"ميدل إيست آي": لماذا انعكست الأحداث في أفغانستان على العالم العربي؟

12

طباعة

مشاركة

فيما بدأت في أفغانستان قمة تاريخية، الاثنين الماضي، تتعلق بمحاولات الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق سلام مع طالبان، فإن مذكرات جديدة تسلط الضوء على الفشل المستمر للمناقشات الأمريكية حول الإسلام السياسي و"الإرهاب" وتسليح المقاتلين.

ودُعي أكثر من 3 آلاف شخص إلى اجتماعات المجلس الكبير (اللويا جيرغا) والذي يوصف بأنه الأوسع في تاريخ أفغانستان الحديث، وعلى مدار أربعة أيام وسط إجراءات أمنية مشددة، سيحاول المجتمعون وضع الشروط المحتملة التي يمكن أن يقبلوا فيها تسوية سلمية مع طالبان.

وفي هذا الموضوع، قال موقع "ميدل إيست آي" إن "أفغانستان تواصل السيطرة على روح الجيش الأمريكي، بينما يستعد البنتاجون لإحياء حرب مستمرة منذ أكثر من أربعة عقود بمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة".

وأضاف: "كل أسبوع، تسلط عناوين وسائل الإعلام الرئيسية ومواقع الدفاع، الضوء على الحاجة إلى الانسحاب من هذا النزاع، لكن يخففها التحذير بوجود تهديد جديد، حقيقي أو متخيل، وهو عودة المقاتلين العرب والأجانب إلى أفغانستان، في حين أن المسرح العالمي للمقاتلين الدوليين يدير ظهره إلى بلاد الشام تجاه آسيا الوسطى".

وأشار الموقع إلى أنه يمكن تقريبا ربط جميع الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي بأفغانستان، فطالما توصل الجيش الجزائري إلى أن "المحاربين القدامى" الأفغان هم الذين أعادوا قضيتهم إلى الجزائر في التسعينيات.

وزاد: "كما أن المصريين يصرون أيضا على أن زعيم القاعدة أيمن الظواهري ورفاقه كانوا وراء جماعات سياسية راسخة تتحدى الجيش المصري، وفي التسعينيات، عثرت الأجهزة الأمنية الباكستانية على أثر أحد أكثر الرجال المطلوبين في سوريا".

معلومات زائفة

ووفقا للموقع، فإن "الآثار العالمية للحرب في أفغانستان في الثمانينات لم تكن موضع شك قط، ففي الواقع، أدى الإرهاب الذي ظهر في جبال هندو كوش (سلسلة من الجبال العالية في أفغانستان وباكستان) إلى هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وتدريب أفراد مثل أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق".

ومع ذلك يضيف الموقع، فإن "تحليل إرث العرب في أفغانستان متحيز، وهذا التحيز والتضليل سيطر على التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط منذ 11 سبتمبر/أيلول".

وأوضح "ميدل إيست آي"، أن "مذكرات جديدة رواها عبد الله أنس، صهر الزعيم الروحي للمجاهدين العرب في أفغانستان الشيخ عبد الله عزام، تسأل وتسلط الضوء بوضوح على الفشل المستمر للنقاش الأمريكي حول الإسلام السياسي والإرهاب وتسليح المتمردين، وتركز بشكل أساسي على علاقاته مع الزعيم الأفغاني أحمد شاه مسعود والتحذيرات حول الدمار الذي سيحدثه المقاتلون العرب بدعم كامل من وكالات الاستخبارات العربية والغربية".

ولفت إلى أنه من المعروف أن جميع العرب الذين ذهبوا للقتال في أفغانستان أصبحوا في نهاية المطاف إرهابيين من تنظيم القاعدة أو عادوا للانضمام إلى الجماعات المتطرفة في الجزائر ومصر وبلدان المنشأ الأخرى، ودراسة بعد أخرى، ظلت صورة "العرب الأفغان" الذين شاركوا في حروب العراق وسوريا والبوسنة وما وراءها هاجسًا.

ونوه الموقع إلى أنه، حتى الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده بإسطنبول أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقطّع ووُضعت جثته في كيس من أفراد تابعين للنظام السعودي، ركز المعارضون له على ما يسمى إرثه "الإرهابي"، وقد نشر دونالد ترامب الابن معلومات خاطئة عن فترة خاشقجي في أفغانستان.

