Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

مشاريع مقابل التطبيع.. هكذا استغل “بوهلر” المغرب لاختراق إفريقيا

منذ 2021/01/01 11:01:00 | تقارير
تضمن اتفاق التطبيع صفقات موجهة نحو تشجيع الاستثمارات في إفريقيا عبر المغرب من خلال اتفاقية لدعم مبادرة "ازدهار إفريقيا"
حجم الخط

أثناء التوقيع على اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل في "الرباط" يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، جلس أحد الأشخاص واضعا ساقا فوق أخرى، مخالفا بذلك البروتوكول الملكي، ما دفع الكثيرين للتساؤل عن هوية هذا الرجل.

لم يكن الأخير سوى "آدم بوهلر"، المدير التنفيذي لمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية (DFC)، الذي وقع مع المغرب شراكة ضمن الاتفاق، بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الاستثمارات الخاصة في المملكة وفي إفريقيا بالشراكة مع مستثمرين مغاربة.

في اليوم نفسه، الذي سافر فيه "بوهلر" إلى الرباط رفقة الوفد الدبلوماسي، نشرت وكالة "بلومبرج" الاقتصادية حوارا معه، قال فيه: إن "مؤسسته مستعدة أن تقدم لإندونيسيا دعما أكثر من الذي تقدمه، مقابل تطبيعها مع إسرائيل". 

مدير المؤسسة التي تأسست في عهد الرئيس الأميركي "دونالد ترامب"، تربطه علاقة وطيدة بصهر ترامب ومستشاره "جاريد كوشنر"، وإذا كان الأخير مهندس "صفقة القرن"، فيتضح من مشاريع المؤسسة "التنموية" في الشرق الأوسط، أن مديرها هو "ممول الصفقة".

بوابة الاختراق

في فبراير/شباط 2020، عيّن ترامب، المدير التنفيذي لمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية، "آدم بوهلر"، ليتولى منصب الرئيس التنفيذي لمبادرة "ازدهار إفريقيا"، التي أطلقها في 2018.

المبادرة تقودها الحكومة الأميركية لزيادة التجارة والاستثمار المتبادلين إلى حد كبير بين الولايات المتحدة وإفريقيا، وذلك بغرض مواجهة المنافسة الفرنسية والبريطانية والروسية والصينية والأوروبية في الشراكات الاقتصادية مع الدول الإفريقية.

وتخطط الولايات المتحدة، من خلال الاتفاق مع مؤسسة (DFC)، لاستثمار مليار دولار في اتفاقيات ثنائية مع المغرب خلال السنوات الأربع المقبلة، فيما تضمن الاتفاق صفقات موجهة نحو تشجيع الاستثمارات في إفريقيا عبر المغرب، من خلال اتفاقية لدعم مبادرة "ازدهار إفريقيا"، وفق المؤسسة.

وقال بوهلر: إن "قيادة المغرب في القارة جنبا إلى جنب مع اقتصاده النابض بالحياة والمتنامي، تجعل من البلاد قاعدة مثالية لمبادرة "ازدهار إفريقيا"، كذلك لخلق فرص مثيرة للاستثمار". 

وتابع رجل الأعمال الأميركي، في تصريحات صحفية على هامش الزيارة: "نحن نقدر بشدة علاقتنا القوية مع المغرب ونتطلع إلى تعميق هذه الشراكة".

ومن خلال "ازدهار إفريقيا"، تلتزم مؤسسة التنمية، بمساعدة من الشركات الأميركية والمستثمرين، في الوصول إلى الأسواق ودعم الشركات في شمال إفريقيا وفتح فرص جديدة في الولايات المتحدة.

ويُعد المكتب الإقليمي لـ"ازدهار إفريقيا" في المغرب، الذي سيفتتح في يناير/كانون الثاني 2021، أول مكتب إقليمي للمبادرة في شمال إفريقيا، بتمويل يصل إلى 500 مليون دولار على مدار 5 سنوات.

وأوضحت المؤسسة الأميركية، أنه مقابل دولار واحد من التمويل العام، من المتوقع أن تستفيد برامجها من أكثر من 9 دولارات في الاستثمارات الخاصة، ما يوفر مليارات الدولارات من الصادرات والاستثمارات الجديدة وخلق آلاف الوظائف الجديدة.

وسيعمل مكتب المغرب الجديد على الاستفادة من الخبرات من 17 وكالة حكومية أميركية وجلب موارد جديدة، لزيادة التجارة والاستثمار بين الولايات المتحدة والمغرب وشمال إفريقيا الأوسع، ما يساعد على دعم التنمية الاقتصادية في المنطقة، وفق ما تعلن عنه المؤسسة.

