أوكونجو إيويلا.. خبيرة أنقذت اقتصاد نيجيريا تترأس منظمة التجارة العالمية

12

طباعة

مشاركة

بعد 6 رجال تولوا المنصب منذ نشأة المنظمة عام 1995، أصبحت الخبيرة النيجيرية أكونجور إيويلا (66 عاما) أول امرأة تترأس منظمة التجارة العالمية وأيضا أول شخص من إفريقيا يتسلم هذا المنصب الرفيع.

ورغم أن قوانين منظمة التجارة العالمية لا تنص على تناوب جغرافي لمديرها العام، فقد ارتفعت الأصوات لتقول إنه حان الوقت لأن يتولى إفريقي أو إفريقية هذا المنصب.

قبل أيويلا، تولى رئاسة المنظمة 3 أوروبيين، هم الأيرلندي بيتر ساذرلاند، والإيطالي ريناتو روجيرو، والفرنسي باسكال لامي، فضلا عن النيوزيلندي مايك مور والتايلاندي سوباتشاي بانيتشباكدي والبرازيلي روبرتو أزيفيدو.

من المفترض أن تباشر إيويلا (66 عاما) مهامها مطلع مارس/آذار 2021، في جنيف بسويسرا، على أن تستمر ولايتها القابلة للتجديد حتى 31 آب/أغسطس 2025.

بعد تعيينها، قالت المديرة الجديدة: "من الضروري أن تكون منظمة التجارة العالمية قوية، إذا ما أردنا أن نتعافى سريعا وتماما من الدمار الذي تسببت به جائحة كوفيد-19"، موضحة أن المنظمة تواجه عدة تحديات "لكن بالعمل، يمكن جعلها أقوى، وأكثر مرونة، وأفضل تأقلما مع الواقع".

"دكتورة نغوزي"

ولدت أوكونجو إيويلا التي تلقب بـ"دكتورة نغوزي"، عام 1954 في أوغواشي أوكوو بولاية دلتا الفدرالية (غرب نيجيريا)، حيث كان والدها أستاذ أوكونجو واوبي ينحدر من العائلة المالكة في أوكوا.

تلقت أوكونجو تعليمها في مدرسة الملكة إينوغو، مدرسة القديسة آن، ومدرسة إيبادان الدولية، ثم وصلت إلى الولايات المتحدة عام 1973 للدراسة في جامعة هارفارد، وتخرجت بامتياز مع بكالوريوس في الاقتصاد عام 1976.

وفي عام 1981، حصلت على درجة الدكتوراه في الاقتصاد الإقليمي والتنمية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مع أطروحة بعنوان سياسة الائتمان والأسواق المالية الريفية والتنمية الزراعية في نيجيريا، وحصلت على زمالة دولية من الرابطة الأميركية للجامعات، التي دعمت دراستها للدكتوراه.

بدأت إيويلا مسيرتها المهنية كخبيرة اقتصادية بمجال التنمية في البنك الدولي  بالعاصمة الأميركية واشنطن عام 1982، واستمرت طيلة 25 عاما، شغلت خلالها منصب مدير البنك الدولي بين عامي 2007 و2011.

وخلال عملها بالبنك الدولي، كانت إيويلا مسؤولة عن الإشراف على الحقيبة التشغيلية للبنك الدولي البالغة 81 مليار دولار في إفريقيا وجنوب آسيا وأوروبا وآسيا الوسطى.

قادت إيويالا العديد من مبادرات البنك الدولي لمساعدة البلدان منخفضة الدخل خلال أزمات الغذاء 2008-2009، وفي وقت لاحق خلال الأزمة المالية.

في عام 2010، كانت رئيسة تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، وهي حملة ناجحة للبنك الدولي لجمع 49.3 مليار دولار في شكل منح وائتمان منخفض الفائدة لأفقر البلدان في العالم، خلال فترة وجودها في البنك الدولي، وكانت أيضا عضوا في لجنة التعاون الإنمائي الفعال مع إفريقيا، التي أنشئت من قبل رئيس الوزراء أندرس فوغ راسموسن من الدنمارك 2008.

لم يحظ ترشيح هذه المرأة صاحبة المسيرة المهنية المثيرة للإعجاب بالإجماع، ولم تنجح محاولتها الأولى عام 2012 في تولي رئاسة منظمة التجارة العالمية أمام الأميركي من أصول كورية جيم يونغ كيم.

وفي ردها على منتقديها بشأن افتقارها للخبرة في مجال التجارة الدولية قالت نغوزي أوكونجو-إيويالا خلال ندوة افتراضية نظمها مركز الأبحاث البريطاني "تشاتم هاوس" في يوليو/ تموز 2020، "لقد عملت طيلة حياتي على السياسات التجارية".

وأوضحت أنه "قبل كل شيء، يجب أن يتحلى رئيس منظمة التجارة العالمية بالجرأة والشجاعة"، مقدّرة أن الاختيار لا يمكن أن يتم فقط استنادا إلى المهارات التقنية.

