بعد أكثر من 3 سنوات.. ما الذي دفع السعودية نحو المصالحة مع قطر؟

12

طباعة

مشاركة

لأول مرة منذ بدء الأزمة الخليجية، حضر أمير دولة قطر "تميم بن حمد آل ثاني"، اجتماع مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في مدينة "العلا" السعودية في  5 يناير/كانون الثاني.

جاء حضور الأمير على إثر إعلان الكويت التي لعبت دور الوسيط المركزي إلى جانب الولايات المتحدة، عن إعادة فتح الحدود "برا وجوا وبحرا" بين السعودية وقطر، الأمر الذي سيضع حدا للحصار المفروض على الدوحة منذ يونيو/حزيران 2017.

وفي ختام القمة، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن "قمة العلا" فتحت صفحة جديدة لاستقرار الخليج وتضامنه، وأسفرت عن "عودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) وقطر".

وفي تقريرها عن هذا الحدث، تطرقت مجلة "فورميكي" الإيطالية مع الباحثة الإيطالية المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "تشينزيا بيانكو"، إلى ما وصفته الأخيرة بالتكتيك السعودي وراء إعلان المصالحة مع قطر. 

أشارت المجلة إلى أن من بين أسباب حصار الدوحة، أمران يتعلقان بالعلاقات داخل العالم الإسلامي. يتمثل الأول في الخلافات بين الدول السنية في الخليج وجمهورية إيران الإسلامية الشيعية، والتي تربطها بقطر علاقات مفتوحة لأسباب إستراتيجية مختلفة، بدءًا من تقاسم حقل غاز الشمال، وهو الأكبر على مستوى العالم.

ويرتبط الثاني بالانقسام بين الدول السنية، بعد أن اصطفت قطر إلى جانب تركيا في المنافسة ضد السعودية على ريادة العالم الإسلامي. 

تخفيف الحدة

من جانبها، تشرح الخبيرة الإيطالية للمجلة أن "ما تم مناقشته في القمة هو نفس الاتفاق المطروح على الطاولة منذ بداية ديسمبر/كانون الأول 2020، والذي ينص على إعادة فتح الحدود مع قطر، مع ضرورة تنسيق السعوديين مع الإمارات والبحرين من أجل ذلك".

في المقابل، تعمل "قطر" على تخفيف كبير في حدة التغطية التي تقوم بها جميع وسائل الإعلام التابعة لها ضد ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان". 

وفي هذا الصدد، لفتت المجلة إلى أن الاتفاقية لا تشمل فقط قناة الجزيرة، الشبكة القوية التابعة للدولة القطرية، بل تشير أيضًا إلى مواقع ثانوية ولكنها مؤثرة إلى حد ما، مثل "ميدل إيست آي" في لندن، وشبكة كثيفة من مراكز الفكر ومؤسسات جماعات الضغط النشطة بشكل رئيسي في واشنطن.

وذكرت، أن هذه الشبكة عملت حتى الآن، برعاية قطرية، ضد محمد بن سلمان والسعودية، في دوائر مثل تلك الموجودة في "كابيتول هيل"، بواشنطن العاصمة. 

وتجدر الملاحظة، بأن  واشنطن قللت مؤخرًا من دعمها المملكة، على الرغم من أنها بلغت درجة حليف الرئيس الأساسي في عهد إدارة "دونالد ترامب" من خلال العلاقات التي أقامها "جاريد كوشنر"، صهر الرئيس بديوان ولي العهد السعودي، وفق المجلة الإيطالية. 

أكدت الخبيرة الإيطالية أن "المخطط واضح، للسعودية مصلحة أساسية في محاولة خفض التوتر للأوضاع من حولها استعدادا لرئاسة "جو بايدن" لأنها قد تواجه عداءًا أكبر نحوها مرتبطًا بتصور كل من الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه من الديمقراطيين".

وأضافت "بيانكو"، أن جوهر الأمر هو محاولة وقف الهجوم الإعلامي الذي يؤثر باستمرار على النهج السعودي بأكمله.

مبادرة سعودية

وبينت الخبيرة الإيطالية، أن المبادرة بالمصالحة جاءت من طرف السعودية، على الرغم من أنها تترك مساحة واسعة للدبلوماسية الكويتية والأميركية (بقيادة كوشنر، الذي شارك في اجتماع 5 من يناير/كانون الأول) لتجنب رد الفعل الداخلي.

وأردفت، بأن إعادة التقارب يعد شأنًا ثنائيًا بالنسبة للرياض والدوحة، على الرغم من أن كلاهما يعلم أن الأمر يؤثر أيضًا في سياق العلاقات مع واشنطن. 

من جانبها، بذلت الكويت الكثير من الجهد من أجل هذه الغاية، لأنها تعتبرها وسيلة لإعادة تنظيم الإستراتيجيات ومن ثم منحها قيمة إقليمية. وأشارت المجلة إلى أن هناك طرف له وزن أساسي في ديناميكيات الخليج: الإمارات، التي أيدت على الفور القرار السعودي قبل ثلاث سنوات.

 وبمرور الوقت حدثت خلافات كبيرة بينها وبين القطريين، على غرار ما يحدث في ليبيا، حيث تمول الدوحة العمليات العسكرية التركية لصالح حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وفق المجلة.

في المقابل، تدعم أبو ظبي ميليشيات خليفة حفتر بهدف السيطرة على العاصمة والإطاحة بالحكومة (الشرعية).

وعلى الرغم من خطاب دعم المصالحة، تعارض الإمارات بشدة هذا التقارب لدواع إستراتيجية، لأنها تعتبر تركيا (المرتبطة بقطر) منافستها الجيوسياسية الرئيسة، لكن لا يمكنها تحمل معارضة هذا النهج الذي تريده الولايات المتحدة أيضًا. 

وتتوقع الخبيرة، أنها ستدعم في المستقبل هذا الموقف، لكنها ستكون يقظة دائمًا في تسليط الضوء على أي نوع من المشاكل لتعقيد الوضع أكثر.

من جهته، يضغط "دونالد ترامب" في أيام ولايته الأخيرة من أجل المصالحة، بعد أن وافق في عام 2017. على دعم الحصار الدبلوماسي للدوحة، مما أثار أيضًا انتقادات مختلفة من الهياكل التي ذكّرت بمدى أهمية قطر بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية (لأنها ببساطة تستضيف مركز القيادة الإقليمية المركزية)، تشير فورميكي. 

في الختام، ترى الخبيرة الإيطالية أنه من الجيد للجميع في الخليج أن يكون النصر الدبلوماسي حليف إدارة "ترامب" في هذه المسألة، على الرغم من أنها تكشف عن إستراتيجية أميركية مرتبكة في المنطقة. وعلى أي حال، لا أحد في الرياض أو أبو ظبي ينوي قطع العلاقات مع الجمهوريين.