفلسطينية في غزة والاحتلال الإسرائيلي في 10 مايو/ أيار 2021.

اتصالات ومواقف

طيلة الأيام التي سبقت التصعيد العسكري، لم يصدر أي تصريح من المليشيات الموالية لإيران في المنطقة بخصوص أحداث حي الشيخ جراح وتدنيس المسجد الأقصى، لكن مع اندلاع الحرب وتصاعد الانتقادات لما يسمى بـ"محور المقاومة"،  تواصلت بعض زعامات المليشيات مع قادة المقاومة الفلسطينية.

وأعلن زعيم مليشيا "النجباء" في العراق أكرم الكعبي، والتي تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا، أن أیدي "المقاومة" العراقية تطال عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما أبدى الاستعداد للتعاون مع المقاومة الفلسطينية، وفق بيان لمكتب المليشيا في 12 مايو/ أيار 2021.

وقال الكعبي خلال لقاء جمعه مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والأمين العام لحركة "الجهاد" الإسلامي زياد النخالة، إن "الشعب العراقي يقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ويدعم جهوده للتخلص من الكيان الصهيوني المحتل المتوحش، وأنا شخصيا لدي الرغبة لمحاربة الأعداء على أرض فلسطين المقدسة".

وأبدى استعداد حركته لأي تعاون عسكري أمني مع "الأشقاء الفلسطينيين"، مشيرا إلى أن "النجباء تراقب جميع التحركات غير الرسمية للصهاينة في العراق، كما نعد بأن المقاومة يمكن أن تقف عسكريا مع الشعب الفلسطيني في أي مواجهة وأن تطال يداها أعماق الأراضي المحتلة".

من جهته، أجرى زعيم مليشيا "بدر" حليف إيران الأول في العراق هادي العامري في 14 أيار/مايو 2021 اتصالين هاتفيين مع إسماعيل هنية وزياد نخالة كل على حدة.

وأكد العامري خلال الاتصال وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني والقدس وبيت المقدس وغزة والمقاومة، مشيرا إلى أن صواريخ المقاومة اليوم تكتب تاريخا جديدا للأمة الإسلامية والعربية.

وشدد على أن "هناك اليوم معادلة جديدة، صاروخ بصاروخ، وأن "صواريخ المقاومة طالت كل الأرض الفلسطينية المحتلة"، لافتا إلى أن "المقاومين" في العراق يقفون إلى جانب الفلسطينيين، بالقول: "إن شاء الله نحن معهم في هذه المعركة المقدسة، معركة الأمة".

وبدعوة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أيدها زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، الجناح السياسي للفصائل الشيعية الموالية لإيران، خرجت وسط بغداد مظاهرة نددت بالاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني الأعزل وانتهاك المقدسات الإسلامية في المسجد الأقصى الشريف.

تلميع الصورة

لكن مع اقتصار هذه المليشيات والأذرع الإيرانية على ما أبدته من مواقف وتصريحات رغم تأسيس الكعبي في 2007 لواء الجولان، وإعلان الصدر تشكيل "فرقة القدس" عام 2021، فإن موالين لإيران زعموا أن صواريخ المقاومة الفلسطينية التي دكت تل أبيب مؤخرا ما هي أسلحة إيرانية.

وربط الكاتب والناشط المقرب من المليشيات الإيرانية في العراق، أحمد الذواق بين صواريخ المقاومة وحرق القنصلية الإيرانية بمدينة كربلاء العراقية في 9 مايو/ أيار 2021 على يد متظاهرين غاضبين ردا على اغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني، والذي اتهمت باغتياله مليشيات موالية لإيران.

وقال الذواق خلال تغريدة نشرها على "تويتر" في 10 مايو/ أيار 2021 إنه عندما نقول إن بعض المتظاهرين دخلوا ضمن صراع المحاور لا أحد يصدق، فما حصل من حرق للقنصلية الإيرانية ليس عفويا، بل دفع من دول كبرى. لكن الشيء الجميل أن إيران لم ترد على المتظاهرين بل ردت على من دفعهم "(صواريخ إيران تم تفعيلها من قبل شباب فلسطين)".

وفي تغريدة أخرى نشرها في 12 مايو/ أيار 2021، قال الذواق إن "السلاح الذي يقصف إسرائيل الآن هو السلاح المنفلت هو الذي غير المعادلة"، في إشارة منه إلى سلاح إيران المنتشر بيد المليشيات الموالية لها، والتي تطالب قوى عراقية بحصره في يد الدولة.

