البرازيل خلال 2023.. كيف نأت عن واشنطن وغازلت الأنظمة المستبدة؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

مع دخول العام الجديد 2024، تحدث مراقبون بشأن ملخص السياسة البرازيلية خلال عام 2023، بأن البلاد "نأت بنفسها بشكل متزايد عن الولايات المتحدة، وغازلت الأنظمة المستبدة".

وتجلى ذلك، بحسب المتابعين، في رسو السفن الإيرانية في ريو دي جانيرو، مرورا برفض دعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، وكذلك رفض إدانة الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الاستبدادية في جمهورية نيكاراغوا، واعتقال مزعومين مرتبطين بـ"حزب الله" اللبناني في الأراضي البرازيلية.

غزو صامت

وذكرت صحيفة "إي ريفرانسيا" البرتغالية أن "عام 2023 بدأ بالفعل باضطراب دبلوماسي، بعد أن سمحت الحكومة البرازيلية، في 13 يناير/ كانون الثاني، برسو سفينتين من الأسطول الإيراني في ميناء ريو دي جانيرو". 

ونتيجة لذلك، قيّمت واشنطن، وسط  تصاعد التوتر مع طهران، الوضع بأنه "استفزاز" إيراني.

وأضافت الصحيفة أن "تداعيات الحدث كانت سلبية أيضا في صفوف الناشطين الحقوقيين الذين رصدوا الفوضى الاجتماعية التي تشهدها الدولة الإيرانية عقب وفاة مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول 2022".

وبالنسبة لمنظمة غير حكومية تعمل على تعزيز حقوق الإنسان في إيران، "كان تأييد برازيليا بمثابة صفعة على وجه الإيرانيين المحتجين ضد نظام الرئيس إبراهيم رئيسي".

وفي هذا الصدد، قال هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز "حقوق الإنسان في إيران" (مقرها نيويورك)، إن "الإيرانيين يقاتلون نظاما وحشيا أعمى، اغتصب وشوه الآلاف منهم، فضلا عن سجن عشرات الآلاف".

وأضاف قائمي للصحيفة: "لذلك، يجب على السياسة الخارجية البرازيلية أن تعترف بحقيقة هذه اللحظة المأساوية وأن تتفهم آلام الأمة الإيرانية".

من ناحية أخرى، نوهت "إي ريفرانسيا" إلى أن "حادثة السفينة لم تمر مرور الكرام في واشنطن"، حيث انتقد السيناتور الجمهوري تيد كروز الحكومة البرازيلية.

وكتب البرلماني عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي أن "رسو السفن الحربية الإيرانية في البرازيل تطور خطير وتهديد مباشر لأمن الأميركيين"، وفق قوله.

مركز الغزو

وأشارت الصحيفة البرتغالية إلى أن "إيران، بعد سنوات من العقوبات والعزلة الأميركية، تعكف حاليا على إعادة بناء علاقاتها السياسية والاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة".

وبالنسبة للعديد من النشطاء والصحفيين، فإن "البرازيل هو مركز هذا الغزو الإستراتيجي على أبواب الولايات المتحدة".

وبهذا الشأن، أوضحت "إي ريفرانسيا" أنه "في وقت لاحق، اتخذت العلاقة بين برازيليا وطهران خطوة أخرى إلى الأمام مع انضمام إيران إلى مجموعة البريكس، الذي وافقت عليه البرازيل والأعضاء الآخرون في الكتلة، روسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا".

ووفقا للمحلل السياسي شاهر شهيدسليس، الذي تحدث في مقال لمركز الأبحاث "ستيمسون"، كان "دخول إيران إلى مجموعة البريكس بمثابة انتصار كبير لطهران، التي اكتسبت بالتالي شرعية دولية وسط النكسات الدبلوماسية المتكررة التي كانت تعاني منها".

وفضلا عن تقويض صورة البرازيل لدى الولايات المتحدة بسبب قبول إيران في المجموعة، لفتت الصحيفة إلى أن "البرازيل أثارت الجدل مرة أخرى بعد ذلك".