إزاحة الصين

تستثمر مؤسسة (DFC)، حاليا، أكثر من 7 مليارات دولار في أكثر من 150 مشروعا في إفريقيا، وتركز المشاريع على بناء بنية تحتية، وتوسيع الوصول إلى الطاقة والتكنولوجيا والرعاية الصحية وتعزيز الاندماج المالي، وتستهدف النساء والشركات الصغرى، وقد أعلنت الوكالة مؤخرا عن تعاون جديد مع "البنك الإفريقي للتنمية" لمضاعفة تأثيرها في المنطقة.

في يوليو/تموز 2020، نشرت المجلة الشهرية "أفريكا ريبورت"، تقريرا أفادت من خلاله بأن مؤسسة التنمية الأميركية الحكومية، التي يقودها "ترامب"، تسعى إلى إحباط هيمنة الصين في الدول النامية، خاصة في إفريقيا.

وبعد قضاء شهور عديدة في "تحذير" الحكومات من مخاطر تمويل التنمية "غير الشفاف" من طرف "بكين"، أطلقت إدارة ترامب مؤسسة (DFC) في يناير/كانون الثاني 2020.

وتدمج المؤسسة بين العمل الذي قامت به سابقا وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية (USAID) ومؤسسة الاستثمار الخاص عبر البحار (OPIC)، مع سقف استثماري يزيد عن 60 مليار دولار.

"أفريكا ريبورت" المجلة المتخصصة في السياسة والاقتصاد في إفريقيا، لفتت إلى أن وضْع ترامب لبوهلر- الخبير في الاستثمار بقطاع الرعاية الصحية - على رأس المؤسسة، هو إدراك لانعكاساتها الإيجابية على الولايات المتحدة.

ومنذ توليه منصبه، ضخت الوكالة الأميركية 25 مليون دولار في صندوق تديره شركة (SPE Capital)، وهي شركة مساهمة خاصة لديها مكاتب في تونس والدار البيضاء، و30 مليون دولار في صندوق "ازدهار إفريقيا" الجديد.

وأوضحت المجلة، أن مؤسسة (DFC) منحت قرضا بقيمة 100 مليون دولار أميركي لصندوق الوصول العالمي في الولايات المتحدة لتمويل مشروعات المياه والصرف الصحي في 10 دول جنوب القارة السمراء، بالإضافة إلى كينيا ونيجيريا وأوغندا.

 

ثمن التطبيع

في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قالت حكومة إندونيسيا: "إن مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية وقعت خطاب نوايا لاستثمار ملياري دولار في صندوق الثروة السيادي للبلاد".

وذكرت الوزارة أنها ستتواصل أيضا مع شركاء من اليابان والإمارات وسنغافورة لإقناعهم بالاستثمار في الصندوق، الذي سيدشن قريبا ويُطلق عليه رسميا "هيئة الاستثمار الإندونيسية".

في حوار له مع وكالة "بلومبرج" الاقتصادية الأميركية، نشر في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، كشف آدم بوهلر، أن (DFC) تُجري محادثات مع جاكرتا، "لضخ مليار أو ملياري دولار إضافيين على الاتفاق، شرط قبولهم التطبيع مع إسرائيل".

ومضى بالقول: "قادة ومسؤولون في إسرائيل والولايات المتحدة يتوقعون انضمام مزيد من الدول إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل. تأمل واشنطن انضمام سلطنة عمان، والمملكة العربية السعودية، إلى هذه الاتفاقيات".

"ازدهار إفريقيا"

قضى "بوهلر" النصف الأول من حياته المهنية وهو يركز على الاستثمار المحلي والدولي، وبدأ من اللجنة المالية في جنوب إفريقيا، ما أكسبه خبرة في المجال الصحي والاقتصادي للقارة السمراء.

تم تعيين "بوهلر" بالإجماع من قبل مجلس الشيوخ في أيلول/سبتمبر 2019، ليكون أول مدير تنفيذي لمؤسسة "تمويل التنمية"، وهي وكالة حكومية أميركية جديدة مكرسة للشراكة مع القطاع الخاص للاستثمار في الأسواق الناشئة ودفع السياسة الخارجية الأميركية.

يقود "بوهلر" -بصفته الرئيس التنفيذي- جهود تنسيق وتعبئة الأدوات والموارد الخاصة بـ16 وكالة حكومية أميركية لدعم مهمة "ازدهار إفريقيا"، ويتمتع "بوهلر" بخبرة واسعة في مجال الاستثمار وريادة الأعمال والابتكار داخل الحكومة الأميركية وخارجها.

