شبكة عمرها 10 سنوات.. تفاصيل أحدث صفعة تركية لجهاز الموساد الإسرائيلي

محمود مصلحان | منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في 5 أبريل/ نيسان 2024، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا، توقيف 8 أشخاص على خلفية الاشتباه بعملهم لصالح جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية "موساد".

وقال يرلي قايا في بيان إن العملية تمت بمشاركة مختلف الأجهزة الأمنية، وجرى توقيف المشتبهين على خلفية قيامهم بجمع معلومات عن أفراد وشركات في تركيا تستهدفها المخابرات الإسرائيلية، وبنقل المعلومات والوثائق إلى الموساد.

وأشار إلى أن السلطات القضائية التركية قررت حبس اثنين من المشتبه بهم، ووضع 6 منهم تحت المراقبة العدلية.

وذكر أن الوزارة تتعقب مختلف أنشطة التجسس داخل تركيا، مشددا بالقول: "لن نسمح أبدا بأنشطة التجسس التي تستهدف وحدتنا الوطنية وتضامننا داخل حدود بلادنا".

وكانت قد أعلنت تركيا في فبراير/ شباط 2024، اعتقال 34 شخصًا يشتبه في ارتباطهم بالموساد، واستهداف الفلسطينيين الذين يعيشون في تركيا. وكشف مكتب النائب العام لإسطنبول وقتها أن البحث جار عن 12 مشتبها به آخرين متهمين بالوقائع نفسها.

وتأتي عملية التوقيف هذه بعد شهر على توقيف شبكة من سبعة أشخاص، عقب حملة تركية أمنية نشطت منذ بداية 2024 لمكافحة التجسس الإسرائيلي على البلاد.

وكانت محكمة تركية قد أمرت في يناير/ كانون الثاني 2024 بالقبض على 15 شخصًا وترحيل ثمانية آخرين يشتبه في أن لهم صلات بالموساد، وأنهم يستهدفون الفلسطينيين الذين يعيشون في البلاد. 

تفاصيل العملية

بتنسيق من مكتب المدعي العام في إسطنبول وجهاز المخابرات التركية، كُشف عن تفاصيل العملية التي نفذتها مديرية فرع مكافحة الإرهاب التابعة لشرطة ولاية إسطنبول.

ونتيجة للتحقيقات التي أجراها جهاز المخابرات التركية، تبين أن محققا خاصا يدعى "أي.إي.تي" وزوجته كانا مرتبطين بالموساد بين عامي 2011 و2020. 

كما عُلم أن "أي.إي.تي" عقد اجتماعات وجها لوجه مع عملاء الموساد في النمسا (فيينا)، وسويسرا (زيورخ)، وألمانيا (ميونيخ-فرانكفورت-برلين). 

وبحسب ما كشفه جهاز المخابرات، فإن "أي.إي.تي"، الذي كان يجري اتصالاته مع عملاء الموساد عبر وسائل اتصال سرية، حصل على أموال خلال الاجتماعات التي عقدها في النمسا وسويسرا وألمانيا.

وفي نطاق التعليمات التي وردت إليه من الموساد، نفذ العميل أنشطة البحث والتتبع والمراقبة في تركيا وجورجيا وألمانيا ودول الشرق الأوسط. 

كما حصل على وثائق رسمية لسيارات الأجرة وشاحنات النقل التجارية من دول الشرق الأوسط لاستخدامها في عمليات الموساد.

شكوك بلا جدوى

منذ البداية، كان "أي.إي.تي" متشككا عندما اتصل به عميل موساد تحت اسم "يورغ نيوباك"، وذكر أنه يعيش في النمسا ولا يتحدث الألمانية. 

ومن الأمور الأخرى التي زادت من الشكوك أن "يورغ نيوباك" صرح بأنه "يمكنه إجراء المقابلة في فيينا أو زيورخ أو برلين أو أثينا، لكنه لا يستطيع القدوم إلى إسطنبول".

