رئيس مركز "أفسام" يعرض لـ"الاستقلال" سيناريوهات تقارب مصر وتركيا

أنقرة - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في مواجهة الأزمات التي تأتي تباعا، وكفاعل في قلب الأحداث المشتعلة تحاول تركيا أن تشق طريقها بعيدا، تارة إلى الدول البعيدة، وتارة إلى البحار الواسعة، وتارة إلى الفضاء، في محاولة لحماية مصالحها وتمكين نفسها فاعلا إقليميا وإرساء الاستقرار والسلام بالمنطقة.

في مقدمة هذه الجهود، تأتي تحركات أنقرة المكثفة لزيادة تأثيرها وتطوير علاقاتها مع القارة الإفريقية البعيدة على الساحل المقابل، فيما بدا مؤخرا أن هناك إشارات متبادلة تنم عن رغبة في التقارب بين أنقرة والقاهرة، بعد نحو 8 سنوات من شبه قطيعة وقعت بين البلدين إثر الانقلاب العسكري في مصر صيف 2013.

وانطلاقا من الموقف التركي الرافض للانقلابات باعتبارها خيارا غير ديمقراطي، عارضت أنقرة الإطاحة بالراحل محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب عام 2013، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي.

إشارات التقارب الأخيرة بين البلدين جاءت بعدما أعلنت مصر في فبراير/شباط 2021، طرح مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز في 24 منطقة بعضها بالبحر المتوسط، واحترمت القاهرة في تلك الخطوة حدود الجرف القاري لتركيا، وهو ما أشادت به أنقرة معلنة إمكانية التفاوض على اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع مصر وتوقيعه.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أن تركيا ومصر "تسعيان لتحديد خريطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية".

"الاستقلال" حاورت مصطفى إيفه، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية الإفريقية (أفسام) ومقره العاصمة التركية أنقرة، حول العلاقات التركية الإفريقية بشكل عام والعلاقات التركية المصرية بشكل خاص.

تاريخ العلاقات

  • ما تقييمكم للعلاقات التركية الإفريقية وتطوراتها في صورتها النهائية وأبرز مجالات هذا التطور؟

تحاول تركيا التي تعتبر بمثابة دولة إفريقية ـ أوراسية من حيث التاريخ والجغرافيا السياسية والجغرافيا الثقافية، اتباع سياسة خارجية ذات أبعاد متعددة في السنوات الأخيرة.

تركيا تملك في القارة الإفريقية تاريخا يقترب من 1200 عام، لكنها بدأت مؤخرا في إعادة المياه إلى مجاريها في العلاقات مع إفريقيا التي ظلت لفترة طويلة محتلة من الدول الغربية التي استعمرتها واستغلت مواردها.

تركيا زادت عدد سفاراتها في القارة الإفريقية من 12 سفارة إلى 43 سفارة في مسعى من أنقرة لتكثيف العلاقات التركية الإفريقية التي تمثلت بتقديم مساعدات للتنمية والتركيز على المساعدات الإنسانية خاصة منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلى جانب تطويرها لمجالات التعاون من خلال جهود رئاسة الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) و"وقف المعارف التركي" ومعهد "يونس إمرة"، و"رئاسة أتراك المهجر" و"المجتمعات ذوي القربى". 

وفيما يتعلق بالمساعدات الصحية لتركيا في إفريقيا، أجرت تركيا عمليات جراحية في العيون لعشرات الآلاف من المرضى المصابين  في إفريقيا بالمياه الزرقاء، كما دعمت أنقرة الآلاف من الأطباء والممرضات في إجراء العمليات الجراحية والعلاجات قصيرة الأمد.

وتواصل تركيا توزيع العلاج ومداواة المرضى بالقارة من خلال مستشفيات مثل "الصداقة التركي النيجري" في النيجر، ومستشفى نيالا التركي بدارفور في السودان ومستشفى رجب طيب أردوغان في الصومال، وكذلك من خلال فرع جامعة العلوم الصحية بمقديشو.

ويستقبل مستشفى نيالا السوداني التركي للتدريب والبحوث مرضى من الكاميرون وتشاد وغامبيا ومن دول أخرى مجاورة وتقوم بعلاجهم، ويتلقى ما يقرب من 450 ألف مريض بالمستشفى خدمات رعاية صحية حتى الآن ويواصل المستشفى تقديم خدماته في العديد من المجالات مثل عمليات الدماغ وأمراض النساء وطب الأطفال والباطنة والمسالك البولية، فيما يتلقى أكثر من 150 ألف شخص كل عام خدمات رعاية صحية بالمستشفى الصومالي التركي للتدريب والبحوث.

أما حجم التجارة بين تركيا وقارة إفريقيا فقد ارتفع إلى 30 مليار دولار حاليا، بينما كان يبلغ مليار دولار فقط عام 2002، وبالنظر إلى هذا، تتمثل المساعدات الإنسانية، ومساعدات التنمية، والتعليم، والتعاون الثقافي، والتجارة كأبرز مجالات التعاون التركي الإفريقي.

  • هل تضطر تركيا لمواجهة فرنسا والصين بتزايد نفوذها في إفريقيا؟

بالطبع ستضطر تركيا لمواجهة فرنسا والصين، لأن فرنسا، التي كانت مستعمرة للقارة الإفريقية، لا تزال تستغل 28 دولة هناك اقتصاديا، بينما تقترح تركيا على هذه الدول اتباع سياسة الربح للجميع (رابح رابح) المبنية على أساس التعاون والتضامن المتبادل.

وتقدر الدول الإفريقية طريقة عمل تركيا ومستوى العلاقات التي أنشأتها معها. هم يريدون العمل مع تركيا لأنها ليست دولة مستعمرة. فيما تستغل الصين موارد البلدان الإفريقية من خلال تقديم قروض نقدية كبيرة للغاية. 

الصينيون يعاملون الأفارقة باحتقار كبير. لذلك تفضل الدول الإفريقية العمل مع تركيا بدلا من الصين. ولهذا فإن كلا من فرنسا والصين منزعجتان من جهود ومحاولات تركيا، لذا فمن المحتم أن تجد تركيا نفسها في مواجهة مع هذه الدول.

  • تركيا أرسلت مستشارين عسكريين إلى ليبيا ووقعت معها اتفاقية ترسيم حدود بحرية، فما سر اهتمام تركيا بليبيا؟

هناك علاقات وروابط تاريخية بين تركيا وليبيا. فعندما هاجم المستعمرون القارة الإفريقية وبدؤوا في احتلالها من كل جانب، كانت آخر قطعة أرض للإمبراطورية العثمانية في القارة الإفريقية هي "طرابلس الغرب" (كما كان يقال عنها آنذاك) أي ليبيا. وقد تدافع المسلمون واجتمعوا من جميع أنحاء العالم الإسلامي في ليبيا للمحاربة في صفوف الإمبراطورية العثمانية ضد إيطاليا عندما أرادت الأخيرة غزو ليبيا.

  • هل هذا يتعلق فقط بحماية مصالحها في شرق البحر الأبيض المتوسط أم أن هناك أبعاد أخرى لهذا الاهتمام؟

لا تتعلق القضية في ليبيا بحماية مصالح تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط فحسب. ليبيا في الوقت نفسه دولة يمكنها إنشاء وحماية روابط وعلاقات تركيا مع إفريقيا وشمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. وتقع ليبيا على بعد 568 كيلومترا فقط من تركيا، ويملك الأتراك في ليبيا، والليبيون أيضا في تركيا أقارب.

تركيا تريد إنشاء السلام والاستقرار في ليبيا. لذلك أيدت أنقرة الحكومة الشرعية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. أما الدول الأخرى من غير تركيا فأيدت الانقلابي اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وقد أفشلت تركيا خطط الدول الاستعمارية مثل فرنسا والولايات المتحدة واليونان في ليبيا من خلال توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا.

