اقتحام إسرائيلي غير مسبوق للأقصى.. وناشطون يستنكرون خذلان الأنظمة العربية

منذ ٢٠ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في استفزاز متعمد لمشاعر العرب والمسلمين، ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقطع فيديو من نفق تحت المسجد الأقصى المبارك محتفلا بما يسمى يوم "توحيد القدس".

وتزامنا مع ذكرى احتلال شرق القدس عام 1967 وفق التقويم العبري، الموافق 26 مايو/أيار 2025، اقتحم أكثر من 2000 مستوطن المسجد، رفقة وزراء وشخصيات إسرائيلية أبرزهم وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش.

كما تزامن الاقتحام الواسع مع "مسيرة الأعلام" بمنطقة باب العامود في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وبزيادة عدد المقتحمين بنحو 37 بالمئة عن الاقتحامات السابقة، وهو ما جعله "اليوم الأسوأ في تاريخ المسجد الأقصى" منذ احتلاله عام 1967.

فيما أجرى نتنياهو، جولة مثيرة للجدل داخل أحد الأنفاق أسفل المسجد الأقصى، وقال في مقطع مصوّر نُشر على منصاته الرسمية: "هذا حديث مني إليكم من أحد أقدم شوارع القدس".

وعقدت حكومة نتنياهو اجتماعا لها ببلدة سلوان بالمدينة المحتلة، كرر الأخير خلالها مزاعم "وحدة القدس"، متعهدا بـ"عدم تقسيمها" و"تعزيز سيادة إسرائيل عليها".

وبحسب بيان صادر عن مكتبه، ذكر نتنياهو أنه "طرح على الحكومة قرارات لتطوير القدس في جميع أجزائها"، استنادًا إلى ما وصفه بـ"الحق التاريخي" فيها ولصالح “جميع السكان”. وفق زعمه.

وبدوره، حذّر خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، من انقضاض "اليمين الإسرائيلي" على المسجد، وأدان تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى.

وقال: “المسجد يستباح يوميا ويعاني من حصار خانق، فاليمين المتطرف هيمن على الحكومة الإسرائيلية، وبدأ ينقض على الأقصى دون رادع”.

وعبر عكرمة عن "أسفه بشدة لعدم وجود ردود فعل تتناسب مع ما يحدث بحق المسجد المبارك"، قائلا: إن "الخذلان لفلسطين تجاوز كل التوقعات".

ومن جانبها، عدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، ما يجرى داخل المسجد الأقصى "انتهاكا صارخا لحرمة المقدسات الإسلامية، واعتداء واضحا على المشاعر الدينية لملايين المسلمين حول العالم.

واستنكرت التصاعد الخطير في وتيرة هذه الاقتحامات، ودخولها منعطفا جديدا بمشاركة وزراء إسرائيليين، قائلة: إن "حكومة الاحتلال لم تعد تكتفي بتوفير الغطاء السياسي والأمني لهذه الاقتحامات، بل باتت شريكة فعلية فيها".

وبدورها، حذّرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من تصعيد خطير في محاولات تهويد المسجد الأقصى، مؤكدة أن اقتحامه يشكل انتهاكا صارخا لقدسيته.

وأضافت أن اقتحام الأقصى محاولة مستميتة لفرض التقسيم المكاني والزماني"، كما عدته جزءا من خطة إسرائيلية متكاملة تستغل الرمزية الزمنية لذكرى احتلال القدس لتكريس وقائع تهويدية في المسجد.

وتابعت حماس أن ما يجرى "محاولة لإنفاذ التهويد الكامل"، في ظل تصاعد الطقوس التلمودية الاستفزازية داخل باحات المسجد، التي كان آخرها "السجود الملحمي" ومحاولات ذبح القرابين.

وحذّرت من أن الشعب الفلسطيني "لن يسمح بتمرير هذه المخططات، وسيواصل الرباط والدفاع عن الأقصى"، داعية جماهير الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل إلى تصعيد الاحتشاد في المسجد، والذود عن أولى القبلتين.

تهويد الأقصى

ومخطط تهويد الأقصى يشير إلى الجهود والمحاولات التي ينفذها المتطرفون الإسرائيليون والجماعات الداعمة لهم لتغيير الوضع الراهن في المسجد، ويهدف إلى زيادة السيطرة عليه.

ويتضمن المخطط اليهودي فرض تقسيم ساحات الأقصى زمانيا بين الفلسطينيين والمحتلين الإسرائيليين في غير أوقات الصلاة في إطار مرحلة أولية يتبعها تقسيم مكاني، ثم السيطرة الكاملة عليه لاحقا، وتغيير هويته ببناء ما يسميه الاحتلال الإسرائيلي "الهيكل الثالث" مكان قبة الصخرة.

ويحمل المشروع الذي يهدف إلى تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين وإسرائيل، شقّين هما: التقسيم الزماني والمكاني، وكانت إسرائيل قد بدأتهما بشكل عملي.

والتقسيم الزماني يعني تخصيص أوقات معينة لدخول المسلمين المسجد الأقصى وأخرى لدخول اليهود، ويستهدف اقتسام ساعات اليوم وأيام الأسبوع والسنة.