وبناء على هذه الشكوك، في أول اجتماع له في فيينا، أخذ "أي.إي.تي" معه كتابا عن الموساد كان قد اشتراه من تركيا وسأل يورغ نيوباك عما إذا كان عميلا للموساد. 

وفي المقابل، ضحك يورغ نيوباك ولم يجب على هذا السؤال.

ورغم ذلك، استمر "أي.إي.تي" في العمل لمدة 9 سنوات تقريبا، على الرغم من علمه بأن الأشخاص الذين كان يعمل لصالحهم كانوا عملاء للموساد الإسرائيلي. 

واستجابة لتعليمات الموساد، أنشأ "أي.إي.تي" لاحقا شبكة مكونة من 9 أشخاص.

وبحسب ما كشفه جهاز المخابرات، أصدر نيوباك تعليمات للعميل "أي. إي. تي" بتعقب شخص شرق أوسطي في مدينة إسطنبول.

وفي هذا الإطار، شكل "أي. إي. تي" فريق تتبع مكونا من 4 أشخاص، حيث تتبعوا الهدف خطوة بخطوة لمدة يومين. 

ومن ثم أُبلغ عن نشاط التتبع من قبل زوجة أي.إي.تي، وأُرسل التقرير إلى نيوباك.

ونتيجة للعملية المشتركة التي نفذها فرع مكافحة الإرهاب التابع لجهاز المخابرات التركية وقسم مكافحة الإرهاب في شرطة إسطنبول، اعتُقل أي. إي. تي وأعضاء شبكته في 3 أبريل 2024. 

وفور بدء التحقيقات، أقر أعضاء الشبكة بالاتهامات الموجهة إليهم. فيما لا تزال الإجراءات القضائية مستمرة بحق أي. إي. تي وزوجته. 

تعليق الخبراء

وتعليقا على العملية، قال الباحث التركي محمد معروف: "أولا، من الضروري معرفة بنية المخابرات الإسرائيلية جيدا. فلا يمكن أن تكون العناصر العاملة هنا أعضاء في المخابرات الإسرائيلية بأي شكل من الأشكال".

وأضاف لـ"الاستقلال" أن "إسرائيل لا تنفذ عملياتها الاستخباراتية في تركيا عبر أفرادها وأعضائها الرسميين"، وبدلا من ذلك، أوضح معروف أن الأنشطة تنفذ عبر "عناصر محلية تُشترى أو عناصر تُجبر على التعاون في دول مجاورة".

وأوضح أنه "فقط في العمليات الاستخباراتية الكبيرة، يضع رجال المخابرات الأساسيين اللمسات النهائية، كما هو الحال في جميع العمليات الاستخباراتية التي حدثت في دول إسلامية من قبل".

وأشار معروف إلى أن "الأشخاص الذين نفذوا هذه العملية هنا ليسوا أعضاء في المخابرات الإسرائيلية، لكنهم متعاونون  يستخدمهم الموساد".

لذا، يرى الباحث التركي أنه "من الصعب الحصول على أي معلومات متعلقة بإسرائيل عبر اعتقال الشبكات الجاسوسية في تركيا".

وعد "هذه العمليات التي تستهدف المتعاونين مع الموساد بمثابة إجراءات وقائية ضد الأعمال التي يخطط لها النظام الصهيوني، من أجل التغطية على مجازر غزة، وتغيير جدول أعمال الأجهزة الأمنية والسياسية".

ومضى يقول: "قد تكون هذه العمليات مجرد خطوات لمنع المضاعفات التي قد تحدث داخل البلاد والمشاكل التي من شأنها تغيير جدول الأحداث السياسية والأمنية بالبلاد". 

وختم معروف بالقول: "ويمكن أن نقرأ الهدف من هذه العمليات أيضا في صورة إرسال رسالة للرأي العام التركي الذي يقول إن أنقرة لم تتخذ أي خطوات ملموسة بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة".