"تكرار النموذج".. هذه خيارات المعارضة السورية لمواجهة انتخابات الأسد

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

على وقع الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام السوري إجراءها في 26 مايو/ أيار 2021، تدور تساؤلات حول خيارات قوى المعارضة تجاه ذلك، وهل تشهد مناطق سيطرة النظام وحلفائه تصعيدا خلال المرحلة المصاحبة لانتخابات محسومة النتائج سلفا لصالح الأسد.

وسط رفض من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعديد من دول المنطقة، يصر النظام إجراء هذه الانتخابات التي تصفها قوى المعارضة بأنها "مسرحية هزلية" الهدف منها إعادة تدوير بشار الأسد بدعم من روسيا وإيران بعدما فقد شرعيته.

خيارات المعارضة

في أول ردة فعل من قوى المعارضة السورية على إعلان النظام إجراء انتخابات الرئاسة، استنكر "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" الخطوة، ووصفها بأنها "مسرحية" ستشرف عليها الأجهزة الأمنية في ظل "شرعية ماتت منذ أول قطرة دم سفكها النظام".

وقال رئيس الائتلاف نصر الحريري، عبر "تويتر" في 4 مايو/ أيار 2021 إن "مسرحية النظام الرديئة حول الانتخابات مجرد حفلة تنكرية فيها أكثر من خمسين مدعو يدعون منافسة رئيس العصابة وهم من شبيحته وأتباعه، يرفعون صوره في ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل ويكتبون سوريا الأسد".

وأضاف الحريري أن "إدراكهم عاجز عن تصور سوريا العظيمة؛ إنهم ينتمون لحظيرة الأسد. للمحاكمة لا للحكم".

وبخصوص خيارات المعارضة، قال عضو "الائتلاف" يحيى مكتبي في حديث لـ"الاستقلال" إن "الائتلاف يعمل على مستويات عدة سياسية وقانونية وإعلامية، لمواجهة هذه المسرحية الهزلية المسماة انتخابات".

وأضاف: "أرسلنا العديد من المذكرات إلى العواصم الفاعلة حول العالم والمنظمات الدولية والأمم المتحدة  لتبيان أن هذه الانتخابات هي ضرب بعرض الحائط لكل الجهود الدولية لتحقيق حل سياسي في سوريا مبني على القرارات الدولية وخاصة بيان جنيف رقم واحد، والقرار رقم 254، ونتواصل مع تلك الدول لحثها ومطالبتها بإجراءات صارمة تجاه هذه المسرحية التي تدعى الانتخابات".

وفي الجانب القانوني، أوضح مكتبي: "نعمل على تسليط الضوء من جديد على إجرام النظام وعمليات القتل الممنهجة التي جرت خلال سنوات الثورة من خلال استخدام نظام الأسد لجميع أعتدة وأسلحة الجيش ضد الشعب السوري، من ضمنها البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية التي أثبتتها تقارير دولية موثوقة ومحايدة".

ولفت إلى أن "هذا النظام لا يمكن أن يعطي أي ضوء لأن يكون هناك مرشح آخر للانتخابات الرئاسية. أي إنسان يريد أن يشغل أي منصب في شركة أو أي مكان، فيجب أن يأتي بسجل خال من الأحكام، بينما بشار الأسد وعصابته سجلهم حافل بجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب".

أما الجانب الثالث الذي تتحرك عليه المعارضة، هو الملف الإعلامي، إذ يقول مكتبي إن "الائتلاف يعمل من خلال خطة بالتعاون مع جهات إعلامية سورية من أجل توضيح هذه الحقائق أن ما يقارب من ثلثي الشعب السوري خارج سيطرة نظام الأسد وهذا الأمر يطعن بشرعية ومصداقية ما يسمى الانتخابات.

فأين بقية الشعب من موضوع التصويت، أين رأيهم والجميع يعلم أن هذه الأعداد الكبيرة من السوريين فروا من إجرام الأسد وانتشروا في بلدان عديدة في دول الجوار وحول العالم، وفق تساؤلاته.

وطالب عضو "الائتلاف" المعارض "دول العالم ألا تكتفي بعدم الاعتراف بما يسمى الانتخابات، بل أن يكون هناك عواقب وعقوبات تشدد الخناق على نظام الأسد وتكون الرسالة واضحة أنه لا يمكن الاستخفاف بالإرادة الدولية".

