قيادي بحركة النهضة يكشف لـ"الاستقلال" خفايا انقلاب قيس سعيد في تونس

تونس- الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ترى حركة النهضة التونسية أن قرارات الرئيس قيس سعيد، التي أصدرها في 25 يوليو/تموز 2021، بمثابة انقلاب على المسار الديمقراطي وتجاوز الدستور، وتمثل تعطيلا للحياة الديمقراطية.

وشددت النهضة "على أن المعطيات على الأرض تؤكد وجود أصابع مصرية في سيناريو حرق المقرات وإعلان الأوضاع الاستثنائية بالبلاد". 

الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي، في حواره مع "الاستقلال"، يقول: إن مواقف أغلب الأحزاب والمنظمات الوطنية والشخصيات السياسية الفاعلة في تونس ترفض هذه "القرارات الاستثنائية".

ويوضح أن آمال المرحبين بتلك القرارات تنحسر يوما بعد الآخر، ويخيب رجاؤهم في قدرتها على إخراج تونس من أزماتها بمرور الوقت. 

ويضيف أن الشعب التونسي سيظل متمسكا بالمسار الديمقراطي، ولا يمكنه التفريط بحريته التي استمرت 10 سنوات.

العيادي، يشدد على أن حركة النهضة ترى أن "التمسك بالدستور والديمقراطية أهم لديها من التمسك بالسلطة".

ويشير إلى أنها سبق وتنازلت عن الحكم في 2014، مقابل إنجاز دستور البلاد ولديها الاستعداد لتكرار ذلك لأجل ديمقراطية تونس.

ومنذ 25 يوليو، تشهد تونس أزمة سياسية كبيرة، إذ أعلن الرئيس قيس سعيد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد عمل البرلمان، ضمن عدة قرارات منحته كامل السلطة.

تلك القرارات اعتبرتها حركة النهضة انقلابا ودعت إلى حوار وطني للخروج من الأزمة.

قراءة النهضة

  • كيف تقرأ النهضة قرارات 25 يوليو؟ وهل تتفهمها؟ وماذا تعني هذه القرارات؟

تنظر حركة النهضة لقرارات "25 جويلية" على أنها انقلاب على المسار الديمقراطي في تونس وتتجاوز الدستور وتعطل الحياة الديمقراطية من خلال تعطيل عمل البرلمان.

لا يمكن أن نتفهم مثل هذه القرارات؛ لأنها تبحث عن حلول خارج الدستور، صحيح أن بلادنا تعيش أزمات كثيرة صحية واجتماعية ومالية وسياسية.

لكن ذلك لا يعني أن الحل في تعطيل الديمقراطية التي تسمح لنا بإدارة اختلافاتنا وتوفر فضاءا لحوار وطني سيفتح بدون شك على حلول للأزمة الراهنة.

  • كيف ترى موقف القوى السياسية والأحزاب التونسية من القرارات؟

أغلب مواقف الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والشخصيات السياسية رافضة لهذه القرارات بدرجات متفاوتة.

جميعها مجمعة على ضرورة العودة السريعة إلى الوضع الديمقراطي، وتوفير الضمانات الضرورية لمنع حصول أي انتهاك للحريات العامة والخاصة واستمرار تجاوز الدستور.

  • ما حجم التأييد لتلك القرارات بالمجتمع التونسي؟

المجتمع التونسي منقسم على نفسه بين رافض لهذه الإجراءات وبين مؤيد لها كحركة تصحيحية لمسار الثورة.

بقدر ما نتقدم في الزمن بقدر ما تنحسر آمال المرحبين بهذه الإجراءات ويخيب رجاؤهم في قدرتها على إخراج تونس من أزماتها ومشاكلها وتتعزز فكرة الرفض لهذه الإجراءات العودة إلى الديمقراطية.

  • هل يسمح الشعب التونسي بعودة الديكتاتورية مجددا؟ 

لا أعتقد أن الشعب التونسي سيسمح بعودة الديكتاتورية، ربما يقبل لفترة بهذه الإجراءات التي تؤسس لنفسها من داخل الدستور على أمل أن تتحسن الأوضاع.

لكنه لن يسمح بأن تتمدد هذه الإجراءات إلى وضع تتعطل فيه الديمقراطية وتصادر فيه الحريات.

ستظل قيم الثورة من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية حية وموجهة لسلوكه، 10 سنوات من الحرية لا يمكن طمسها بسهولة.

فرصة الحوار

  • ما حجم التجاوب مع دعوة الحركة للحوار؟ وهل هناك مؤشرات تجعله ممكنا مع سعيد وبقية مكونات المجتمع التونسي؟

لقيت دعوة الحركة للحوار من أجل تجاوز الأزمة السياسية قبولا لدى العديد من الأطراف باعتبارها تساعد على الحفاظ على السلم المجتمعي وتحمي البلاد من مخاطر الفوضى والعنف.