أما التقسيم المكاني فيعني تخصيص أماكن بعينها في المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 دونما، لكل من الطرفين، ليحول الكيان الإسرائيلي جزءا منه إلى كنائس يهودية لأداء صلواتهم فيها.

ويثير هذا النوع من التقسيم قلقا كبيرا لدى المسلمين؛ حيث يعد المسجد الأقصى موقعًا مقدسًا وجزءًا لا يتجزأ من الهوية الإسلامية، وأي تقسيم له قد يعد تهديدا للوحدة والسيطرة الإسلامية على الموقع.

ولتمرير مخطط تهويد الأقصى، يزعم الاحتلال أن المسجد يقع على هيكل سليمان الذي يزعمون أنه كان مخصصا للعبادة اليهودية في القدس وأنه كان موجودا في الماضي وتم تدميره، وتدعي بعض الجماعات اليهودية أن إعادة بنائه ضرورة لاستعادة الحقوق اليهودية في القدس.

ويؤكد المتطرفون من الحركة الصهيونية على زعمهم بأن مكان الهيكل الذي دمر عام 70 ميلاديا، هو نفسه المكان الذي بني فيه المسجد الأقصى.

ولم يثر اليهود موضوع البحث عن هيكل سليمان وإعادة بنائه إلا في القرن التاسع عشر في طيّات البحث عن مزاعم تاريخية لليهود فلسطين تمهيدا لإصدار وعد بلفور الشهير والبدء في إقامة دولة قومية لهم على الأراضي الفلسطينية.

وتشكلت أكثر من 15 منظمة وجماعة دينية متطرفة داخل إسرائيل وخارجها تهدف جميعها إلى هدم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان على أنقاضه، وانقسمت هذه المنظمات في الوسائل المتبعة لتحقيق هذا الغرض.

وأثار تصعيد الاحتلال الإسرائيليين لاقتحامات المسجد الأقصى موجة غضب واستياء واسع بين الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، قائلين: إن الهدف يكمن في استفزاز المسلمين.

ونددوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #المسجد_الأقصى، #الأقصى، #الأقصى_معركة_وجود، حالة السبات العميق التي تنتاب رؤساء الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة أمام استباحة الإسرائيليين لمسرى الرسول ﷺ.

تنديد وغضب

وتنديدا بالاقتحامات، قال الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق: إن اليوم فقط، شُتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بدل المرة الواحدة مائة، وعلى الهواء مباشرة، لم يُشتم صحابته فقط، بل شُتم سيد الخلق باسمه ورسمه بين الآلاف من الجموع المارقة في القدس وعلى عتبات المسجد الأقصى المبارك.

وأكد أن هذا المشهد، نفسه، وبالضبط تماما، تكرر قبل أربعة أعوام من الآن، بذات الطريقة وذات الأعلام الزرقاء والبيضاء المرفوعة، وذات الهتافات القذرة، ولكن الفرق أن المسجد الأقصى والقدس كان لهما درعًا عزيزا صادقا اسمه غزة.

وأضاف أبو رزق: "لن أقول خذلتم غزة وتركتموها وحدها واكتفيتم بالمشاهدة من بعيد، فهذه المصطلحات تحولت إلى كليشيهات مكرورة ومحفوظة، أقول إن غزة ورجالها الصادقين لم يكونوا يبالغون، أبدًا، عندما قالوا أكثر من مرة إنهم حائط الصد وحجر العثرة، لحماية الشعب والمنطقة والأمة من خطر السرطان الصهيوني المنتشر".

وعرض محمد عبدالعزيز الرنتيسي، صورة تظهر اقتحام الصهاينة للمسجد الأقصى وتحويلهم ساحته إلى ساحة أعلام إسرائيلية، واصفا الصورة بأنها "مؤلمة بلا حراك، وكأن غزة كانت الدرع الوحيد.

واستنكر الصحفي إسلام بدر، أن مسيرة الأعلام التي نفذها المسوطنون في المسجد الأقصى انتهت دون ضجيج، مؤكدا أن تغييب غزة عن المشهد الوطني سيكون خسارة فادحة للجميع.

وقال محمد كاسب: إن مشاهد اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى المبارك، والهتافات المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في مسراه، ورقصات الملعون بن غفير، والمشهد الأخير الذي يظهر فيه نتنياهو من نفق محفور أسفله للبحث عن هيكلهم المزعوم، تصيبني بمرارة الشعور بالعجز وقلة الحيلة والخزي.

هدم الأقصى

وتحذيرا من مخططات هدم الأقصى، عرضت المغردة رشا المقطع الذي ظهر فيه نتنياهو، قائلة: "في حالة أن البعض لم ير ذلك فهذا هو الڤيديو الذي بثّه بمناسبة ذكرى الاحتلال الكامل للقدس وهزيمة الجيوش العربية عام 1967!".

وأشارت إلى أن الفيديو تم بثّه من نفق يقع تحت المسجد الأقصى مباشرةً، وتم حفره بدعوى البحث عن آثار للهيكل المزعوم، والاستمرار في حفره قد يتسبب في انهيار المسجد.

