نتفليكس.. لماذا تحرص على إقحام المثلية الجنسية في أعمالها؟

خالد كريزم | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لماذا تقحم شبكة "نتفليكس" الأمريكية، الكثير من مشاهد المثلية الجنسية مؤخرا في أفلامها ومسلسلاتها؟، سؤال يراود شريحة واسعة من المشاهدين والمهتمين بمجال السينما والدراما في المنطقة العربية والعالم.

فإذا سبق وأن شاهدت فيلما أو مسلسلا ما من إنتاج "نتفليكس" فلا شك أنه مر عليك لقطات قدمت فيها أفكار غريبة ومحظورة بصورة منمقة وجذابة، وأبرزها الشذوذ الجنسي، حيث يجري أيضا إقحام الكثير من هذه المشاهد في غير موضعها، وهو ما يشير إلى إصرار على الترويج لهذه الأفكار.

طرح السؤال مجددا جاء بعد عرض الشبكة الترفيهية، فيلما ساخرا أنتجته مجموعة كوميدية برازيلية في ديسمبر/كانون الأول 2019، وعنوانه ""The First Temptation of Christ، ويعني "الإغواء الأول للمسيح".

صوّر الفيلم الذي تبلغ مدته 46 دقيقة سيدنا عيسى عليه السلام على أنه مثلي الجنس، وأظهر والدته السيدة العذراء كمدمنة للحشيش، ما دفع مليوني برازيلي إلى توقيع عريضة إلكترونية تطالب "نتفليكس" بحذفه، قائلين: إنه يسيء للمسيحيين. كما دعا كثيرون إلى مقاطعة المنصة، وبينهم سياسيون محافظون.

من أبرز التعليقات المتداولة على هذا الموضوع تغريدة "إدواردو بولسونارو" ابن الرئيس البرازيلي التي قال فيها: "نحن نحترم حرية التعبير، لكن هل يستحق هذا مهاجمة معتقد نحو 86% من الشعب؟". ووصف بولسونارو الفيلم في تغريدة لاحقة بـ"النفاية" وقال: إن صنّاعه "لا يمثلون البرازيليين".

وعشية احتفالات عيد الميلاد 2019، ألقيت قنابل مولوتوف على مقر مجموعة الكوميديين البرازيليين "Porta dos Fundos، في مدينة ريو دي جانيرو. وأدت هذه الاحتجاجات إلى إصدار أمر يجبر منصة "نتفليكس" على سحب الفيلم الساخر لتهدئة غضب المعترضين.

لكن المحكمة العليا في البرازيل، ألغت في 9 يناير/كانون الثاني 2020، حكم منع البث، بعد أن استأنف محامو "نتفليكس" عليه، وقالوا: إن "قرار المحكمة يهدف إلى إسكات المجموعة الكوميدية من خلال الخوف والترهيب".

وللتعرف على أسباب إقحام نتفليكس للمشاهد المثلية، لا بد من الوقوف على أبرز المحطات في تاريخ الشبكة التي وجدت ضالتها أخيرا لكسب الأرباح بعد عدة نكسات.

ولادة نتفليكس

يمكن القول: إن نتفليكس ولدت 3 مرات خلال 20 عاما، كانت الانطلاقة الأولى في عام 1997، حيث بدأت الشركة بخدمة عرض الأفلام على DVD وإيصالها بالبريد للعملاء.

ووُلدت مرة أخرى في عام 2007 بعد إطلاق خدمة البث على الإنترنت للأفلام، وأخيرا الولادة التي شهدها الجميع وسمع بها في عام 2016، وذلك بإطلاق خدمات نتفليكس على مستوى العالم والتوسع بها لأكثر من 100 دولة دفعة واحدة.

وللتفصيل، أطلقت الشركة خدمة البث على الإنترنت في أمريكا فقط واستمرت 3 سنوات من الفترة (2007-2009). وفي 2010-2012، توسعت في خدماتها لتضيف كندا ودول أمريكا اللاتينية و5 دول أوروبية.

هذه التوسعات وحدها أضافت لخزينة الشبكة 13 مليون مشترك جديد، ليصل إجمالي المشتركين في 2012 إلى 33 مليونا (6 ملايين من خارج أمريكا و27 مليونا من الداخل).

ورغم ذلك، فإن هذا التوسع الجغرافي لم يضف قيمة كبيرة على مبيعات الشركة التي استمرت في حدود 3 مليارات دولار خلال تلك الفترة. ولم يدعم أرباحها بشكل كبير.

