أنقرة ترصد مكافأة للقبض على دحلان.. ماذا فعل عدو تركيا اللدود؟

أحمد يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"700 ألف دولار، لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى إلقاء القبض عليه"، هكذا أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في حديثه لصحيفة "حرييت" المحلية التركية، بشأن سعي أنقرة لإلقاء القبض على القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح والمقيم في دولة الإمارات محمد دحلان.

تاريخ طويل من العداء بين دحلان وتركيا، ومنذ سنوات يتحرك دحلان في المنطقة العربية، وعلى الصعيد الدولي، لمناهضة حكومة العدالة والتنمية في أنقرة، لكن الحلقة الأبرز تمثلت في تورطه المباشر في دعم محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 الفاشلة، وذلك عبر تواصله مع الداعية التركي ومحرك الانقلاب، المقيم في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فتح الله غولن.

سبق أن ألقت أجهزة الأمن التركية قبل أقل من عام القبض على جاسوسين يحملان الهوية الفلسطينية في إسطنبول، وتبين بعد إجراء التحقيقات الأولية تبعيتهما لدحلان.

بالإضافة إلى أن السلطات التركية اتهمت دحلان بلعب دور في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي. فكيف تآمر دحلان على تركيا فيما يتعلق بأمنها القومي؟ وما دور الإمارات في دفعه والتخطيط له؟

"القاتل المأجور"

في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو: إن "بلاده تعتزم إدراج الفلسطيني والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، على النشرة الحمراء (الإنتربول) للمطلوبين". 

وأعلن الوزير أنه "سيتم إدراج دحلان على القائمة الحمراء لملاحقة الإرهابيين التابعة لوزارة الداخلية، مع منح جائزة 4 ملايين ليرة تركية (700 ألف دولار)، لمن يبلغ عنه".

واتهم صويلو، في حوار مع صحيفة "حرييت" التركية، محمد دحلان، بأن له "دور في محاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا في 15 يوليو/ تموز 2016". ووصفت الصحيفة دحلان، بأنه يعرف في منطقة الشرق الأوسط بـ"القاتل المأجور".

صويلو دلل على وجود علاقة بين دحلان وغولن، بأن الأول هو مالك القناة المصرية "TeN" التي أجرت حوارا مع الثاني أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، هاجم خلاله أردوغان، وامتدح السيسي.

وقال رئيس قسم الأخبار الدولية في قناة "TRT Haber" أوزجان تكيت: إن "دحلان له دور كبير في المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا 2016، واجتمع مع قيادات من تنظيم غولن الإرهابي في صربيا قبل 6 أشهر من المحاولة الانقلابية الفاشلة، لتنسيق الدعم للتنظيم وتحريضه على تنفيذ الانقلاب".

نشأت الديهي مع فتح الله كولن على شاشة القناة المصرية التابعة لدحلان

عميل الإمارات

في 29 يوليو/ تموز 2016، بعد أيام قليلة من محاولة الانقلاب الفاشل، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب البريطاني ديفيد هيرست تحت عنوان، "حصريا: تحويل الأموال من الإمارات إلى متآمري الانقلاب التركي".

الكاتب أكد حسب مصادره، أن دحلان، الذي قام بدور وسيط الإمارات، كان على اتصال برجل الدين غولن، من خلال رجل أعمال فلسطيني مقيم في الولايات المتحدة، راقبت المخابرات التركية أنشطته، وذلك قبل المحاولة الانقلابية. 

وأشار هيرست أن "الإمارات بعد الأحداث التركية استبعدت دحلان، وبدأت تلوح في وسائل إعلام باستيائها منه، وبعد وقت قليل أجبرت القيادي الفلسطيني على مغادرة البلاد إلى مصر (قبل أن يعود لاحقا). 

وذكر المقال أن "دحلان القيادي السابق في حركة فتح، اضطر إلى مغادرة قطاع غزة والضفة الغربية، ويُعتقد أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ومن المفترض أنه لعب دور الوسيط في عمليات عديدة، نفذتها الإمارات في المنطقة".

وأكد الكاتب البريطاني أن "الإمارات تخشى من ردة الفعل التي سيقوم بها الرئيس أردوغان، بعد انتهاء حملة التطهير في صفوف الجيش التركي". 

وكانت وسائل الإعلام العربية، التي تتخذ من دبي مقرا لها، على رأسها قناة "سكاي نيوز العربية"، قد أفادت ليلة 15 يوليو/ تموز 2015، بنجاح الانقلاب، وهروب أردوغان إلى ألمانيا، ولم تدن الحكومة الإماراتية الانقلابيين إلا بعد 16 ساعة (ساعة واحدة بعد إعلان السعودية إدانتها)، كما ورد في الموقع.

والمقال الذي أورده ديفيد هيرست، رئيس تحرير الموقع، دفع دحلان لرفع دعوى ضده، يطالبه فيها بتعويضات مالية، نافيا ما ورد في التقرير. غير أن دحلان سحب دعواه في سبتمبر/أيلول 2019، ودفع رسوم تعويض عن إقامة الدعوى بقيمة 500 ألف جنيه إسترليني، بعد تقديم هيرست وثائق تثبت صحة المعلومات التي نشرها في تقريره عام 2016.

وفي 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في لقاء مع قناة الجزيرة: "هناك إرهابي اسمه محمد دحلان، هرب إلى الإمارات لأنه عميل لإسرائيل".

جواسيس دحلان 

لم يقف تآمر دحلان ضد الدولة التركية، خلال المحاولة الانقلابية فقط، بل استمر في عمله، وورد اسمه في قضايا متعددة.