يحصل "بوهلر" من خلال العمل الوثيق مع البيت الأبيض على الدعم من الوكالات التي تعمل على زيادة تأثير أدوات الحكومة الأميركية لتعبئة رأس المال الخاص لإقامة مشاريع في إفريقيا.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أعلن "آدم بوهلر"، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "تمويل التنمية الدولية الأميركية" (DFC)، عن الالتزام بتقديم تأمين بقيمة 430 مليون دولار لتعزيز أمن الطاقة في مصر، من خلال إعادة تأهيل خط أنابيب الغاز الطبيعي ونقل الغاز الطبيعي من الحقول البحرية في إسرائيل.

كانت الاتفاقية الأولية الموقعة في فبراير/شباط 2018، أوردت قيام شركة "ديليك" الإسرائيلية بتصدير 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى شركة "دولفينوس هولدنج" المصرية، على مدى 10 سنوات، بقيمة 15 مليار دولار.

وفي الربع الأخير 2019، جرى تحديث الاتفاقية، ليتقرر أن تصدر إسرائيل 85 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر على مدى 15 عاما مقبلة.

عقب توقيع الاتفاقية في 2018، دافع رئيس النظام المصري "عبد الفتاح السيسي"، عن استيراد شركات خاصة في بلاده الغاز الطبيعي من إسرائيل، بدعوى أنه "يأتي ضمن خطة لتحول البلاد إلى مركز إقليمي للطاقة".

ودعمت المؤسسة الأميركية شركة "دولفينوس"، المملوكة لرجل الأعمال المصري "علاء عرفة"، المعروف بقربه من إسرائيل، بمبلغ قيمته 250 مليون دولار.

وحسب المعلومات التي تنشرها المؤسسة عن المشاريع التي تمولها، فقد استفادت مصر في السنتين الأخيرتين، من أكثر حجم للدعم في الشرق الأوسط، إذ حصلت -عن طريق مؤسسات خاصة- على 10 ملايين دولار لتمويل مشروع استثماري لتحسين الرعاية الصحية خاصة للنساء والأطفال.

بوابة التنمية

المؤسسة التي تضم في عضوية مجلس إدارتها وزير الخارجية الأميركي "مايك بومبيو" (مدير وكالة المخابرات المركزية سابقا) تقوم بأدوار جيوسياسية من بوابة التنمية، ومعالجة النقص في رأس مال الأسهم الخاصة في البلدان النامية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، خصصت المؤسسة 1.55 مليون دولار أميركي، لمشروع محطة "تولو موي" لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية بإثيوبيا.

مولت المؤسسة مشاريع بقيمة 16 مليون دولار في الضفة الغربية المحتلة، وأقرضت في السنة الجارية 2 مليون دولار للبنك الفلسطيني الاستثماري، و4 ملايين دولار لبنك الصفا الفلسطيني.

وفي سنة 2020، مولت المؤسسة مشروعا في الأردن بقيمة 41 مليون دولار، وآخر في العراق قيمته 49 مليون دولار، وأقرضت 10 ملايين دولار للبنك الأهلي الأردني.

ووفق موقعها الرسمي على الإنترنت، قدمت المؤسسة "حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن في (2019-2020) للمساهمة في دعم جهود الحكومة في قطاعات التعليم والصحة والمياه والنقل بالإضافة إلى دعم الموازنة العامة".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، أفاد "آدم بوهلر"، بأن الولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل يؤسسون "صندوق أبراهام"، بقيمة 3 مليارات دولار، وفقا لالتزام ورد في اتفاقية تطبيع العلاقات بين البلدين.

وقالت السفارة الأميركية بتل أبيب في بيان: إن "مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية" والإمارات وإسرائيل ستجمع أكثر من 3 مليارات دولار في مبادرات استثمارية وتنموية يقودها القطاع الخاص لتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي والازدهار في الشرق الأوسط وخارجه".


تحميل

المصادر:

1

DFC: Trump’s ‘weapon’ to thwart Chinese influence across Africa

2

US dangles billions for Indonesia normalising ties with Israel

3

Israel’s Delek sees Egypt gas supply at minimum take-or-pay level through 2021

4

إسرائيل تبدأ الأربعاء تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر

5

OPIC commits USD 10 million to LVP Health Holding to boost healthcare businesses in Egypt

6

DFC: All Active Projects

7

مؤسسة التمويل الدولية تخطط لزيادة محفظتها الاستثمارية في الأردن

8

رئيس الوزراء يلتقي رئيس مؤسسة التمويل الدولية التابعة للولايات المتحدة

9

تعيين المدير التنفيذي لمؤسسة تمويل التنمية آدم بوهلر رئيسا لـ”ازدهار أفريقيا”

10

إندونيسيا: مؤسسة تمويل التنمية الأمريكية ستستثمر ملياري دولار بصندوق الثروة السيادي

كلمات مفتاحية :

آدم بوهلر إسرائيل الأردن التطبيع المغرب تنمية جاريد كوشنر دونالد ترامب صفقة القرن مصر