قد تكون بداية النهاية للموقع الأزرق.. لماذا هجر الشباب فيسبوك؟

12

طباعة

مشاركة

بفيديو شاهده أكثر من 15 مليون مشاهد في فترة وجيزة، رصد باحث دكتوراه في "علم البيانات" ترتيب مواقع التواصل الاجتماعي منذ  1996 وحتى 2019. وأظهر الفيديو كيف تذبذبت (فيسبوك) أشهر موقع تواصل اجتماعي؟.

منذ إطلاقه في يوليو/ تموز 2007 بدأ فيسبوك بـ 500 مليون مشترك، ليحتل المركز الثاني بعد جوجل في عام 2012 بأكثر من 12 مليار مستخدم، وحافظ عليه إلى غاية يوليو/ تموز 2018، ثم فجأة بدأ بالتراجع أمام يوتيوب الذي احتل المركز الثاني وجاء فيسبوك ثالثا.

الباحث في "علم البيانات" عرض كيف حافط موقع "ياهو" منذ عام 2001 وإلى غاية 2006 على المركز الأول بين المواقع، ولم يتمكن من سحبها منه سوى موقع جوجل الذي ظل ينافسه سنوات قبل ذلك. وأظهر الفيديو أيضا كيف ظل موقع "إم إس إن" يتصدر الترتيب لسنوات عديدة قبل أن يختفي منه تماما في عام 2011. فهل تكون هذه بداية النهاية للموقع الأزرق؟.

أزمة وجود

السؤال أجاب عنه فريق البيانات الداخلي لشركة فيسبوك عندما قال: إن الموقع يواجه أزمة وجودية إثر منافسة داخلية يعيشها مقابل واتساب وإنستجرام، التطبيقان المملوكان لنفس الشركة. وحذر باحثو الشركة من أن الموقع الأزرق قد يدخل في أزمة تراجع من الصعب تجاوزها.

وبخلاف البحث الداخلي الذي أجرته الشركة، كانت تقارير أخرى قد اقترحت خلق تطبيقات بديلة في ظل الانخفاض التدريجي الذي يعيشه الموقع منذ سنوات، إذ أصبح المستخدمون أكثر حذرا في حماية خصوصيتهم مع الفضائح المتكررة عن فيسبوك.

في عام 2019 يسجل الموقع الأزرق، بحسب ذات المصدر، 30 مليار مستخدم لكن رغم استمراره في زيادة إجمالي عدد المستخدمين، إلا أن مستويات النشاط الفردي انخفضت ببطء.

وقالت تقارير صحفية: إن فيسبوك سعى عبر تقنيات عدة إلى تدارك الأمر، لكن محاولته لم تجد نفعا. وهو ما لا يتفق معه متخصص الإعلام الجديد أحمد الزكي، الذي قال لـ "الاستقلال": "فيسبوك مؤسسة عملاقة لديها ميزة أنها تطور دائما من أدائها".

ولفت الزكي إلى مدى أهمية البيانات الضخمة للمستخدمين التي تحصل عليها الشركة وتمكنها من معرفة اهتمامات الأشخاص وتوجهاتهم وإمكانية التأثير فيهم نفسيا بأشياء أخرى كثيرة. قبل أن يزيد موضحا: "هذا ما حدث عبر استخدام معطيات فيسبوك خلال فضيحة كامبردج أناليتيكا الشهيرة في عام 2018".

أسباب التراجع

في عام 2018 انهارت أسعار أسهم أكبر موقع للتواصل الاجتماعي في العالم ما تسبب في خسارته 119 مليار دولار من رأسماله في البورصة، في سابقة لم تحدث في تاريخ "وول ستريت"، وهو ما ربطته الشركة حسب تفسيرها بفضيحة "كامبريدج أناليتيكا" المتعلقة بالسماح للشركة بالحصول على بيانات عشرات الملايين من المستخدمين.

وعزا المتخصص في الإعلام الجديد سبب تراجع فيسبوك بالدرجة الأولى إلى شعور المستخدم الحالي بعدم أمان على الموقع وذلك بسبب أخبار تسريب البيانات ومحاولة الاختراقات، وطلب تغيير كلمات السر من بعض المستخدمين، وأيضا بسبب استباحة خصوصية المستخدم والإعدادات الخاصة بفيسبوك التي تتحكم في كل شيء، وترويج أخبار عن أن الموقع يسجل باستمرار للمستخدمين عبر الصوت والصورة أيضا.

