ميشيل كيلو.. معارض سوري دعم الثورة ومارس الديمقراطية بانتقائية

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

رغم أن المفكر والكاتب السوري ميشيل كيلو، يعد أحد أبرز رموز الثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011، لكن انتقادات كثيرة طالت السياسي المسيحي، بسبب ازدواجيته في التعامل مع الربيع العربي، خصوصا بعدما أظهر شماتة برئيس مصر الراحل محمد مرسي.

ميشيل كيلو (81 عاما)، يعيش في منفاه بالعاصمة الفرنسية باريس، إذ يصارع من مدة فيروس كورونا، لكن ذلك دفعه إلى توجيه وصيته للسوريين من على فراش المرض لخصها في 7 نقاط، والتي غزت سريعا مواقع التواصل الاجتماعي.

مساند للثورة

كيلو خاطب السوريين، خلال وصيته التي نشرها 7 أبريل/نيسان 2021، قائلا: "لا تنظروا إلى مصالحكم الخاصة كمتعارضة مع المصلحة العامة. هي جزء أو يجب أن تكون جزءا منها. لا تنظروا إلى وطنكم من خلال أهوائكم وأيديولوجياتكم انظروا إليهما من خلال وطنكم فالتقوا بمن هو مختلف معكم بعد أن كانت انحيازاتكم تجعل منه عدوا لكم".

وتابع: "لن تقهروا الاستبداد منفردين إذا لم تتحدوا في إطار وطني وعلى كلمة سواء، سيذلكم (الاستبداد) إلى زمن طويل جدا. في وحدتكم خلاصكم فتدبروا أمرها بأي ثمن.. لن تصبحوا شعبا واحدا ما دمتم تعتمدون معايير غير وطنية وثأرية في النظر إلى بعضكم وأنفسكم وهذا يعني أنكم ستبقون ألعوبة بيد الأسد، الذي يغذي هذه المعايير وعلاقاتها وأنتم تعتقدون بأنكم تقاومون".

وطالب كيلو السوريين بـ"عدم التخلي عن أهل المعرفة والفكر والموقف. ولديكم منهم كنز اسمعوا إليهم وخذوا بما يقترحونه ولا تستخفوا بفكر مجرب. لن يحرركم أي هدف آخر غير الحرية فتمسكوا به في كل كبيرة وصغيرة ولا تتخلوا عنه أبدا لأنه قاتل الاستبداد. أنتم الشعب وحده صنع الثورة، فلا تدعوا أحدا يسرقها منكم".

وأضاف: "اعتمدوا أسسا للدولة تسيرون عليها ولا تكون محل خلاف بينكم وإن تباينت قراءاتها بالنسبة لكم لأن استقرارها يضمن استقرار الدولة، الذي سيتوقف عليه نجاح الثورة". وختم كيلو وصيته بالقول: "سامحوني على أخطائي فالبشر خطاؤون".

وأشاد الكثير من المعارضين بدور كيلو في مساندة الثورة بقلمه الذي يدافع فيه عن حقوق الشعب السوري، فقال الروائي السوري البارز فواز حداد: "ميشيل كيلو كرس حياته كلها من أجل حرية السوريين. ناضل طويلا دونما كلل أو ملل، نحن جميعا مدينون لهذا السوري العظيم، المثال الناصع للمناضل البطل".

كاتب ومفكر

ولد ميشيل كيلو في مدينة اللاذقية السورية عام 1940 في أسرة مسيحية لأب شرطي وربة منزل، وعاش طفولته في أسرته وبرعاية من والده الذي كان واسع الثقافة.

تلقى كيلو تعليمه في اللاذقية وعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي. ينقل ميشيل كيلو عن والده أنه كان يقول: "كيف تستطيع أن تكون مجرد مسيحي فحسب في بيئة تاريخية أعطتك ثقافتك ولغتك وحضارتك وجزءا مهما من هويتك".

كيلو يرأس "مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سوريا"، وهو ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني وأحد المشاركين في صياغة إعلان دمشق، وعضو سابق في الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي، ومحلل سياسي وكاتب ومترجم وعضو في اتحاد الصحفيين السوريين.

ترجم كيلو بعضا من كتب الفكر السياسي إلى العربية منها كتاب "الإمبريالية وإعادة الإنتاج" و"كتاب الدار الكبيرة"، و"لغة السياسة" و"كذلك الوعي الاجتماعي".

انتهى كيلو قبل أيام من إصابته بكورونا من طباعة كتابه الوحيد حتى الآن "من الأمة إلى الطائفة سوريا في حكم البعث والعسكر" وثق فيه لنصف قرن من حكم البعث والأسدين اللذين حولا سوريا من دولة غنية فكرا وأدبا وسياسة إلى غياهب الفقر والاستبداد.

معتقل سياسي

تعرض كيلو لتجربة الاعتقال في السبعينيات دامت عدة أشهر، سافر بعدها إلى فرنسا حتى نهاية الثمانينيات، نشر بعض الترجمات والمقالات، ولم يستأنف نشاطه بوضوح حتى حلول ربيع دمشق.

اعتقل ثانية في 14 مايو/ أيار 2006 بتهمة إضعاف الشعور القومي والنيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات المذهبية، لكن مراقبين قالوا إن اعتقاله جاء على خلفية توقيعه (مع مجموعة من الناشطين والمثقفين) على إعلان بيروت – دمشق.

