محمد باسو.. كوميدي محترف يضحك المغاربة ويثير ضجر أخنوش وحكومته الفاسدة

15415 | منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

بعيدا عن كل التوقعات، نجح الكوميدي المغربي الشاب محمد باسو في حجز صدارة اهتمامات المواطنين خلال شهر رمضان والتربع على الترند المغربي، بسلسلته الساخرة "سي الكالة" (السيد الوسيط)، في إشارة إلى فئة الوسطاء والمرتشين.

وسحب باسو (39 عاما) البساط خلال شهر رمضان من قنوات حكومة عزيز أخنوش بعد نشره على منصة "يوتيوب" حلقات من برنامجه الساخر "السي الكالة" لتحظى بمتابعة الملايين، وتثير نقاشا داخليا حول البرامج الهادفة واهتمام المواطن بها بدلا من برامج تلفزيونية لا ترقى لمستوى وعي المشاهد.

كوميديا سوداء

في حلقة مدتها 7 دقائق، تعرض خلال شهر رمضان يومي الثلاثاء والجمعة عبر يوتيوب، نجح باسو في تصدر نسب المشاهدة بسلسلته "السي الكالة" التي تعالج في قالب هزلي مواضيع مختلفة، جسد فيها دور الشخصية التي يلجأ لها بعض السياسيين وأصحاب النفود لقضاء مصالحهم.

وطور باسو موهبته بعيدا عن الكوميديا الهزلية والتي أصبحت متجاوزة، حيث عمد لممارسة الكوميديا المظلمة، والمعروفة باسم "الكوميديا السوداء"، للتعامل مع موضوعات جادة في المجتمع بطريقة ساخرة.

ومن بين أهم المواضيع التي سلط باسو الضوء عليها، الفساد السياسي، والتعليم المزري، ورخص البناء غير القانونية، والرشوة واحتلال الأملاك العمومية، والترشح للانتخابات بشهادات مزورة، إضافة لتفويت الصفقات بطرق ملتوية دون الاحتكام لطلبات العروض.

وعرف باسو كيف يتعامل مع متابعيه ويتقرب منهم ويتكلم بلسان المواطن البسيط، والذي يعاني من بعض السلوكيات المشينة والتي تضرب مبدأ تكافؤ الفرص عرض الحائط.

وبالتالي تمكن من أن يخلق لنفسه أسلوبا ساخرا خاصا به، حيث جاءت سلسلة "سي الكالة" التي تتربع على عرش "الترند" المغربي.

في هذا الصدد، قال باسو، إن "فكرة السلسلة بكل بساطة تعالج مواضيع متعلقة بالسياسة، وأيضا تشخيص لرجال السياسة الذين يتحدثون دائما بلغة الخشب".

وأضاف لموقع "الأيام 24" المحلي في 16 مارس/ آذار 2024، أنه صور سلسلة (السي الكالة) بهدف التعمق في النقد السياسي والاجتماعي الكوميدي، و"قد قربت المتفرج المغربي من الكواليس التي تقع داخل الإدارات العمومية والمرافق التابعة للدولة".

وتابع أن "أي مغربي يحتاج في حياته اليومية إلى أشخاص بهدف قضاء حاجاته الإدارية الضرورية، وهذا أمر مشاع داخل المجتمع المغربي الذي يعيش هذا الواقع القديم الجديد"، موضحا أن "الحالة العادية لدى المواطن المغربي هي استخدام الهاتف من أجل تحقيق غاية ما".

وأشار الكوميدي المغربي إلى أنه "من الضروري في الأعمال الكوميدية استخدام أساليب الاستعارة والمبالغة لإيصال الرسالة أو الهدف المرجو إلى المشاهد المغربي، وأنا ارتاح في مثل هذه الأعمال الفنية الكوميدية الساخرة".

وزاد باسو بالقول: “هذا يعد (سكيتش/فقرة فكاهية) وليس معارضة سياسية، الغرض منه إدخال المتعة إلى البيوت، وليس لدي أي عداء مع أي جهة سياسية مغربية".

اكتشاف الموهبة

محمد باسو من مواليد 28 سبتمبر/ أيلول 1985، في مدينة زاكورة جنوب شرق المغرب، متزوج وأب لطفلين.

من مسقط رأسه زاكورة، حيث كان يشتغل في مجال الفخار وأيضا مرشدا سياحيا، في منطقة “تمكروت” المعروفة بفقرها وتصنيفها ضمن “الهامش” وما يعرف بـ"المغرب النافع".

ويتحدث باسو في تصريحات إعلامية، عن استعماله لحقيبة مدرسة واحدة كانت هدية من خاله خلال فترة مراحل التعليم الابتدائي طوال 6 سنوات، 

وانتقل باسو بعد مرحلة الإعدادي إلى مدينة أغادير حيث تابع دراسته الأكاديمية في الإجازة بجامعة "ابن زهر"، ثم حصل على شهادة “الماجستير” في الدراسات الإنجليزية سنة 2016،

في 27 مايو/ أيار 2022، نال الكوميدي المغربي الدكتوراه، بميزة مشرف جدا، حول "الكوميديا بين المغرب والولايات المتحدة"، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة الدار البيضاء.

