"أكبر منتج لليورانيوم".. ما سبب اهتمام فرنسا المفاجئ بآسيا الوسطى؟

منذ ٥ أشهر

12

طباعة

مشاركة

جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في آسيا الوسطى، خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وزيارته إلى كازاخستان التي تعد الفناء الخلفي لروسيا، حظيت باهتمام حول أهدافها الحقيقية.

وأصبحت نتائج زيارة ماكرون إلى آسيا الوسطى "واضحة"، حيث تم الإعلان في صحيفة "لو تربيون" الفرنسية عن أن باريس تخطط لتزويد أوزبكستان وربما كازاخستان بطائرات مقاتلة.

بالإضافة إلى أن ماكرون أعلن أن باريس ستزود كازاخستان بنظام رادار الدفاع الجوي "جراوند ماستر400"، مما يعزز وجودها وسيادتها في آسيا الوسطى.

والسؤال يكمن هنا، ما سبب اهتمام فرنسا المفاجئ بآسيا الوسطى والقوقاز؟

مصالح متبادلة

والجواب على السؤال واضح، حيث قالت صحيفة "يني شفق" التركية في مقال للكاتبة، أينور نوغايفا، إن "فرنسا فقدت نفوذها مع انسحابها من مستعمراتها السابقة في مناطق كثيرة، ومنها مستعمراتها في إفريقيا، بسبب ازدياد النفوذ الروسي، وفي هذه الحالة أصبح نفوذ موسكو واضحا". 

ومن خلال التدخل في مناطق النفوذ الروسية، تعتزم فرنسا أن "تصبح لاعبا نشطا في كل من القوقاز وآسيا الوسطى، ويمكن عد هذا هجوما مضادا بسبب تدخل موسكو في الأراضي الفرنسية بإفريقيا".

واستدركت نوغايفا: "تتمثل مصالح فرنسا في إطار علاقاتها القائمة مع بلدان المنطقة منذ حصولها على استقلالها على النحو التالي: تعزيز واستكمال وتسريع". 

ومن الناحية الجيوسياسية تريد آسيا الوسطى تنويع علاقاتها، حيث يُعد تطوير العلاقات مع فرنسا أمرا مهما بالنسبة لها.

وأضافت الكاتبة التركية: "منذ بداية الصراع الروسي الأوكراني (في 22 فبراير/ شباط 2022)، ازداد دور آسيا الوسطى بشكل كبير كما يتضح من القمة وعدد المشاركين".

أما بالنسبة لفرنسا، فإن هذا التعاون "يمكن أن يفتح فرصا مختلفة" لبلدان المنطقة في الأبعاد السياسية والاقتصادية والبيئية. 

من ناحية أخرى، ظهر اهتمام الدول في المنطقة بالشراكات الاقتصادية والاستثمارية ونقل التكنولوجيا، حيث ازداد عدد المشاريع المشتركة التي تم تنفيذها بمشاركة شركات فرنسية في أوزبكستان بثلاثة أضعاف.

وتهدف الشركات الفرنسية إلى زيادة الاستثمارات في التكنولوجيا والزراعة الذكية والسياحة، وذلك من خلال محفظة مشاريع نشطة تتجاوز قيمتها 10 مليارات يورو.

وهذا بدوره يمكن أن يساعد أوزبكستان على تقليل اعتمادها على الصناعات التقليدية والمساهمة في التنويع الاقتصادي.

الطاقة والخدمات

وقالت نوغايفا إن "الطاقة النووية والحفاظ على المياه والتكنولوجيا الخضراء تعد ذات أهمية كبيرة لبلدان آسيا الوسطى". 

ومن ناحية أخرى، تعد كازاخستان مركز اهتمام أوروبي لأنها تعد "أكبر منتج لليورانيوم في العالم".

وكما أشار رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف بأن صادرات بلاده تمثل أكثر من ربع الوقود النووي المستهلك في أوروبا.

ونظرا لتوقف النيجر عن توريد اليورانيوم إلى باريس بعد الانقلاب العسكري، فقد وسعت فرنسا "فرصا جديدة" لاستيراد المواد الخام.

