"ميدل إيست آي": "أغبياء" في أوروبا يدعمون طاغية مصر

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مقال رأي بعنوان "أغبياء يستفيد منهم السيسي: كيف تؤيد أوروبا الزعيم الطاغية في مصر". واعتبر المقال أن توجّه القادة الأوروبيون إلى شرم الشيخ بمصر -التي احتضنت القمة العربية الأوروبية الأولى في الأسبوع الأخير من فبراير/ شباط المنقضي- "تأييد لأسوأ دكتاتور شهدته مصر في العصر الحديث"، على حد تعبيره.

واستعرض مقال أحد رؤساء تحرير الموقع، ديفيد هيرست، الذي ترجمته صحيفة "الاستقلال"، حضور رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي إلى مؤتمر ميونيخ الأمني، "حيث أخبر مضيفيه الألمان أنه لن يظهر على نفس منصة أمير قطر"، بحسب هيرست. ثم انتقاله إلى منتجع شرم الشيخ لاستضافة رؤساء دول الاتحاد الأوروبي والعرب، قبل أن يقدّم استعراضا أمام 20 قائدًا أوروبيًا.

ووصل الكاتب، إلى قضية إعدام 9 شباب مصريين في قضية مقتل النائب المصري، قائلا: "استعدادا لهذا الحقن من الشرعية الدولية، ذهب السيسي إلى موجة من القتل، بعد أن أرسل أعدادًا قياسية من المعتقلين إلى المشنقة بعد محاكمة زائفة لاغتيال النائب العام هشام بركات؛ مما رفع العدد الى 15 في غضون أسبوعين".

ونقل هيرست عن منظمة "ريبريف" الحقوقية وصفها لعمليات الإعدام بـ"أزمة حقوق إنسان حقيقية"، فيما "دعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية إلى وقف عمليات الإعدام استنادا إلى اعترافات انتزعت تحت التعذيب"، بحسب المصدر ذاته.

وأشار المقال إلى أن "الدعوة لم تجد آذانا صاغية، في حين حكم على ثلاثة عشر متهما آخر بالإعدام غيابيا في هذه القضية المحددة". مضيفا أنه، "في أغسطس/ آب 2016 ، ظهر شريط فيديو للمتهمين الذين يتراجعون عن اعترافاتهم في المحكمة ويروون كيف تم انتزاعها منهم".

رسالة إلى مصر

ورأى الصحفي السابق في صحيفة "جارديان"، أن "توقيت عمليات الإعدام لم يكن صدفة، إذ جاءت قبل أيام فقط من استلام السيسي خيرات أوروبا العظيمة، بما في ذلك لقائه برئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر".

وتابع هيرست: "عمليات الشنق تلك كانت رسالة يقول فيها السيسي للمصريين، إنه يستطيع أن يفعل كل ما يريده لمن يريد، دون أي مساءلة دولية. وهذا هو النقيض تماما للرسالة التي أراد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يوصلها عندما قال، إن الأمن لا يمكن فصله عن حقوق الإنسان".

واعتبر مقال الموقع البريطاني، أن "هذه الإعدامات ليست سوى البداية"، مستندا إلى تقرير  المنظمة الحقوقية "Egyptfront" التي أفادت أن "السيسي أعدم 46 شخصا في 2018، بينما يواجه 737 شخصا أحكاما بالإعدام، فيما بلغت 51 حالة المرحلة النهائية، ما يعني عدم وجود استئناف آخر أمام المحكمة".

وتساءل هيرست عن "الفرق بين الشرعية التي يحصل عليها السيسي من الاتحاد الأوروبي، والدعم الذي يتلقاه من دونالد ترامب، الذي وصفه بـ "الرجل العظيم"".

وعاد كاتب المقال إلى قمة شرم الشيخ قائلا: "بذهاب القادة الأوروبيين إلى شرم الشيخ فإنهم يؤيدون، أسوأ ديكتاتور تشهده مصر في العصر الحديث. وبدعمهم للسيسي يلعب القادة الأوروبيون دورا نشطا في زعزعة استقرار مصر".

وذهب هيرست إلى حد وصف تاسك وجونكر والرؤساء العشرين الذين حضروا الحدث بـ"أغبياء يستفيد منهم السيسي".

رئيس مدى الحياة

وجزم الصحفي بأن "الحملة القمعية الحالية في مصر هي سياسية، وليست لها علاقة بالإرهاب أو الأمن. وهي تهدف لسحق أي معارضة للتعديل الدستوري الذي سيزيد بشكل كبير من ولاية السيسي وسلطاته كرئيس".

وفي شرح للتعديلات الدستورية، قال المقال إن "التعديل  سيمدد الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، وسيسمح للرئيس الحالي بالترشح لمنصبه في نهاية فترة ولايته الحالية. كما سيضع القوات المسلحة فوق الدستور بواسطة "حماية الدستور والديمقراطية، والحفاظ على أسس الدولة وطبيعتها المدنية، ومكاسب الشعب، وحقوق وحريات الفرد". وسيعين الرئيس المناصب الرئيسية في السلطة القضائية، كما سينشئ مجلسا برلمانيا ثانيا، يقوم رئيس الجمهورية بتعيين ثلثه".

وأفاد هيرست أن "هذه التغييرات الدستورية مهمة جدا للسيسي؛ لدرجة أنه وضع ابنه، محمود عبدالفتاح السيسي، مسؤولا عن تنفيذها".

ووفقاً لموقع "مدى مصر"، فإن "محمود السيسي، مسؤول كبير في دائرة المخابرات العامة، يعقد اجتماعات شبه يومية لتنسيق خطط تمديد ولاية والده"، بحسب "ميدل إيست آي".

