"عش الدبابير".. هكذا يشعل ابن زعيم فتيل المعارك في مجلس الأمة الجزائري

وهران - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

لا يمر أسبوع دون أن يناقش عضو مجلس الأمة الجزائري عبدالوهاب بن زعيم، قضية في البرلمان ويجعلها نقاشا وطنيا، حتى أطلقت عليه مجلة "جون أفريك" الفرنسية وصف "موقظ البرلمان".

 ولعل آخر ما أثاره ابن زعيم إشعاله نقاش "التقاعد المريح" للبرلمانيين، ليندلع الجدل حول المعاشات التقاعدية المريحة لكبار المسؤولين في الدولة.

وفي لقاء تلفزيوني له على قناة "لينا" الجزائرية، ضمن برنامج حواري في 27 فبراير/ شباط 2021، رفع ابن زعيم الحجاب عن الامتيازات التي تمنحها الجمهورية لكبار المسؤولين، ليعرض نفسه لوابل من النقد.

رغم ذلك، لم يتراجع الرجل وقال في أحد تصريحاته: "سأقاتل من أجل العدالة الاجتماعية مهما كلفني الأمر".

ويقول إنه يقاوم الضغوط من جميع الأطراف منذ الكشف أن أعضاء المجلس الانتقالي (192 عضوا) في الفترة ما بين 1994 إلى 1997 يتقاضون إلى الآن رواتب تصل إلى 40 مليون سنتيم شهريا أي حوالي 2400 دولار، بالإضافة إلى كل الامتيازات التي يتحصل عليها نواب البرلمان.

إشعال الفتيل

وقال ابن زعيم خلال اللقاء إن “أعضاء المجلس الوطني الانتقالي برئاسة عبد القادر بن صالح أدوا المهام السياسية التي كانت صعبة في ذلك الوقت مع الحرب الأهلية، لكن النقطة السوداء أنهم مرروا قانونا يقضي بالحفاظ على أجورهم مدى الحياة بعد انتهاء مهمتهم سنة 1997".

أوضح البرلماني أن أجرتهم مستها نفس الزيادات التي عرفتها رواتب البرلمانيين إلى اليوم، وقد وصلوا بذلك إلى ضعف الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وفي مايو/أيار 2020، قال عبد الوهاب بن زعيم، إن سبب إفلاس صندوق التقاعد هو معاشات الوزراء ورؤساء الحكومات وليس العمال.

وتأسس المجلس الوطني الانتقالي سنة 1994، ليأخذ محل البرلمان الذي تم حله في سنة 1992، إثر توقيف المسار الانتخابي. 

ومن بين الشخصيات البارزة في المجلس الوطني الانتقالي: رئيس حزب البناء، والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبد القادر بن قرينة، ورئيس حزب جبهة المستقبل والمرشح السابق أيضا في الانتخابات الأخيرة بلعيد نور الدين، ورئيسة الهلال الأحمر الجزائري حاليا سعيدة بن حبيلس، والوزير السابق مناصرة عبد المجيد إلى جانب العديد من الشخصيات السياسية الجزائرية التي ما زالت تنشط في ميادين مختلفة إلى حد الآن.

رد رئيس حزب “جيل جديد” جيلالي سفيان، على تصريحات عبدالوهاب بن زعيم، وقال إن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة اشترى ذمم أعضاء المجلس الشعبي للموافقة على تمرير دستور 2008، ليتمكن من البقاء في الحكم.

وقال جيلالي في ندوة صحفية عقدها في 26 فبراير/شباط إن “من شارك في  المجلس الانتقالي لا ذنب له وقد أدى واجبه فقط في ذلك الوقت، واستفاد من الزيادة كغيره من النواب بعد 2008”.

كذب بن قرينة التصريح عبر صفحته على موقع فيسبوك واعتبر أنه تشهير، وكتب: “أستغرب لمثل التصريح وأكذبه نهائيا”.

وفند رئيس الحركة، أنه يتقاضى تقاعدا تحت عنوان عضو بالمجلس الوطني الانتقالي، وذهب إلى القول “ينطبق على مرتب أعضاء المجلس الوطني الانتقالي التقاعدي نفس تقاعد عضو مجلس الأمة وعضو المجلس الشعبي الوطني الحاليين”.

نشر عضو مجلس الأمة، كشف راتبه الشهري، ردا على تكذيب عبد القادر بن قرينة، وكشفت الوثيقة أن ابن زعيم، يتقاضى مبلغ 27 مليون سنتيم شهريا.

