"الديمقراطية في نهاية مخاضها".. هكذا ترى صحيفة فرنسية أزمات تونس

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة فرنسية: إن الموجة الجديدة في تونس من فيروس كورونا وعنف الشرطة والتوترات السياسية والاقتصادية تضعف بشكل متزايد رئيس الحكومة هشام المشيشي.

وأشارت "لوموند" إلى أن "الصور ومقاطع الفيديو للوضع الصحي في مدينة القيروان وسط البلاد، تسببت بموجة صادمة، في الوقت الذي اجتذبت فيه حرارة الصيف أوائل السباحين إلى الشواطئ التونسية".

وتظهر الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأطباء المنهكين في مواجهة تدفق المرضى المصابين بكورونا، وهرع المرضى إلى المستشفى على عربات مجرورة، والخدمات البلدية التي غلبت على أشغالها الجنازات، والمتظاهرين الذين يطالبون بصوت عال باستقالة السلطة الحاكمة.

ومع معدل إيجابي بنسبة 50 بالمئة وحملة لقاح لا تزال في بدايتها، تعاني المنطقة من وطأة الموجة الثالثة من كورونا، شأن 3 ولايات أخرى تقع في شمال تونس.

وأصدرت الحكومة قرارا جديدا بالحجر الصحي الشامل هناك لمدة أسبوع، اعتبارا من 21 يونيو/حزيران 2021.

في مأزق

ويسلط الوضع في القيروان الضوء على إخفاقات إدارة الأزمة الصحية التي يزداد انتقادها، في سياق سياسي واجتماعي متفجر.

ويتساءل المحلل السياسي مهدي العش بقوله إن "الأرقام تتحدث عن نفسها، عندما تولى المشيشي منصبه في سبتمبر/أيلول 2020، كان هناك عدة مئات من الوفيات بسبب كورونا، وقد وصلنا اليوم إلى قرابة 14000 حالة وفاة، عليك أن تتساءل لماذا فشلنا في الأشهر الخمسة الماضية في وقف هذه الموجة الثالثة".

ويلقي البعض باللوم على بطء حملة التطعيم، التي بدأت منتصف مارس/آذار 2021، لكنها خاضعة لتقلبات الإمداد، مع تأخيرات طويلة في توصيل الجرعات.

واعتبرت لوموند أن الظهور الدراماتيكي للوباء "ليس سوى جانب واحد من جوانب الأزمة متعددة الأوجه التي تواجهها الحكومة التونسية".

كما تعرض المشيشي لانتقادات في يناير/كانون الثاني 2021، بسبب تعامله مع مظاهرات شباب من الأحياء الشعبية ضد البطالة وارتفاع الأسعار، مما أدى إلى اعتقال ما يقرب من ألفي شخص.

لكن في الأيام الأخيرة، واجه رئيس الحكومة الذي يتولى أيضا وزارة الداخلية، غضب سكان سيدي حسين في الضواحي الغربية لتونس العاصمة.

وأثار مقتل شاب في ظروف غامضة، أثناء اعتقاله من قبل الشرطة، وتسجيل مقطع فيديو لشاب آخر، تعرض للضرب والتعرية من قبل الشرطة، في نفس الحي، موجة من السخط داخل المجتمع المدني.

وبالنسبة لعالم الاجتماع عزيز كريشان، فإن هذه الحوادث المتكررة بين الشرطة والمواطنين تشهد على أن "الحكومة في ورطة، ومحاصرة بمشاكل مالية لإنهاء ميزانية 2021 والتي يجب أن تمتثل لرغبات المانحين. إنه يعد إصلاحات غير شعبية وبالتالي يحاول سحق أي شكل من أشكال المقاومة".

وتتفاوض السلطات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3.3 مليارات يورو.

ويجب أن تبدأ تونس أيضا في سداد القروض الأخرى هذا الصيف، حيث لا تزال البلاد لا ترى نهاية للأزمة الاقتصادية.

خروج من الأزمة

في الوقت نفسه، تستمر العلاقات مع السلطة التشريعية - وخاصة المعارضة - في زيادة التوتر.

ومنتصف يونيو/حزيران 2021، تقدمت رئاسة الحكومة بشكوى عنف ضد رئيسة حزب الدستوري الحر، النائبة عبير موسي، وأعضاء آخرون في حزبها كانوا قد قاطعوا جلسات استماع الوزراء في جلسة عامة عن طريق الضجيج في مكبرات الصوت.

وهذه الحركة هي نقلة نوعية تطوي صفحة عدة أشهر من الدوران في دائرة مفرغة من الاعتصام أمام البرلمان للمطالبة باستقالة رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وكذلك استقالة رئيس الحكومة.

ويكافح المشيشي، الذي أضعف، من أجل إيجاد حلفاء للحفاظ على حكومته في بلد تقلد فيه بالفعل 9 رؤساء حكومات مختلفون عن بعضهم البعض المنصب منذ ثورة 2011. 

وحتى رئيس الجمهورية، قيس سعيد، كان في صراع مفتوح معه منذ التعديل الوزاري الذي أقره في يناير/كانون الثاني 2021، وهو ما لم  يوافق عليه سعيد بعد. 

ورغم هذه الاختلافات، جمع رئيس الدولة كلا من المشيشي وثلاثة رؤساء حكومات سابقين في 15 يونيو/حزيران 2021 في محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة.

وبعد أيام قليلة، عاد الاتحاد العام التونسي للشغل الفاعل القوي (UGTT)، إلى الواجهة متهما سعيد باقتراح خارطة طريق خاصة به وتجاوز الحوار الوطني، وهي مبادرة من النقابة بقيت حبيسة منذ 6 أشهر، بسبب عدم وجود توافق داخل الطبقة السياسية.

وردت الرئاسة على الفور، وتحدثت عن سوء تفاهم، دون ثني الاتحاد العام التونسي للشغل عن الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

وفي هذا الوضع السياسي "المتشظي"، كما يصفه عالم الاجتماع كريشان، "تبدو الديمقراطية وكأنها في نهاية مخاضها". 

ويلاحظ عالم الاجتماع أن "الجميع يدعي الآن أنهم ضحية مؤامرة" من شأنها أن تهدد أسس النظام.

وفي اجتماع 15 يونيو/حزيران، استنكر رئيس الدولة مؤامرة لإقالته أو اغتياله ودفع هذا البيان إلى فتح تحقيق قضائي.

وفي يناير/كانون الثاني 2021، ادعى الرئيس بالفعل أنه كان هدفا لمحاولة اغتيال عن طريق إرسال رسالة في شكل ظرف مسموم. 

وختمت لوموند بالقول: "لم يحتو الظرف المشتبه به في النهاية على أي مواد سامة، وفقا للتحقيق الذي أجرته النيابة العمومية".