وأعلنت شبكة نتفليكس نهاية 2019، عن تقريرها المالي للربع الثالث، وأوضحت خلاله أنها تمكنت من إضافة 6.77 مليون مشترك جديد، ليصل عدد المشتركين إلى 158 مليونا.

وتمكنت الشبكة من رفع إيراداتها إلى 5.2 مليار دولار بزيادة 31% عن نفس الفترة من عام 2018، بينما استطاعت تحقيق دخل تشغيلي قدره مليار دولار بنفس الفترة، ما يمثل ضعف ما حققته عام 2018.

هاوس أوف كاردز

في عام 2013 دخلت نتفليكس مرحلة جديدة، بإنتاج مسلسلات خاصة بها. وشكّل مسلسل "House of Cards" (بيت من ورق) الشهير، علامة فارقة في تاريخها بعد أن اتخذت وقتها سياسة مغايرة عن القنوات التلفزيونية تعمد إلى نشر كامل الحلقات، بدلا من انتظارها ومشاهدتها على دفعات.

ولعب في المسلسل، الممثل كيفن سبيسي دور البطولة، فكان عضو كونجرس ديمقراطي، ثم أصبح نائبا لرئيس الولايات المتحدة، حتى وصل إلى رئاسة البيت الأبيض.

ورغم براعة سبيسي، إلا أنه استبعد من المسلسل بعد اتهامه بقضية تحرش في أمريكا، وصاحب ذلك نوع من القتل الحقيقي للعمل المبهر، لكنه كان مقدمة قوية للبدء في ترويج المثلية، حيث كان الرئيس الأمريكي "فرانك اندروود" مثلي الجنس، وبدا أنها أول محاولة لإقحام هذه الفكرة والترويج لها من قبل "نتفليكس".

واعتذر سبيسي لزميله الممثل أنتوني راب عن حادثة، قال راب إنها وقعت عام 1986 عندما كان يبلغ من العمر حينها 14 عاما، وتحدث عن حضوره حفلا استضافه سبيسي وتحرش به بعد مغادرة الضيوف.

وفي وقت لاحق، قال الممثل الشهير الحائز على جائزة الأوسكار كيفن سبيسي: إنه اختار أن يعيش حياته كرجل مثلي، وذلك بعد أعوام من رفضه الرد على شائعات بشأن ميوله الجنسية.

شرعنة المثلية

يذكر أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أطلقت مؤخرا، حملة عالمية لوقف تجريم المثلية، يترأسها سفير الولايات المتحدة لدى ألمانيا ريتشارد غرينيل، المثلي العلني الأرفع منصبا في الإدارة الأمريكية.

وتجري فعاليات "شهر فخر المثليين" في يونيو/حزيران من كل عام، وتشمل تنظيم مسيرات وندوات وحفلات موسيقية؛ بهدف تحقيق الاعتراف بإسهام المثليين في تاريخ البشرية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

وعام 2015، أعلنت الولايات المتحدة، عن قرار مثير للجدل، يجيز الزواج بين المتشابهين جنسيا، أو ما يعرف بزواج "المثليين".

وعبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما آنذاك عن فرحته بالقرار، معتبرا أن "الحب انتصر"، فيما احتفل مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك عبر تلوين صورته الشخصية بألوان ترمز للمثلية الجنسية، متيحا فرصة ذلك أيضا أمام رواد الموقع.

بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك، حين أصدر قاض أمريكي في ديسمبر/كانون الأول 2109، حكما بالسجن 15 عاما على رجل انتزع علما للمثليين من باب كنيسة ثم أحرقه أمام ناد للتعري بولاية أيوا.

جذب الجمهور

ورغم أن مسلسل "هاوس أوف كاردز" على وجه الخصوص لم يكن رائدا تماما في المثلية، فقد شجع نجاحه Netflix على تجربة المزيد من الأفكار، مع مجموعة من الممثلين والمسلسلات لإنشاء محتوى أكثر تنوعا.

ويقول موقع "digital spy" البريطاني: إن نتفليكس تمتلك بالتأكيد الدعم المالي لتمويل سرد قصص المثلية الجنسية، دون خوف من أي نوع من المقاطعة أو الصدمات، حيث أصبح من السهل جدا على الشبكة سد الثغرات المحتملة في السوق وجذب الجمهور مباشرة من خلال تلك القصص.

