صحيفة فرنسية: لهذا عجزت مفاوضات السلام في اليمن عن وقف الحرب
.jpg)
رغم الأصوات الدولية الداعمة لوقف إطلاق النار في اليمن، ذلك البلد الذي يعاني من ويلات الحرب على مدار سبع سنوات، فإن الجهود الدولية التي تقودها الأمم المتحدة والولايات المتحدة ليست كافية لوقف نزيف دماء شعبه.
صحيفة" لاكروا" الفرنسية، قالت إنه "تم تكثيف الجهود لتأمين وقف إطلاق النار في اليمن، منذ أن بدأت جماعة الحوثي هجومها على محافظة مأرب النفطية، في فبراير/ شباط 2021"، ما أدى منذ ذلك الحين لتشريد نحو 20 ألف يمني شرقي البلاد.
الحوثي، كانت قد بدأت حملة عسكرية في يناير/كانون الثاني 2020، على محافظة مأرب، قبل أن تكثف هجومها البري في فبراير/ شباط 2021.
المنظمة الدولية للهجرة، قالت في 24 مايو/ أيار 2021، إن قرابة 20 ألفا و384 مدنيا، فروا من منازلهم ومخيماتهم في مدينة صرواح غرب مأرب.
الصحيفة أشارت إلى أن "تلك الجهود لم تكلل حتى الآن بأي نتائج تذكر، موضحة أن "محادثات وقف إطلاق النار لم تتمكن من وقف الاشتباكات في اليمن".
في 27 يونيو/ حزيران 2021، قال مسؤولون حكوميون باليمن، إن أكثر من 100 مقاتل لقوا حتفهم خلال ثلاثة أيام فقط في معارك بمحافظة مأرب.
على الرغم من الدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، تواصل جماعة الحوثي هجومها على هذه المنطقة الغنية بالنفط، التي تعد آخر معاقل الحكومة اليمنية شرقي البلاد.
وبينما سرى بعض الهدوء في مايو/ أيار 2021، استؤنف القتال عقب ذلك بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية وقوات الحوثي المدعومة من إيران.
ضغط وتراجع
الباحث في "المركز الوطني للبحوث العلمية"، فرانسوا فيريزون روش، في تحليله للوضع في مأرب قال إن "الحوثيين يواصلون الضغط لمحاولة ترسيخ مواقفهم، وتحديد توازن القوى والتأثير في المفاوضات، وإظهار أنهم محاورون شرعيون".
الرياض، من جانبها أعربت مؤخرا عن أسفها لأن الحوثيين لم يقبلوا مقترحا لوقف إطلاق النار من جانب واحد.
على الجانب الآخر، دعا الحوثيون، الذين يسيطرون على غالبية شمال اليمن والعاصمة صنعاء، الرياض إلى إنهاء الحصار الجوي والبحري المفروض على بلادهم؛ كشرط مسبق لاتفاق وقف إطلاق النار.
الصحيفة الفرنسية علقت على المطالب الحوثية بإنهاء الحصار البحري والجوي قائلة: "هي قضية حساسة بالنسبة للحكومة اليمنية والسعودية، اللتين تخشيان أن يعيد الحوثيون عمليات الإمداد".
في خطاب ألقاه أمام "مجلس الأمن" التابع للأمم المتحدة في منتصف يونيو/ حزيران 2021، أشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيث، إلى فشل جهوده في إيجاد حل سلمي لبعثة مدتها ثلاث سنوات.
وانتهز الدبلوماسي البريطاني الفرصة للدعوة مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار في هذا الصراع المستمر منذ العام 2014، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من اليمنيين.
حفظ ماء الوجه
وتتواصل المفاوضات، عبر سلطنة عُمان، وتحت رعاية الأميركيين، الذين اعترفوا مؤخرا بالحوثيين كـ"محاورين شرعيين"، الأمر الذي يهدد واشنطن بحدوث أزمة مع حليفهم السعودي.
المستشار السابق بالسفارة اليمنية في باريس، مؤسس "منظمة السلام اليمنية" غير الحكومية، صادق السعار، قال إن "تعيين تيم ليدر كينغ، في فبراير/ شباط 2021، كمبعوث للرئيس الأميركي جو بايدن (إلى اليمن)، بعث بالكثير من الأمل".
التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن يعد نجاحا لإدارة بايدن، التي تأمل تخفيف التوترات بين السعودية وإيران.
وفي محاولات للتهدئة بين الرياض وطهران، عقدت عدة اجتماعات سرية منذ يناير/كانون الثاني 2021، بين الجانبين، اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ 2016، لكن ملف إطلاق النار في اليمن ليس من المؤكد أنه كان على رأس المواضيع المتداولة بين الطرفين.
وفي لقاء مع وكالة "فرانس برس" أوائل يونيو/ حزيران 2021، اتهم وزير الخارجية اليمني، أحمد عوض بن مبارك، طهران بالرغبة في استخدام الصراع كورقة مساومة بمفاوضاتها النووية.
لكن، تحليل نشره "معهد واشنطن" للباحثين "إيلانا ديلوزير" و"آدم بارون" أشار إلى أن "السعوديين يريدون بشكل متزايد إنهاء هذه الحرب التي أصبحت كارثة لعلاقاتهم العامة في الغرب، وهي حرب تختبر ثقة الشعب السعودي في جيشه".
ومع ذلك، "لا الحوثيون ولا الحكومة اليمنية لديهما الكثير من الاهتمام بعقد صفقة".
وأضاف الباحثان أن "التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في وضع حرج: الظروف ليست مواتية، لكن أيضا من المرجح أن يتدهور موقفه التفاوضي"، مما يجبره على تقديم تنازلات.
الباحث في "المركز الوطني للبحوث العلمية" فرانسوا فريزون روش، الحريص على التحدث بروية بعيدا عن الحماس، أكد أن "السعوديين يريدون بالتأكيد حلا يجعل من الممكن إنهاء الصراع عن طريق حفظ ماء الوجه".
ويرى أن "الوضع لا يزال مسدودا"، متوقعا عدم حدوث "أي تقدم على المدى القصير أو المتوسط".