حيث رفضت التوقيع في مارس/ آذار 2023 -إلى جانب 50 دولة أخرى- على إعلان مشترك يدين انتهاكات النظام الاستبدادي لحقوق الإنسان التي ارتكبها الرئيس دانييل أورتيغا في نيكاراغوا.

وبحسب ما ذكرته الصحيفة البرتغالية، "تعرض الموقف البرازيلي لانتقادات واسعة النطاق، وحاولت الحكومة تنظيف صورتها من خلال عرض استقبال مجموعة من معارضي أورتيجا الذين فقدوا جنسيتهم وأصبحوا عديمي الجنسية". 

كما قدم سفير البرازيل لدى الأمم المتحدة، توفار نونيس، بيانا أحاديا، أعربت فيه البلاد عن قلقها بشأن "مزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقيود المفروضة على المجال الديمقراطي" في نيكاراغوا.

وشدد البيان على قلق البلاد إزاء "عمليات الإعدام بإجراءات موجزة والاعتقال التعسفي والتعذيب ضد المعارضين السياسيين"، كما نقلت الصحيفة.

ومع ذلك، قال مصدر قابلته وكالة "رويترز" البريطانية في ذلك الوقت، إن "الموقف البرازيلي في الأمم المتحدة لم يكن حاسما ضد نيكاراغوا". 

وأوضح المصدر أن "الوثيقة تعبر عن القلق فقط، وذلك لتترك المجال مفتوحا لإمكانية الحوار على وجه التحديد".

العلاقة مع الحلفاء

من وجهة نظر الصحيفة البرتغالية، ولأن قضايا السفن الإيرانية والإعلان ضد نيكاراغوا لم تُستقبل بشكل جيد في الغرب، بطبيعة الحال "من المؤكد أنها لقيت استحسانا لدى شريكي البرازيل في مجموعة البريكس، الصين وروسيا".

ونوهت "إي ريفرانسيا" إلى أن كلا البلدين عززا علاقاتهما على مدار عام 2023 مع كل من طهران وماناغوا.

وكما حدث في حادثة نيكاراغوا، عادت قضية حقوق الإنسان إلى دائرة النقاش مرة أخرى في مايو/ أيار 2023، عندما كُشف عن مشاركة البرازيل في زيارة نظمتها بكين إلى منطقة شينجيانغ.

وبحسب الصحيفة، تُتهم الحكومة الصينية بارتكاب سلسلة من الانتهاكات ضد الأقلية العرقية الأويغور، وهو الأمر الذي تعده بعض الدول الغربية "إبادة جماعية".

جدير بالذكر أنه "خلال زيارة منطقة شينجيانغ، حضر ممثلو بعثات دبلوماسية لـ12 دولة، بينها البرازيل وميانمار ونيبال وفيتنام وكمبوديا  وأوغندا والإكوادور وإيران".

ولفتت الصحيفة إلى أن سكرتير رئيس الحزب الشيوعي الصيني، ما شينغروي، كان سيستغل الاجتماع لدعوة الدول المشاركة إلى رفع "أصواتها العادلة" ضد هذه الاتهامات. 

ونقلت قوله في خطاب الترحيب: "بعض القوى المناهضة للصين في الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، تدمر التقدم في مجال حقوق الإنسان في شينجيانغ، وتنشر عددا لا يحصى من الأخبار الكاذبة المناهضة للصين وتشوه صورة الصين"، وفق ادعائه.

ولذلك، فإن "الوجود البرازيلي لم يلق استحسانا لدى المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان"، بحسب الصحيفة.

وتنوه "إي ريفرانسيا" إلى أنه "بالنسبة لمنظمة العفو الدولية، التي دافعت عن القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان لأكثر من 60 عاما، تُعد الادعاءات التي وجهتها الصين غير مقبولة".

وسلطت الصحيفة الضوء على "أهمية التعاون مع واشنطن في المجال الأمني".

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أعلنت الشرطة الفيدرالية البرازيلية عن اعتقال أفراد متهمين بانتمائهم إلى "حزب الله" ومحاولة تجنيد أفراد والتحضير لهجمات إرهابية في الأراضي البرازيلية. 

ورأت أن "العملية لم تكن لتتحقق إلا بفضل المعلومات التي قدمتها وكالات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية".