"النفط مقابل العلاج".. ما الخفايا المحتملة للاتفاقية بين العراق ولبنان؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع توقيع العراق ولبنان اتفاقا ينص على توفير بغداد النفط مقابل تقديم بيروت خدمات طبية واستشفائية، ألمح مراقبون إلى خفايا محتملة لإبرام الاتفاقية بين البلدين، خاصة مع زيارة وزير الصحة العراقي للمؤسسات العلاجية اللبنانية.

وفي 2 أبريل/ نيسان 2021، جرى التوقيع على الاتفاقية بين البلدين في مقر وزارة الصحة اللبنانية بالعاصمة بيروت، حيث مثل الجانب العراقي وزير الصحة حسن التميمي، ومثل لبنان وزير صحته حمد حسن، وبموجبها يتلقى لبنان 500 ألف طن من النفط العراقي.

تفاصيل الاتفاقية

إبرام الاتفاقية بين بغداد وبيروت جاءت تنفيذا لما أقر في سبتمبر/أيلول 2019 بين العراق ولبنان بما يخص التعاون الصحي المباشر بين وزارتي الصحة، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية في 2 أبريل/ نيسان 2021.

وأفادت الوكالة اللبنانية بأن وزير الصحة حمد حسن، ونظيره العراقي، الذي زار بيروت قاما بتوقيع "اتفاق إطار بين البلدين، يشمل النفط مقابل الخدمات الطبية والاستشفائية".

ووافق مجلس النواب اللبناني نهاية مارس/آذار 2021، على قرض لشراء الوقود اللازم لتوليد الكهرباء، يمثل 500 ألف طن من البترول نحو 3.5 ملايين برميل، أي حجم صادرات العراق النفطية اليومية.

ويشمل الاتفاق أيضا "التعاون في مجال إدارة المستشفيات"، يشارك فيه خبراء لبنانيون وفرق طبية مختصة ستساهم في إدارة مؤسسات جديدة و"مدن طبية" في العراق، وفق الوكالة الوطنية للإعلام. كما ينص على تعاون في مجال "التدريب الطبي".

وقال وزير الصحة اللبناني، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العراقي عقب توقيع الاتفاقية، إن الوفد العراقي أطلع على كل الخدمات الطبية المتقدمة التي تؤمنها المؤسسات الصحية والاستشفائية في لبنان، على الأصعدة كافة.

وفي 2019، وقع البلدان اتفاقية تعاون في مجال السياحة العلاجية وإدارة المستشفيات الحديثة في العراق من قبل خبراء لبنانيين، والتعاون في مجال تدريب الكوادر الصحية.

وأضاف أن "الرؤية هي التكامل الثنائي في تقديم الخدمات الصحية وتطويرها لاحقا، لتشمل بندا إضافيا بإدراج النفط مقابل الخدمات الطبية والأكاديمية والتدريبية".

من جهته، قال التميمي، أثناء المؤتمر الصحفي ذاته، إن توسيع الاتفاقية سيساعد على النهوض بالقطاع الصحي في العراق من جهة، والقطاع الاقتصادي في لبنان من جهة أخرى.

وأوضح أنه على مدار الساعات الماضية، جرى العمل للاتفاق على النقاط التي اعتمدت في الاتفاقية، لكي تكون قيد التنفيذ بصورة عاجلة لتقديم الخدمات الطبية للمواطن العراقي.

وتعاني المؤسسات العراقية تراجعا في الخدمات المقدمة للمرضى، ما يدفع المئات منهم إلى السفر خارج البلاد بغرض العلاج، في حين يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، بما في ذلك شح شديد في إمدادات النفط والكهرباء.

الوفد العراقي برئاسة وزير الصحة والبيئة يزور مستشفى الزهراء الجامعي في العاصمة بيروت زار السيد وزير الصحة والبيئة...

تم النشر بواسطة ‏وزارة الصحة العراقية‏ في الخميس، ١ أبريل ٢٠٢١

خفايا محتملة

جولة وزير الصحة العراقي، الذي ينتمي إلى التيار الصدري داخل أروقة المؤسسات الصحية في بيروت برفقة نظيره اللبناني التابع لحزب الله، جعلت مراقبين يشككون في نزاهة الاتفاقية، ووجود أبعاد أخرى لها.

ولفت انتباه المراقبين زيارة التميمي إلى مستشفى "الرسول الأعظم" التابعة لحزب الله، ومستشفى "الزهراء الجامعي"، التابع للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والتي تسيطر عليها حركة أمل الشيعية بزعامة رئيس البرلمان الحالي نبيه بري.

وعلق الكاتب والإعلامي العراقي عامر إبراهيم، عبر تغريدة على "تويتر" في 4 أبريل/ نيسان 2021، قال فيها: "النفط مقابل الخدمات العلاجية الولائية تحديدا (خاضعة لنظام الولي الفقيه في إيران)، وزير الصحة العراقي في زيارة لمستشفى تابع لحزب الله اللبناني".

وفي 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020، كشفت تقارير إعلامية عن كيفية استغلال حزب الله اللبناني موارد وزارة الصحة التي يستحوذ عليها منذ أعوام لمصلحة تمويل مؤسساته الصحية والمستشفيات التابعة له ومنحها تخصيصات مالية ضخمة دون غيرها من المستشفيات.

وأصر حزب الله على وزارة الصحة لضمان الوصول إلى هذا التدفق النقدي في وقت يتضاءل تمويله من إيران بسبب العقوبات المفروضة عليه، حيث تقدر المبالغ السنوية التي تأتيه من طهران بنحو 700 مليون دولار، وفقا للتقارير.

