لتجاوز العقوبات الاقتصادية.. هل تقدم إيران تنازلات كبيرة لروسيا؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

اتفاقية تعاون شاملة جديدة مدتها 20 عاما تم توقيعها بين إيران وروسيا، في 18 يناير/ كانون الثاني 2024.

هذا الاتفاق سيحل محل الاتفاقية التي تم توقيعها بين البلدين في مارس/ آذار 2001 والتي تم تمديدها قبل ذلك لعشر سنوات، وسيتم تجديد التعاون بشكل خاص في قطاعي الدفاع والطاقة.

خصائص الاتفاق

وفي السياق، نشر مركز "أنكاسام" التركي مقالا للكاتب، عمر فاروق بيكجوز، قال فيه إن "الاتفاق الجديد يمنح روسيا الحق الأول في استخراج النفط من القسم الإيراني من بحر قزوين، وهذا يشمل حقل تشالوس الضخم المحتمل". 

وتشير التقديرات إلى أن منطقة أحواض بحر قزوين الأوسع، بما في ذلك الحقول البرية والبحرية، تحتوي على حوالي 48 مليار برميل من النفط و292 تريليون قدم مكعب من احتياطي الغاز الطبيعي المؤكّد والمحتمل. 

وفي عام 2019 لعبت روسيا دورا فعالا في تغيير الوضع القانوني لمنطقة أحواض قزوين، مما أدى إلى خفض حصة إيران من 50 بالمئة إلى 11.875 بالمئة فقط في هذه العملية. 

ووفقا للخبراء فإن تغير الوضع القانوني للمنطقة أدى إلى تقليص حصة إيران بشكل كبير.

وقبل اكتشاف حقل تشالوس كانت إيران ستفقد إيرادات ضخمة من الطاقة بسبب هذا التقليص.

ووفقا لأحدث التقديرات للاستخدام المحلي من قبل إيران وروسيا، يمكن أن يكون هذا الرقم أعلى من ذلك بكثير. 

وتابع بيكجوز: "كانت التقديرات تشير إلى أن حقل تشالوس يحتوي على حوالي 124 مليار قدم مكعب من الغاز".

ويعادل هذا حوالي ربع احتياطيات الغاز الموجودة في حقل جنوب بارس للغاز الطبيعي العملاق في إيران، والذي يمثل حوالي 40 بالمئة من إجمالي احتياطيات الغاز المقدرة في إيران وحوالي 80 بالمئة من إنتاجها من الغاز. 

وتشير التقديرات الجديدة إلى أن تشالوس يعد موقع حقل مزدوج يفصل بينهما تسعة كيلومترات، حيث يحتوي تشالوس "الأكبر" على 208 مليارات قدم مكعب من الغاز بينما تشالوس "الأصغر" يحتوي على 42 مليار قدم مكعب من الغاز، مما يعطي رقما إجماليا يبلغ 250 مليار متر مكعب من الغاز.

وبالإضافة إلى الحق الذي منح لروسيا لاستخراج النفط من القسم الإيراني من بحر قزوين، تم منحها الحق أيضا لاستخراج النفط من حقول النفط والغاز الإيرانية المهمة في مدينة خرمشهر (المحمرة) ومحافظة إيلام القريبة للعراق.

ولفت الكاتب التركي النظر إلى أن الحقول المشتركة بين إيران والعراق سمحت لطهران منذ فترة طويلة بتجنب العقوبات المفروضة على قطاعها النفطي الرئيس. 

وأوضح أنه "من المستحيل معرفة ما هو مصدر النفط سواء كان من الجانب الإيراني أو الجانب العراقي من هذه الحقول، مما يعني أن إيران قادرة ببساطة على إعادة تسمية نفطها الخاضع للعقوبات بصفته نفطا عراقيا غير مرخص وشحنه إلى أي مكان تريده".

وأشار الكاتب إلى أن أحد العناصر المحددة لهذه الاتفاقية هو أنها "تمنح روسيا ميزة إستراتيجية في قطاع الطاقة".