معركة صعبة

ذهبت رئيسة حزب "الاتحاد من أجل التغيير والرقي" المحامية زبيدة عسول، إلى حد رفع دعوى قضائية ضد السيناتور عبد الوهاب بن زعيم بدعوى أنه قدم تصريحات “مغلوطة” بخصوص المنح التي تحصل عليها أعضاء المجلس الانتقالي سابقا.

ونفت عسول بشكل قطعي تصريحات عبد الوهاب بن زعيم، وقالت إن الأخير قدم معلومات خاطئة ويمارس بحسبها “سياسة التضليل الممنهج من خلال أكاذيب مبرمجة”.

ورأت السياسية، في تصريح صحفي في 28 فبراير/شباط أن “أعضاء المجلس الانتقالي تحملوا مسؤولياتهم خلال الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، وعندما كانت البلاد تنزف دما”، معتبرة أن البرلماني ينتمي إلى “حزب سياسي يسعى بكل الوسائل لضرب وتدمير الديناميكية السياسية في البلاد”.

وقالت “أذكر ابن زعيم أن زبيدة عسول ليست المتهمة باختلاس 300 مليار دولار، ولا هي من تحاكم بتهمة الفساد، بل المسؤولون السابقون لجبهة التحرير الوطني الذين أيدوا نظام بوتفليقة الاستبدادي”. 

يدرك عبد الوهاب بن زعيم أنه يقود معركة صعبة بمهاجمة معاشات الوزراء السابقين والولاة ورؤساء الشركات أو الهيئات العامة والبرلمانية، وأنها مشروع محفوف بالمخاطر سياسيا. لكن في سن الخمسين، لم يكن هذا هو الصراع الأول الذي يدخله الرجل.

اعتبرت تقارير صحفية أن تدخلاته المدوية لها موهبة إحراج الوزراء، منذ أن تم انتخابه على قائمة جبهة التحرير الوطني الجزائرية، حزب الأغلبية في مجلسي البرلمان.

عندما تم انتخابه، في ديسمبر/كانون الأول 2015، لعضوية مجلس الأمة، الذي يهيمن عليه أعضاء مجلس الشيوخ فوق سن الستين، كان ابن زعيم البالغ من العمر 45 عاما يتمتع بروح الشباب.

وفي بيئة غير معتادة على معارضة السلطة التنفيذية، فجرت جرأته معاشات البرلمانيين، وواردات السيارات المستعملة، وإدارة الأزمة الصحية، واستئناف الرحلات الجوية الدولية.

ولإثبات أن الجدل الذي أثارته ليس بدافع حسابات سياسية، يراهن ممثل الجزائر في مجلس الأمة على معركة طويلة الأمد، فقد ظهر في يناير/ كانون الثاني 2020، شريط فيديو تدخله حول الفوارق الكبيرة بين خطة المعاشات التقاعدية العادية والمزايا الكبيرة لكبار المسؤولين التنفيذيين في الدولة، وسرعان ما انتشر محققا ملايين المشاهدات.

عش الدبابير

في بداية عام 2018، في وقت إضراب المعلمين، دخل ابن زعيم في صراع مباشر مع الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، الصديق المقرب للرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، بعد الدعوة إلى إقالة، نورية بن غبريت، وزيرة التربية والتعليم.

في مايو/أيار من السنة نفسها أعلن ابن زعيم، فصله نهائيا من حزب جبهة التحرير الوطني وكتلتها بمجلس الأمة على خلفية الدعوة لرحيل بن غبريت بسبب فشلها في احتواء أزمات القطاع.

ونشر ابن زعيم، آنذاك، على فيسبوك نسخة من مراسلة تلقاها من محمد زوبيري، رئيس كتلة حزب جبهة التحرير الوطني بمجلس الأمة، تفيد بعزله من عضويتها آليا بعد إنهاء انتسابه للحزب بناء على قرار من لجنة الانضباط.

وكان ولد عباس قد أحال ابن زعيم إلى لجنة الانضباط التابعة للحزب، وعلق الأخير حينها، على قرار فصله بـ”دعوتي لله عز وجل ونحن على أبواب شهر رمضان إلى ولد عباس جمال: كما استقويت علي بسلطانك، أدعوا الله أن يريني قوته وسلطانه فيك، إن الله عزيز ذو انتقام”.

وبعد استدعائه إلى المجلس التأديبي لجبهة التحرير الوطني، قرر بكل بساطة عدم الحضور، وأكسبه رفض الانصياع لرقابة قيادة الحزب دعم العديد من الناشطين، وجرت تزكيته من قبل الحزب بعد رحيل ولد عباس، المعتقل في سجن الحراش لما يقرب من عامين بتهمة الفساد.