ومع أن واشنطن حذرت على لسان أكثر من مسؤول، وزارة الصحة من الاستمرار بتوفير الموارد والخدمات دعما لحزب الله، إلا أنها امتنعت حتى الآن عن فرض عقوبات على مستشفيات ومؤسسات صحية تابعة للحزب لأن القانون الأميركي يستثني المؤسسات الصحية.

في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل أي معلومات تقود إلى تفكيك الآليات المالية للحزب الذي تعتبره واشنطن منظمة إرهابية.

خلال زيارته للجمهورية اللبنانية على رأس وفد وزاري وزير الصحة والبيئة العراقي الدكتور حسن محمد التميمي يزور مستشفى...

تم النشر بواسطة ‏وزارة الصحة العراقية‏ في الخميس، ١ أبريل ٢٠٢١

فك الخناق

وربط مراقبون تعاقد وزارة الصحية العراقية، التي يديرها التيار الصدري، مع مؤسسات تابعة لحزب الله اللبناني وحركة أمل الشيعية، إحدى محاولات فك الخناق المالي عن حزب الله، بخلق منافذ تمويل متاحة للحزب، وكذلك إنعاش حركة أمل في ظل التدهور الاقتصادي الذي تعيشه لبنان.

ويعتمد حزب الله اللبناني على العراق بشكل كبير في جانب التمويل، فحسب إحصائية نشرت في 31 مارس/آذار 2020، فإن 10 مصارف لبنانية تعمل في العراق، هي: "البلاد العربية (بي بي أي سي)، بيبلوس، عودة، بنك مد، بلوم، إم إي أي بي، آي بي إل، فرنسبك، الاعتماد اللبناني، واللبناني الفرنسي".

وفي تقرير نشره "معهد الدفاع عن الديمقراطيات الأميركي" في 23 سبتمبر/ أيلول 2020، تناول فيه مصادر تمويل شبكة حزب الله بشكل تفصيلي، معتبرا البنوك اللبنانية إحدى المحطات المهمة لتمويله.

وأوضح المعهد الأميركي أن الحزب تربطه علاقة قوية بعدد من البنوك اللبنانية، فهو مسؤول رئيس عن الانهيار المالي في لبنان جراء هذا التعاون المشبوه، ومن أبرز هذه البنوك: "عودة، بلوم، البنك اللبناني الفرنسي، وغيرها".

وفي 10 يوليو/ تموز 2020، أظهر نص أرسله الخبير العراقي هشام الهاشمي إلى عدد من أصدقائه، قبل اغتياله ببغداد في 6 يوليو/ تموز 2020، أنه كان يعد دراسة حول قيام مقربين من حزب الله اللبناني بتعاملات مالية في العراق لتمويل الحزب في لبنان وتمويل المليشيات العراقية الموالية لإيران.

وقدر الخبير في شؤون الأمن والجماعات المسلحة، أن هذه التعاملات في العراق تعود على حزب الله اللبناني، بنحو 300 مليون دولار سنويا.

وأكد أن دراسته اعتمدت على "مجموعة من المصادر المتنوعة، منها وثائق للاستخبارات العسكرية العراقية رفعت عنها السرية، وسجلات مكالمات هاتفية، ومقابلات مع ضباط ومسؤولين عن التجسس وعن مكافحة نشاطات غسيل الأموال لجماعات شيعية في عدد من الدول".

ومن أبرز الشخصيات اللبنانية المتهمة بإدارة أموال حزب الله اللبناني في العراق هو محمد كوثراني الذي رصدت الولايات المتحدة في 11 أبريل/ نيسان 2020، مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إليه.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية: إنها توفر المكافأة لمن يمنح معلومات تتعلق بنشاطات كوثراني وشبكة اتصالاته ومعاونيه كجزء من الجهود الساعية إلى كبح "الميكانيكية المالية" لحزب الله اللبناني.

تصنيف الولايات المتحدة الكوثراني على لوائح الإرهاب ومطاردته، جاء بعد تقرير نشرته وكالة "رويترز" في فبراير/ شباط 2020، كشفت فيه أن إيران اختارت القيادي في حزب الله، لإدارة المليشيات الموالية لها في العراق، خلفا للجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي قتل بغارة أميركية في 3 يناير/ كانون الثاني من العام نفسه.

وخلال فترة تولي نوري المالكي المقرب من إيران، رئاسة الحكومة العراقية (2006ـ 2014)، فتح الباب على مصراعيه أمام حزب الله اللبناني للدخول إلى مجال الاستثمارات في بغداد ومدن أخرى جنوبي العراق.

رؤساء الوزراء الذين أعقبوا المالكي، لم يوقفوا تمدد حزب الله الاستثماري داخل العراق، ولا سيما بعد مرحلة اجتياح تنظيم الدولة للبلاد عام 2014، وتشكيل قوات الحشد الشعبي، والتي بسطت سيطرتها على مفاصل الدولة ومنافذ الاقتصاد المهمة في العراق.

خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "روسيا اليوم" في 22 مايو/ أيار 2020، وجه السياسي العراقي المقيم في واشنطن انتفاض قنبر، اتهامات ضد مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة الحالية، عندما كان رئيسا لجهاز المخابرات في الفترة من يونيو/حزيران 2016 وحتى مايو/أيار 2020.

الاتهامات ـ وفق قنبرـ تمثلت في منح الكاظمي مقاولات بناء دور سكن وكافتيريا تابعة للمخابرات إلى شخصيات لديها علاقة وثيقة مع حزب الله اللبناني.