  • بعد تغيير المغرب لشروط اتفاقية التجارة الحرة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 ومقاطعتها البضائع التركية توترت العلاقات بين البلدين.. أليس كذلك؟

يمكننا أن نرجع الموقف الذي تبناه المغرب من تركيا إلى سببين: أولهما أن الموقف العدائي لفرنسا تجاه تركيا في السنوات الأخيرة، أثر على المملكة المغربية. ثانيهما موقف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في العالم العربي المناهض لتركيا. لكن لا أظن أن موقف المغرب المناهض من تركيا سيدوم طويلا، لأن تركيا تتمتع بعلاقات جيدة جدا مع جارتها الجزائر. وأعتقد أن المغرب سينضم إلى الركب خاصة في حال أصبح هناك تحسن في العلاقات بين مصر وتركيا.

الجرف القاري

  • كيف تقيمون احترام مصر للجرف القاري التركي شرقي المتوسط، وهل هناك دلالة أو رسائل أرادت القاهرة أن تبعث بها إلى أنقرة في هذا الوقت تحديدا؟

إعلان مصر عن المناقصات باعتبار حدود الجرف القاري لتركيا يظهر أن مصر تحترم حقوق تركيا. لأن تركيا عندما قامت بالإعلان عن حدود جرفها القاري من قبل كانت قد وضعت بالاعتبار حقوق ليبيا ومصر وفلسطين.

أظن أن هذا الإعلان من مصر جاء بعد قطع تركيا ومصر طريقا طويلا في مجال الاستخبارات والمحادثات على المستوى الأدنى. كما أعتقد في الوقت نفسه، أن مصر رأت بنفسها أن اليونان تلعب دور الممثل عن الدول الأوروبية الأخرى.

  • هل يمكن اعتبار هذه الخطوة نتيجة طبيعية للمصالحة الخليجية أم أن هناك عوامل أخرى تدفع مصر لإرسال هذه الرسالة؟

بالطبع، من الممكن أن تكون هذه الخطوة قد جاءت تأثرا بالمصالحة بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين. هذا ممكن، خاصة عندما تتذكرون أن المملكة العربية السعودية تملك تأثيرا كبيرا على مصر. فقد تكون لإشارات تحسن العلاقات بين البلدين (السعودية وتركيا) والتي بدأت في التحسن بعد اللقاء الذي تم بين رجب طيب أردوغان وعاهل السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز قبل بضعة أشهر، تأثير في ذلك أيضا.

من ناحية أخرى، تسببت زيارة نائب رئيس الوزراء الإثيوبي، وزير الخارجية دمقي مكونن إلى تركيا نهاية فبراير/شباط 2021، في إثارة ضجة في مصر بما أن هناك توترا خطيرا بين إثيوبيا ومصر بسبب سد النهضة الذي بنته إثيوبيا على النيل.

لذلك كانت مصر منزعجة من علاقة تركيا الجيدة مع دول حوض النيل مثل السودان وإثيوبيا. ويمكن أيضا أن يكون إعلان إثيوبيا أنهم سيقبلون وساطة تركيا في قضية النزاع الحدودي بين إثيوبيا السودان مؤثر أيضا.

  • ما مدى تأثير هذه الخطوة على العلاقات التركية المصرية؟

بالطبع سيكون لخطوة مصر هذه تأثير إيجابي كبير على العلاقات المصرية التركية. وقد قال سامح شكري، وزير خارجية مصر إن بلاده تحرص دائما على استمرار العلاقات بين الشعبين المصري والتركي وأنه لا تواصل خارج الإطار الدبلوماسي الطبيعي.

مصر كانت قد طالبت بتطبيع العلاقات قبل سنتين أيضا. لهذا يمكن تقييم تصريح شكري بأنه "لا تواصل خارج الإطار الدبلوماسي الطبيعي" على أنها إشارة بأن مصر منفتحة للمحادثات والتعاون المتبادل. وقد أظهرت مصر وتركيا في الوقت الحالي أنهما تستطيعان العمل بشكل مشترك في القضايا الإقليمية على الأقل.

