محنة إمام أوغلو تتحول إلى فرصة لأوزغور أوزيل.. هل يترشح للرئاسة؟

منذ ٢٠ يومًا

12

طباعة

مشاركة

بعد سجن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، يتحرك رئيس زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل بخطى محسوبة نحو هدفه الأكبر: الترشح لرئاسة الجمهورية.

ورغم أن الحديث عن ترشحه لم يُعلن بشكل رسمي بعد، فإن المؤشرات السياسية والتكتيكات الإعلامية توحي بأننا نُمهَّد تدريجيا لتقبُّل هذا السيناريو، وفق ما ترى صحيفة حرييت التركية المعارضة.

وسلطت الصحيفة في مقال للكاتب عبد القادر سيلفي الضوء على التحولات السياسية داخل حزب الشعب الجمهوري بعد المؤتمر الأخير له في العاصمة التركية أنقرة 6 أبريل/نيسان 2025.

المرشح القادم

وقال الكاتب: إنه بات بالإمكان طرح سؤال كان حتى وقت قريب يُعد سابقا لأوانه: إلى أين يتجه أوزغور أوزيل؟ موضحا أن الإجابة هي “الترشح لرئاسة الجمهورية”. 

وفي 23 مارس/آذار 2025، أعلن حزب الشعب الجمهوري تزكية رئيس بلدية إسطنبول المعتقل أكرم إمام أوغلو مرشحا وحيدا له في الانتخابات  الرئاسية التي ستجرى في العام 2028.

وجاء ذلك عقب تصويت تمهيدي داخلي شارك فيه أعضاء الحزب ومواطنون من خارجه لاختيار الشخصية الأقدر على منافسة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وأتى إعلان ترشيح إمام أوغلو، بعد أيام قليلة من إلقاء السلطات التركية، القبض عليه بعد توجيه الادعاء العام اتهامات له بقيادة منظمة إجرامية وتهريب أموال غير مشروعة وتسهيل أنشطة تخدم تنظيم حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا في البلاد.

وقال الكاتب التركي: إنه من غير المستبعد أن نسمع قريبا أصواتاً من داخل الحزب تقول: "إذا لم يكن بإمكان أكرم إمام أوغلو الترشح (بسبب الاتهامات الموجهة ضده)، فإن رئيس الحزب بطبيعته هو المرشح الرئاسي".

 وبهذا الشكل، يجرى تهيئة الجمهور والنخب الحزبية لفكرة كون أوزغور أوزيل خيارا رئاسياً، حيث إن تطورات الساحة السياسية داخل الحزب تسير باتجاه تعزيز موقفه.

فقد أدار بذكاء وحكمة المرحلة المعقدة التي مرّ بها الحزب فيما يخص قضايا أكرم إمام أوغلو. 

وبينما كان من الممكن أن ينكسر تحت وطأة هذه الأزمة، فقد نجح هو في قلب الموقف لصالحه، وتحويل الرياح لتدفعه إلى الأمام لا إلى الخلف.

وتابع: يواجه إمام أوغلو تهديدات حقيقية قد تمنعه من دخول السباق الرئاسي، بسبب مشكلات قانونية متصاعدة تتراوح بين إلغاء شهادته الجامعية (بعد الحديث عن تزويرها) وقضايا أمام القضاء قد تُسفر عن أحكام تمنعه من الترشح. 

وقالت جامعة إسطنبول: إنها ألغت شهادة أكرم إمام أوغلو بسبب مخالفات. وإذا جرى تأييد قرار الجامعة، فلن يتمكن الرجل من الترشح للرئاسة بسبب شرط الشهادة الجامعية بموجب القانون.

أما منصور يافاش، ورغم مكانته كرئيس لبلدية أنقرة، فقد أظهرت نتائج المؤتمر العام بوضوح أنه لا يحظى بتأييد قوي داخل حزب الشعب الجمهوري.

وهذا يترك الساحة شبه خالية أمام أوزغور أوزيل، ليبرز كخيار وحيد ومحتمل لقيادة المعارضة نحو الانتخابات المقبلة.

وأضاف الكاتب: من المشاهد الرمزية اللافتة خلال المؤتمر كان وجود "الكرسي الفارغ" المخصص لأكرم إمام أوغلو، فرغم غيابه الجسدي، فإن حضوره المعنوي كان طاغيا في كل زاوية من زوايا القاعة. 

والبعض قال: إن إمام أوغلو أدار المؤتمر من ذلك الكرسي الفارغ، ولكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن موازين القوى داخل الحزب بدأت تميل بقوة نحو رئيسه الحالي "أوزغور أوزيل".

وفي خضم هذه المرحلة الدقيقة، اتخذ الرئيس السابق للحزب كمال كليتشدار أوغلو موقفا وصفه كثيرون بالحكيم فلم يزجّ بنفسه في سباق يعلم مسبقا أنه خاسر فيه. 

وتابع الكاتب أن حضور كليتشدار أوغلو داخل قاعة المؤتمر كان تصرّفا مسؤولا في ذاته، حتى وإن اتسم بالمواجهة الصامتة.

فقد رفض التصفيق لأوزغور أوزيل بعد كلمته، ولم يبادله العناق وحين حاول الأخير فتح حوار معه، فضّل كليتشدار أوغلو الصمت محتفظاً بمسافة واضحة تفصل بين الماضي والحاضر. 