في عام 2019 وافقت شركة فيسبوك على دفع أكبر غرامة مالية في تاريخ الشركات الأمريكية وصلت إلى 5 مليارات دولار لتسوية قضية انتهاك خصوصية المستخدمين، واعتبرت الموافقة على دفع الغرامة اعتراف من الشركة.

رقابة أبوية

لم يكن إثبات تهم اختراق الخصوصية من طرف الشركات التي تبيع لها فيسبوك البيانات السبب الوحيد في تراجع فيسبوك، إنما هناك خصوصية من نوع آخر أشار إليها متخصص الإعلام الجديد في حديثه مع الصحيفة.

الزكي يرى أن هناك أجيالا جديدة من الشباب لم يعودوا يشعرون بخصوصية على المنصة بعد أن أصبح آباؤهم وأمهاتهم نشيطون على فيسبوك، خصوصا المراهقين في سن الـ 14 وأقل.

ما جعل هؤلاء الشباب يهجرون فيسبوك هو وجود منصات أخرى توفر لهم الخصوصية التي يحتاجونها، وأشار الزكي إلى تطبيقات مثل "تيك توك" تجذب شريحة مهمة من هؤلاء الشباب.

وفي إحصائية عن "تيك توك" ظهر أن أعمار 66 بالمئة من مستخدميه أقل من 30 سنة وهذه الفئة لديها مشكلة مع الرقابة الأبوية، بحسب المتحدث.

وحقق التطبيق ما بين عامي 2017 و2018 انتشارا كبيرا جدا في فترة زمنية وجيزة، وصلت إلى كونه رابع أكثر تطبيق يجري تحميله عبر متجر "أبل" و"أي أو إس"، بل وصعد إلى المرتبة الأولى أوائل 2019، ليتجاوز تطبيقي "يوتيوب" و"إنستجرام".

وفي بدايته انتشر بين المراهقين بشكل أساسي، ومهمته تبادل مقاطع فيديو ترفيهية لمقالب مضحكة أو أغاني لا تتجاوز مدتها 15 ثانية، وكان في الأصل تطبيقا مختلف يحمل اسم "ميوزيك لي" لكن تغير اسمه فيما بعد، وحقق انتشارا مبهرا.

نهاية مختلفة

بعد موافقتها على دفع الغرامة صرحت شركة فيسبوك أنه رغم المخاوف من انتهاك الخصوصية، لم يفقد المستخدمون الثقة في الموقع الأزرق، مشيرة أن الإيرادات خير دليل على ذلك.

وعقب ذلك قالت إدارة الموقع الأزرق: إن "عدد المستخدمين النشطين شهريا ارتفع بنسبة 8 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي. كما ارتفعت الإيرادات، ومعظمها مبيعات إعلانات، بنسبة 28 في المائة متجاوزة توقعات المحللين".

تصريحات الموقع يؤكدها الزكي، قائلا لـ"الاستقلال": "من الناحية الفنية يطور فيسبوك نفسه بشكل كبير ومن غير المتوقع أن تكون نهايته قريبة على الأقل قبل 10 سنوات أخرى، إلا إذا حصلت فضيحة ضخمة جدا أو إذا قررت إدارته إغلاقه".

جزم الخبير بأن نهاية فيسبوك لن تكون مثل "ياهو" الذي ظل جامدا ولم يتطور وأيضا تطبيق "إم إس إن" الذي لم يتطور رغم أنه منصة إخبارية وإيميل وعليه مجموعات، لكنها منصة لم تتطور ولم تتمكن من المنافسة إذ كانت رؤيتهم التطويرية غير كافية.

وعاد الزكي ليقول: "لكن فيسبوك يملك معلومات وبيانات وبالتالي فهو يعلم كل شيء عن كل المستخدمين، ومن السهل أن يخلق لهم موقع أو منصة بديلة يتحكم هو فيها كما يتحكم في منصات أخرى مثل واتساب وإنستجرام.