لكن كيلو نفسه وفي مقالة له بعنوان "قصة اعتقالي واتهامي" كتبها وهو في السجن يقول: "واليوم، وبعد 7 أشهر على وجودي في السجن، أراني أتساءل: هل صحيح أنه تم توقيفي بسبب إعلان دمشق بيروت، لا، ليس إعلان بيروت/ دمشق سبب اعتقالي".

وتابع: "هذه قناعتي، وإذا كان هناك من يريد الانتقام مني، فإنني أتفهم موقفه وإن لم أقبله، مع رجاء أوجهه إليه هو أن يمتنع عن وضعه تحت حيثية القانون والقضاء، كي لا يقوض القليل الذي بقي لهما من مكانة ودور".

أحيل كيلو ليحاكم أمام القضاء العادي، ثم جرى تحويله ليحاكم أمام المحكمة العسكرية. وفي مايو/أيار 2007 أصدرت المحكمة حكما عليه بالسجن لمدة 3 أعوام بعد إدانته بنشر أخبار كاذبة وإضعاف الشعور القومي والتحريض على التفرقة الطائفية.

جرى الإفراج عن كيلو في 19 مايو/ أيار 2009، أي بعد 5 أيام من انتهاء فترة محكوميته، عقب قيام مجموعة من الناشطين والمحامين والإعلاميين والمفكرين بتأسيس اللجنة الدولية لمساندة ميشيل كيلو.

كان من الذين انضموا إلى اللجنة الدولية، ناصر الغزالي رئيس "مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية"، وفيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان، ونادر فرجاني المحرر الأساسي لتقارير التنمية العربية، ومحمد السيد سعيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية الأهرام.

كذلك كان ضمن اللجنة: هيثم مناع مفكر وحقوقي، ومنصف المرزوقي مفكر ومناضل ورئيس تونس في مرحلة ما بعد الثورة، وبرهان غليون مفكر وأستاذ في جامعة السوربون، والدكتورة سيلفي دوبلوس أستاذة في كلية الطب، وجان كلود بونسان، ناشط في العمل الإنساني، وآخرون كثر.

ازدواجية كيلو

كتاب مناصرون للثورة السورية، شنوا هجوما حادا على كيلو، بعدما انتقد وسخر من المصري الراحل محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب يصل إلى حكم مصر في أول انتخابات بعد إسقاط نظام (الراحل) حسني مبارك خلال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

الكاتب والباحث محمد خير موسى، قال في مقاله بموقع "الجزيرة مباشر" 8 يوليو/ تموز 2019، إنه "لم تفلح قدرة كيلو العالية في الكتابة والحديث في إخفاء أحقاده وشماتته في الرئيس الشهيد محمد مرسي بطريقة لا تقل سفاهة عن ردح عمرو أديب وأمثاله ممن لا خلاق لهم ولا كرامة ولا مروءة".

وأضاف: "قبل أن يبرد الجرح الملتهب المفتوح باستشهاد الرئيس الشهيد محمد مرسي أبى المعارض الديمقراطي العلماني ميشيل كيلو إلا أن يمارس طقوس ديمقراطيته الخاصة، فراح يتقيأ أحقاده ويفجر دمامله النفسية تجاه الرئيس الشهيد على هيئة مقال رأي عنوانه (فرصة جديدة)".

ولفت موسى إلى أن "السيد كيلو الذي ذاق طعم السجن في عهد حافظ الأسد يأبى إلا أن ينحدر إلى قاع الانحطاط فيسن قلمه لمهاجمة الرئيس محمد مرسي الذي قضى شهيدا مظلوما في سجون السيسي".

وأردف الكاتب، قائلا: "يسن السيد كيلو الديمقراطي قلمه لمهاجمة رئيس منتخب ديمقراطيا بعد ثورة من أعظم الثورات، في مشهد يظهر بجلاء رفض هذا العلماني الديمقراطي للديمقراطية ودوسه عليها إذا أفرزت شخصا أو جهة تخالفه في أيديولوجيته العلمانية".

وكان كيلو قد اتهم خلال مقاله "فرصة جديدة" في يوليو/ تموز 2019، الرئيس مرسي بأنه "حول ثورة ضد النظام إلى انقلاب على الدولة المصرية".

وفي موقف آخر تسبب بتوجيه انتقادات شديدة إلى كيلو، حيث انتقد انتخاب 3 نساء محجبات عام 2012 ضمن "المجلس الوطني السوري" ممثل الثورة السورية آنذاك.

المناضل السوري، سارع وقتها إلى كتابة مقال يهاجم فيه المجلس الوطني لأنه اختار لعضوية أمانته العامة "نساء من العصور الحجرية"، على حد تعبيره ووصفه.

وفي عام 2013، وقعت الحادثة المعروفة باسم توسعة الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية، حيث تقدم اتحاد الديمقراطيين السوريين، أو الكتلة الديمقراطية، التي عرفت باسم كتلة ميشيل كيلو بطلب توسعة الائتلاف.

كان عراب طلب التوسعة هو ميشيل كيلو، الذي تقدم بقائمة تضم 25 اسما من كتلته وطالب بضمهم إلى الائتلاف، معلنا بكل وضوح إما أن يجري قبول القائمة كلها من دون مناقشة أو أنه يرفض الدخول ويعلن الانسحاب هو ومن يدور في فلكه من أعضاء الائتلاف ما سيؤدي إلى تخريب الائتلاف برمته.

ولجأ ميشيل كيلو إلى طريقة "بالغة في الديمقراطية"، حيث استعان بسفراء الدول الكبرى والدول الصديقة للشعب السوري لفرض قائمته على الائتلاف وجرى فرضها فعلا "بكل روح ديمقراطية"، وفقا للكاتب محمد خير موسى.