ورغم خروجه الرسمي من رئاسة الحزب، فإن كليتشدار أوغلو لم يُبدِ أي نية في الانسحاب الكامل من المشهد. وقد بدا ذلك جليا من خلال تصريحاته وتعامل فريقه مع مجريات المؤتمر.

 فلا تزال لديه طموحات، وربما نوايا بالعودة إلى القيادة في المستقبل، وقد بدا هذا واضحا من التصفيق الحار الذي تلقّاه عند الإعلان عن اسمه.

صراع القيادة

وتابع الكاتب: شهد مؤتمر حزب الشعب الجمهوري الأخير مشاهد درامية كشفت الكثير عن التوازنات الداخلية والتوترات بين الأسماء البارزة في الحزب.

 فمن ضمن محاولات الترشح  برز اسم برهان شيمشيك في الواجهة بعد أن رفضت لجنة المؤتمر ترشيحه لرئاسة الحزب بحجة تأخره في تقديم التوقيعات، رغم تأكيده أنه استوفى الشروط.

وبذلك أعيد انتخاب أوزغور أوزيل زعيما لحزب الشعب الجمهوري للمرة الثانية في أجواء سياسية مشحونة، خلال الجمعية العامة الاستثنائية التي عقدت في أنقرة، بعد أن نال ثقة 1171 مندوبا من أصل 1276.

وجاء فوزه بعد انسحاب رئيس بلدية مراد باشا في أنطاليا  أوميت أويصال، من السباق، وفشل المرشح الآخر شيمشيك، الرئيس السابق للحزب في إسطنبول، في حصد عدد كاف من الأصوات.

واستدرك الكاتب: كان من الممكن أن يُظهر أوزيل موقفا أكثر نضجا وقوة لو قال: "إن كانت هناك توقيعات ناقصة فأنا أستكملها، وليصعد شيمشيك ويتحدث.

ولو صدر منه هذا التصرف، كان سيمنحه ذلك صورة القائد الشجاع والمنفتح، وفق قول الكاتب.

 فقد سبق أن قدّم كمال كليتشدار أوغلو موقفا مشابها عندما دافع عن ترشح محرم إنجه، مؤكداً أنه سيستكمل أي نقص في التوقيعات إن وجد.

وبذلك، عزز هذا الموقف من مكانة كليتشدار أوغلو، لكنّ أوزغور أوزيل اختار خياراً معاكساً، فقد فضّل عقد مؤتمر سريع يحسم الأمور دون مجازفات.

ولفت الكاتب إلى أنه في خطابه بالمؤتمر تحدث أوزيل عن كل شيء تقريبا، لكنه تجاهل كليا موضوع مقاطعة الاقتصاد التركي الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام كرد فعل على اعتقال إمام أوغلو. 

فهذه المقاطعة أُطلقت كرد فعل سياسي أثارت جدلاً واسعاً حتى داخل صفوف الحزب نفسه، ما جعل تجاهلها في الخطاب علامة استفهام كبيرة.  فالصمت لم يكن خياراً موفقاً، بل بدا كمحاولة لتفادي الجدل على حساب الشفافية، وفق الكاتب.

وتابع الكاتب: لم تقتصر المنافسة في المؤتمر على القيادة فقط، بل امتدت إلى قوائم اللجنة المركزية للحزب. 

إذ حاولت الشخصيات المقربة من كليتشدار أوغلو فرض أسماء جديدة واختراق "القائمة المفتاحية" التي قدمها أوزغور أوزيل، ما يؤكد أن الصراع داخل الحزب لم يُحسم تماماً، وأن معركة النفوذ مستمرة خلف الكواليس.

وأردف الكاتب التركي: كان يُنتظر من هذا المؤتمر أن ينقل أوزغور أوزيل من موقع رئيس الحزب إلى أن يصبح “القائد السياسي”. 

فالرجل قفز قفزة سياسية واضحة بعد تعامله مع قضية اعتقال إمام أوغلو، ونجح في ركوب الموجة وإدارة الأزمة لصالحه.

 إلا أنه حتى اللحظة لم يتخلص من صورته كـ"وصي على أمانة إمام أوغلو"، حيث عهد للأخير بالترشح للرئاسة.

ففي زيارة له إلى كمال كليتشدار أوغلو عقب انتخابه، نصحه الأخير بوضوح: “إن أردت أن تصبح قائدا، فعليك أن تتحرر من وصاية إمام أوغلو، كما تحررتُ أنا من وصاية أوندار ساف (الأمين العام الأسبق لحزب الشعب الجمهوري)”.

وأضاف كليتشدار أوغلو: "أنا مستعد لدعمك"، لكن يبدو أن أوزغور أوزيل لم يمتلك بعد الشجاعة الكاملة لاتخاذ هذه الخطوة المصيرية.

وختم الكاتب بالقول: إن المؤتمر الأخير لحزب الشعب الجمهوري لم يكن مجرد مناسبة تنظيمية، بل محطة كشفت عمق الخلافات وتحديات القيادة. 

وبين أنّ أوزيل يمتلك اليوم فرصة تاريخية كي يُثبت أنه ليس مجرد واجهة مؤقتة لإمام أوغلو، بل قائدا مستقلا يستطيع إعادة بناء الحزب ومواجهة التحديات، “لكن هذه الفرصة تحتاج أكثر من خطابات، وتتطلب شجاعة قرارات”.