إدراج اللغة الصينية في المناهج السعودية.. هكذا سيجري تدريسها

الرياض - الاستقلال | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد أقل من عام على زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بكين، تبدأ وزارة التعليم السعودية رسميا مع بداية الفصل الثاني من العام الدراسي 2019-2020، بإدراج اللغة الصينية للمرحلة الثانوية في 8 مدارس مختارة في العاصمة الرياض، ومدينة جدة، والمنطقة الشرقية.

وصرحت المتحدثة الرسمية باسم التعليم العام، ابتسام الشهري، قبل بداية الفصل الدراسي بيوم واحد، أن اللغة الصينية ستكون مادة اختيارية للتسجيل، وتمثل المرحلة الأولى من خطة الوزارة لتدريسها على نطاق أوسع يشمل الطالبات في المدارس السعودية.

يأتي ذلك بعد اتفاق سعودي – صيني في فبراير/ شباط 2019 على وضع خطة لإدراج اللغة الصينية في جميع مراحل التعليم العام والتعليم الجامعي في المملكة، في خطوة اعتبرها قادة البلدين تعزيزا لعلاقاتهما على كافة المستويات.

وقوبلت زيارة محمد بن سلمان، إلى الصين، في فبراير/ شباط 2019، بردود أفعال متباينة، بالنظر لشراكة البلدين إستراتيجيا واقتصاديا، في مقابل اضطهاد الحكومة الصينية أقلية الإيغور المسلمة، وموقفها من اللغة العربية والدين الإسلامي.

حسب تقرير نشرته صحيفة "اليوم" السعودية، فإن إدراج اللغة الصينية من شأنه تعزيز التنوع الثقافي للطلاب في المملكة، بما يسهم في بلوغ المستهدفات الوطنية المستقبلية في مجال التعليم على صعيد رؤية 2030، ويمثل أيضا خطوة هامة باتجاه فتح آفاق دراسية جديدة أمام طلاب المراحل التعليمية المختلفة.

وأشار التقرير إلى أن الدول المتقدمة تدرس طلابها لغتين إضافيتين إلى اللغة الأصلية، والمملكة بدأت تحذو حذوها في هذا الاتجاه، غير أنها اختارت اللغة الصينية، بحكم أن بكين هي الشريك الاقتصادي الأكبر للسعودية، فضلا عن كونها أكبر اقتصادات العالم، ومن المتوقع أن تحتل المرتبة الأولى في العقود المقبلة.

وأضاف أن التحدث باللغة الصينية يمنح المواطن السعودي أولوية كبرى تمكنه من الاستفادة من الاقتصاد الصيني على مستوى التجارة والسياحة، حيث تسعى المملكة للاستفادة مستقبلا من هذه الإستراتيجية في المجال السياحي من خلال استهداف 20 مليون سائح صيني، الأمر الذي سيساهم في تحقيق المستهدف من إدراج اللغة الصينية في التعليم، وهو خلق 50 ألف وظيفة. 

برواز صيني

تداول ناشطون عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائمة المدارس الثانوية المرشحة لتدريس مادة اللغة الصينية في الرياض، والمنطقة الشرقية، ومحافظة جدة، والتي أظهرت 12 مدرسة مرشحة بصورة مبدئية، قبل أن تستقر وزارة التعليم على 8 منها فقط، وتبدأ فعليا في توزيع الكتب عليها الأحد 19 يناير/ كانون الثاني الجاري. 

وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نشر حساب مدرسة 91 للبنات بالرياض، صورا لبرنامج برواز الصين ضمن خطة المدرسة التشغيلية، في إشارة إلى استعداد المدارس لبدء تعليم اللغة الصينية.

كما نشر الحساب الرسمي لمدارس "دار العلوم" بشمال العاصمة الرياض، مقطع فيديو لتعليم اللغة الصينية في قسم "رياض الأطفال"، في خطوة تعد تأييدا لقرارات السلطات هناك بشأن التقرب من المارد الصيني.

في المقابل تساءل بعض الناشطين عن النتائج المستقبلية لتعليم لغة لا يفهمها "قادة" المدارس، ولا المشرفون التربويون ولا حتى مدراء التعليم، ولا حتى الوزير نفسه، في إشارة إلى وجود تحد كبير لتوطين جودة التعليم في المدارس السعودية.

فرحة السفير

في رد فعل متزامن، أعرب سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة، تشن وي تشين، عن شكره لإقرار السعودية اللغة الصينية لجميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات.

وعبر حسابه في "تويتر"، شكر السفير الصيني ولي العهد السعودي، مقدرا رؤيته كون اللغة الصينية هي لغة المستقبل.

