لا رادع له.. كيف تعيش إدلب كارثة إنسانية تحت قصف النظام؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحية "حرييت" التركية، مقالا للكاتب سيدات أرجين، سلط فيه الضوء على الكارثة الإنسانية الكبرى التي يعيشها مئات الآلاف من السوريين، لافتا إلى أنه رغم كل التحذيرات الأممية، لكن النظام السوري المدعوم من روسيا، لم يوقف ضرباته التي تسقط قتلى وجرحى بشكل يومي.

وقال الكاتب: إنه "تحت كل الظروف المستحيلة من أمطار وأجواء صفرية، يعيش الآلاف في إدلب شمال سورية، هؤلاء يقدر عددهم بأربعة ملايين لاجئ، أجبروا على النزوح من مواطنهم أكثر من مرة، حتى أن البعض نزح سبعة مرات هربا من الموت والدمار، غير أن الصواريخ باتت تلاحق أكثرهم في إصرار عجيب بل ومميت".

وأضاف: رغم أن سوريا تتمتع بمنسوب نفطي معقول لكن الناس هناك ترزح تحت نير الثلوج والصقيع، جراء حرب أكلت الأخضر واليابس بالتزامن مع فقدان العملة السورية قيمتها، فبات كل شيء باهظ الثمن هذا إن كان متوفرا في الأساس؛ ليضطر الناس إلى اشعال كل ما تقع أيديهم عليه من أجل الحصول على بعض اللحظات الدافئة فلجأوا إلى عجلات السيارات، والألبسة القديمة بل وحتى أثاث البيت.

ونقل الكاتب عن المسؤول الثاني في الأمم المتحدة ما وصفه بأن الأوضاع في إدلب السورية بالمقلقة، جاء ذلك في 19 ديسمبر/كانون الثاني الجاري، خلال خطاب لأورسولا مويلر وهو نائب ورئيس مكتب التنسيق الإنساني للأمم المتحدة، حيث ألقى كلمة أمام جلسة مجلس الأمن لمناقشة الأوضاع في سوريا.

وعزا مويلر الأزمة السورية إلى طرفين: الأول يتمثل في سوريا ومن خلفها روسيا، وكذلك الجماعات المسلحة من دول مختلفة بما فيهم "الإرهابيين" من المليشيات الخاضعة لإيران. بعد هذا الخطاب – أضاف الكاتب – زادت بعض الفصائل المسلحة، غير الحكومية من وتيرة هجماتها على المناطق التي تسيطر عليها نظام بشار الأسد، لكن الضحية في كلا الطرفين هم المدنيون وفق تأكيدات أممية.

هجرة كبيرة

وبين الكاتب أنه وقبيل هذه الخطاب كانت الضربات الجوية الروسية على مناطق إدلب الجنوبية، قد شهدت كثافة كبيرة، متحدثا عن نزوح نحو 60 ألفا من السوريين هربا من تلك الضربات، ومع ذلك، كان يوم 19 ديسمبر/كانون الثاني، عندما اجتمع مجلس الأمن الدولي حول سوريا، هو اليوم الذي شن فيه نظام الأسد عملية برية من جنوب إدلب حيث ازدادت وتيرة موجات الهجرة.

ووفقا لأحدث "تقرير عن حالة إدلب "نشره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية يوم 23 ديسمبر/كانون الأول، ارتفع عدد النازحين بعد 11 ديسمبر/كانون الأول، أي خلال فترة 10 أيام تقريبا، إلى 130 ألف نازح، أي ضعف ما تحدث عنه المسؤول الأممي.

تنص وثيقة "تحديث الوضع الإنساني" الصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممية، بشأن سوريا، بتاريخ 23 ديسمبر/ كانون الأول، على أن الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في الموجة الأخيرة "كانوا أكثر من 400 ألف نازح في شمال غرب سوريا بعد نهاية أبريل/نيسان".

وقال الكاتب: "إذا أخذنا هذه الأرقام من الأمم المتحدة، فإننا نستنتج أن عدد الأشخاص النازحين من منازلهم في إدلب خلال الأشهر الثمانية الماضية قد تجاوز نصف مليون شخص".