ولجأ رئيس التحرير بالموقع البريطاني إلى المقارنة، حين قال: "إن هذه الصلاحيات بالسلطات التي أخذها الرئيس المخلوع محمد مرسي في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، عندما وضع قراراته بصورة مؤقتة خارج نطاق الرقابة القانونية إلى أن يتم إنشاء برلمان جديد. كان خطأ فادحًا، اتخذه في ذروة شعبيته  وبداية انهيار حكمه، لكن تبين لاحقًا أن مرسي كان يحاول توجيه ضربة وقائية ضد قرار المحكمة الدستورية بتعليق اقتراح دستوري الاستفتاء المقرر أن يحدث بعد ثلاثة أسابيع. كان قرار مرسي سيئاً، ولكن حتى لو أُخذ على معناه الظاهري، فقد كان محدودًا زمنياً، أما تعديل السيسي الدستوري فقد بني ليدوم عقودا"، على حد تعبير هيرست.

ديكتاتور لبطيئي التعلم

اعتبر الكاتب أن "السيسي ديكتاتور يصلح لبطيئي التعلم"، وفسر قوله وهو يستعرض "ترحيب الليبراليين الذين تواجدوا في ميدان التحرير للإطاحة بمرسي" مذكّرا بقول، ممدوح حمزة: "إذا لم تقم بالاحتجاج ضد الإعلان؛ فسوف يحكموننا 30 سنة بأحذيتهم. وأي شخص يتكلم ضدهم [الإخوان المسلمين] سيتم وصفه بأنه مضاد للثورة، إنه لا يريد أي صوت آخر، إنه يضع نفسه في نفس مستوى الله".

ووفقا للمقال، "وصف حمزة مظاهرات 30 حزيران/يونيو ضد مرسي بأنها "ثورة حقيقية" ورفع لافتة طولها 400 مترا تدعو مرسي إلى الاستقالة. وقال حمزة: "مرسي وحكومته وهم، أنا لا أعرف أيا منهم، إنهم سموم، سنخرجهم من أجسادنا".

وأضاف هيرست: "شجّع حمزة بنشاط تفريق اعتصامات ساحة رابعة وساحة النهضة، التي أصبحت أسوأ مذبحة للمدنيين منذ ساحة تيانانمن."

وفي استعراض للأحداث، ضمّ هيرست صانع الأفلام خالد يوسف إلى اللائحة، مذكرا بمنحه استخدامًا حصريًا لطائرة هليكوبتر عسكرية لتصوير مشاهد للاحتجاجات ضد حكم مرسي في يونيو 2013.

وقال المقال: "قام يوسف بنفس الخدمة للثورة المضادة كما فعل ليني ريفنستال فى الألعاب الأوليمبية لهتلر في 1936. كانت دعاية محضة. وشملت اللقطات التي صورها مظاهرة مؤيدة لمرسي، والتي تم الخلط بينها وبين الاحتجاجات المناهضة لمرسي".

وواصل الكاتب: "آتت الصور أُكُلها، وأعطت توني بلير ذريعة إدعاء أن 30 مليون مصري خرجوا ضد مرسي، وهو رقم مبالغ فيه بشكل فاضح".

ووفقا للمقال، فإن "يوسف على نفس المنصة وقال "علينا أن نتمرد، وأن لا نترك الساحات حتى يسقط مرسي ونظامه. أطالب إما بسحب الإعلان الدستوري أو الإطاحة بالنظام. ولن نشارك في أي حوار أو مناقشة. الناس ليسوا مستعدين لأن يكونوا مستعبدين".

لقد فهموا الأمر بشكل خاطئ

تساءل الكاتب "أين هم حمزة ويوسف اليوم؟"، قبل أن يضيف: "اعتُقل حمزة لفترة وجيزة في وقت سابق من هذا الأسبوع؛ بتهمة نشر أخبار مزيفة، ويوسف في المنفى يخاطر بفقد حصانته البرلمانية والملاحقة القضائية؛ بسبب التشهير به في قضية تسريب فيديوهات جنسية مع ممثلتين، وذلك لأنه عبّر عن رأيه اعترضا على التعديل الدستوري".

واعتبر ديفيد هيرست، أن "السيسي صوّر نفسه، في مؤتمر ميونيخ الأمني، بأنه الرجل الذي يقود التغيير في المنطقة وفي الإسلام، ويجلب التسامح إلى بلاده، مستشهدا بتصريحات من صندوق النقد الدولي تشيد بمعدل نمو مصر البالغ 5.2 في المائة".

وقال الكاتب: "مع تجاوز التضخم الآن أكثر من 15 في المائة، لا قيمة لمعدل النمو هذا. أما إخراج قطاع النفط، فسيقلص الاقتصاد لشهر رابع في ديسمبر/ كانون الأول".

"في الواقع، حوالي 30٪ من السكان معترف بهم رسميًا كفقراء، حتى بعد تخفيض عتبة الفقر إلى ما بين 700 و 800 جنيه مصري شهريًا. وإذا اتبعت مصر التعريف الدولي للفقر المدقع، حوالي 1050 جنيهات في الشهر، فإن معدلها سيكون أعلى"، بحسب المصدر ذاته.

وخلص رئيس التحرير بالموقع البريطاني، إلى أن "قمة شرم الشيخ مهزلة".  معتبرا أن "سبب استمرار القادة الغربيين بشكل خاطئ في التواجد بالشرق، هو اختيار الحلفاء الذين يزعزعون استقرار الدول القوية مثل مصر، و يحوّلونها إلى جمر مشتعل". واعتبر ديفيد هيرست، في مقال الرأي الذي نشره على "ميدل إيست آي"، أن الغرب غير قادر على دعم الديمقراطية في العالم العربي.