شروط مسبقة

  • في تصريحه، قال شكري إن مصر تنتظر من تركيا خطوات حقيقية وملموسة. ما الذي يقصده من هذا؟ هل يمكن أن تملي مصر على تركيا بعض الشروط؟ وما هو موقف تركيا في حال حدث هذا؟

تتمثل الخطوات التي تنتظرها مصر من تركيا في تقييد فعاليات الإخوان المسلمين في تركيا وما شابه ذلك. لكن وزير خارجية تركيا أوضح أن أنقرة والقاهرة لم تطرحا أي شروط مسبقة حتى الآن. وفي حال حدث هذا فأعتقد أن تركيا لن تقبل بهذا الأمر.

  • هل تتحسن العلاقات في ملف البحر الأبيض المتوسط فقط أم يتوقع أن تتحسن على مختلف الأصعدة؟، أي هل هذا الموقف الإيجابي من تركيا محصور بملف شرق البحر الأبيض المتوسط أم هو موقف يتعلق بالملفات الأخرى المختلفة؟

يبدو أن هذه الخطوات المتخذة ستكون وسيلة لتحسن العلاقات بين تركيا ومصر في شرق البحر المتوسط ​​في الوقت الحالي وتحسن العلاقات مع الدول العربية الأخرى. لكن تركيا لم تعترف حتى الآن بالانقلاب في مصر في إطار مبدئها المناهض للانقلابات. بل تنتظر تركيا أن يتم اتخاذ خطوات باتجاه الديمقراطية في مصر.

  • هل كانت العلاقات التركية المصرية منقطعة تماما أم كانت هناك اجتماعات ولقاءات من "تحت الطاولة"؟

لم تكن العلاقات مقطوعة بشكل كامل في الأصل. فقد كانت العلاقات الدبلوماسية مستمرة على مستوى المصالح، وتملك العديد من الشركات التركية استثمارات في مصر، كما كانت العلاقات التجارية مستمرة أيضا. وكان معهد يونس إمرة يواصل نشاطه في القاهرة. لكن مصر منزعجة من الوجود التركي في ليبيا كما أن تركيا منزعجة من النظام الانقلابي في مصر. لكن العلاقات ـ وإن كانت على مستويات أدنى ـ استمرت رغم كل ذلك.

الدول المفتاحية

  • ما المكاسب الرئيسة التي سيحققها البلدان من تطبيع العلاقات؟

سيحقق كلا البلدين مكاسب كبيرة من تطبيع العلاقات بينهما. ذلك لأن كل من اليونان وإسرائيل حققتا مكاسب لم يحققا مثلها في أي وقت مضى باستغلال سوء العلاقات بين تركيا ومصر. وفي حال تطبيع العلاقات ستتمكن مصر وتركيا من الاستفادة من موارد الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط أقصى استفادة.

من ناحية أخرى وفيما يتعلق بالقضية الليبية، ترغب تركيا التي تؤيد وتدعم الحكومة الشرعية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في إنشاء الاستقرار والسلام والطمأنينة في ليبيا.

إنشاء بيئة من الاستقرار في ليبيا سيريح مصر أيضا. هناك نقطة أخرى وهي أن كلا البلدين عضوين في منظمة التعاون الإسلامي وهما عضوان مؤسسان لـ "D-8" (منظمة التعاون الاقتصادي التي تضم الدول الثماني الإسلامية: مصر وتركيا ونيجيريا وباكستان وإيران وإندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش أسسها نجم الدين أربكان في عام 1997). وتعاون مصر وتركيا في هاتين المنظمتين سيسهم في حل المشاكل الأخرى في العالم الإسلامي.

  • ما الذي يتطلبه الأمر برأيكم حتى يصبح هناك تطبيع كامل للعلاقات التركية المصرية؟

لقد تدهورت العلاقات بين تركيا ومصر بعد الإطاحة بأول رئيس مدني وأول حكومة مدنية في التاريخ المصري جاءت إلى السلطة من خلال الانتخابات بانقلاب عسكري. هذا موقف يعتمد على المبدأ. فحتى عندما كانت هناك محاولة انقلابية قبل أسبوعين في أرمينيا أعلنت تركيا أنها ضد الانقلاب. كما نددت واستنكرت الانقلاب العسكري عندما وقع في ميانمار أيضا.

