لوموند: هكذا أعطت باريس "الضوء الأخضر" للإبادة الجماعية في رواندا

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة فرنسية الضوء على مراجعة مؤرخي "اللجنة الوطنية للتحقيق في دور فرنسا في الإبادة الجماعية برواندا"، شروط تشكيل الحكومة المؤقتة برواندا في أبريل/نيسان 1994.

وأوضحت لوموند أن "تقرير لجنة فنسان دوكلير سلط الضوء على حادثة مليئة بالرمزية، وهي الظروف التي تم فيها تشكيل حكومة الإبادة الجماعية والمصادقة عليها من قبل الدبلوماسية الفرنسية، رغم التحفظات العديدة في هيكل الدولة بباريس". 

في 6 أبريل/نيسان 1994، وحوالي الساعة 20:20 مساء، مثل مقتل الرئيس جوفينال هابياريمانا، إثر إطلاق صاروخين من طراز "SA-16" على طائرته عند الاقتراب من مطار كيغالي، الإشارة التي كان ينتظرها متطرفو "الهوتو".

وأكدت لوموند أنه "تم بشكل منهجي إبادة كل من تم وضع علامة توتسي على بطاقة هويتهم، واندلعت أعيرة نارية في جميع أنحاء العاصمة كيغالي، وانزلقت المدينة في حالة من الفوضى". 

الفخ الرواندي

وأشار تقرير لجنة دوكلير إلى أن مذكرة نشرتها المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE)، والتي تم توزيعها على نطاق واسع، تصر على "عدم مشاركة قوات الجبهة الوطنية الرواندية (حركة سياسية عسكرية تتألف من التوتسي، والذين يصر جنرالات الإليزيه على اعتبارهم معتدين خارجيين) في الأحداث، لكن رغم ذلك يتم تجاهل تلك المذكرة". 

وبحسب تقرير لجنة دوكلير، فإن "أول قياس لرد الفعل السياسي في باريس كان مفاده بأنه: يجب ألا تعود فرنسا تحت أي ظرف من الظروف إلى الفخ الرواندي".

ففي 7 أبريل/نيسان 1994، أصدر السفير الفرنسي في رواندا، جان ميشيل مارلو، تعليمات لاستقبال جميع الشخصيات السياسية التي تشعر بالتهديد في السفارة.

وفي اليوم التالي، أبلغ عن وجود أكثر من 90 لاجئا، من بينهم 10 وزراء وبعض الدبلوماسيين ومسؤولين كبار مرتبطين بمتطرفين من "الهوتو"، خوفا من هجوم للجبهة الوطنية الرواندية. 

وأشار السفير مارلو إلى أنه "جرى تنظيم اجتماع تحضيري في السفارة حول تشكيل حكومة انتقالية جديدة، لا سيما لملء الفراغ المؤسساتي وتعيين خليفة مؤقت لرئيس الدولة". 

وتم تشكيل الحكومة الرواندية المؤقتة (GIR)، بوزارة القوات المسلحة، في ظل وجود "لجنة سلامة عامة" عسكرية، "وبالتالي وفق التقرير من المحتمل أن تكون تشكلت من قبل أكبر مسؤول في نظام الإبادة الجماعية للتوتسي، تيونيست باجوسورا.

وحذر السفير مارلو، باريس من الرئيس الجديد، تيودور سينديكوبوابو، وأن جان كامباندا هو رئيس وزرائها وأن الوزارات الأخرى مقسمة بين شخصيات من المعارضة الديمقراطية. 

وأطلقت المديرية العامة للأمن الوطني تنبيها جديدا يشير إلى أن الحكومة المؤقتة "لا تتميز بانفتاحها أو بتوازنها"، لأن "قادة المعارضة المؤيدين لدمج الجبهة الوطنية الرواندية إما قُتلوا بالفعل أو تم إقصاؤهم".

وفي اليوم نفسه، بحسب التقرير الدبلوماسي، تحدث السفير الفرنسي مع رئيس الدولة الجديد، سينديكوبوابو، الذي طلب منه "المساعدة من المجتمع الدولي وقبل كل شيء من فرنسا". 

ومساء 9 أبريل/نيسان، أرسل مارلو برقية دبلوماسية جديدة، قال فيها إنه تحدث إلى وزراء في الحكومة الرواندية المؤقتة وأنه ستجرى محادثات أخرى في الأيام التالية.

مطلق الحرية

لكن في 7 أو 8 أبريل/نيسان 1994، قتل اثنان من رجال الدرك الفرنسي وزوجة أحدهما في ظروف غامضة، لتقرر فرنسا التحضير لإجلاء رعاياها في إطار إطلاقها لعملية "أمارلس".

وفي 11 أبريل/نيسان، قبل الساعة الرابعة مساء بقليل، طلب من السفير الفرنسي بشكل عاجل للغاية إغلاق السفارة، وفقا للجنة، وقالت وزارة الخارجية لمارلو: "من حيث المبدأ، ستستقل آخر طائرة عسكرية فرنسية تغادر كيغالي".

وغادر التمثيل الدبلوماسي الفرنسي بعد أن "احترقت في حدائق السفارة -بمساعدة جندي من فوج المظلات الأول لمشاة البحرية- كومة من المحفوظات الدبلوماسية"، كما تؤكد اللجنة. 

بعد ذلك، تم تخصيص عدة رحلات، الأولى لموظفي السفارة والموظفين البارزين، والأخرى لـ"المعارضين السياسيين". 

وذكر التقرير أن "كل هؤلاء الأشخاص غادروا في طائرتين إلى عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، بانغي، مع القنصل ويليام بونيل الذي صحب معه كلبه الضخم". 

وأشارت لوموند إلى أن "مارلو واصل حياته المهنية كدبلوماسي، ولا سيما في بوليفيا وكولومبيا وأفغانستان، بعد أن عمل كمستشار دبلوماسي للحكومة، لكنه متقاعد في الوقت الراهن".

بعد رحيله ورحيل آخر الجنود الفرنسيين، سيكون لمرتكبي الإبادة الجماعية في الحكومة الرواندية المؤقتة مطلق الحرية، وفي غضون 3 أشهر، سيذبحون ما يقرب من مليون من التوتسي". 

وأوضحت أن "رئيس الحكومة الرواندية المؤقتة سينديكوبوابو، أحد كبار المسؤولين في المذابح التي نظمت بتواطؤ من المحافظين وزعماء الأحياء في رواندا، توفي في ظروف غامضة عام 1998".

وأشارت لوموند إلى أن "رئيس الوزراء كامباندا، حكم عليع بعد اعتقاله في كينيا قبل عام، بالسجن المؤبد بسبب الإبادة الجماعية من قبل المحكمة الجنائية الدولية المخصصة لرواندا، وهو حاليا يقضي عقوبته في مالي".