تكرار النموذج

من جهته، قال الخبير العسكري والإستراتيجي السوري المعارض، أحمد رحال إن "المعارضة السورية تعتبر الانتخابات غير شرعية، ولا يحق لبشار الأسد الترشح فيها وإجراء الانتخابات، كما لا نعترف بالدستور الذي أنتجه الأسد وحصر السلطات الثلاثة القضائية والتنفيذية والتشريعية بشخصه، إضافة إلى أنه القائد العام للقوات المسلحة".

وأضاف رحال في حديث لـ"الاستقلال" أن "هذه مسرحية لا نعترف فيها وغير شرعية، فإذا أراد أي سوري شغل وظيفة صغيرة في مؤسسات الدولة السورية، فيجب أن يأتي بشهادة حسن سيرة وسلوك".

أما بشار الأسد فقد شرد 14 مليونا، وقتل مليونا واعتقل بعددهم، ودمر البنية التحتية السورية والتي تقدر بنحو 600 مليار دولار. وجوع الشعب، وتركه بلا ماء ولا دواء وكهرباء، كما قال.

وتساءل الخبير السوري، قائلا: "بأي عين يريد هذا النظام عمل انتخابات؟ بماذا يعد السوريين، هل ببراميل الموت والدبابات؟ أي سيادة يريد حماية شرعيتها، فعلم إيران والروس وقوات فاجنر ومليشيات فاطميون، كلها مسرحية فاشلة ولا شرعية لها، وأن والشعب السوري لو يملك القرار الحقيقي فإن مصير بشار الأسد هو محكمة لاهاي الدولية".

من جانبه، قال رئيس المكتب السياسي في "الجيش الوطني السوري" مصطفى سيجري خلال تصريحات صحفية في 18 أبريل/ نيسان 2021: "نحن في المعارضة وقوى الثورة السورية غير معنيين بهذا الإعلان (الانتخابات الرئاسية)".

وأضاف: "نعتبر برلمان الأسد فاقدا للشرعية، ودعوته باطلة ولن تعدو كونها مسرحية هزلية جديدة ومحاولة بائسة لإعادة إنتاج الأسد ونظامه الإرهابي".

وفي السياق ذاته، يرى الباحث في مركز "جسور" للدراسات، عبد الوهاب عاصي، أن "ما يقوم به النظام تكرار لمسرحية عام 2014 بعد إخفاق روسيا في مساعي الوصول إلى تسوية مع الولايات المتحدة والغرب".

وقال عاصي خلال تصريحات صحفية في 20 أبريل/ نيسان 2021: "من الواضح أن إعلان الانتخابات تعبير عن إخفاق جهود روسيا في التوصل إلى تسوية سياسية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي إقناع شخصيات من المعارضة السورية بالترشح للانتخابات".

ويرى أن "روسيا باتت على قناعة بعدم وجود خيار سوى تكرار نموذج انتخابات عام 2014 في محاولة لإظهار قدرتها على تحدي الغرب عبر استمرار التمسك بالنظام السوري وخرق القرار 2254 (2015) الذي يدعم فقط إقامة انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة".

وتابع، قائلا: إن ذلك يدعو النظام إلى "تكرار نموذج انتخابات 2014، عبر وجود مرشحين شكليين مقابل بشار الأسد الذي سيفوز حتما بنسبة تتراوح بين 80 و85 بالمئة، أي أقل من 88 المئة التي سجلت قبل 7 سنوات، كتعبير مضلل عن الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي".

تصعيد محتمل

وعلى الصعيد الأمني، قال المحلل العسكري المعارض، إسماعيل أيوب، إن "الأسد ما زال يحشد ضباطه الموالين له من الطائفة العلوية للسيطرة على جيش النظام، وييدو هذا جليا في سلاح الجو وفي فروع المخابرات بمختلف أنواعها".

 ورغم محاولته لترميم جيشه المتهالك فإن بشار سيفشل حتما في ذلك، ولولا الدعم الروسي والإيراني اللامحدود لكان ذلك الجيش انهار منذ أمد بعيد، وفق ما قال خلال تصريحات صحفية في 5 مايو/ أيار 2021.

وتوقع أيوب أن "تزداد الأوضاع الاقتصادية صعوبة في المناطق الخاضعة للنظام رغم محاولة روسيا وبعض الأنظمة العربية تعويمه، ومن غير المستبعد أن نرى تظاهرات في السويداء ودرعا وحتى في مناطق الساحل للاحتجاج على غلاء المعيشة وارتفاع حدة الفقر المرتفعة أصلا ناهيك عن انتشار البطالة والفلتان وجرائم المخدرات والقتل وغيرها".

وخلص إلى القول: إن "إعلان الأسد بالترشح والفوز لاحقا كان أمرا محتوما، ولكن كلنا ثقة أن هذا النظام ساقط لا محالة مهما طال الزمن لعوامل عديدة، منها أن روسيا وإيران ستكونان عاجزتين عن دعمه ماديا إلى فترة طويلة، ولأن الشعب بالأساس كان قد قال كلمته منذ أول يوم من الثورة".

وتحدثت مواقع قريبة من النظام السوري في 4 مايو/ أيار 2021 عن احتمالية تصاعد التوتر الأمني في مدينة درعا، مشيرة إلى أن تقديرات غير رسمية أحصت نحو 50 عملية اغتيال أودت بـ 40 شخصا وإصابة نحو 10 أشخاص نجوا من الموت أغلبها عبر استخدام أسلحة رشاشة يحملها ملثمون عبر دراجات نارية أو تفجير عبوات ناسفة في ريف درعا الغربي والشرقي على السواء.

ونقلت عن مسؤولين في النظام السوري، قولهم إن "التصعيد الأمني متوقع تبعا لاقتراب موعد الانتخابات الرئاسية"، مشيرين إلى "تهديدات ومنشورات وأحيانا كتابات على بعض جدران القرى لتخويف المدنيين من المشاركة".

وقال حسين الرفاعي مسؤول حزب البعث في درعا هناك هجمات لها علاقة بمحاولة التشويش على أجواء الاستقرار في المحافظة، وأن التصعيد الأمني الأخير يرتبط بمحاولة إحداث خلل أمني يسبق الانتخابات الرئاسية.

وقارن الرفاعي الأوضاع الحالية بانتخابات مماثلة أقامها النظام عام 2014، بالقول: إن الانتخابات جرت وقتها يوم كانت معظم المحافظة خارج السيطرة ونجحت، لافتا إلى جاهزية كل المؤسسات العسكرية والأمنية والحزبية والأهلية لإنجاح تلك الانتخابات.

لكن المحامي والحقوقي السوري المعارض، أنور البني، رأى خلال تصريحات نشرها على "فيسبوك" في 19 أبريل/ نيسان 2021 في "لعبة الانتخابات" التي يؤديها النظام فرصة ذهبية لنزع الشرعية عنه في الأمم  المتحدة وسحب مقعد الجمهورية العربية السورية منه.

وقال البني: "هي فرصة كبيرة باعتبار أن الانتخابات التي لا تجري بموجب القرار 2254 هي باطلة وغير شرعية ويتوجب بعدها تعليق عضوية سوريا بكل المحافل الدولية، وذلك لعدم وجود من يمثل سوريا وشعبها، وأن الذين سيحكمون بعد الانتخابات هم مجرد مجموعات مسلحة تسيطر على بلد وشعب بقوة السلاح والنار".

وأكد المحامي السوري أن "الانتخابات قبل القرار 2254 الصادر عام 2015 تختلف عنها بعده.. لا شرعية دولية ولا إقليمية لأي انتخابات ولا لأي سلطة تأتي، لا تحقق شروط القرار الدولي". وتابع: "هذه الانتخابات هي الفرصة الكبيرة لنزع الشرعية عن نظام الإجرام بدمشق، وتجميد عضوية سوريا بكل المحافل الدولية".

وفي تطبيق عملي لاستثمار "الفرصة الذهبية" أشار البني خلال تصريحات صحفية في 5 مايو/ أيار 2021، أنه جهز رسالة موقعة من 120 منظمة وهيئة محلية من داخل وخارج سوريا، إضافة إلى مئات الشخصيات السورية لتوزيعها على جميع السفارات ووزراء الخارجية في العالم، ويجرى فيها المطالبة والتأكيد على ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية الخاصة بسوريا.

وختم البني تصريحاته بالقول: "سنضع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أمام لحظة الحقيقة وهي إما أن يثبتوا أن القرارات الدولية تحترم وتنفذ أو أنها ستبقى مجرد حبر على ورق".