لكن ما يجب فعله، هو التعاون في المحافل الدولية في القضايا التي تهم مصالح البلدين على الأقل. لأن هناك العديد من الدول التي لا ترغب في أن تتحسن العلاقات بين تركيا ومصر ويجب على البلدين ألا يسمحا بذلك. وانطلاقا من هذه الرؤية أعلنت تركيا رسميا بدء المحادثات الدبلوماسية مع مصر دون أي شروط مسبقة.

توازنات مهمة

  • هل يتوقع حدوث تغيير كبير في التوازنات في شرق البحر الأبيض المتوسط حال وقع التقارب المصري التركي؟

من المؤكد أن تطبيع العلاقات بين البلدين في وضع يسمح له بتغيير جميع التوازنات في شرق البحر الأبيض المتوسط. لذلك، يجب أن يكون كلا البلدين على دراية بقوتهما ومكانتهما أيضا.

فمثلا لم يتم تشكيل الحكومة الجديدة في ليبيا والاعتراف بها حتى من قبل حفتر أيضا، إلا بمعرفتهم أنهم لن يتمكنوا من إخراج تركيا من ليبيا. حيث فشلت جميع الخطط التي تم رسمها في المنطقة بدون إشراك تركيا فيها. وهكذا أصبحت مصر تعتقد بأن متابعة ومواصلة الصراع مع تركيا لن يكون ذا معنى.

فلو لم تقم تركيا بتحرير طرابلس من أيدي حفتر بعد توقيعها لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، فلربما لم تكن مصر لتتخذ مثل هذا الموقف اليوم. من ناحية أخرى، أصيب أولئك الذين يدعمون اليونان وخاصة الاتحاد الأوروبي، بخيبة أمل. فقد بقيت كل من اليونان والإدارة القبرصية اليونانية وحدهما الآن. 

وتتغير المعادلات في شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي حال عملت كل من مصر وتركيا معا، فسيحكم على خطط كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحتى روسيا بالفشل بما أنهما دولتان مهمتان وقويتان في المنطقة. كما سيقل تأثير فرنسا واليونان في المنطقة.

وقد أظهر عرض إثيوبيا لوساطة تركيا في خلافها الحدودي مع السودان في المنطقة لمصر أنه لا يمكنها اتخاذ خطوات دون وضع تركيا في اعتبارها. وفي الواقع، هذا ينطبق على تركيا أيضا، فعلى سبيل المثال، فإن وجود علاقات جيدة لتركيا مع مصر يسرع من عمليات أنقرة في ليبيا بشكل أكبر وربما ينهي مشكلة حفتر.

هناك نقطة أخرى وهي أن مصر تعاني من مشاكلها الاقتصادية الداخلية. وأرى أن كلا البلدين يدركان أن الوضع الحالي يضر بمصالحهما وأنهما سيرغبان في الخروج من هذا المأزق خلال أسرع وقت ممكن.

  • التقارب المصري التركي هل سيكون له تأثير على الشرق الأوسط والخليج؟ 

هذا التقارب سيؤثر بالطبع على المنطقة بأسرها. فكما أنه لا توجد دولة في المنطقة ليس لها علاقات مع مصر، لا توجد أيضا دولة في المنطقة لا تملك علاقات مع تركيا أيضا. وستتأثر جميع القضايا المندرجة تحت عناوين شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وليبيا وإثيوبيا وفلسطين وقطر والمملكة العربية السعودية بشكل إيجابي من هذا التقارب.

إن مصر في العالم العربي وتركيا في العالم التركي ودول البلقان لهما دولتان تملكان ثقلهما الخاص في المنصات التي توجدان فيها لأنهما دولتان قويتان. وتملك كل من تركيا ومصر تاريخا مشتركا. لذلك فإن هاتين الدولتين من أفضل الدول التي يمكنها التعاون من حيث الديناميات التاريخية، والقدرات السكانية والإمكانات التجارية.

في النهاية أود أن أختم بالقول إن كل من الولايات المتحدة وإسرائيل واليونان والدول الغربية الأخرى وروسيا تبذل جهودا مضنية مضادة لدول العالم الإسلامي وتهدف لإنشاء جو من عدم الاستقرار. والشيء الوحيد الذي سيقف عائقا أمام هذا هو تعاون تركيا ومصر.