"تحرير" الإسلام السياسي

وأكد الموقع، أنه من خلال مأساة قضية خاشقجي، نلاحظ أيضا تاريخ العرب في أفغانستان، إذ نجد أن البحث عن "تحرير" الإسلام السياسي، كما وصفه ولي العهد السعودي، قد جلب معه خطابات جديدة متنازع عليها حول "خير" و "شر" الإسلام السياسي.

ورأى، أن المعركة بين تركيا والسعودية حول السيطرة على القيادة السياسية للإسلام والحصار المفروض على قطر بسبب دعم الدوحة لجماعة للإخوان المسلمين، وهو ما انتقدته أبو ظبي والرياض، هو أيضا جزء من هذا النقاش.

وبيّن الموقع، أن أولئك الذين يتهمون القطريين أو الأتراك بدعم جماعات سياسية معينة في شمال إفريقيا أو بلاد الشام هم أنفسهم غارقون في التناقضات، ففي الأساس هذه المسألة حرب إقليمية تهيمن على العالم العربي منذ انتهاء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان عام 1989.

وقال "ميدل إيست آي"، إن "ازدواجية الدول العربية التي انضمت إلى القتال ضد جيش يغزو بلدا إسلاميا (الروس في أفغانستان) بينما دعمت بلدا آخر (الأمريكيون في العراق) قد تسبب في حدوث انشقاقات في العالم الذي مزقه خير أو شر الإسلام السياسي".

وأضاف: "تشير مذكرات أنس (في الجبال) إلى صديقه خاشقجي، وتناقش أيضا الحروب في سوريا وليبيا، إضافة إلى الحرب الأهلية الجزائرية، أول حمام دم في العالم العربي بين حزب سياسي إسلامي منتخب من الشعب والقوة العسكرية".

ولفت إلى أن "هذا الضباب من الارتباك لم يتبدد، ومرارا وتكرارا، في ليبيا ومصر وسوريا وحتى الأردن، على الرغم من استقراره النسبي، نشأت مسألة الإسلام السياسي السيئ والجيد".

وذكر "ميدل إيست أي"، أن "أنس أكد أن أسامة بن لادن والظواهري وغيرهم لم يكونوا في حالة مزاجية لمساعدة الشعب الأفغاني، ولكنهم كانوا على استعداد لحشد قوة أكبر لإثارة الاضطرابات. ولقد ساعدت وكالات الاستخبارات الأمريكية والسعودية والمصرية والباكستانية وحتى الإسرائيلية على تشكيل القاعدة، وأن أنس ليس أول من يتحدث عن الأسلحة التي تقع في الأيدي الخطأ".

أشباح أفغانستان

وفي كتابه "حروب أفغانستان"، يشرح السفير الأمريكي السابق بيتر تومسن كيف تم تفضيل المتشددين المتطرفين عن المقاتلين الأفغان والعرب المعتدلين، بمن فيهم أحمد شاه مسعود، الذي قتل قبل يومين من 11 سبتمبر/أيلول، والذي حذر كذلك على مدار أكثر من عشر سنوات من أن الأمريكيين والسعوديين راهنوا على الحصان الخطأ، وأن العواقب ستكون مدمرة للمنطقة والعالم.

وأوضح الموقع، أنه "بعد سنوات، كان قتلة مسعود مرتبطين ارتباطا وثيقا بأحداث الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول والهجمات الإرهابية التي ارتكبها تنظيم الدولة في باريس بعد ذلك بأكثر من عقد".

وحذر مسعود في وقتها، من استخدام المقاتلين الإسلاميين لتقويض الفضاء الشرعي للإسلام السياسي. وفي الوقت نفسه، عارض تسييس وسرقة هذا النوع من الإسلام السياسي من وكالات الاستخبارات العربية والغربية في أفغانستان، وقد عارض خاشقجي أيضا استخدام الإسلام السياسي بطرق قد تضر به.

وقال الموقع في النهاية، يشير كتاب أنس "إلى الحاجة إلى إعادة ضبط فهم الإسلام السياسي، مما يثير حقيقة أن الحكومات الأمريكية والسعودية والمصرية تواصل تقويض الاستخدام المشروع للإسلام السياسي، من خلال مقارنته بالإرهاب".

ولفت إلى أن "ميلتون بيردن، أحد ضباط المخابرات المركزية الأمريكية المكلف بتسليح العرب في أفغانستان، حذر من تسليح المتمردين في الحرب في سوريا، لأنه رأى بأم عينيه كيف يمكن أن تضيع النوايا الحسنة في حروب المخابرات وأن أشباح أفغانستان لا تزال تطارد العالم العربي".