وفي حديث لـ"الاستقلال" قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، لطيف المهداوي إن "تصريحات الموالين لإيران وتسابق قادة المليشيات على الاتصال بقادة المقاومة الفلسطينية ما هي إلا محاولة لتلميع صورتهم التي تعرت في العراق واليمن وسوريا ولبنان".

وأوضح المهداوي أن "المليشيات العراقية هذه وحزب الله اللبناني والحوثيين، كلهم موغلون بدماء العرب والفلسطينيين على وجه التحديد، فلا يخفى على أحد أن مليشيا جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر، ومليشيا بدر بقيادة هادي العامري، هي من قتلت عشرات الفلسطينيين بأبشع الطرق، وهجرت المئات منهم".

ولفت إلى أن "إيران اليوم في موقف حرج فهي لا تريد إثارة غضب أميركا ضدها في الوقت الحالي، لكنها تحاول أن تصور لهم أنها تمتلك أوراق ضغط حتى في الداخل الفلسطيني، لكن الحقيقة أن المقاومة الفلسطينية لم تكن يوما بيدقا بيد طهران، فهم يقاومون الاحتلال بإمكانياتهم منذ أكثر من 70 عاما".

وفي السياق ذاته، يقول الكاتب والباحث العراقي مجاهد الطائي خلال تغريدة على "تويتر" في 14 مايو/ أيار 2021: إن "بيادق سليماني في العراق تذهب إلى سوريا ولبنان واليمن ما عدا فلسطين؛ وهي ترفع شعار تحرير القدس".

وتابع: "اختصاص عملها؛ التهجير والقتل ومساندة المجرمين في المنطقة ونشر المخدرات والاتجار بالبشر وتهريب العملة والنفط والآثار. فلسطين على حدود لبنان وسوريا.. صواريخكم تصل السعودية ولا تصل إسرائيل!".

وفي 2009 أظهر تقرير استقصائي عرضته قناة "الجزيرة" مقتل نحو 200 فلسطيني من الفترة عام 2004 - 2007 على يد مليشيا "جيش المهدي" بزعامة مقتدى الصدر، ولواء الذئب (أحد تشكيلات وزارة الداخلية العراقية)، والذي تشكل مليشيا "بدر" بقيادة العامري غالبية عناصره.

وبحسب التقرير ذاته، فإنه لم يتبق في العراق سوى 15 ألف فلسطيني من أصل 25 ألفا كانوا لاجئين في العراق قبل الاحتلال الأميركي عام 2003، مع اختفاء عشرات الفلسطينيين الذين أصبحوا في عداد المفقودين.

مصادر السلاح

وعلى صعيد حركة "حماس" ومصادر السلاح المتطور، فقد صرح رئيسها في الخارج خالد مشعل خلال مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" في 13 مايو/ أيار 2021، أن "تصنيع الأسلحة يجري في قطاع غزة. لا يجري تزويد الحركة بأية صواريخ من خارج القطاع".

وأوضح مشعل أن "تهريب الأسلحة متوقف منذ سنوات وهذا معلوم حتى لإسرائيل وأميركا، وأن السلاح في غزة مصنع داخلها".

وتابع: "نعم استفدنا من خبرات عديدة من إيران ومن دول أخرى ومن مبادرات من أحرار الأمة وقوى المقاومة. استفدنا من كل ذلك وصنعنا سلاحنا، وبالتالي تغلبنا على تهريب الأسلحة".

وأكد مشعل في الوقت نفسه أن "قرار المقاومة لا يخضع لتدخل من قبل أي من الأطراف الإقليمية والدولية".

وأردف بالقول: "لا دخل للعواصم الإقليمية والعالمية في حقنا بالمقاومة والدفاع عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، ولا نسمح لصديق ولا لغيره بالتدخل في قرارانا، وإنما القرار هو نابع من المقاومة".

وبخصوص إيران وصف مشعل العلاقة مع طهران بـ"الممتازة.. هي تقف مع الحق الفلسطيني وتشكر على ذلك.. نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول.. ولسنا جزءا من أجندتها في الساحات الأخرى".

وكشف القيادي في حركة "حماس"، خالد مشعل، في 14 مايو/ أيار 2021، أن مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة وروسيا تبذل جهودا للتوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار، دون أن يوضح إن كان تحقق أي تقدم في ذلك.