في 29 أبريل/ نيسان 2019، انتحر زكي يوسف حسن، وهو أحد الشخصين، اللذين اعتقلتهما الاستخبارات التركية، بتهمة التجسس لصالح الإمارات، داخل حجرته بسجن "سليفيري"، شمال غربي إسطنبول.

وكانت قوات الأمن التركي، قد ألقت القبض على المواطنين الفلسطينيين، سامر سميح شعبان (40 عاما) وزكي يوسف حسن (55 عاما)، في 15 أبريل/ نيسان 2019، لوجود أدلة على تورطهما في التجسس لصالح الإمارات، ووجهت لهما النيابة التركية في إسطنبول تهمة الحصول على معلومات سرية خاصة بالدولة بغرض التجسس السياسي والعسكري.

ووفقا للائحة الاتهام التي أعدها المدعي العام الجمهوري في إسطنبول، فإن المتهمين "كانا على صلة بالقيادي المفصول من حركة فتح الفلسطينية محمد دحلان، والذي يقيم في الإمارات ويعمل مستشارا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد".

وقال مصدر أمني لوكالة رويترز للأنباء: "أحد الرجلين وصل إلى تركيا بعد أيام من مقتل خاشقجي، والآخر جاء لتخفيف عبء العمل عن زميله".

وأضاف المصدر: "نحقق فيما إذا كان وصول الشخص الأول إلى تركيا مرتبط بقتل جمال خاشقجي، وضعناه تحت المراقبة لستة أشهر قبل اعتقاله، من المحتمل أنه كانت هناك محاولة لجمع معلومات عن عرب، بينهم معارضون سياسيون، يعيشون في تركيا".

وأكد: أن"أجهزة الأمن التركية صادرت لدى اعتقال الرجلين حاسوبا مشفرا كان مخفيا في حجرة سرية داخل ما يعد قاعدة لشبكة للتجسس".

واعترف المتهم سامر سميح شعبان، فيما بعد، بأنه حصل على دورات تدريبية على العمليات الإرهابية والانتحارية، ومنها حصوله على دورات في تصنيع المتفجرات عامي 1999، و2003، كما تلقي تدريبات قتالية في فرنسا وأوكرانيا.

وفي 8 يونيو/ حزيران 2017، نشر إبراهيم كاراجول مدير تحرير صحيفة يني شفق التركية مقالا قال فيه: "من المثير للاهتمام أن محمد دحلان وبإيعاز من دولة الإمارات، كان طرفا أساسيا في صلب تلك الخطة كما كان يضطلع بدور بارز في تشكيل ملامح السيناريو الذي كان يستهدف الرئيس أردوغان، ويهدف إلى القضاء على نظام حكمه".

ثم عقب كاراجول: "في حقيقة الأمر، عمد قاتل عرفات، محمد دحلان، وبتشجيع من دولة الإمارات، إلى التخطيط لاستهداف تركيا والإطاحة بالرئيس أردوغان. وفي هذا الصدد، خصصت الإمارات مبلغا قدر بـ 70 مليون دولار للمضي قدما في هذا المخطط. ومن هذا المنطلق، لسائل أن يسأل لأي جهة إعلامية داخل تركيا ذهبت كل تلك الأموال؟".

سامر سميح وزكي يوسف اللذان شكلا خلية تجسس تابعة لدحلان في تركيا (TRT)

خلال لقائه مع الإعلامي المصري عمرو أديب، على شاشة قناة "MBC" في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، شن دحلان هجوما حادا على أردوغان، قائلا: "أردوغان سرق سبائك الذهب من البنك المركزى الليبى، وهناك طيارون أتراك دخلوا إلى ليبيا".

زاعما أن "أردوغان مقاول إرهاب، ومعه عصابة تسعى لافتعال المشاكل مع العرب، وتفتيت الدول العربية، وعلاقة تركيا أصبحت واضحة مع الإرهاب وداعش (تنظيم الدولة) وإسرائيل، والإرهاب المنتشر في ليبيا، وسوريا".

تاريخ أسود

كان دحلان قائدا لجهاز الأمن في قطاع غزة، لكنه فقد الغطاء السياسي اللازم بعد أن سيطرت "حماس" على قواته عام 2007.

سطع نجم دحلان في صفوف حركة فتح قبل اتفاق أوسلو عام 1993، وبعد عودته برفقة ياسر عرفات إلى قطاع غزة وترؤسه جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة بعد تأسيس السلطة الفلسطينية، ما أتاح له فرصة التواصل مع إسرائيل والولايات المتحدة، وما هي إلا سنوات قليلة حتى بدأ بمنافسة ياسر عرفات على قيادة السلطة.

واتسمت علاقته مع حركة حماس بالتوتر، وذلك بسبب الممارسات القمعية التي مارسها جهازه الأمني ضد الحركة وفصائل المقاومة الأخرى، وتزايد تهم الفساد التي لاحقته بسبب تضخم ثروته.

وحاول دحلان توسيع نفوذه في الضفة الغربية، إلا أن تهما بالفساد والجريمة لاحقته، ما دفعه للهروب إلى أبو ظبي ليتحول نشاطه إقليميا وعالميا، ويتصدر محور التحالف بين الإمارات ومصر في عدد من الملفات، إذ يحظى دحلان بمكانة خاصة أيضا في مصر.

وفي 14 ديسمبر/ كانون الأول 2016، حكمت محكمة فلسطينية على دحلان، غيابيا بالسجن 3 سنوات، بتهمة الفساد، كما أمرته بسداد مبلغ 16 مليون دولار، طبقا لمحاميه.

وذكرت صحيفة "حرييت" التركية، أن "دحلان اختلس ما يقارب (مليون شيقل إسرائيلي)، من عائدات المعابر الفلسطينية، ولديه قضايا فساد، كما تطورت علاقاته المشبوهة، بالولايات المتحدة وإسرائيل".