وأشار أحمد فهمي إلى أن مبرر النفق الذي ظهر فيه نتنياهو أنها حفريات للبحث عن آثار لهيكل سليمان المزعوم تحت المسجد الأقصى.

وأكد أن الحقيقة أن الحفريات ستؤدي عاجلا أو آجلا لانهيار المسجد الأقصى ويبنوا على أنقاضه هيكلهم ويحققون النبوءة المزعومة التي أسسوا على أساسها هذا الكيان.

وحذر تامر قديح، من أن النفق الذي ظهر فيه نتنياهو قد يتسبب في انهيار الأقصى، إذ إن الحفر تحت المسجد مستمرة منذ سنوات بحثًا عن آثار للهيكل المزعوم دون العثور على أي دليل، بل إن كل ما تمّ اكتشافه يثبت عدم وجوده.

استنهاض للهمم

وعن أهدافه، أكّد مصطفى محمد، أن مجرم الحرب نتنياهو نشر الفيديو ‏إمعانا في استفزاز الأمة وإهانة مقدساتها.

وتساءل: "هل نسيتم أن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين؟ أم اقتصر الدين الإسلامي لديكم على فن التجويد؟"، قائلا: "هذا هو مسجدكم الأقصى يا مسلمين.

رسول الله يُسَبّ وليس مرة بل أكثر من مائة مرة! العلم الإسرائيلي يجلل باحات مسجدكم الأقصى!".

وأضاف محمد: "يقتل ويباد أطفال ونساء وشيوخ غزة جوعا وقصفا وكل هذا أمام مرأى ومسمع العالم أجمع!، ويوم خاضت غزة معركة طوفان الأقصى، وقفتم خلف شاشات الفضائيات تتفرجون عليها، وبعضكم شامت، وبعضكم لائم، وبعضكم ماقت".

وأكّد أن غزة ستظل "المدافع عن مسجدكم الأقصى، بعد أن نسيتم أنه أولى القبلتين وثالث الحرمين".

ودعا شعبان أبو بدرية، للانتباه واليقظة؛ لأن كل اقتحام للمسجد من ورائه اختبار لغيرة الأمة ولهفتها عليه، وحين يشعرون بالبلادة، يبدأون مخطط الهدم والإبادة!!، مطالبا بالكلام عن الأقصى مهما تعددت الأوجاع؛ لأن خفوت الحماس له، منتهى آمال العدو.

وقال أحد المدونين: "في لحظة خانقة من صمت عربي مريب وبين جدران الزمان التي أكلها التواطؤ اقتحم بن غفير ومن خلفه زمرة المستوطنين المتعطشين للخراب باحات المسجد الأقصى حفاة من الهيبة عراة من الشرعية مدججين بالكراهية يتقدمون كالأشباح على تراب طاهر عطرته جباه الساجدين".

استنكار الصمت

وحذّر المغرد عبدالحليم قائلا: “إن لم تجد رد فعل للذي حدث اليوم في المسجد الأقصي فقد انتهى الأمر ونحن على موعد مع هدمه مثلما رأينا نتنياهو في أكبر نفق تحته وبيقول بندور علي الهيكل وضحت الفكرة شكرا حكام العرب والمسلمين على هذا الخذلان والإهانة”.

وقال مؤسس ورئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده: "يخرج نتنياهو ليهدد ويرعد من داخل نفق تحت المسجد الأقصى فلا يخرج زعيم عربي خادم للقدس أو وصي يطلبه بوقف حفرها أو ردمها، بينما تتكرر المطالبات العربية بهدم أنفاق غزة التي تدافع عن شعبها".

واستنكر أحد المغردين ظهور نتنياهو من داخل نفق تحت المسجد الأقصى بينما الأمة الإسلامية نسيت وتناست أن هذا المسجد قبلتهم الأولى.

وتساءل: “هل سنرى الشعوب العربية والإسلامية تتحرك بعد هذا الحدث بجانب اليمن لنصرة فلسطين؟ أين أنتم يا أمة الإسلام؟”

وقال الكاتب وائل قنديل: "لو لم يكن نتنياهو وبن غفير واثقين بأن الحكومات العربية ليست سوى مجموعة من النعاج المطيعة لما شاهدنا على الهواء رقص الصهاينة في الأقصى على إيقاعات سب الرسول عليه السلام".

ورأى صاحب حساب نحو الحرية، أن نتنياهو يتحدى العرب من النفق، متسائلا: “هل تعرفون المسجد الأقصى يا عرب؟ هل تعرفون قيمته ورمزيته لكل الأنبياء؟ هل تعرفون رمزيته للنبي محمد ﷺ بالذات؟”

وكتب أحد المغردين: "زمان عندما كنا نتحدث عن حكام العرب أو حكام البلدان الإسلامية كنا نقول عنهم خونه عملاء لكن بعد مايحدث في غزة واليوم نتنياهو في أحد الانفاق تحت المسجد الاقصى ولم يتحرك أحد منهم فلا بد عليك أن تتاكد أن كل هؤلاء الحكام مش مجرد خونة وعملاء لا والله هم ليست مسلمين بل صهاينة أبًا عن جد".