في يوليو/تموز 2020، عيّنت إيويلا مبعوثة خاصة للاتحاد الإفريقي في مكافحة جائحة كورونا في القارة السمراء وتحددت مهمتها في حشد الدعم الدولي لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألحقت أشد الضرر بالبلدان الإفريقية.

وفي نيسان/أبريل 2020، كتبت يويلا، في المجلة الأميركية "فورين أفيرز" قائلة إن "إحدى طرق ضمان الإمداد الكافي للقاحات وتوزيعها العادل هي إزالة بعض الحواجز التي فرضتها قوانين الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا".

 

منقذة نيجيريا

كانت إيويلا أول امرأة تشغل منصبي وزير المالية (مرتين) وكذلك وزير الخارجية (شهرين) في نيجيريا، وخلال فترة ولايتها الأولى كوزيرة للمالية في ظل إدارة الرئيس أولوسيغون أوباسانجو، قادت المفاوضات مع نادي باريس التي أدت إلى إلغاء 30 مليار دولار من ديون نيجيريا، بما في ذلك الإلغاء التام لمبلغ 18 مليار دولار.

وفي عام 2003، قادت الجهود المبذولة لتحسين إدارة الاقتصاد الكلي في نيجيريا بما في ذلك تطبيق قاعدة مالية قائمة على أسعار النفط، حيث تم حفظ الإيرادات المتراكمة فوق سعر النفط المرجعي في حساب خاص يسمى "حساب النفط الخام الزائد"، ما ساعد على تقليل تقلبات الاقتصاد الكلي.

كما أدخلت ممارسة نشر المخصصات المالية الشهرية لكل ولاية من الحكومة الفيدرالية لنيجيريا في الصحف، وقطع هذا الإجراء شوطا طويلا في زيادة الشفافية في الحكم.

وبدعم من البنك الدولي وصندوق النقد للحكومة الفيدرالية، ساعدت في بناء منصة إلكترونية للإدارة المالية المتكاملة للحكومة ونظام المعلومات، بما في ذلك حساب الخزانة الوحيد ونظام معلومات الرواتب والموظفين المتكامل، ما ساعد على الحد من الفساد في هذه العملية.

واعتبارا من 31 ديسمبر/كانون الأول 2014 قضت المنصة على 62 ألفا و893 عاملا وهميا من النظام ووفرت للحكومة حوالي 1.25 مليار دولار في هذه العملية، كما لعبت إيويلا دورا أساسيا في مساعدة نيجيريا في الحصول على أول تصنيف ائتماني سيادي على الإطلاق لمؤسسة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتمانى عام 2006.

بعد ولايتها الأولى كوزيرة للمالية، عملت لمدة شهرين كوزيرة للخارجية عام 2006، ثم عادت إلى البنك الدولي كمديرة عامة في ديسمبر/كانون الأول 2007، وفي عام 2011، أعيد تعيين إيويلا وزيرا للمالية في نيجيريا مع حقيبة موسعة للوزير المنسق للاقتصاد من قبل الرئيس جودلاك جوناثان.

بالإضافة إلى دورها في الحكومة، عملت أوكونجو إيويلا في لجنة النمو (2006-2009)، بقيادة البروفيسور مايكل سبنس الحائز على جائزة نوبل، وفي (2012 - 2013) كانت ضمن فريق الأمين العام للأمم المتحدة رفيع المستوى المعني بخطة التنمية لما بعد عام 2015.

تعرضت لضغط كبير بسبب سياسة الحكومة لإلغاء دعم الوقود، وهو إجراء أدى إلى احتجاجات في يناير/كانون الثاني 2012، وفي مايو/أيار 2016، ألغت الإدارة الجديدة دعم الوقود بعد أن أصبح من الواضح أنه غير مستدام وغير فعال.

يتضمن إرثها تعزيز الأنظمة المالية العامة في البلاد وتحفيز قطاع الإسكان من خلال إنشاء مؤسسة إعادة تمويل الرهن العقاري، كما قامت بتمكين النساء والشباب من خلال برنامج تزايد الفتيات والنساء في نيجيريا، عبر نظام موازنة يراعي المنظور الجنساني وبرنامج مؤسسة الشباب والابتكار، الذي نال استحسانا كبيرا، لدعم رواد الأعمال، مما خلق آلاف الوظائف.

تم تقييم هذا البرنامج من قبل البنك الدولي باعتباره أحد أكثر البرامج فعالية من نوعها على مستوى العالم، وتحت قيادتها أجرى المكتب الوطني للإحصاء عملية إعادة تأسيس للناتج المحلي الإجمالي، وهي الأولى من نوعها منذ 24 عاما، والتي شهدت ظهور نيجيريا كأكبر اقتصاد في إفريقيا.