وهو أحد الوجوه التي عرفها المغاربة في برنامج اكتشاف المواهب الكوميدية (كوميديا شو) في نسخة 2009، والتي فاز بلقبها.

وظهر على الشاشة من خلال عدة أعمال كان أغلبها تلفزيونيا بطابع كوميدي وهو النوع الذي يبرع فيه.

ومن أهم أعماله مسلسل "ولاد علي" (2018) و"أوشن" (2018) وكوميديا الموقف "نهار مبروك" (2019)، و"قهوة نص نص"، (2021)، و"فلوكة" (2022).

أسلوب ساخر

وفي تفاعل مع جديده، قال الناقد الفني المغربي، فؤاد زويريق، "لا شك أن باسو كوميدي موهوب (..)، لم يكتف بموهبته فقط، بل طورها بذكائه واجتهاده وثقافته وانفتاحه الأكاديمي أيضا، وعرف كيف يتعامل مع جمهوره وينزل إليهم، ويتكلم بلسانهم... وبالتالي خلق لنفسه أسلوبا ساخرا خاصا به، كوميديا سوداء لا علاقة لها بالهزل الرخيص".

وأضاف زويريق عبر فيسبوك في 16 مارس، "جميل أن يُحتفى به (شعبيا) وببرنامجه الموجود على اليوتيوب، لكن مهما كان نجاحه وانتشاره فسيبقى مجرد برنامج داخل منصة دولية، الأهم أن يطالب الجمهور بفرض باسو على قنواته التلفزية، ليس هو فقط فهناك مواهب كثيرة اتخذت من مثل هذه المنصات منبرا لها لعرض إبداعاتها".

وشدد على أنه "من العبث أن يمول المواطن بماله قنواته الوطنية بطواقمها وبرامجها، ليهاجر في الأخير إلى المنصات الدولية بحثا عن الإبداع، عبث ما بعده عبث، المغاربة يبحثون عن قناة يستحقونها، تجمعهم لا تفرقهم بين الهواتف ومنصاتها -على الأقل في المواسم الدرامية- وأن يتكلم المواطنون ويصرخون وينتقدون أفضل من أن يستسلموا ويهاجروا".

بدوره، قال الفنان المغربي محمد الشوبي، تعليقا على حلقات باسو “الكوميديا السوداء في أبهى حللها... طريقة الانتقال من موضوع لآخر مثالية وخطيرة”.

وأضاف الشوبي في تدوينة عبر فيسبوك في إن “الساركازم أو السخرية كتابيا حاجة جد جد نادرة في الإنترنت، من ناحية الرسائل أظن وصلت وبشكل ممتاز وبطريقة جميلة”.

ورأى أن "باسو كوميدي عظيم، وأظن لا نقاش في كونه هو الأفضل في الساحة ولا منافس له، لأنه مثقف حاز على دبلومات أكاديمية وعاش مع أولاد الشعب وبطبيعة الحال سيشعر بالمعاناة وسيناضل ويدافع ويوصل صوتهم من خلال فنه…

وختم الشوبي تدوينته بالقول: “هذا هو نوع المحتوى الذي نحتاجه ”

من جانبه، قال “موقع "أش طاري" (ماذا يقع) المحلي إن "(الكالة) ليست سلسلة للضحك بل للبكاء على صور من صلب واقع تغلغل فيه الفساد إلى مستويات كبيرة وخطيرة، قد تصل إلى درجة أنه لا تكاد تجد مؤسسة واحدة ليس فيها (الكالة)”.

وأوضح في مقال نشره في 27 مارس، أن "العديد من رواد وسائل التواصل الاجتماعي يرون أن الكثير من المؤسسات العامة بحاجة إلى ثورات تغييرية في الإدارة وطريقة التدبير، حتى يتم فرمة الفساد الذي يشق طريقه بسرعة كبيرة".

وذكر أن "المشاهد المغربي لفت إلى أن السلسلة بإمكانياتها البسيطة والاستوديو المتواضع الذي كلف ثمنه 8000 درهم (800 دولار)، استطاعت أن تنجح وتتفوق على كبريات شركات الإنتاج، التي خصصت لها ميزانيات ضخمة خلال البرمجة الرمضانية في قنوات القطب العمومي".

وقال الكاتب عبدالكريم نوار إن “(سي الكالة) يظهر بشكل رجل فاسد أخلاقيا، في مكتبه بين ملفات مختلفة الألوان فوقها بعض عملات نقدية مختلفة وهواتف كثيرة ترن كل ثانية دون ترك مهاتف دون جواب ودون إنهاء أي منها، ذلك لأن من يهاتفونه هم شخصيات مختلفة، لكل منها نفوذ في مؤسسة من المؤسسات أو مجال من المجالات، ودوره هو مساعدتهم على حل مشاكل عديدة بطرقه الخاصة”.

وأضاف في مقال نشره في 23 مارس أن “هذا نسميه في المغرب (الكالة) أي الوساطة القوية، عبر الرشا أو عبر تبادل المصالح. وهذا ما جعلنا نتحدث عن أمراض المؤسسات المغربية بشكل بنيوي، أي أنه مرض أصاب البنية بأكملها، حيث تؤثر في مختلف المجالات من التعليم والرياضة والوظيفة العمومية والسياسة والاقتصاد، وحتى المجال الديني”.