وفي هذا السياق، قال الرئيس الكازاخستاني توكاييف خلال لقائه نظيره الفرنسي: "بما أن الطاقة النووية تمثل 63 بالمئة من قطاع الطاقة في فرنسا، فهناك فرص كبيرة لمزيد من التعاون". 

وأشارت الكاتبة إلى أن "وفد ماكرون تضمّن رئيس شركة اليورانيوم (أورانو) التي تعمل بالفعل ضمن عملية تعدين في كازاخستان، واتفق الطرفان في وقت سابق على تمديد عملهما في كازاخستان لمدة 20 عاما أخرى في إطار تعاون طويل الأجل".

وبلغت التجارة بين فرنسا وكازاخستان 5.3 مليارات يورو عام 2022، وتوفر كازاخستان حاليا نحو 40 بالمئة من احتياجات فرنسا من اليورانيوم.

وأضافت نوغايفا: "كتبت وسائل الإعلام الفرنسية أن باريس تُعد خامس أكبر مستثمر أجنبي في كازاخستان، حيث حلّت في المرتبة السابقة للصين، وذلك بسبب مشاركة شركة الطاقة العملاقة توتال إنرجيز في مشروع واسع النطاق لتطوير حقل كاشاغان النفطي البحري".

شراكة دفاعية

بالإضافة إلى ذلك، تهتم الدول الأوروبية وخاصة فرنسا بتوسيع "الممر الأوسط" الذي يربط الصين وآسيا الوسطى بالقوقاز وتركيا وأوروبا عبر بحر قزوين. 

ففي عام 2022 شهد حجم النقل العابر في "الممر الأوسط" زيادة كبيرة، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف العام الذي سبقه، ووفقا للمعطيات من الممكن خفض فترة الانتقال من 38-53 يوما في العام السابق إلى 12-23 يوما.

ففي عام 2022 أظهرت أحجام العبور في الممر الأوسط نموا كبيرا، حيث تضاعفت ثلاث مرات تقريبا مقارنة بالعام الذي سبقه، وفي سيناريو متفائل، ستنخفض الفترة الانتقالية من 38-53 يوما في العام السابق إلى 12-23 يوما.

وقالت الكاتبة إن "هذا لن يوفر لأوروبا طرقا تجارية بديلة فحسب، بل سيساهم أيضا في المشاركة النشطة لبلدان آسيا الوسطى في شبكة واسعة من اتصالات النقل".

واستدركت: "رغم اهتمام الجانب الأوزبكي، فإن خبراء الدفاع يشككون في أن أوزبكستان قد تشتري طائرات مقاتلة من طراز رافال في المستقبل القريب، وهذا يرجع في المقام الأول إلى مشاكل فنية".

فوفقا للإعلام في كازاخستان، رغم التصريحات التي أدلى بها قصر الإليزيه قبل زيارة ماكرون للمنطقة بشأن رغبته بتعزيز الروابط والتنوع في شراكات كازاخستان وأوزبكستان في جهود الإصلاح والتحديث ودعم استقلالهما، أكدت خدمة الصحافة في وزارة الدفاع الكازاخستانية أن "المعلومات غير متطابقة" فيما يتعلق بالأسئلة المتعلقة بطائرات الحرب هذه. 

وعلقت نوغايفا: "يمكن النظر إلى شراء طائرات فرنسية من قبل دول المنطقة على أنها ليست مهمة أساسية، بل هي محاولة للحفاظ على القدرة الدفاعية أمام مشكلة تدهور وتنوع أسطول الطائرات السوفييتية القديم". 

وختمت مقالها بالقول: "في حين تسعى كل من كازاخستان وأوزبكستان إلى المزيد من الانفتاح الاقتصادي وسياسة خارجية متوازنة، فإن روسيا تستمر في كونها الشريك الرئيس لهم أو على الأقل يبدو أن هذا الاتجاه سيستمر في المدى القصير والمتوسط".