نأمل أن تتطور بعد ذلك إلى إطار للتشاور والتعاون بين مختلف الأطراف السياسية لصياغة تسويات سياسية تساعد البلاد على العودة إلى وضعها الديمقراطي الطبيعي.

  • هل تأمل الحركة عبر الحوار الذي تدعو إليه للعودة والمشاركة في الحكم؟

هدف الحوار تجاوز الحالة التي أنتجها الانقلاب من تعطيل مؤسسات الدولة، والبلاد في حاجة ماسة إلى حكومة إنقاذ تشرف على إدارة الأوضاع وعلى عودة البرلمان لعمله.

الحركة تؤكد أنها مستعدة لتسويات سياسية حفاظا على الديمقراطية وعدم المساس بالدستور؛ إذ ترى الحركة التمسك بالدستور أهم من تمسكها بالسلطة.

  • هل التحقيق في تمويل الحملات الانتخابية بداية حملة انتقامية تستهدف الحركة؟

هذه قضايا مفتعلة وعندنا يقين بأن  القضاء التونسي المستقل سينصف الحركة.

  • تعرضت النهضة لأزمات جرى اجتيازها لا سيما في 2014، ماذا عن هذه الأزمة؟

لا شك أن تونس عاشت ولا تزال تعيش صعوبات الانتقال الديمقراطي، وكما نجحت في تجاوز الصعوبات السابقة فإنها قادرة على تجاوز الأزمة الراهنة.

صحيح أن هذه الأزمة وصلت نقطة حرجة ربما يصعب التعامل معها؛ ولكن المرونة التي تتمتع بها الحركة والأحزاب السياسية الأخرى وقدرتها على بناء شبكة من الحلول يساعد على الاتفاق بشأن الأنسب للمرحلة.

قيس والسبسي 

  • كيف أدارت النهضة علاقتها بالرئيس قيس سعيد منذ ترشحه إلى الآن؟

حرصت الحركة على استمرار الحوار والتشاور مع رئيس الدولة ولا تزال تؤكد أن الحوار معه هو السبيل لتجاوز كل المشكلات التي تعترض بلادنا.

  • هل تعرضت الحركة لمواقف مماثلة في علاقتها بالرئيس السيد الباجي قائد السبسي؟

العلاقة بالرئيس الراحل السيد الباجي قائد السبسي كانت محكومة إلى حد كبير بسقف الدستور والتوافقات السياسية التي ساعدت على تجاوز كل الاختلافات التي حصلت. 

  • تعترف النهضة بفشل اجتماعي واقتصادي، وأن حكومة المشيشي لم تقم بواجبها، فهل يجدي ذلك الآن؟

النهضة اعترفت منذ فترة بحدة الوضع الاجتماعي والاقتصادي ووجهت كل جهودها للتخفيف من حدته وعملت على تحسين عمل الحكومة من خلال التحوير الوزاري الذي رفضه رئيس الدولة وعطله.

كما دعت كل الأحزاب السياسية إلى حوار سياسي ينتهي إلى تشكيل حكومة جديدة تتصدى للتحديات الصحية والاقتصادية والاجتماعية.

  • ما موقف البرلمان من الإجراءات المرتقبة؟

تقديرنا بأن البرلمان سيعود إلى عمله بعد انتهاء مدة الشهر، عودة البرلمان أصبحت مطلب كل الأطراف السياسية والمنظمات الوطنية.

مصر ودول الجوار

  • ما وجه الشبه بين الحالة التونسية والمصرية؟

ليس هناك تشابه بين الحالة التونسية والمصرية رغم حرص البعض على استدعاء التجربة المصرية؛ فتونس لها خصوصياتها ولها القدرة على تجاوز كل الأزمات بأخف الأضرار.

  • ما حقيقة وجود أصابع مصرية في التفاصيل، وسيناريو حرق المقرات وإعلان الأوضاع الاستثنائية؟

هناك معطيات تؤكد ذلك.

  • ما موقف دول الجوار والمحيط الإقليمي والدولي من قرارات سعيد؟

هناك رفض واضح لهذه القرارات ودعوة صريحة لعودة المؤسسة البرلمانية.

  • ما رؤية حركة النهضة لإنقاذ البلاد الآن؟

عناصر هذه الرؤية تتمثل أساسا في عودة الديمقراطية إلى تونس، ولا ديمقراطية بدون برلمان وعودة البرلمان إلى عمله.

وأيضا التسريع بتشكيل حكومة بالتشاور وعرضها على البرلمان لنيل الثقة، والنضال السلمي والمدني من أجل استعادة الديمقراطية.