تلعب دورا في السلامة النفسية.. هذه فوائد تربية طفلك لحيوان أليف

12

طباعة

مشاركة

في مقاله بمجلة "سيكولوجي توداي" يوليو/تموز 2017، وقف أخصائي علم الحيوان الإنساني هال هيرزوغ، على الدور الذي تلعبه الحيوانات الأليفة في السلامة النفسية للأطفال.

الأخصائي وأستاذ علم النفس في جامعة ويسترون كارولينا بمدينة كالوي بولاية نورث كارولينا الأميركية استند إلى 22 دراسة، أثبتت كلها مدى تأثير الحيوانات الأليفة على نمو الطفل وارتفاع احترام الذات لديه.

كما أثبتت الدراسات أيضا تأثير الحيوانات الأليفة على تنمية معرفة الطفل ومهاراته الاجتماعية، ويشمل ذلك تأثيرها على الحد من التوتر لديه، وتقديم الدعم الاجتماعي والرفقة، وتحسين مهارات التواصل لدى الأطفال.

صحة أفضل

في استطلاع أجرته مؤسسة "راند" الأميركية للأبحاث، على ألفين و955 طفلا يعيشون في منزل فيه كلب أو قطة، وألفين و236 طفلا (تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما) يعيشون في منازل ليس فيها حيوانات، ظهر أن الذين يمتلكون حيوانات أليفة أفضل حالا بشكل عام.

تمتع هؤلاء الأطفال بصحة بدنية وعقلية أفضل، ونشاط أعلى كما كانوا أقل مزاجية ومشاكلهم السلوكية والتعليمية أقل من أقرانهم، لكنهم بالمقابل كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب نقص الانتباه أو فرط النشاط.

وذهبت بعض الدراسات إلى حد الربط بين تربية الحيوانات الأليفة في المنزل وانخفاض معدلات الإصابة بالربو عند الأطفال.

ويتفق العديد من الخبراء على أن الطفل يجب أن يكون عمره 6 سنوات على الأقل قبل أن يتم إحضار قطة صغيرة أو كلب إلى الأسرة، وعلى الوالدين تحديد إذا ما كان الطفل ناضجا بما يكفي للتعامل مع حيوان صغير بعناية.

ويمكن أن تكون رعاية حيوان أليف تجربة مفيدة لجميع أفراد الأسرة، وفقا للأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، حيث يمكن للأطفال الذين تربوا مع الحيوانات الأليفة وطوروا مشاعر إيجابية تجاهها، أن يطوروا علاقات الثقة مع الآخرين وتطوير التعاطف والرحمة والتواصل غير اللفظي.

وفق الدراسات، يتعلم الأطفال الذين يساعدون في رعاية الحيوانات الأليفة السلوك المسؤول واحترام الكائنات الحية، ويمكنهم أن يهمسوا لهم بأفكارهم السرية بدلا من أن يفعلوا ذلك مع لعبتهم المفضلة.

ويمكن أن تساعد الحيوانات الأليفة الأطفال أيضا في التعرف على دورة الحياة وتطوير العلاقة مع الطبيعة، وربما الأهم من ذلك، أن الحيوانات الأليفة تعلم أطفالنا الولاء والحب، حسب خبراء.

الدراسات أشارت إلى فائدة تربية الحيوانات في التنبه للمشاكل النفسية لدى الطفل، فمع أن معظم الأطفال لطيفون مع الحيوانات الأليفة، فإن البعض قد يكون عنيفا معها، ما يجعلها سببا في التنبه بوجود مشاكل لدى الطفل تستدعي زيارة الطبيب النفسي.

وبحسب ما ذكره الطبيب البيطري مايكل لاندا من لوس أنجلوس، "عندما يرتبط الأطفال بكلب أو قطة فإنهم يتعلمون التعبير عن أنفسهم أكثر، ويتعلمون بناء العلاقات بشكل أفضل"، في إشارة إلى تنمية الشخصية.

توصيات هامة

المتخصصون في سلوك الأطفال أكدوا أن وجود حيوان أليف في المنزل - على عكس الأجهزة الرقمية- يقلل من متوسط ​​مستويات التوتر والقلق.

لكنهم شددوا على أن الحيوانات الصغيرة هشة وبالمقابل يمكنها أن تؤذي بسهولة إذا أحست بالخطر، خاصة إذا كان الأطفال فضوليين يحبون التجربة عن طريق سحب ذيولهم، إذ تلعب الجراء والقطط الصغيرة بمخالبها وأسنانها.

وينصح الخبراء بأن تشرح لأطفالك أن الكلاب والقطط تشبههم تماما: إنهم بحاجة إلى وقتهم الهادئ، كما يجب أن يعرف أطفالك أن حيوانك الأليف جزء من العائلة وليس لعبة، كما أنهم يحتاجون إلى الكثير من الرعاية الإضافية والتدريب، والتي يمكن أن تضيف عبئا إضافيا على الأم إذا كان الأطفال صغارا.

قد يكون الخيار الأنسب، كلب بالغ ودود (يبلغ من العمر عامين أو أكثر)، أو قطة لها تاريخ من الوجود حول أطفال صغار أو حيوان أكبر سنا يتمتع بمزاج هادئ ورائع أكثر ملاءمة. 

ينصح المتخصصون بأن تناقش مع طبيبك البيطري، وتبحث على الإنترنت وفي الكتب، وتتحدث إلى خبراء القطط أو الكلاب لمعرفة السلالة التي قد تكون الأفضل لعائلتك وأسلوب حياتك.

كما ينصحون أيضا بألا يترك الأطفال الصغار مع الحيوانات الأليفة دون إشراف، إذ ليس من الطبيعي توقع أن يتحمل الطفل المسؤولية الكاملة عن رعاية كلب أو قطة.

تحتاج الحيوانات الأليفة إلى الطعام والتمارين الرياضية والتدريب والرعاية البيطرية، وحتى التخلص من النفايات، والطفل وإن كان بالغا لن يتمكن من الالتزام بهذه المسؤوليات بمفرده، لكن امتلاك حيوان أليف طريقة رائعة لتعليم الأطفال الثقة والمسؤولية والالتزام.

سلامة أطفالك

يتعرض الأطفال لخطر متزايد من لدغات الكلاب لعدد من الأسباب المختلفة، قد لا يتمكن الأطفال من تفسير لغة جسد الحيوان، والتي قد تكون علامة تحذير قبل الخطر. 

قد ينحني الكلب الخائف أو القلق على الأرض، أو يضع ذيله بين ساقيه أو يسطح أذنيه للخلف، وقد ينفخ الكلب العدواني الفراء ليحاول الظهور بشكل أكبر أو يظهر أسنانه للتحذير.

أحيانا يخيف الأطفال الحيوانات بمجرد القيام بأشياء عادية بالنسبة للطفل، فقد يكون اللعب بصوت عال مخيفا للكلاب، وقد يحاول الأطفال الفضوليون اللعب في طعام الكلب، أو استكشاف منطقة خاصة به مثل مكان نومه، هذه الأنواع من السلوكيات، رغم أنها طبيعية للأطفال، قد تكون مصدر قلق للحيوان.

ولتجنب أي خطر على الطفل تنصح الجمعية الأميركية للطب البيطري بالتأكد من أن الحيوان الذي تختاره يناسب منزلك بشكل جيد، مثل الكلاب التي تشعر براحة أكبر حول الناس والحيوانات الأخرى، فهي أقل عرضة للخوف من تفاعلات من حولها.

ويساعد تدريب الحيوان على بناء علاقة ثقة بينك وبينه، وتشدد الجمعية على أن الحيوانات المريضة أو التي تتألم هي أكثر عدوانية، ويحذر المتخصصون من الإشارات السلوكية التي يرسلها الحيوان، والتي يجب أن يتعلمها الأطفال.

الجمعية البيطرية تقول في تعليماتها: راقب دائما الأطفال حول الحيوانات، لا تترك الطفل أو الرضيع بمفرده مع كلب. حتى حيوان أليف محبوب يمكن أن يعض في ظل ظروف خاطئة، وإذا تعرض طفلك للعض أو الإصابة من أي حيوان، فاطلب العناية الطبية على الفور.

ذكاء بيئي

الباحثة في أصول التربية وثقافة الطفل أمل زكريا، أوضحت أن كل طفل خلال نموه الذهني والمعرفي يتوفر على الذكاء البيئي، والذي ينمو من خلال احتكاكهم بعناصر البيئة الطبيعية، مثل الحيوانات والطيور والنباتات.

مشيرة إلى أن هذا الاحتكاك يتم عبر اللمس والاكتشاف والتعامل معها، كل هذه العوامل تكون لدى الطفل ارتباطا بالبيئة، وإن كان غير مرئي.

تطوير الذكاء البيئي الذي قد يتوفر بنسب متفاوتة لدى الأطفال، تقول الباحثة لـ"الاستقلال": من واجب الأم أن تنميه، فقد يحدد مجال دراستهم وعملهم في المستقبل. وإن كانت تنمية الذكاء البيئي تواجه عددا من الصعوبات بسبب طبيعة أماكن العيش، إلا أن من واجب الأبوين توفير ما قد يساعد على ذلك، مثل رعاية حيوان أليف في المنزل أو تخصيص وقت للعب في غابة أو حديقة تتوفر فيها أنواع من النباتات. 

وترى الباحثة أن وجود حيوان أليف في المنزل أمر مهم جدا، وإن كانت له سلبيات مع الإيجابيات التي منها إحساس الطفل بالمسؤولية وتعويدهم على الرحمة والرأفة وتنمية العلاقات بينهم وبين الحيوانات وكسر حاجز الخوف مع الحيوان ما يجعل التعامل مع الآخر عموما سهلا ويجعل فكرة تقبل الاختلاف أكثر سهولة.

وفق أمل زكريا، هناك دراسات أثبتت أن وجود حيوانات في المنزل يساعد على إفراز هرمون السعادة لدى الأطفال، زيادة على تعزيز الثقة في النفس لديه، لشعوره بأن لديه مسؤوليات.

خطر الانطواء

غير الجانب السلوكي، أوضحت المتحدثة، بأن الطفل في علاقته مع الحيوان يمر بتجارب من المفترض أن نختبرها على مدار الحياة في العلاقات الإنسانية، مثل تجربة الفقد أو التعرض لمشكلة أو الإصابة بمرض، تجربة التكاثر، وهي مشاعر في حال تأخر اختبارها خصوصا مع أشخاص مقربة، قد تُدخل الطفل في صدمات نفسية.

حددت أمل زكريا السلبيات في كون بعض أنواع الكلاب والقطط تحتاج إلى رعاية طبية مستمرة، كما أن بعضها يكون ناقلا للأمراض، وقد يجعل ذلك بعض الأسر تتخوف، لكن الاهتمام باللقاحات ومتابعة الطبيب البيطري قد يجعل الأسر تتجنب كل ذلك.

رعاية حيوان في المنزل يتطلب توفير بيئة مناسبة كتلك التي كان يعيش فيها، بالإضافة إلى الإلمام بكل المعلومات عن الحيوان وتعليمها للطفل، ورعاية حيوان في المنزل مشروط بأن يلمّ الأبوان والأطفال بكل هذه التفاصيل، وفق الباحثة.

ولفتت المتخصصة إلى ضرورة حرص الأسر على خلق نوع من التوازن في علاقة الطفل بالحيوان الأليف، فيمكن أن يكون الأخير كاسرا لوحدته وأن يؤثر على سلوكه، لكنه في الوقت نفسه قد يجعله أكثر انغلاقا على نفسه وقد يصبح الطفل مائلا إلى الوحدة أكثر، لذلك من الضروري خلق تواصل بشري دائم في محيط الطفل سواء بوجود حيوان أليف أو من دونه.

الكلمات المفتاحية