وأضاف أنه "في هذا السياق، يمكن قبول أن إيران قدمت تنازلات كبيرة لروسيا من أجل تجاوز العقوبات في مجال الطاقة".

ومع ذلك تستمر أزمة إيران في الخليج الفارسي حول حقل غاز "الدرة" الذي مازال ينتظر حلا.

خطوات إيران

وقال بيكجوز: "يمكن النظر إلى منح إيران تنازلات لروسيا في أكثر مناطق بحر قزوين استقرارا على أنه نتيجة للتعاون في مجال الأمن".

من ناحية أخرى، لا يمكن القول إن إيران قامت بخطوات مبادرة مع روسيا فقط، فبسبب التوتر المتزايد في الشرق الأوسط، تريد الدول المجاورة تأمين اقتصاداتها وقطاعات الطاقة. 

وكمؤشر على تصميمها يظهر توقيع اتفاقية التشغيل بين شركة نقل الكهرباء التركية وشركة إدارة الشبكات الإيرانية أن طهران تسعى جاهدة لتعزيز هذه الأسس ليس فقط مع روسيا ولكن أيضا مع الدول المجاورة التي تعد جهات فاعلة جادة في المنطقة.

وأردف بيكجوز: "في هذه الفترة من المخاوف الأمنية المتزايدة يمكن القول إن إيران، التي تظهر كأحد الأطراف الرئيسة فيما يحدث في قطاع غزة، قد اتخذت إجراءات ضد العقوبات الجديدة، ويمكن أن يشار إلى خطوة الطاقة المتجددة التي اتخذتها في بداية العام كإحدى الإجراءات التي تم اتخاذها".

وقال رئيس منظمة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في إيران، محمود كماني، إن الخطط جارية لتصدير الكهرباء التي تنتجها محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية العاملة في البلاد. 

وأعلن أيضا أن قدرة التوليد الحالية لمحطات الطاقة المتجددة في إيران تبلغ 1122 ميغاوات، وأن عملية بناء محطات توليد الطاقة المتجددة الجديدة بسعة إجمالية تبلغ 11 ألف ميغاوات في البلاد مستمرة. 

وذكر كماني أن أهداف صادرات إيران من الطاقة المتجددة هي تركيا وباكستان وأفغانستان، وأنه تم الإعلان عن مناقصات لبناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 4500 ميغاوات.

وبينما تستمر المناقشات حول تمويل هذا القرار، يمكن القول إن إيران ستطور آلية ضد حظر الطاقة باستخدام مواردها الخاصة من خلال الخطة التي وضعتها، وفق الكاتب التركي.

ومن ناحية أخرى من الممكن التنبؤ بأنها ستعمل مع الصين في مسألة الخطوات التي ستتخذها في مجال الطاقة المتجددة، نظرا لامتلاك الصين علاقات سياسية وثيقة.

ورغم حقيقة كون الصين حاليا أكبر منتج لتكنولوجيا الطاقة المتجددة، إلا أن هناك رغبة في أن تصبح لاعبا جديدا في الجغرافيا من حيث الوقود الأحفوري، حيث يمكن عدّ اتفاقية الغاز الطبيعي المسال الموقعة بين الصين وقطر في يونيو/ حزيران 2023 كمثال على ذلك.

وأضاف بيكجوز أن "الصين وقعت اتفاقية مدتها 27 عاما مع قطر تغطي شراء 4 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، ووفقا للاتفاقية، سيكون للشركة الصينية حصة 5 بالمئة في موقع إنتاج شمال شرق قطر". 

واستطرد: "يمكن القول إن الصين ستستقر بشكل دائم في معادلة الطاقة في الشرق الأوسط".

وقال بيكجوز: "بهذا المعنى يمكن القول إن إيران ستتلقى دعما سياسيا واقتصاديا ليس فقط من روسيا، ولكن أيضا من الصين في المنطقة". 

وتابع: "مع الاتفاقية الموقعة، يبدو أن إيران ستقدم تنازلات كبيرة لروسيا من أجل تجاوز العقوبات الاقتصادية".