ويأمل السفير أن يجيد الجيل الناشئ في المملكة، اللغة الصينية ويعشق ثقافة بلاده، ويعانق مستقبلا مشرفا للبلدين الصديقين، كما شكر وزارة التعليم السعودية على جهودها المبذولة، ووعد بأن تكون الصين شريكا وثيقا للمملكة في هذه المسيرة التي تعزز العلاقة بينهما.

وسيط لاتيني

كعادة الإعلام السعودي المؤيد والمقرب من دوائر النظام، فقد بذل جهدا كبيرا في حشد الدلائل على أهمية خطوة إدراج اللغة الصينية في التعليم العام والجامعي في المملكة، مركزا على أهمية وتأثير الاقتصاد الصيني عالميا، وازدياد أهمية تعليم لغته في المدارس في أمريكا، وأنها أصبحت موضوعا مهما في الدراسة بين الشباب في العالم الغربي.

وقالت صحيفة "سبق" المقربة من النظام: إن هناك تزايدا في أرقام المقبلين على اختبار "المهارة الصينية"، والذي وصل إلى 2000 متعلم أجنبي في عام 1991، وأصبح بحلول عام 2005، 750 ألف شخص نجحوا في ذلك الاختبار. 

وأضافت الصحيفة: "طبقا لمؤسسة الماندرين الحديثة، فإن هناك 550 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية تدرس برامج اللغة الصينية في الولايات المتحدة في عام 2015، وهو ما يمثل زيادة 100% في غضون سنتين، وفي الوقت نفسه، زاد مستوى معدل التقدم لفصول اللغة الصينية الجامعية 51% بين عامي 2002، و2015.

فيما تباينت ردود أفعال رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رجح "طالب عبدالمحسن" المؤيد لحركة "مسلمون سابقون من السعودية"، إمكانية نجاح المشروع بشرط إلغاء اللغة العربية، واعتماد اللغة الإنجليزية كلغة أولى، وتكون اللغة الصينية لغة ثانية في التعليم السعودي، مع إلغاء كل مواد الدين، وذلك احترازا من ضعف النتائج، بسبب ازدحام المواد ومجيء اللغة الصينية في المرتبة الثالثة.

وأقر آخرون بعد اطلاعهم على مقرر اللغة الصينية، أن الترجمة تظهر فيه بالأحرف اللاتينية كوسيط للترجمة إلى اللغة العربية، مؤكدا أنه لو قُررت على الطلاب بهذه الطريقة فسيواجهون صعوبة بالغة في تعلمها.

آخرون اعتبروا الأمر خطوة عظيمة من منظور أدبي وعلمي بحت، لكن إقرار الموضوع بهذا التجرد يذكر بوجود "احتمال استعماري"، خصوصا مع تحول الصين إلى دولة عظمى تحاول بسط نفوذها في المنطقة.

واستشهد أصحاب هذا الرأي بما فعلته الدول الاستعمارية في القرون القريبة الماضية، من فرض لغتها للتعامل السياسي والاقتصادي في الدول التي احتلتها، مثل الجزائر وتونس وغيرهما.

فيما شارك آخرون مقطع فيديو لأطفال يبكون في إفريقيا وهم يرددون النشيد الوطني الصيني، حيث أصبحت اللغة الصينية إلزامية في بعض الدول هناك، مما يظهر سيطرة الصين على التعليم، بعدما تغلغلت اقتصاديا في عدة دول.

ضد الإيغور

كان من الثوابت المعلنة لدى حكام السعودية، الدفاع عن الأقليات المسلمة، لكن الأمر تغير تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يؤيد حملة الصين لتغيير عقيدة مسلمي الإيغور، وكذلك اضطهاد ميانمار للروهينغا، حسب تقرير لموقع "لوبو لوغ" الأمريكي.

وأكد التقرير، أن السعودية تفضل المصالح الاقتصادية حتى لو تم التشكيك في زعامتها للعالم الإسلامي، إذ إنها تراهن على أن الصين ستنجح في حملتها ضد المسلمين الإيغور في إقليم شينجيانغ.

كما ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن ولي العهد السعودي "أعرب عن دعمه للسياسة الصينية بإقامة معسكرات اعتقال لمسلمي الإيغور بالصين".

يضاف إلى ذلك، سماح السلطات السعودية بالفعاليات التي تقيمها قنصلية الصين في جدة، والتي تركز على الجالية الصينية عموما والإيغور خصوصا، حيث يمثلون واحدا من أكبر وأثرى مجتمعات الأتراك الصينيين المغتربين في دول العالم.

وبهذا، يبدو أن ابن سلمان ماض في طريقه الذي حدد معالمه في حوار سابق لبرنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي أس" بقوله: إن "النظام التعليمي المتشدد سببه التيارات الإسلامية التي اختطفت الدولة، وسيتم تعديله قريبا".