وحسب تقرير للموقع نشر في أبريل/نيسان 2019، فإن هذه الثقة تنبع من تفوق قيمة نتفليكس السوقية على شبكة "ديزني" للبث عبر الإنترنت مثلا، مما جعل Netflix لفترة وجيزة شركة الوسائط الأكثر قيمة في العالم.

وبفعل هذا التفوق، يصبح من الواضح أن نتفليكس تتمتع بحرية أكبر بكثير للتنويع والتجربة أكثر من أي منصة أخرى موجودة هناك. في الواقع، سيكون من الغريب إلى حد ما إذا لم تتصدر رسوم المسلسلات المثلية عندما تفكر في عدد الفرص المتاحة للشركة للقيام بذلك، وفق الموقع.

لكن، ليست كل الأخبار جيدة بالنسبة لـ Netflix، حيث أن عملاق البث لا يزال يفتقد إضافة قسم خاص بالإنتاج المثلي في الشبكة. وتجنب إدراج هذه الفئة، يوحي بأن نتفليكس لا تزال تخضغ للضغوط والقوانين المحلية في بعض الدول.

في المقابل، قالت فايننشال تايمز في مقال لها عام 2016: إن قوة المثليين الشرائية بلغت 3.7 تريلون دولار، وإن هناك صفقات تسويقية تجارية تحصل عليها الشركات الداعمة للحركات المثلية حول العالم.

وأوضح دافني كاسريل ألكساندر، مستشار اتجاهات المستهلكين في شركة يورومونيتور البريطانية، أن السمات التسويقية تجعل المثليين هدفا اقتصاديا مربحا بسبب قدراتهم الشرائية من خلال استهدافهم ببعض المنتجات.

البحث عن إجابة

قضية نشر المثلية، أخذت حيزا كبيرا من الاهتمام على "Quora"، وهو موقع أسئلة وأجوبة أمريكي مقره في ولاية كاليفورنيا. وجرى طرح السؤال كالتالي: "لماذا تضمن نتفليكس مثليين ومشاهد مثلية في أفلامها ومسلسلاتها؟". وشارك البعض في الإجابة عن هذا السؤال وإبداء آرائهم.

تقول "Emma Miller": إنه "بصفتنا أسرة تضم أطفالا صغارا وبالغين أيضا اتخذنا قرارا بترك Netflix ببساطة بسبب القمامة التي يعرضونها، فأنت لا تعلم مطلقا متى ستشاهد فجأة رجلين مثليين يمارسان الجنس معا في شبكة من المفترض ألا يعرض فيها مثل هذه الأشياء عادة".

وعن السبب، يقول حساب باسم "TaraMae Land": إن ذلك يعود لأن نتفلكس يمكن له أن يوفر ذلك النوع على عكس العديد من الشبكات التي لا تزال تعتمد على المشاهدات فقط، وليس بنظام الاشتراك. فطالما هم مشتركون، فإن netflix تحصل على المال. لذلك يستخدمون ميزة الترويج لشخصيات مثلي الجنس التي لن تلقى قبولا في التلفزيون.

أما الكويتي أحمد الصالح، فقال على نفس الموقع: إن "Netflix تواجه مشاكل مالية، ولذلك، فهي تستهدف جمهور معين من خلال الترويج لمثليي الجنس عبر مسلسلاتها الأصلية التي تصنعها وتقيمها بـ +13".

وأضاف: "هذا أمر سيء حقا. لقد صدم ابني الصغير وابنتي لرؤية ذلك واضطررت إلى إيقاف اشتراكي. آمل أن تعيد Netflix التفكير في محتواها، وأن تتوقف عن الترويج للأشياء الخاطئة. نحن في انتظار البدائل".

ويجيب أحدهم: "هذا النوع من المحتوى يمنحهم مرونة غير موجودة لدى الشركات الأخرى". بينما يقول آخر: إن "التركيز على مواضيع مثل الجنس والجريمة والمخدرات والكوميديا السوداء، من الطرق السهلة للغاية لتلبية احتياجات الجماهير غير الموجودة على شبكة ديزني الصديقة للعائلة".

تفاعل عبر تويتر

كما تحدث ناشطون عرب على موقع "تويتر" حول نشر نتفليكس للمثلية، وقالوا: إنها تروج للشذوذ الجنسي.