"طريق إم 5"

وفقا لتقرير حالة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" حول إدلب، بناء على المسؤولين الميدانيين، فإنه حتى من يهرب من خطر القذائف والصواريخ يواجه أخطارا كبيرة، وذلك لأن الغارات الجوية تستهدف أيضا الطرق السريعة وتفيد الأنباء أن مركبات مدنية كانت تغادر معرة النعمان على الطريق السريع "إم 5" الذي يربط إدلب من الشمال إلى الجنوب تعرضت للهجمات.

وذكر "أوتشا" أن طريق "إم 5" الذي يربط جنوب إدلب إلى الشمال قد تضرر بسبب الغارات الجوية وعلى الأقل فإن شقا كاملا من الطريق بات خارج الخدمة، وبات الطريق في اتجاه واحد، وبالإضافة إلى الطريق السريع "إم 5"، كانت الطرق الجانبية الأخرى المؤدية إلى الشمال أيضا هدفا لضربة جوية.

ومما جاء في التقرير الأممي أن "هذه الهجمات التي تشنها الطائرات الحربية الروسية والسورية لها تأثير غير رادع في نفس الوقت الذي تشكل فيه الخطر الكبير على الأشخاص الذين هم في طريقهم لإنقاذ حياتهم، حيث ترغب الآلاف من العائلات التي تعيش في مدن وقرى في جنوب إدلب في الذهاب شمالا، لكنها تخشى من الغارات الجوية والمدفعية الموجودة على الطرق وعلى الطرقات بالإضافة إلى ذلك، يؤدي نقص الوقود في المركبات الخاصة إلى تفاقم الوضع".

ولفت إلى أنه في إدلب، هناك مجموعة ثالثة بالإضافة إلى أولئك الذين يتعرضون للخطر والذين لا يستطيعون الفرار لأنهم يخشون من هجوم جوي على الرغم من أنهم يريدون الفرار حيث بعض الأسر فقدت الأمل، فلا هي تهرب، ولا هي تستطيع ان تبتعد عن الخطر، تبقى هكذا بلا أي بصيص أمل.

كارثة كبرى

وبحسب التقرير، فإنه من بين أكثر المتضررين من النزاعات، يتم تسليط الضوء على حالة المسنين والمرضى، لكن ثمة مجموعة أخرى من بين الضحايا وهي الأطفال، حيث تشير التقارير إلى نزوح 20 ألف طفل في سن الدراسة إلى مناطق أريحا وحريم وسلقين في شمال إدلب.

وتضمن تقرير "أوتشا" الأممي تحذيرا بشأن الانتهاكات الفنية الجسيمة ضد الأطفال والقضايا الأخرى المتعلقة بحماية الطفل كما تركز الحديث حول النازحين، الذين يجدون أنفسهم في العراء بدون مأوى ولا غذاء مؤكدا التقرير على أن هذه الفئات من أهم الفئات المطلوب علاجها بشكل عاجل.

في الصيف الماضي، كشفت تقارير الأمم المتحدة أن بعض النازحين الذين نزحوا من إدلب وجدوا مأوى تحت أشجار الزيتون؛ ومع ذلك، في ظروف الشتاء، حيث يمكن أن تقل الحرارة عن الحد الأدنى وتبدأ الأمطار الغزيرة، فإن أشجار الزيتون لم تجد نفعا.

وبحسب ما نقله الكاتب، فإن التقرير أكد أنه إضافة إلى المأوى، تعد الأغذية والصحة من المشاكل المتأزمة في شمال سورية، حيث أن هناك سوريين لأيام لم يجدوا مكانا يؤويهم أو لقمة تسد رقمهم وبقوا جوعى ومشردين لأيام طويلة، أما من يتمكن من الهروب فهو يتوجه إلى الشمال، مع العلم أن المخيمات هذه باتت ممتلئة عن آخرها، وهي تقع بالمناسبة قرب الحدود التركية، وهذا يعني أن الحدود التركية السورية القريبة من إدلب تعيش كارثة إنسانية كبرى.